الشركات الناشئة تواجه تحديات كبيرة للحصول على التمويلات

واجه عدد من الشركات الناشئة ، خلال الفترة الأخيرة، تحديات كبرى فى الحصول على التمويلات، لاسيما فى ظل الارتفاعات المتوالية فى أسعار الفائدة محليًا ودوليًا، وما نتج عن ذلك من انخفاض تقييم هذه ا

Ad

واجه عدد من الشركات الناشئة، خلال الفترة الأخيرة، تحديات كبرى فى الحصول على التمويلات، لاسيما فى ظل الارتفاعات المتوالية فى أسعار الفائدة محليًا ودوليًا، وما نتج عن ذلك من انخفاض تقييم هذه الشركات ذاتها، نظرًا لتبدل أسعار الصرف، بالإضافة إلى تحوط صناديق الاستثمار.

وقال عدد من رواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة إن الحصول على تمويلات لكياناتهم بات أمرًا عسيرًا، بعدما انتهج البنك المركزى سياسة تشديد نقدى رفع على إثرها الفائدة بنحو %11 منذ مطلع عام 2022 وحتى اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير فى 3 أغسطس الجاري.

وأضافوا فى تصريحات لـ«المال» أن صناديق الاستثمار باتت أكثر تحوطًا من ذى قبل عندما يتعلق الأمر بإمداد الشركات الناشئة برؤوس الأموال اللازمة لبدء أعمالها أو الدفع بها قُدمًا، موضحين أن أغلب صناديق الاستثمار خفّضت كذلك من أحجام استثماراتها فى هذه المؤسسات إن لم تكن قد أوقفتها تمامًا.

تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية

قال يحيى عاشور، الرئيس التنفيذى والشريك المؤسس لشركة INVIa، إن هناك الكثير من التحديات التى تحول دون حصول الشركات الناشئة على التمويل خلال الفترة الراهنة أبرزها الأزمة الاقتصادية العالمية، والتى ألقت بظلالها على المؤسسات المالية العالمية، وهو ما أثر سلبًا بطبيعة الحال على بقية الكيانات الأصغر من حيث الحجم أو قاعدة العملاء.

كان البنك الفيدرالى انتهج، خلال الفترة الماضية، سياسة تشديد نقدي، تبعه فيها أغلب البنوك المركزية الأوروبية والإقليمية، وتزامنت هذه التحركات مع أزمة مصرفية أمريكية وأوربية؛ لا سيما بعد تعثر ثلاثة بنوك أمريكية (سيلكون فالي، سيجنتشر، سيلفرجيت) متوسطة الحجم خلال الفترة الأخيرة، ليتلوها تعثر بنك كريدى سويس، وتهاوى أسهمه، وتحرك البنك المركزى السويسرى لمد طوق النجاة له عبر وديعة مساندة بقيمة 54 مليار دولار.

وأضاف «عاشور» أن صناديق الاستثمار، بصفتها الممول الأساسى للشركات الناشئة، صارت أكثر تحوطًا فى الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذه الصناديق كانت تتوسع فى منح التمويلات، ولكنها آثرت التحوط مؤخرًا، لاسيما فى ظل تشككها فى قدرة هذه الكيانات على تحقيق الأرباح، وبالتالى جلب عائد معتبر على الاستثمار.

وأشار إلى أنه فى حال حدوث تحرير لسعر الصرف مرة أخرى فمن المرجح أن تتفاقم أزمة الشركات الناشئة، وبالتالى ستكون قدرتها على الحصول على التمويلات والتسهيلات الائتمانية أقل بكثير مما كانت عليه فى السابق.

ولفت إلى أن البنوك تُحجم هى الأخرى عن تقديم تسهيلات ائتمانية للشركات الناشئة، نظرًا لارتفاع معدلات المخاطر المرتبطة بها، ناهيك عن أنها تفضل- فى الوقت الراهن- تركيز محافظها الاستثمارية فى أدوات الدين المحلية.

