مصرفيون يوضحون مسارات عمل البنوك بعد انضمام مصر إلى «البريكس»

أكد خبراء ومحللون مصرفيون أن البنوك العاملة فى السوق المحلية قد تتخذ عددًا من الخطوات والإجراءات بقيادة «المركزي» على خلفية انضمام مصر لمجموعة البريكس

Ad

أكد خبراء ومحللون مصرفيون أن البنوك العاملة فى السوق المحلية قد تتخذ عددًا من الخطوات والإجراءات بقيادة «المركزي» على خلفية انضمام مصر لمجموعة "البريكس" موضحين أن أبرز هذه الإجراءات ربما تتمثل فى إدراج عملات جديدة ضمن قوائم البنك المركزي، لتوفير قدر كاف من السيولة بالعملات المحلية لهذه الدول يمكن اعتماده فى تسوية العمليات التجارية سواء تعلق الأمر بالاستيراد أو التصدير.

وأضافوا - فى تصريحات لـ «المال» - أنه من المرجح لا سيما فى ظل هذه المرحلة المبكرة من انضمام مصر للتكتل، اعتماد أو استخدام نظم الدفع الموجودة بالفعل لدى بعض دول «البريكس» وأبرزها نظام «سويفت» فى تسوية العمليات أو الصفقات التجارية.

وأشاروا إلى أن هناك عددا من المصارف العاملة فى السوق المحلية لديها فروع فى الخارج، مرجحين أن يتم التوسع فى هذه الفروع الخارجية خلال الفترة المقبلة، خاصة لدى دول المجموعة مثل البرازيل وروسيا وغيرهما.

ونشأ تجمع "البريكس" فى أعقاب الانهيار المالى العالمي، بمبادرة من الصين والهند وروسيا والبرازيل، وذلك فى عام 2009 على خلفية عدة مفاوضات مكثفة كانت قد بدأت فى 2006 وحمل هذا التجمع الوليد، وقتذاك، اسم "BRIC" فى إشارة إلى الأحرف الأولى من الدول المكونة له، وفى 2010 انضمت إليه جنوب إفريقيا ليصبح اسمه "BRICS".

كما انضمت إليه مؤخرًا عدة دول على رأسها: مصر، الإمارات، السعودية، إثيوبيا، الأرجنتين، إيران.

نظام "سويفت" الروسى

وقال وليد ناجي، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصري، إن تسوية الصفقات التجارية وعمليات الاستيراد والتصدير بين دول مجموعة "البريكس" قد تتم عبر نظم الدفع الموجودة لدى بعض دول المجموعة كنظام «سويفت» الروسي، وذلك عبر إدماج الدول المنضمة حديثًا.

وأضاف أنه بخلاف روسيا، فلدى الصين نظام مدفوعات خاص بها أيضًا، ويمكن استخدامه فى تسوية الصفقات التجارية التى تتم بين دول هذا التكتل.

وأوضح أنه يمكن عبر الاعتماد على نظام «سويفت» على سبيل المثال، فى تسيير جميع المعاملات التجارية، ولكن بشرط أن يكون لدى بقية الدول – أعضاء التكتل والمنخرطة فى هذه الصفقة أو تلك – حصائل كافية من الجنيه المصري.

ولفت إلى أن التحدى الوحيد فى هذا الصدد، بخلاف توافر القدر الكافى من العملات المحلية لدى دول التكتل، كون بعض المصارف الروسية محظورة دوليًا، وبالتالى فإن إتمام الصفقات التجارية أو حتى عمليات التصدير والاستيراد بين دول "البريكس" يجب أن تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، ويمكن حل هذه المعضلة عبر الاعتماد على بنوك روسية أخرى – طالما أن الحديث يجرى على هذا البلد –يسمح لها بالتعامل الدولي.

وبسؤاله عن احتمالية تأسيس نظم مدفوعات جديد، أشار «ناجي» إلى أن دول "البريكس" ليست بحاجة إلى إنشاء نظم جديدة طالما لديها نظم قائمة، ولكن سيتم ضم الدول التى انخرطت حديثًا فى التكتل مثل مصر وإيران وغيرها إلى هذه النظم واعتمادها فى التبادلات التجارية بينها.

تعزيز التعاون بين المصارف

ورأى أن الواجب على البنوك والمصارف المصرية تكثيف تعاونها الإقليمى أولًا قبل الانطلاق والتوسع الخارجي، معتبرًا أن اللحظة الراهنة تتطلب تعزيز التعاون بين المصارف الموجودة فى السعودية والإمارات، فضلًا عن بقية الدول التى تتمتع بثقل اقتصادى وسياسى فى الإقليم.

ورجح "ناجى" أن يقوم «المركزي» بإدراج عملات جديدة ضمن قوائمه مثل الروبية وغيرها من عملات دول "البريكس".

ولدى البنك المركزى عدة عملات رئيسية أبرزها: الدولار واليورو والجنيه الإسترلينى والفرنك السويسرى والين اليابانى والريال السعودى والدينار الكويتى والدرهم الإماراتى واليوان الصينى وغيرها.

وأوضح أن الهدف من هذه الخطوة توافرعملات هذه البلدان يمكن استخدامها فى تسيير عمليات التبادل التجارى بينها وبين مصر، بالإضافة إلى توافر العملات التى يمكن الاعتماد عليها فى تغيير العملة للسياح الوافدين إلى مصر.

