حدد عدد من خبراء النقل والصناعة، 3 عوامل رئيسية لنجاح عملية توطين صناعة مكونات وسائل النقل، سواء المترو أو عربات السكك الحديدية خلال الفترة المقبلة.
وجاءت فى صدارة هذه الأدوات تعزيز التعاون مع شركات القطاع الخاص العالمية أو المحلية المتخصصة، فضلًا عن إعداد خطة كاملة لتدرج الشراكة، وتحديد الوضع المالى للجهات التى يمكن أن تتعاون فعليا مع الكيانات العالمية لتنفيذ سياسة الصناعة فى السوق المحلية.
وأعلن وزير النقل منذ أيام، أن الوزارة تستهدف بناء 7 ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺑﺎﻟﺴﻮق اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، بالتعاون مع شركات ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮى، لسد اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت وسائل النقل واﻟﺘﺼدﻳﺮ ﻓﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻻﺣﻘﺔ.
هشام عرفات: ضرورة وجود تكامل بين المصانع والسياسة النقدية
قال هشام عرفات، وزير النقل السابق، إن العائق الرئيسى أمام توطين صناعة النقل بشكل عام، وتحديدًا تصنيع مكونات عربات المترو والسكة الحديد، يتمثل فى أزمة نقص العملة الصعبة، موضحًا ضرورة التكامل بين مؤسسات الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع، فضلًا عن دمج القطاع الخاص لسد فجوة الاحتياج الدولاري.
وأكد أن توطين صناعة النقل يعتمد بشكل كبير على قرارات الطاقم المهنى ومدى دراسة مشروعات الإنتاج المحلي، إضافة إلى جودة وكفاءة آليات الصناعة والمعدات المستخدمة.
ولفت إلى أن تصنيع مكونات وقطع غيار عربات القطارات الكهربائية وغير كهربائية يسهم فى تشغيل العديد من المصانع المغذية، متضمنة الحديد والبلاستيك، إلى جانب مصانع الزجاج المستخدم بتلك العربات.
وأكد وزير النقل السابق، ضرورة التكامل بين المصانع المحلية والجهات الحكومية، لتحديد الاحتياجات ذات الأولوية والعمل على توفيرها، بالتزامن مع جذب الكيان العالمية لإبرام شركات والعمل معًا فى السوق المحلية.
وأشاد بجهود الدولة المتتابعة فى مواصلة فتح أبوابها أمام القطاع الخاص بهدف سد الفجوة التمويلية الناتجة عن الظروف الاقتصادية الراهنة، والاستفادة من خبراتهم فى الإدارة والتشغيل.
من جانبه، قال المهندس أحمد المفتي، المدير العام للشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية «نيرك»، إن مشكلة العملة الصعبة تمثل الآن عائق تحد كبيرًا أمام استدامة توطين الصناعة فى مختلف القطاعات، خاصة النقل، إذ إن هناك اعتمادا نسبيا على استيراد بعض المعدات والخامات من الخارج.
وأوضح أن الجهات الحكومية المعنية استطاعت جذب العديد من الشركات العالمية للعمل فى السوق المصرية، ومنها المتخصص فى الإطارات المطاطية، والكراسى وكابلات الكهرباء والزجاج وبعض أجزاء الألومنيوم، وتعد أحد مكونات تصنيع عربات المترو والسكة الحديد.
وأشار إلى أن أغلب العناصر التى يتم استيرادها من الخارج تحتاج إلى تكنولوجيا فائقة، ومنها الفرامل، ووحدات الجر للعربات والإطارات الحديدية، فضلًا عن دائرة الهواء، موضحًا أن العجل الحديدية وأجساد العربات من الممكن صناعتها محليًا.
ولفت إلى أن غالبية المستثمرين والمصنعين المحليين حريصون على التعامل مع الأجزاء ذات الطلب الأكبر، والتى تحقق عائدا كبيرا على الاستثمار، بجانب استبعاد المكونات ذات التكلفة الاستثمارية العالية والأقل استهلاكًا.
وأكمل أن هناك بعض الأجزاء من قطع الغيار يحتاج تصنيعها إلى معرفة وخبرة خارجية من خلال شركات متخصصة، لاسيما التى تتعلق بالأمن، إذ تحتاج إلى دقة وتكنولوجيا عالية، لافتًا إلى أن نسب صناعة عربات السكة الحديد أكبر من مترو الأنفاق، لأنها تحتاج إلى درجة أعلى من التكنولوجيا الحديثة والمتطورة.
وفيما يتعلق بأزمة الدولار وتأثيره السلبى على الحركة الاقتصادية بشكل عام، قال المدير العام لشركة نيرك، إنه من المتوقع الانتهاء من تلك الأزمة فى غضون عام، مشيدًا بالخطوات الأخيرة لتعظيم الإنتاج المحلي، وتوطين الصناعة فى مصر، وموضحًا أنه كلما زاد التوطين قل الاحتياج للعملة الصعبة.
