العلاقة بين المصارف الرقمية والتقليدية.. تكامل أم تنافس؟ ..خبراء يجيبون

تباينت آراء الخبراء حول مستقبل البنوك التقليدية فى ظل الاهتمام المتنامى الذى تحظى به المصارف الرقمية فى الوقت الحالى من جانب المؤسسات المالية، لاسيما بعد صدور رخصة تشغيل أول بنك رقمى فى مصر م

Ad

تباينت آراء الخبراء حول مستقبل البنوك التقليدية فى ظل الاهتمام المتنامى الذى تحظى به المصارف الرقمية فى الوقت الحالى من جانب المؤسسات المالية، لاسيما بعد صدور رخصة تشغيل أول بنك رقمى فى مصر من قبل البنك المركزي، وهل ستكون العلاقة تكاملية أم تنافسية؟

مال أكثر الخبراء إلى أن علاقة التكامل ستكون هى الأقرب بين كلا الصنفين، نظرا لأن البنوك الرقمية تخرج فى الأصل من عباءة التقليدية، والتنافس سيكون فى صورة المنتجات المقدمة، ومرونة الخدمات، والتغطية الموسعة، وطبيعة العملاء.

وأضافوا أن تأسيس البنوك الرقمية يعد أقل تكلفة من نظريتها التقليدية، وأن السيادة فى المستقبل ستكون لصالحها، بالإضافة إلى مساهمتها فى رفع نسبة الشمول المالي.

وتقدم البنوك الرقمية، معظم أو كل خدماتها عن طريق شبكة الإنترنت، معتمدة بنسبة %100 على التكنولوجيا الرقمية، والأنظمة التابعة لها تخدم قناة واحدة، بدلا من تقديمها من خلال مقر رئيسى وفروع وتعامل الجمهور مع موظفى البنك وجها لوجه.

عبد الوهاب غنيم: دور الثانية سيتقلص فى المستقبل

قال الدكتور عبد الوهاب غنيم، نائب رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمي، هناك علاقة تكاملية أكثر لأن كل بنك تقليدى خرج منه آخر رقمي، مؤكدا أنه لن يكون منفصلا تماما.

وفى 12 يوليو 2023، أصدر البنك المركزى تعليماته بخصوص البدء فى إصدار تراخيص للبنوك الرقمية.

وأضاف غنيم أن التكامل والتنافس موجودان، وهناك مؤسسات غير بنكية دخلت السباق لفتح بنوك رقمية، لذا التنافس مستقبلا سيكون لصالح البنوك الرقمية.

وأوضح أن بعض البنوك تنشئ وحدة داخل فروعها، وأن الوضع القادم ستكون البنوك الرقمية لها اليد العليا، نظرا لسهولة التعامل على مدار 24 ساعة، وأن أداء الخدمات يتم من أى مكان دون الحاجة للذهاب إلى الفرع.

ويعتقد عبد الوهاب أن دور البنوك التقليدية سيتقلص فى المستقبل، ويرتفع شأن الرقمية، مشيرا إلى أن الأولى ليس لديها القدرة الكافية لفتح فروع فى القرى بشكل موسع، وأغلبها فى المدن، وهناك العشرات من الأماكن تخلو حتى من ماكينات الصراف الآلى وتعانى من قصور.

وقسم البنك المركزى رخصة البنوك الرقمية إلى نوعين بحسب نطاق الخدمات المقدمة، فالحد الأدنى لرأس المال المدفوع لما ستقتصر خدماتها على تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد هو 2 مليار جنيه.

وشدد على أنه على جميع البنوك المصرية زيادة فروعها الرقمية الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن الخدمات المالية الرقمية مهمة جدا، وستساعد فى رفع نسبة الشمول المالى والتى تسجل نسبته الآن %60، وهو معدل مناسب لكنه أقل من العالمى الذى يبلغ %76، ويطبق على المواطنين الذين تخطوا الـ 16عاما.

ولفت إلى أن العالم معياره الجديد حاليا يعتمد الشمول المالى الرقمي، والذى يعنى نسبة عدد المواطنين المتعاملين رقميا مع البنوك، وهى قليلة فى مصر، نظرا لوجود حسابات خاملة لا يتم التعامل معها ولكن يتم حسابها ضمن النسبة الكلية للشمول .

وأفاد غنيم بأنه من المتوقع الوصول إلى %70 للشمول المالى بنهاية العام الجاري، نظرا لتزايد المبادرات التى تدعو المواطنين لفتح حسابات بمزايا تنافسية، مشددا على أنه من المهم زيادة عدد المتعاملين رقميا مع البنوك أيضا فى مصر.

وسيصل الحد الأدنى لرأس المال المدفوع للبنوك الرقمية التى ستنافس البنوك التجارية التقليدية فى تمويل الشركات الكبرى إلى 4 مليارات جنيه، ويشترط مساهمة أحد البنوك التجارية التقليدية بنسبة %30 فى رأس المال.

وأوضح أن هناك عاملين مؤثرين فى اختيار الفئتين هما التكلفة والثقافة خاصة التى تثير وتشكل مخاوف البعض، نظرا لعوامل القرصنة المتطورة فى العالم، لذا هناك عملاء ليس لديهم الثقة التامة للتعامل رقميا، بالرغم من تحوطات البنوك لحماية أموال المواطنين.