ورأى أن أحد إيجابيات انضمام مصر لتكتل "البريكس" تخفيف الضغط على الدولار خاصة وأنه ستتوافر فرص أخرى يمكن من خلالها تدبير الاحتياجات الاستيرادية بعملات أخرى غير الدولار، وهو ما قد يسهم فى حلحلة أزمة نقص المعروض من النقد الأجنبى التى تعانى منها مصر منذ فترة.

العملات المحلية أكثر واقعية

فى السياق ذاته، رأى «ناجي» أن استخدام العملات المحلية لدى "البريكس" فى عمليات التبادل التجارى وتسيير العمليات الاستيرادية والتصديرية هو الخيار الأكثر واقعية فى الوقت الراهن، نظرًا لكونه أسرع من جهة، ناهيك عن عدم الحاجة للكثير من الإجراءات والتعقيدات.

واستبعد أن يتم الذهاب – فى الوقت الراهن على الأقل – إلى خيار إطلاق عملة موحدة لدول "البريكس" لا سيما وأن الهند والبرازيل تخضعان لضغوطات من قبل الغرب كى لا يسيرا فى هذا المسار.

يُشار إلى أن بعض الدول البريكس، كجنوب أفريقيا والبرازيل، لديها تداخلات ومصالح متشابكة مع الدول الغربية، سواء تعلق الأمر بالاتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة، ولعل هذا التشابك مع دول التكتلات الاقتصادية الأخرى، فضلًا عن تجانس دول "البريكس" ذاتها من حيث السياقات التاريخية والثقافية أو الكفاءة الاقتصادية واحدة من أهم التحديات التى تقف حجر عثرة على طريق هذا التكتل وقدرته على الوفاء بالطموحات التى تعلقها عليها الدول النامية كمصر وغيرها.

من جانبه، أشار ماجد فهمى رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقًا إلى أن إجراءات المصارف المحلية بعد انضمام مصر رسميًا إلى تكتل "البريكس" سيظل مرهونًا بفعالية هذه الخطوة ومدى اتخاذ إجراءات عملية على أرض الواقع.

وتابع إنه فى حال زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الأخرى فى هذا التكتل فإن هذه الخطوة – على سبيل المثال – ستنعكس على عمل البنوك، والتى ستعمل بالتالى على فتح الاعتمادات المستندية وخلافه.

وأوضح أن ثمة عامل آخر مرتبط بهذه المسألة وهو لصيق الصلة بعمل البنوك المحلية وهو المتعلق بالعمليات الاستثمارية والصفقات التمويلية، مؤكدًا أن كل هذه الخطوات سيكون لها صدى واضح على عمل البنوك، وربما يكون القطاع المصرفى أحد أنشط القطاعات بعد انضمام مصر إلى هذا التكتل.

وأشار «فهمي» إلى أن هناك بعض الإجراءات التى يجب البت فيها حتى تؤتى هذه الخطوة ثمارها، ولعل أبرزها: هل ستكون عملة موحدة أم سيتم الاعتماد على العملات المحلية فى التبادل التجاري؟ وبأى عملة سيتم فتح الاعتمادات المستندية؟

حتى تؤتى "البريكس" ثمارها

ولفت إلى أنه على الرغم من أن مصر انضمت لتوها لهذا التكتل، إلا أنه من الواجب العمل على الإسراع فى البت فى مثل هذه الإجراءات سالفة الذكر، حتى تؤتى هذه الخطوة ثمارها المرجوة.

وخلافًا لرأى نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصري، اعتبر «فهمي» أن الأسهل وجود عملة موحدة لدول "البريكس" ويتم اعتمادها عبر الاتفاق بين البنوك المركزية لدى هذه الدول.

وأوضح أن هذه العملة الموحدة ستكون بمثابة مؤشر، يتم من خلاله معرفة قيمتها مقارنة بقيمة كل عملة من العملات المحلية للدول الأعضاء، وعلى ذلك يتم اعتمادها فى تسوية الصفقات التجارية وشتى المعاملات الأخرى.

التبادل التجارى بين مصر و"بريكس"

وارتفعت قيمة الصادرات المصرية لدول «بريكس»، بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إلى 4.9 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 4.6 مليار فى 2021 مسجلة نسبة ارتفاع قدرها %5.3.

فيما سجلت قيمة الواردات المصرية من دول المجموعة 26.4 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 23.6 مليار فى 2021 بنسبة ارتفاع قدرها %11.5.

وارتفعت قيمة التبادل التجارى بين مصر ودول مجموعة "البريكس" إلى 31.2 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 28.3 مليار فى 2021 بنسبة ارتفاع قدرها %10.5.

وجاءت الهند على رأس قائمة أعلى دول مجموعة "البريكس" استيرادًا من مصر خلال عام 2022 فيما بلغت قيمة وارداتها من القاهرة نحو 1.9 مليار دولار، تلتها الصين بحجم تبادل تجارى سجل 1.8 مليار دولار.

وحلت روسيا فى المرتبة الثالثة بنحو 595.1 مليون دولار، ثم البرازيل 402.1 مليون، وأخيرًا جنوب أفريقيا 118.1 مليون.

وعلى صعيد التصدير لمصر، جاءت الصين على رأس القائمة، وبلغت قيمة واردات مصر منها 14.4 مليار دولار، وفى المرتبة الثانية روسيا بنحو 4.1 مليار، ثم الهند 4.1 مليار، فالبرازيل 3.6 مليار، وأخيرًا جنوب أفريقيا 133 مليون دولار.

فهمى: الإجراءات مرهونة بفعالية التحركات على أرض الواقع

ناجى: اعتماد عملة موحدة خيار مستبعد