سلطت الحكومة - ممثلة فى وزارة النقل - خلال الفترة الماضية جهودها نحو تعظيم الاستفادة من سياحة اليخوت المعروفة بـ«سياحة الأثرياء»، لاسيما فى ظل فترة تشهد شح فى العملة الصعبة بالسوق المحلية.
استطلعت «المال» آراء عدد من العاملين فى القطاع لتقييم الإجراءات التى اتخذتها الحكومة للنهوض بهذا النشاط، بالتزامن مع الاستفادة من الموقع الجغرافى للسواحل المصرية.
وأشار العاملون والخبراء فى المجال أهمية اتخاذ خطوات جديدة لجذب المزيد من سياحة الأثرياء، بالتزامن مع إطلاق النافذة الموحدة لليخوت منذ عام بما يدفع إلى نمو تلك النوعية وزيادة الإيرادات الدولارية.
بداية قال القبطان محمد محسن رئيس وحدة مراين اليخوت بقناة السويس فى تصريحات لـ«المال» إن الهيئة أطلقت حزمة من الخدمات الرقمية المخصصة لهذا النشاط، شملت الحجز أونلاين من خلال الموقع الرسمى للهيئة، و الحاسبة لتحديد الرسوم التقديرية للعبور، إلى جانب الفاتورة الإلكترونية.
أضاف «محسن» أنه فى إطار تعزيز هذا النوع من السياحة قامت الهيئة بتعديل قواعد تحديد رسوم العبور لليخوت السياحية التى تقل حمولتها عن 300 طن بهدف التيسير على العملاء وتوفير الوقت وإتاحة إمكانية تحديد اقتصاديات الرحلة بشكل مسبق وفقا للوجهة والبرنامج المخصص لأصحاب اليخوت.
أكد «محسن» أنه من المقرر احتساب رسوم عبور اليخوت وفقا للقواعد الجديدة بشكل آلى من خلال تطبيق إلكترونى والمنصة الرقمية الجديدة الجارى إنشائها والمزمع تفعيلها خلال الفترة المقبلة، مع إتاحة خدمة الحجز أونلاين للعبور والتراكى بالمراسى التابعة للهيئة، بما يتيح أداة ذكية للحصول على كافة الخدمات المتاحة.
تابع أن الخطة تشمل تحسين تجربة العبور من خلال الارتقاء بالخدمات الرئيسية مثل التزود بالوقود والصيانة، أو « الترفيهية» التى تتنوع لتشمل إنشاء مطاعم ومكتب سياحة داخلى ونادى صحى ومغسلة مجهزة.
وأوضح أن هذه الإجراءات أسفرت عن ارتفاع أعداد اليخوت العابرة للقناة خلال النصف الأول من العام الجارى بنسبة 64%، ويأتى متوافقا مع رؤيتها الطموحة للتحول إلى مركز عالمى لسياحة الأثرياء فى المنطقة.
أوضح أن قناة السويس تعكف على تنفيذ خطة تطوير شاملة تستهدف وضع مصر على الخريطة العالمية عبر تطوير مارينا اليخوت فى مدن القناة الثلاث، إذ مقرر زيادة طاقتها الاستيعابية وتنمية أبعاد كل مارينا على حدة وتعميق الغاطس، علاوةً على رفع كفاءة البنية التحتية وفقاً للمعايير العالمية واشتراطات الجودة لتتمكن من استيعاب كافة الأنواع وتقديم خدمات متميزة.
وقال إن خطة التطوير تنقسم إلى مرحلتين تبدأ الأولى بتطوير مارينا دولى فى الإسماعيلية بطاقة استيعابية تتخطى 100 يخت وغاطس يصل إلى 7 أمتار، وتوسيع مظلة الخدمات المقدمة لتضاهى العالمية، يعقبها مرحلة ثانية بتدشين أخرى فى كل من بورسعيد وبور توفيق.
وأوضح أنه يتم تنفيذ هذه الخطة بالتوازى مع إنشاء مارينا يخوت آخر على الطراز الحديث بالإسماعيلية ليكون أول نموذج مستدام للمعايير البيئية، فضلاً عن إنشاء أخرى فى الساحل الشمالى وتوطين هذه الصناعة بالتعاون مع ترسانة جنوب البحر الأحمر.
وقال محمد موسى رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات تورنيدو للملاحة ومالك لمجموعة من اليخوت والغواصات إن تعدد جهات التعامل تعد أبرز المشاكل التى تواجه شركات التوكيلات الملاحية المعنية باستقبال خدمات و ملاك اليخوت.
طالب «موسي» بإعادة النظر ليس فقط فى الإجراءات والرسوم ولكن فى تطوير الموانئ المتعاملة مع اليخوت وتطوير المارينا الحالية، معإنشاء أخرى جديدة ومتطورة لتكون عاملا فى جذب مثيلاتها الأجنبية للسوق المحلية.
ولفت «موسي» إلى أن من بين هذه المراينالمتطورة التى تم إنشائها بشرم الشيخ والتى تعد نموذجا جيدا، لافتا إلى أنها غير كافية سوى لاستقبال الحصة السوقية المحلية المترددة على الموانئ.
وأضاف أن تعدد المارينا يؤدى إلى كسر صفة الاحتكار الذى يجعل مالكها يغالى فى رسومها.
وقال إن سواحل مصر على البحر المتوسط تفتقد وجود مارينا لاستقبال اليخوت الأجنبية، لافتا أن النافذة الموحدة تعد إضافة لكونها تختصر الاجراءات وتقلل الجهات المسيطرة على تداول اليخوت السياحية لكنها تتطلب التسويق الجيد.
