أجرت جريدة «المال» حوارًا مع الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية فى محافظة الأقصر، عقب وضع حجر الأساس لثانى مستودع إستراتيجى للسلع التموينية على مستوى الجمهورية، بتكلفة استثمارية قاربت الـ1.5 مليار جنيه.
وتناول الحوار عددا من الملفات المهمة على طاولة وزارة التموين، أبرزها تفاصيل خطة تطوير المطاحن والشركات التابعة العاملة بقطاعات الزيوت والسكر، إضافة إلى مستهدفاتها فى إقامة أسواق الجملة والنصف جملة بالمحافظات المختلفة، فضلًا عن تأثيرات الأزمات العالمية، وعلى رأسها «الروسية – الأوكرانية» على عمليات تأمين إمدادات الأقماح الموردة للسوق المصرية، وغيرها من القضايا..
وإلى نص الحوار
الـمـال: ما تطورات ملف تدشين أسواق الجملة ونصف الجملة المتطورة بالمحافظات؟
وزير التموين: أسواق الجملة ونصف الجملة تخفض حلقات التداول، وتسهم فى طرح السلع بأسعار مخفضة، مقارنة بالأخرى، ولا يصح أن توجد 5 حلقات تداول لسلعة واحدة، حتى لا يرتفع سعر بيعها على المستهلك فى النهاية.
لذلك وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بإقامة أسواق جملة ونصف جملة بكل محافظات الجمهورية، ويتم العمل عليها وفق مخطط زمنى لتكوين الخبرات ثم انتشارها.
ومشروع أسواق الجملة ونصف الجملة يتم بالتعاون مع وكالة التنمية الفرنسية، وبحلول شهر أكتوبر المقبل سيتم الطرح وبدء تنفيذ مركز لتداول الغذاء فى محافظة الإسماعيلية على مساحة 100 فدان، وسيشمل استلام السلع، والفرز، والتعبئة، والتغليف سواء كانت جملة أو نصف جملة، ثم إقامته على مساحة 30 فدانًا فى محافظة الشرقية، وذلك ضمن المرحلة الأولى من أسواق الجملة ونصف الجملة.
وتم تحديد عدد من المناطق الصالحة لإقامة أسواق الجملة فى العديد من محافظات الجمهورية، إذ تم تخصيص 4 قطع أراضٍ من قبل محافظة القاهرة، ووضع التصميمات اللازمة لتلك الأراضى بمشاركة إحدى الجهات السيادية، على أن يتم البدء فى تنفيذ 4 أسواق نصف جملة وجملة بالمحافظة خلال الفترة المقبلة.
ويتم حاليًا استكمال وضع تخطيط لكل المناطق اللوجستية، والتى وجه بإقامتها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا فى السلع الطازجة من لحوم وأسماك ودواجن وخضراوات وفاكهة.
كما أن السلع الجافة تعد أقل حجم فى الفاقد والهادر من السلع الطازجة، نتيجة تغير سعر بيع السلعة الطازجة خلال فترات اليوم الواحد، ضاربًا مثال الأسماك الطازجة لها 3 أسعار، إذ إن التاجر يقوم بتخفيض السعر لعدم وجود مكان لتخزين بضاعته، وعند إقامة أسواق الجملة ونصف الجملة سيكون هناك سعر ثابت لوجود أماكن تخزين ملائمة للسلع.
يشار إلى أنه فى سبتمبر 2022 تم وضع حجر أساس أول سوق جملة مركزى متطور فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية باستثمارات 100 مليون جنيه، وذلك بالفرب من المنطقة اللوجستية والتجارية المقامة، وتنفيذ السوق فى مدة زمنية من 18 إلى 24 شهرًا.
الــمـــال: ما الجديد فى عمليات تطوير شركات الزيوت التابعة وإنشاء مجمعات صناعية ضخمة لإنتاجها؟
وزير التموين: تم الانتهاء من دراسة تطوير شركات الزيوت التابعة للوزارة من خلال المكاتب الاستشارية، ووضع الخطة التنفيذية لتطوير الصناعة على مستوى الشركات التابعة للقابضة للصناعات الغذائية.
ولكن جائحة كورونا والأزمة «الروسية – الأوكرانية» وما تبعها من تحديات اقتصادية، عوامل كبيرة أدت إلى طرح مجمعات الزيوت المستهدف إقامتها على الشركات العالمية، ولكن الوقت الحالى قد يكون غير ملائم لبدء التنفيذ الفعلى لتلك المجمعات الصناعية الكبري.
