تشهد أسواق الأجهز الكهربائية ارتفاعات تاريخية فى الأسعار خلال الأشهر الماضية بلغت نحو 100% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، بالتزامن مع ركود فى المبيعات بشكل كبير وانخفاض نسبتها لتصل إلى 30% فى مختلف الأسواق، على خلفية عدد من الأزمات، أبرزها صعوبة الاستيراد وتوفير الدولار كما أن هناك نقصًا كبيرًا فى المعروض.
قال جورج زكريا، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية بالجيزة، إن هناك ارتفاعات فى أسعار الأجهزة منذ بداية العام بمتوسط 50%، وبنسب تصل إلى 100%، مقارنة بالعام الماضي.
زكريا: تراجع الحكومة عن استيراد المنتجات الكاملة ضرورة وعلى المستهلك التوقف عن الشراء غير المهم
وأوضح زكريا فى تصريحات لـ«المال» أن بعض الأجهزة الكهربائية اختفت فى الأسواق أو بعض الماركات والأصناف، وفقاً لمستويات العرض والطلب والتصنيع من جانب الشركات المحلية أو المستورد فى الفترة الأخيرة، فى ظل صعوبة تدبير المصنعين لمستلزمات الإنتاج.
وأضاف رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية أن البعض قام فى بعض الفترات بالتعامل بظاهرة الأوفر برايس، ما تسبب فى تأثر نسب مبيعات الأجهزة الكهربائية، مشيرًا إلى أن الحل هو وضع المصنع «باركود» بالسعر على الجهاز، والمستهلك من خلاله يعرف السعر الحقيقي.
وأوضح أنه فى بعض الأوقات يكون المستهلك جزءاً من الأزمة نتيجة قيامه بشراء المنتج بسعر أعلى من المدون عليه دون الإبلاغ عن هؤلاء التجار، وبعض المستهلكين يقوم أيضاً بالشراء خوفاً من مواصلة ارتفاع الاسعار، ما يسبب زيادة فى الطلب عن المعروض ويستمر السعر فى الارتفاع.
وطالب الدولة بضرورة العمل على مساعدة المستثمرين والمصنعين بتوفير مستلزمات الإنتاج، وتقديم حوافز لزيادة التصنيع خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى إلغاء استيراد الثلاجات والشاشات والاعتماد على المنتج المحلي، واستيراد مستلزمات الإنتاج للمصانع بالسوق.
وأكد زكريا وجود عجز كبير فى الأجهزة الكهربائية، بسبب نقص مستلزمات الإنتاج، موضحاً أن هناك ماركات تشهد ندرة فى السوق، ولم تعد منتجاتها مطروحة، وهو ما قد يرفع الطلب على بعض المنتجات والماركات الأخرى ويزيد من أسعارها أيضاً.
وتوقع زكريا حدوث انفراجة فى توفير وزيادة المعروض من الأجهزة الكهربائية خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيشعر بها المستهلك خلال سبتمبر المقبل، بعد أن تمكن عدد من الشركات المصنعة من استيراد أجهزة كهربائية ومستلزمات إنتاج خلال أغسطس الجاري، وهو ما قد يسهم فى الحد من أى زيادات فى الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن بعض المصانع تراجع الطاقة الإنتاجية الخاصة بها، ولكن مع نجاح البعض منها فى استيراد الخامات ومسلتزمات الإنتاج ستبدأ مصانع الأجهزة الكهربائية فى مصر فى العمل بكامل طاقتها تدريجيًا، الأمر الذى سينعش سوق الأجهزة الكهربائية، ويعوض النقص الكبير الذى عانت منه السوق خلال الفترة السابقة.
وعن أبرز التحديات خلال الفترة الأخيرة أمام الصناعة المحلية، أشار إلىأزمة سيولة العملة الأجنبية والتى تعتبر أحد أهم المعوقات، خاصة بعد ارتفاع الفائدة من المصارف على أموال المقترضين يعد من ضمن السلبيات التى أدت إلى عزوف المصانع والجهات المصنعة للأجهزة عن الاستمرار فى عجلة الصناعة والاكتفاء باستيراد منتج كامل.