وأوضح أن ملاك اليخوت وأصحاب الغواصات العاملين بالسوق المحلية يشكون بشكل مستمر من التعنت فى تقدير هيئات الموانئ رسوم الرحلة الكروز رغم أنها لا تستغرق سوى 4 ساعات.
تابع أن هيئات الموانئ تتعامل مع اليخوت الأجنبية على أنها رحلة دولية تتطلب العديد من الموافقات والإجراءات الإدارية والتصاريح، وجوازات السفر الدولية التى تتسبب فى عزوف أصحابها .
قال باهى نجيب نائب رئيس شركة فيليكس للملاحة إن هناك مجهوداً كبيراً من جانب الدولة فى الفترة الأخيرة لتسهيل الإجراءات على العميل بهدف اختصار الوقت .
وذكر «نجيب» أن تلك الإجراءات تتمثل فى حرية التحرك بين الموانئ والمارينا المحلية، مشيرًا إلى أن اليخت لم يعد مُلزماً بإنهاء إجراءاته فى نفس الميناء التى يبدأ بها الرحلة، حيث أنه كان من الضرورى تسجيل الوصول والمغادرة من نفس الموقع.
وأشاد «نجيب» بسرعة تطبيق النافذة الموحدة لليخوت حيث استغرق تنفيذها أقل من 6 شهور، وتم تفعيلها فى شهر سبتمبر 2022.
وتابع «نجيب» أن ثقافة التغيير فى ذاتها صعبة خاصة وأن خطوة تطبيق النافذة الموحدة تطلبت تغيير نمط وفكر عمل مؤسسات بالكامل من تعاملات ورقية إلى التعامل إلكترونياً.
وأضاف أن السوق المحلية من أكثر الدول التى يغلب عليها المقومات السياحية المتمثلة فى حضارتها العريقة أو موقعها الجغرافى الممتاز علاوة على البيئة البحرية.
وأكد أن القائمين على ملف اليخوت يجب أن يقدموا للعميل كافة التسهيلات التى يحتاجها ومواكبة متطلباته، لافتا إلى أن ذلك حدث مؤخرًا من خلال التعاون مع الجهات والمؤسسات فى محاولات تحقيق بعض المتطلبات مثل استخدام الطائرات الهليكوبتر فى التنقل وحرية الإبحار بين الموانئ والمارينا وتقديم التسهيلات فى إتمام إجراءات الوصول والمغادرة.
ويرى أن النافذة الموحدة خطوة مهمة وأساس صلب فى مرحلة التطور تساعد على أخذ خطوات كبيرة بشكل منظم وسهل فى مسيرة سياحة اليخوت فى مصر.
وقال الربان عمر قطايا الخبير البحرى رئيس مجلس إدارة شركة لاند مارك ومؤجر لمارينا بشرم الشيخ إن عميل اليخوت لم يعد يعتمد على زيارة منطقة واحدة ونشاط واحد مثل رياضة الغطس، مشيرًا إلى أن الاتجاه الصحيح هو ربط الزيارة بعدة مناطق لتكون خدمة متكاملة من خلال التنقل بين عدة معالم.
طالب « قطايا » بتعاون وزارة السياحة وجميع الغرف الخاصة بالقطاع مع وزارة الخارجية لتحديد مستلزمات العميل علاوة على إجراء دراسات استقصائية لجميع الشركات العاملة فى هذا الملف واستثمار الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة.
كما طالب الحكومة المصرية بربط المارينا المصرية بمثيلتها فى السعودية والخليج لتحقيق أكبر خدمة متكاملة.
وأكد «قطايا» أن آليات جذب العميل الذى يمتلك ملايين الدولارات تختلف عن غيره، ومن ثم ضرورة دراسة احتياجاته و منح حوافز مناسبة، لافتا إلى أن هناك يخوتاً تتجنب العبور من قناة السويس بسبب الرسوم وذلك يتطلب تقديم الحوافز المختلفة.
وقال إن التسويق الخارجى هو العنصر الأهم الذى يجب تفعيله بشكل أمثل لتقديم المعالم السياحية والبرامج الترويجية بصورة تسهل الإجراءات على مثل هذا النوع من العملاء، مشيرًا إلى أن النافذة الموحدة وإن كانت لها مميزات عديدة إلا أن تلك الخطوة تستهدف الوكيل الملاحى وليس أصحاب اليخوت.
أكد محمد رضوان المدير التجارى بشركة ورمس للملاحة أن الشواطئ مؤهلة لجذب سياحة اليخوت خاصة بالبحر الأحمر وهذا النوع من النشاط يدر عائداً بالعملة الصعبة، لكنه مازال قاصراً على عمل الشركات الملاحية التى تقدم الخدمات.
وأشار «رضوان» إلى أنه ينبغى حصر ملاك اليخوت خاصة الملكية وتقديم حزمة حوافز مشجعة لهم خاصة مع تدشين النافذة الجمركية الموحدة.
لفت «رضوان» إلى أهمية توفير خدمات للرسو فى المارينا التابعة لها وعدم الاكتفاء بخدمات عبور القناة وسرعة تطوير المتواجدة بالإسماعيلية.
يذكر أن الجهات المعنية حاليا تنفيذ تعليمات مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم حيّال مد فترة صلاحية التأشيرة السياحية لمرتادى اليخوت الأجنبية لتكون 3 أشهر بدلاً من 30 يوم.
كشف مصدر مطلع لـ«المال» أن قطاع النقل البحرى التابع لوزارة النقل يدرس مع وزارة المالية ومصلحة الجمارك تغيير اللوائح والتشريعات الخاصة بهذا النشاط، لتمكن السائح أو صاحب اليخت من بقائه بمصر على مدار 12 شهراً ، أو العودة إلى بلاده والقدوم مرة اخرى فى أية وقت وإتاحة خدمة التخزين .