ولفت إلى أن فئة الشباب من الجيل الجديد تعاملاتها ومشترياتها منذ الصغر رقمية وبالتالى لن يذهبوا للتقليدي.

وأشار إلى أن تطبيقات الفينتك تساعد البنوك على الوصول لشريحة من الأشخاص، من خلال وسائل متعددة بالتعاون مع منصات المدفوعات الرقمية المنتشرة فى مصر مثل فورى وأمان ومصارى وغيرها الكثير، ويدعم ثقافة التعامل الرقمى فى مصر.

وأكد غنيم أن ثقافة المواطن المصرى الرقمية تطورت نظرا لجهد الحكومة فى التحول الرقمى وتطوير البنية التحتية وزيادة سرعة الإنترنت، وتأهيل الكادر البشرى حتى لا يكونوا عقبة فى طريق التطور بكفاءات ملمة بتخصصات تكنولوجية مختلفة.

كانت مؤسسة التمويل الدولية، قالت إن مصر تتصدر بلدان أفريقيا الواعدة بالنمو فى مجال الاقتصاد الرقمي، إلى جانب المغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا، بحلول عام 2025.

أحمد النوبى: تطبيقات الفينتك تساعد على الوصول لشريحة أكبر

وقال أحمد النوبي، رئيس التدقيق الداخلى لشركة مصر للابتكار الرقمي، إن التكامل سيفوق التنافس، نظرا لاختلاف المنتجات والفئة الموجه إليها.

وأضاف أنه بالنسبة للبنوك الرقمية تستهدف أكثر فئة الشباب، من سن 15 حتى 25 عاما، بعيدة عن مفهوم البنك التقليدي، وهؤلاء من تستهدفهم البنوك الرقمية، وأن هذا لا يتعارض مع إمكانية امتلاك العميل حسابين فى البنكين.

وتابع: إن البنوك الرقمية تقع فى المنتصف بين شركات الفينتك والبنوك التقليدية، مشيرا إلى أن الأولى تستحوذ على جزء لا تستطيع التقليدية تغطيتها أو لن تقبل عليها نتيجة طبيعة العميل.

وأوضح أن البنك الرقمى يستطيع تغطية الجمهورية بكافة أنحائها على عكس التقليدية، إذ يتميز بأنه أكثر سرعة ومرن بشكل أوسع، مشيرا إلى أن هناك تداخل من جانب المنتجات التى قد تكون قريبة من الأخرى باختلاف الصورة وطريقة التقديم، وطبيعة العميل، يميل أكثر للتكامل عن كونها متنافسة.

وأكد أن البنك التقليدى ستكون دائما تكلفته أعلى على عكس مرونة الرقمي، من فروع وموظفين، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك جزءا من التكلفة ثابتة فى البنكين، سواء من ناحية البنية التحتية، الأنظمة، الأمن السيبراني، وخاصة فى البنك الرقمى التى تكون على أعلى مستوى.

وأوضح أن هذا لا يمنع تحمل البنوك التقليدية نفس التكلفة لأنها تؤمن عميلها بنفس الطريقة، لتقديم منتجات رقمية بالفعل، مثل الإنترنت البنكي، وتطبيقات الهواتف المحمولة.

وعن تجربة بنك مصر فى البنوك الرقمية مقارنة بالعالمية، قال إنهم بدأوا من حيث انتهى الآخرون، ليست مأخوذة من نموذج بعينه، مشيرا إلى أنهم درسوا كل النماذج، وظهرت تجربتهم التى تناسب خصوصية السوق المصرية، كمنتجات ومتطلبات البنك المركزي، والتى تختلف من دولة لأخرى.

وفى 17 أغسطس الماضي، تقدمت شركة مصر للابتكار الرقمى التابعة لبنك مصر بأول طلب وملف رسمى متكامل للحصول على رخصة تشغيل أول بنك رقمى فى مصر وفق القواعد التى وضعها البنك المركزي.

ويتوقع النوبى إقبالا من قبل العديد من العملاء على تجربة بنك مصر الرقمية، وسيكون هناك منافسة كبيرة بين البنوك والشركات وبعضها فى المستقبل.

مصطفى النحاس: عند الوصول لمجتمع غير نقدى تماما ستتفوق الرقمية

وقال مصطفى النحاس، الرئيس التنفيذى لقطاع التكنولوجيا بشركة فورى للمدفوعات الإلكترونية، إن التقييم يتوقف على سياسة البنك، مشيرا إلى أنه إذا كان سيستهدف عملاء مختلفين فستكون العلاقة تكاملية، أما الحاليون فستضيف نوعا من التنافسية.

وأشار النحاس إلى أن تكلفة البنوك الرقمية أقل تكلفة فى عملية التأسيس، موضحا أن السوق بنسبة كبيرة مازال يعتمد على النقد، وأنه من المهم طرح حلول تكفى كافة الفئات.

وأفاد بأن الثقافة والبنية التحتية عاملان أساسيان يؤثران على تعاملات العملاء مع اختلاف نوعيات البنوك، مشيرا إلى أنه عند الوصول لمجتمع غير نقدى تماما ستتفوق البنوك الرقمية فى التنافس.