ومن جانبه، لفت سامح صالح، رائد الأعمال والشريك المؤسس لعدة شركات ناشئة، إلى أن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية العالمية كلها عوامل أسهمت فى عدم قدرة الشركات الناشئة على الوصول إلى التمويلات.

ووقعت كبرى الاقتصادات الأوربية أسيرة فى قبضة التضخم؛ إذ سجل فى بولندا نحو %18.4 وفى النمسا %10.9 وأقل منه بقليل فى بريطانيا ليسجل %10.4.

أما فى إيطاليا فسجل معدل التضخم %9.1 و%8.7 ألمانيا، و%8 فى هولندا، و%6.3 فى هولندا، وأخيرًا 6% فى أسبانيا، بحسب إحصائيات trading economics.

وأضاف أن هذه الظروف المذكورة أعلاه جعلت المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال أقل رغبة فى ضخ أموال فى الصناديق الاستثمارية التى تتولى تمويل هذه الشركات، مؤيدًا ما ذهب إليه «عاشور» فى كون تقييم الشركات الكبرى انخفض، وهو الأمر الذى حجّم المستثمرين عن ضخ أموال لصالح تلك الكيانات الصغرى.

واتفق معهما كريم توفيق، الشريك المؤسس فى شركة «سيمبل»، أن ارتفاع أسعار الفائدة، وتحوط صناديق الاستثمار بعض هذه التحديات التى تواجه الشركات الناشئة، وتحد من قدرته فى الحصول على التمويلات.

وأضاف أن بعض المشكلات التى تعرض لها عدد من الشركات الناشئة، والتى أبرزها «كابيتر» أثرت فى قدرة هذه الكيانات على الحصول على التمويلات، وذلك نظرًا لكون ثقة المستثمرين قد اهتزت فى هذه المؤسسات بالفعل.

وأشار إلى أن هذه الفترة شبيهة إلى حد ما بنفس فترة جائحة كورونا، والتى قد أثرت فى عدد لا بأس من الكيانات والمؤسسات الاقتصادية سواء كانت ناشئة أو عملاقه، إلا أن الشركات التى تمكنت من عبور هذه الأزمة صارت أقوى فيما، وهو نفس الأمر الذى يحدث حاليًا تقريبًا، فالتحدى الراهن معقد جدًا بالنسبة للشركات الناشئة، ولكن الناجية منها ستكون أكثر قوة فيما بعد.

وكان محمد الفقي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى بشركة سيمبل لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا، قال فى تصريحات سابقة لـ«المال» إن الشركات الناشئة لا تزال تواجه تحديات فيما يتعلق بصعوبة الحصول على تمويلات جديدة، لاسيما فى ظل ظروف الأسواق العالمية وأزمة التقييمات التى ألمت بتلك الشريحة منذ بداية أزمة كورونا فى 2020 وصولاً للوقت الراهن.

العوائد على أذون الخزانة واستثمارات البنوك

وأوضح «عاشور» أن العائد على أذون الخزانة حاليًا فى حدود الـ%25 فى حين أن العائد على الاستثمار، فى حالة الشركات الناشئة، يصل إلى %28 وعلى الرغم من ذلك فإن البنوك تفضل أدوات الدين، نظرًا لانعدام المخاطر المرتبطة بها.

وواصل العائد على أدوات الدين المحلية قصيرة الأجل (أذون الخزانة) الارتفاع بوتائر غير مسبوقة، وذلك على مستوى مختلف الآجال: 91، و182، 273، و364 على التوالي، وذلك بحسب بيانات البنك المركزى المصري.

وتعرّف أذون الخزانة بكونها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة؛ لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.

وتفوض وزارة المالية البنك المركزي، على مدار العام المالي، فى إدارة طروحاتها الخاصة من أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصري.

وقفز متوسط العائد المرجّح على أذون الخزانة المقومة بالجنيه المصرى لأجل 91 يومًا من %11.397 خلال يناير 2022 إلى %24.522 خلال أغسطس الجاري، وفى أجل 182 يومًا ارتفع العائد من %12.039 إلى %24.921.