وطالب جورج سدرة بشراء المنتج من المعرض الذى يكشف الأسعار لكل سلعة، مفيدًا بأن البلاد الآن تعيش حالة ركود، معبرًا عن أمله فى انتعاش السوق خلال الفترة المقبلة، منوهًا بأن الأسعار ستنخفض وخاصة فى المناسبات مثل عيد الأم.
فى السياق ذاته، كشف مصدر مسئول فى شعبة الأجهزة الكهربائية فى الغرفة التجارية بالقاهرة، أن أهم الحلول للخروج من تلك الأزمة واستقرار الأسعار بدلاً من زيادتها بشكل مستمر هو ضرورة منع استيراد منتج كامل من قبل أصحاب الصناعة، والاكتفاء بالمعروض حالياً من المنتجات محلية الصنع.
وطالب المصدر الحكومة بضرورة زيادة الاهتمام بالتصنيع، لاسيما أن نسبة المكون المحلى فى الصناعات الكهربائية تتخطى %60 فى بعض الصناعات، مطالباً بضرورة زياداتها بما يسهم فى تقليل الاستيراد بشكل كبير والعمل على زيادة الصادرات والسيطرة على الأسعار والأسواق.
وأشار إلى وجود ركود كبير فى السوق، حيث لا تتخطى نسبة المبيعات حاجز الـ 35%، بالتزامن مع انخفاض المعروض من السلع الكهربائية والأجهزة وارتفاع الأسعار.
وأضاف أن الأجهزة الكهربائية ارتفعت بنسبة تصل إلى %100 مقارنة بعام 2022، موضحاً أنه على سبيل المثال قفز سعر المروحة من 600 إلى 1200 جنيه، وهناك مراوح بـ3000 جنيه، كما قفز التكييف 1.5 حصان من 13 ألفا إلى نحو 20 ألفا، كما ان هناك بعض التكييفات وصل سعرها إلى 57 ألفا.
فى السياق ذاته، قال أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية، إن سوق الأجهزة الكهربائية تشهد حالياً زيادة فى المعروض بالتزامن مع قيام عدد من المصانع برفع الطاقة الإنتاجية الخاصة بها خلال الأسابيع الأخيرة.
هلال: توقعات بانفراجة خلال الأسابيع المقبلة ونسبة المكون المحلى تتخطى 60%
وأشار هلال لـ”المال” أن مصر لديها اكتفاء ذاتى فى صناعة الأجهزة الكهربائية، ولكن فى ظل لجوء بعض أصحاب الصناعة إلى الطريق الأسهل وهو جلب المنتج الكامل من الخارج بدلاً من تكبد عناء التصنيع، وهو ما يؤدى بالطبع إلى تأثر أسعار السلع بأى متغيرات طارئة مثل عدم وجود سيولة بالعملة الأجنبية بالشكل الكافى الذى أدى إلى رفع أسعار المنتجات.
وطالب الحكومة بضرورة إعطاء الصناعة الأولوية فى حركة الاستيراد بشكل وافٍ حتى يتم فى أضيق الجهات، وتقليل جلب المنتج الكامل، والعمل على حل مشاكل تأخير الإفراج عن البضائع وارتفاع المواد الخام التى يؤتى بها من الخارج.
وأوضح أن حركة المبيعات منخفضة فى الوقت الحالى فى ظل ارتفاعات قوية فى الأسعار مشيراً إلى ضرورة الاعتماد على تصنيع الستانلس ستيل والصاج فى الداخل بدلا من استيراها من الخارج لتقليل تكلفة الإنتاج للسلعة النهائية وبالتالى تنخفض الأسعار.
وخلال رصد حالة سوق الأجهزة الكهربائية، فى جولة أجرتها «المال» بشارع عبد العزيز بمنطقة العتبة بالقاهرة، تبيّن وجود نقص حاد فى بعض الماركات، جاء على رأسها: شارب وزانوسي، فى ظل زيادة الطلب على بعض الأجهزة، أبرزها التكييفات.