كان الدكتور على المصيلحي، أعلن نهاية 2021 أن شركة «بى دى أو» للاستشارات الفنية انتهت من دراسة تطوير شركات الزيوت التابعة للقابضة للصناعات الغذائية وهى: الإسكندرية للزيوت والصابون، وطنطا للزيوت والصابون، والمصرية للنشا والخميرة والصابون، وأبو الهول للزيوت، والنيل للزيوت والصابون.
وجاءت هذه الدراسة بهدف إنشاء 4 مجمعات صناعية بتكلفة استثمارية تتخطى الـ6 مليارات جنيه خلال فترة تتراوح من 3 الى 5 سنوات، بطاقة إنتاجية تصل إلى 2400 طن يوميًا للزيوت والمنظفات.
وفى بداية العام الحالي، أعلن «المصيلحى»، أن هناك نحو 4 أو 5 تحالفات محلية وأجنبية تقدمت بعروض لوزارة التموين، بشأن الفرص الاستثمارية الخاصة بإنشاء 3 مجمعات للزيوت بقيمة قدرها 321 مليون دولار.
الــمــال: ماذا عن خطة تطوير شركة السكر والصناعات التكاملية؟
وزير التموين: تم الانتهاء من دراسة تطوير شركة السكر والصناعات التكاملية التابعة للقابضة للصناعات الغذائية، وهناك الكثير من الأمور يجب أن تنفذ قبل البدء فى العملية، ولكن الوقت الحالى لا بد أن نضمن فيه استمرارية الإنتاج دون توقف، مع رؤية وتحديد الوقت المناسب لبدء عملية التطوير وفقًا لأحدث التقنيات والتكنولوجيا العالمية.
يذكر أن تحالف «سيجمان» وضع دراسة لتطوير شركة السكر والمصانع التابعة لها بتكلفة مالية تخطت الـ10 مليارات جنيه، استغرقت ما يقرب من عام، وتم الانتهاء منها أواخر 2022.
الــمــال: ما الكميات المستهدف استلامها فى موسمى القصب وبنجر السكر 2024؟
وزير التموين: تم -بالتوافق مع وزارة الزراعة- تحديد سعر توريد طن القصب المحلي، ولحسن حظ المزارعين فإن السعر العالمى حاليًا مرتفع، ويجب أن ندعم الفلاح وألا نبخس أى شخص حقه؛ لذلك تم تحديد سعر توريد طن القصب 1500 جنيه خلال الموسم الحالي، فى حين أنه كان لا يتجاوز 900 جنيه العام الماضي.
كما أن سعر توريد طن البنجر ارتفع إلى 1500 جنيه فى موسم 2024 بدلًا من 1350 لـ 2023، وتم الإعلان عن تلك الأسعار قبل بدء موسمى حصاد القصب والبنجر لتشجيع المزارعين على التوريد، خاصة أن الموسم الحالى سيشهد زيادة فى المساحات المنزرعة من البنجر.
وفى حالة الوصول إلى توريد المزارعين 800 ألف طن قصب لصالح التموين خلال الموسم المقبل سيكون أفضل عن الموسم الماضي، نظرًا لأنه تم استلام نحو 700 ألف فقط، إضافة إلى ذلك تم توريد محصول البنجر، والذى تم زراعته على مساحة 650 ألف فدان خلال الموسم الماضي، ونسعى إلى استلام نحو 700 ألف بعد دخول المساحات الجديدة التى يتم استصلاحها فى الدلتا الجديدة ومستقبل مصر.
الـمـال: ما الجدوى من إقامة المستودعات الإستراتيجية؟
وزير التموين: الجدوى هى الحفاظ على ما يتم صرفه شهريًا من سلع لحاملى البطاقات التموينية، والتى تبلغ قيمتها 3.4 مليار جنيه شهريًا، إضافة إلى الحفاظ على جودة السلع وتوصيلها بجودة عالية، لذلك كان لا بد من إقامة المشروع الإستراتيجى للمستودعات.
وفى حال توفير ما يتم فقده وهدره من السلع المطروحة على قائمة المقررات التموينية، والتى تصل إلى %10 سيتم الحفاظ على جودتها؛ لذلك تم العمل على إقامة المستودعات ونحن بحاجة إلى 7 أخرى تتم إقامتها فى 7 محافظات تغطى جميع أنحاء الجمهورية.