وأشار المفتى إلى أن حركة دائرة التوطين تبدأ بشراء المعدات والمواد الأولية من الخارج بالعملة الصعبة بجانب الخبرة والدراية، أو ما يعرف بالـ«Know How»،
ثم محاولة توفير أغلب تلك المكونات بالعملة المحلية واكتساب المعرفة من المتخصصين، لينتهى الأمر بالوصول إلى منتج محلى بنسبة تصل إلى 70% فيما فوق، مؤكدًا أن دورة التوطين تستغرق فترة تتراوح من عام إلى عامين.
المدير العام لشركة نيرك: نستهدف 70% من التصنيع داخليًّا خلال 3 سنوات
ولفت إلى شركة نيرك تستهدف الوصول بنسبة توطين عربات السكك الحديد إلى 70% خلال 3 سنوات من العملية التصنيعية بشكل تدريجي، يبدأ بجمع المكونات من الخارج والداخل وينتهى بالشق التقنى أثناء التجميع والتركيب.
وأضاف أن النسبة المتبقية على جعل الصناعة محلية بشكل كامل، ترجع إلى أسباب مختلفة، من بينها عدم توافر بعض الأجزاء محليًا مع ارتفاع تكلفة استثمارها خارج موطنها، فضلًا عن احتياج بعض المكونات إلى تكنولوجيا فائقة وخبرة تخصصية.
واتفقت وزارة النقل خلال الفترة الماضية، مع شركة تالجو العالمية لإقامة مصنع بمنطقة كوم أبو راضى لتصنيع عربات ركاب القطارات، إلى جانب إبرامها اتفاقية تعاون مع شركة «Colway» الإسبانية، لتأسيس خط لإنتاج المكونات الداخلية لوسائل النقل الجماعي، إضافة إلى اتفاقها مع شركة «لينزا مصر» لتأسيس مصنع لانتاج قطع الغيار، ومع «هيونداى روتيم» على المشاركة فى تصنيع عربات المترو فى مصنع نيرك بشرق بورسعيد، و«فويست البين» النمساوية لتوفير مفاتيح السكك الحديدية بورش العباسية.
من جانبه، قال الدكتور حسن مهدي، خبير النقل، إن تعزيز المنتج المحلى يقلل من حجم الاستيراد، ما يترتب عليه خفض أعباء توفير العملة الصعبة، فضلًا عن توفير فرص العمل للمواطن.
ونوه بأن تداخل العنصر البشرى المصرى فى عملية التشغيل والإدارة أمر مهم لكسب الخبرة من المؤسسات المتخصصة الأجنبية، مشيدًا بتنوع الشراكات التى أجرتها الدولة مؤخرًا مع العديد من المؤسسات العالمية المعنية بإنتاج مكونات المحركات والعربات.
حسن مهدي: بعض الدول تعتمد على الإنتاج المحلى بنسب.. وتستورد الباقى
وأشار إلى وجود مساحة كبيرة أمام الدولة لتصدير المركبات، إذ إن هناك احتياجًا دائمًا وسوقًا مفتوحة لدى العديد من الدول الأفريقية ومناطق الجوار، لافتًا إلى أن الأتوبيس المكون من طابقين يتم تصنيع معظم أجزائه وتجميعه بمدينة الصالحية الجديدة وتصديره إلى لندن.
وأضاف أن وجود الأيدى العاملة المصرية فى جميع مراحل التصنيع واقع لا بد من استدامته، موضحًا أن ذلك يعمل على توطين الصناعة بشكل سريع، ويعزز من اقتصاد الدولة، إلى جانب نقل الخبرة إلى العاملين بالقطاع.
وأكد أهمية الرقابة الإدارية ومتابعة السياسة النقدية من قبل الأجهزة المعنية فى مصر، إضافة إلى ضرورة إعداد برامج دورية لتأهيل الفنيين وتجهيز كوادر إدارية أكثر كفاءة، لافتًا إلى أن هناك العديد من المصانع التى تخدم قطاع النقل شراكات مع القطاع الخاص.
وأضاف أن خطوة التوطين الصناعى تدريجية، إذ إن نسبة الصناعة المحلية تتزايد بشكل مستمر بمجرد التجهيز والاستعداد لها، مؤكدًا صعوبة التخلى عن خبرات الشركات الاستراتيجية لهذا القطاع.
وتابع أن هناك تسهيلات عديدة تجعل من الدولة مناخا مناسبا للتصنيع، ومنها موقع مصر المتميز الذى يسهم فى سير حركة التجارة، إضافة إلى انخفاض تكاليف العمالة ووجود كوادر فنية ذات كفاءة عالية.