تجار: قيود الاستيراد وسوء التوزيع أبرز أسباب الأزمة والإقبال تأثر نسبيًّا
قال أحمد علي، مالك معرض الروضة للأجهزة الكهربائية، إن هناك نقصا شديدا فى الأجهزة الكهربائية من إنتاج شارب، وتحديدًا فى التكييفات والغسالات، مبينًا أن السوق يعانى من اختفاء الماركة منذ حوالى 6 أشهر، الأمر الذى يشى بوجود مشكلة فى الطاقة الإنتاجية للشركة.
وذكر لـ«المال» أنه يعتقد أن نقص الإنتاج فى بعض الماركات ربما يكون ناتجا عن قيود الاستيراد المفروضة مؤخرًا، لافتًا إلى أنه لا توجد معلومة واضحة من الشركة للتجار والموزعين حول موعد حل الأزمة وزيادة المعروض من الماركة داخل الأسواق.
وأضاف أن الغسالات والثلاجات من ماركة زانوسى تعانى هى الأخرى شحًا فى المعروض منذ أشهر، إلا أن أجهزة البوتاجازات من جميع الشركات تقريبًا، متوفرة بشكل جيد فى السوق، لافتًا إلى أنها لا تشهد زيادة كبيرة فى الأسعار مقارنة بالأجهزة الأخرى، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر بوتاجاز يونيفيرسال من 5500 إلى 6200 خلال 6 أشهر.
ولفت إلى أن غالبية الأسعار ارتفعت بنسبة %100 خلال عام تقريبًا، مشيرًا إلى أن المبيعات انخفضت بشكل ملحوظ جدًا بين المصريين حتى وصلت إلى %20 فقط، موضحًا أن أغلب المشترين الذين يترددون على المعارض والمحال خلال الفترة الأخيرة هم سودانيى الجنسية.
واختلفت محمود البدر، مالك معرض فندق العتبة للأجهزة الكهرباية، مع سابقه، من ناحية نسبة ارتفاع الأسعار ومدتها، حيث رأى أن الأسعار ارتفعت بنسبة 100% خلال 6 أشهر فقط وليس عامًا كاملًا، مبينًا أن الزيادة أثرت على معدلات الشراء سلبًا بنسبة قاربت الـ40%.
كما رأى محمود أيضًا أن المعروض من أجهزة شارب فى الٍأسواق، تراجع منذ أواخر 2021، مع وفاة رجل الأعمال محمود العربي، مؤسس مجموعة العربي، المالكة للعلامة التجارية “شارب”،
لافتًا إلى أن أكثر الأجهزة التى تشهد زخمًا فى الطلب حاليًا على التكييفات بسبب موجات الحر الشديدة التى تضرب البلاد منذ بداية فصل الصيف.
كما تستقطب ثلاجات ألاسكا؛ المشترين بشدة منذ أشهر -على حد وصفه-؛ معللًا بانخفاض سعرها الذى يبلغ متوسطه 9 آلاف جنيه، فى الوقت الذى تشهد فيه ثلاجات توشيبا وشارب زيادة فى الأسعار، تحرك من 12200 إلى أكثر من 21000 جنيه، وسط قلة المعروض.
بالانتقال إلى معرض القدس، نفى محمد محمود، مالك المعرض، ما قاله التجار قبله من وجود نقص فى إنتاج بعض الماركات فى الأسواق، مؤكدًا أن أغلب الأجهزة يتم إنتاجها بشكل منضبط، إلا أن المشكلة تكمن فى سوء توزيعها.
واشتكى محمود من تخصيص بعض مراكز التسوق والمولات الكبرى بنسبة كبيرة جدًّا وغير عادلة- على حد وصفه- من إنتاج الشركات، الأمر الذى يضيق الخناق على صغار التجار، فلا يجدون ما يكفى لعرضه فى محالهم، وبالتالى يلاحظ المستهلك من الطبقة المتوسطة أزمة الاختفاء فى بعض الماركات.
مالك معرض القدس تابع أن بعض صغار التجار يضطرون إلى شراء الأجهزة الكهربائية من المولات ومراكز التسوق الكبرى، ثم بيعها فى معارضهم، ما يترتب عليه البيع بسعر أعلى للمستهلك، بسبب ارتفاع تكلفة الشراء على التاجر.