يشار إلى أن وزارة التموين -ممثلة فى جهاز تنمية التجارة الداخلية- أعلنت عام 2020 عن إطلاق مشروع إقامة 7 مستودعات إستراتيجية عملاقة، موزعة على مرحلتين الأولى السويس، الأقصر، الفيوم، الشرقية، والثانية فى الجيزة، كفر الشيخ، الإسماعيلية، كما تم اختيار المكتب الاستشارى الفنى بالكلية الفنية العسكرية كمكتب استشارى للمشروع.
وتابع الوزير أن أهمية المشروع تكمن فى قرب تلك المستودعات الإستراتيجية من منافذ صرف السلع التموينية لحاملى البطاقات فى كل المحافظات، إذ إن المستودعات والمخازن التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، وكذلك التابعة للشركات المنتجة للسلع من سكر وزيوت وخلافه، بعيدة عن أماكن صرفها للمواطنين، لذلك كان لا بد من تأمين المحافظات بكل السلع الغذائية والاستهلاكية التى يتم طرحها على البطاقات التمويني، إضافة إلى توفير مخزون إستراتيجى على الأقل يكفى لمدة 3 أشهر من كل السلع الأساسية، بالتزامن مع الحفاظ عليها من الهادر والفاقد.
وسيتم عمل مخزن إستراتيجى للأدوية بالقرب من مستودع السلع التموينية فى محافظة الأقصر، على غرار مخزن الأدوية فى المنطقة التجارية واللوجستية فى محافظة الغربية، والذى تنفذه إحدى شركات القطاع الخاص.
المال: هل هناك إجراءات جديدة سيتم اتخاذها لتأمين شحنات القمح الموردة لمصر مع استمرار الأزمة “الروسية – الأوكرانية»؟
وزير التموين: التغيرات الجيوسياسية نتيجة النزاعات العالمية تؤثر بالطبع على تأمين خطوط نقل الشحنات التجارية، كما أن لها تأثيرا كبيرا على أسعار نولون النقل وسعر السلعة نفسها، سواء قمح أو زيوت وخلافه.
وبالتأكيد سيتم زيادة قيمة تأمين شحنات القمح المستوردة، ما يعمل على زيادة سعر نولون النقل، وهذا شيء طبيعي، باعتبارها مخاطرة عالمية، والشركات العالمية المسئولة عن توريد الشحنات لمصر هى المسئولة عن تأمين شحنات القمح الموردة إلينا.
وتوقع المتعاملون فى سوق القمح بالخارج ارتفاع الأسعار فى البورصات العالمية بشكل كبير، نتيجة عدم تجديد روسيا الاتفاقية الخاصة بالحبوب مع تركيا والأمم المتحدة، والتى تسمح بقيام أوكرانيا بتصدير الحبوب إلى الخارج.
ومع ذلك لم ترتفع أسعار القمح بالشكل الذى كان متوقعًا نتيجة زيادة حجم الإنتاج العالمى منه، حيث إنه على الرغم من النزاع الدائر بين روسيا وأوكرانيا فإن العام الحالى 2023 شهد زيادة الإنتاج الروسي، ليسجل رقما قياسيا لم يشهده منذ 100 عام، وبالتالى المحصول العالمى سيفوق احتياجات كل الدول؛ لذلك لا توجد تهديدات حقيقية فى قلة المعروض من القمح.
وكان من المفترض هبوط أسعار القمح عالميًا نتيجة زيادة المحصول العالمي، إلا أنه ارتفع بنسبة قليلة بنحو 10 دولارات للطن، ليصبح 260 دولارًا بدلا من 250، وبكل تأكيد تلك الزيادة تؤثر على الكميات الضخمة التى يتم التعاقد عليها، مقارنة بأسعار العام الماضى التى تراوحت ما بين 480 و500 دولار للطن.
كما أن الاحتياطى الإستراتيجى من القمح يكفى مدة 4.7 شهر من القمح، إضافة إلى أن تنوع المناشئ بعدد 22 دولة معتمدة لدى الهيئة العامة للسلع التموينية لشراء القمح العالمي، سبب كبير فى الحصول على أفضل سعر من حيث القيمة الأساسية إضافة إلى نولون النقل.
يذكر أن الدول المعتمدة لدى الهيئة العامة للسلع التموينية لاستيراد الأقماح من ضمنها: أمريكا، كندا، فرنسا، أستراليا، ألمانيا، الأرجنتين، روسيا، أوكرانيا، رومانيا، بولندا، بلغاريا، صربيا، المجر، باراجواى، كازاخستان، البرازيل، مولدوفا، ليتوانيا، المملكة المتحدة، أوروجواي، الهند.