وفيما يتعلق بأذون الخزانة لأجل 273 يومًا، فقد ارتفع العائد عليها من %12.984 إلى %24.775 ومن %13.222 إلى %24.707 لأجل 364 يومًا، وذلك خلال فترة الرصد من يناير 2022 إلى منتصف أغسطس الجاري.

الاستثمار فى أدوات الدين

وارتفعت استثمارات البنوك فى سندات وأذون الخزانة إلى 4.81 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضى مقابل 4.74 تريليون جنيه خلال فبراير 2023، وكانت قد سجلت نحو 3.32 تريليون جنيه خلال ديسمبر 2021، وظلت دون حدود الـ 4 تريليونات جنيه إلى سبتمبر 2022، إذ سجلت نحو 4.05 تريليون جنيه، وظلت مراوحة مكانها لتختتم العام عند 4.42 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022.

كثفت البنوك الكبرى العاملة فى السوق المحلية من استثماراتها فى أدوات الدين (سندات وأذون الخزانة)؛ إذ بلغت استثمارات البنك الأهلى المصرى فى هذا الصدد نحو 1.33 تريليون جنيه.

تلاه البنك التجارى الدولى بحجم محفظة استثمار تقدر بنحو 337.22 مليار جنيه، ثم بنك مصر بنحو 336.64 مليار جنيه، فبنك القاهرة بـ 57.55 مليار جنيه، وبنك قطر الوطنى مصر بـ 70.701 مليار جنيه كثفت البنوك الكبرى العاملة فى السوق المحلية من استثماراتها فى أدوات الدين (سندات وأذون الخزانة)؛ إذ بلغت استثمارات البنك الأهلى المصرى فى هذا الصدد نحو 1.33 تريليون جنيه.

تلاه البنك التجارى الدولى بحجم محفظة استثمار تقدر بنحو 337.22 مليار جنيه، ثم بنك مصر بنحو 336.64 مليار جنيه، فـ«القاهرة» بـ 57.55 مليار جنيه، وقطر الوطنى مصر بـ 70.701 مليار جنيه، وذلك بحسب القوائم المالية لهذه البنوك.

مخاطر رفع أسعار الفائدة

وأكد رواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة الذين تحدثت إليهم «المال» أن سياسات التشديد النقدى والرفع المتوالى للفائدة على الإقراض يلقى بعواقب وخيمة على الشركات الناشئة وتحد من قدرتها على التمويل، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الأموال (الاقتراض) ومن ثم تحد من قدرتها على النمو والتوسع.

وافتتح البنك المركزى عام 2023 بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %16.75 وذلك خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية 2 فبراير الماضي.

بيد أن لجنة السياسة النقدية آثرت العودة إلى التشديد النقدي، فقررت فى اجتماعها 30 مارس الماضى رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %18.25، %19.25 و%18.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %18.75.

وقرر البنك المركزى المصري، فى اجتماعه الأخير، رفع معدلات الفائدة بمقدار %1 لتصل إلى %19.25 على الإيداع، و%20.25 على الإقراض، و%19.75 للعملية الرئيسية.

تزامن ذلك، مع خوض البنك المركزي، خلال العام الماضي، دورة تشديد نقدى كبرى، رفع فيها أسعار الفائدة بواقع %8 منها %1 فى 21 مارس الماضى فى اجتماع استثنائى للجنة السياسة النقدية، ثم أقر زيادة أخرى %2 فى مايو الماضي، لمواجهة الصدمات السعرية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وقرر لجنة السياسة النقدية، خلال اجتماع استثنائى آخر 27 أكتوبر الماضي، رفع سعر الفائدة على عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %13.25 و%14.25 و%13.75 على نفس الترتيب، وتم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس إلى %13.75.

ومع حلول نهاية 2022، رفع «المركزي» أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.75.