ولفت إلى أن نسبة المبيعات جيدة جدًا، مؤكدًا أن الزيادة فى الأسعار لم تؤثر على الإقبال، حيث تعد غالبية الأجهزة الكهربائية من الأساسيات التى لا يمكن الاستغناء عنها فى المنازل، وبالتالى يضطر المستهلك لشرائها مهما ارتفع سعرها، منوهًا بأن أسعار التكييفات على سبيل المثال، صعدت للضعف خلال الفترة الأخيرة، ورغم ذلك تصدرت الطلب.
وذكر أن سعر تكييف فريش 3 حصان بارد على سبيل المثال، صعد من 10 آلاف جنيه العام الماضى 2022، إلى قرابة 20 ألف جنيه هذه الأيام.
على صعيد آخر، قال عبد الله طه، أحد العاملين بمعرض كرستالة لتوزيع الأدوات الكهربائية، إن سوق الأجهزة الكهربائية مستقر، ولا يعانى نقصًا فى أى من خطوط إنتاجه، مفيدًا بأن الإقبال على الشراء جيد ولم يتأثر بالزيادة إلا بشكل هامشي.
وصرح عدد من مسئولى شعبة الأجهزة الكهربائية، أنه يجب على المواطنين تغييير ثقافة الشراء لدى المواطن، مشيرًا إلى ضرورة وضع جدول لكل جهاز كهربى ومتطلبات عمله فى أى مكان بالمنزل توفيرا للكهرباء ومدة عمل وصلاحية الجهاز ذاته.
وذكر أن العميل يجب أن يعلم أن شراء التكييف له شروط منها حساب مساحة الغرفة طول فى العرض، ومعرفة التكييف المناسب لها؛ حتى لا يشترى جهازاً قد لا يؤدى غرضه ويظن أن العيب فى المنتج، كما أن فكرة كيف تعلم تفاصيل الشراء؟ يجب أن تكون متأصلة لدى كل مواطن، قبل اللإقبال على أى عملية شراء، لافتًا إلى أن أسعار الغسالات “الفول أوتوماتيك” تبدأ من 18 لـ60 ألف جنيه، منوهًا بأن هناك الأعلى من ذلك.
ولفت إلى أن أزمة قطع الكهرباء أثرت بالسلب الفترة الماضية على الأجهزة، موضحًا طريقة التعامل مع الكهرباء حال عودة التيار فجأة بعد قطعه، وذلك من خلال فصل مفاتيح لوحة الكهرباء عقب قطع الكهرباء مباشرة، ثم تشغيل مفتاح تلو الآخر بعد عودة التيار بفاصل دقيقة بين كل مفتاح؛ للحفاظ على الأجهزة الكهربية كافة.
وفى وقت سابق، صرح أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية بأن أسعار الأجهزة الكهربائية ارتفعت بنسبة %100 منذ بداية العام الجارى، مرجعًا ذلك إلى تأثر البلاد بالأزمة الاقتصادية العالمية التى تعصف بكثير من الاقتصادات الكبرى هذه الفترة، وتسببت فى رفع تكاليف الشحن والتأمين على البضائع بشكل كبير خاصة عبر مناطق الخطر مما انعكس على سعر المنتج لدى وصوله للمستهلك فى ختام العملية التجارية.
وتابع أن ارتفاع أسعار الحاوية من 1200 دولار إلى 1600 دولار أدى إلى التأثير السلبى بزيادة الأسعار على المنتج النهائى هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الأعباء الداخلية من رسوم إدارية وضريبية.
ولفت رئيس الشعبة إلى أن الوقت الحالى ليس الأفضل لشراء الأجهزة الكهربائية، مشددًا على ضرورة تأجيل شراء أى منتج هذه الأيام، إلا فى حالة الضرورة القصوى.
كما سجل سعر تكييف 5 حصان 57 ألف جنيه، الذى ذكر أن أسعار الثلاجات ارتفعت عن العام الماضى فقط بنسبة 150%، فيما صعد سعر المروحة السقف 3 ريشة، من 250 جنيها إلى 800 جنيه كحد أدنى.
وتابع أن الغسالة الأتوماتيك 18 برنامج قفز سعرها من 6000 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه، لافتًا إلى أن ارتفاع سعر أى سلعة يكون له انعكاس على سلع أخرى.
