التضخم و«مخاوف التخلف» يدفعان الممولين العقاريين للعزوف عن تأمين «عدم السداد»

يعد التمويل العقارى وسيلة لضمان تمويل شراء المساكن وغيرها من الاستثمارات من ذلك النوع، بتوفير المال من أجل الشراء أو البناء، ويمكن استخدامه

Ad

يعد التمويل العقارى وسيلة لضمان تمويل شراء المساكن وغيرها من الاستثمارات من ذلك النوع، بتوفير المال من أجل الشراء أو البناء، ويمكن استخدامه أيضا فى التجديدات أو الترميمات، ولا يقتصر الأمر على المنازل فقط، بل يمكن أن يسرى على الوحدات الإدارية أو المؤسسات الخدمية أو التجارية.

ويقوم الممولون العقاريون باقتناء وثيقة عدم السداد، لتتولى شركة التأمين الوفاء بالدين نيابة عن العملاء، والتى تعد أداة مالية توفر الحماية للدائن ضد مخاطر تعثر المدين أو تخلفه عن الدفع.

ولكن الممولين العقاريين فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة يحجمون عن مثل تلك الوثائق؟

وأشارت قيادات القطاع إلى أن تأمين الائتمان ينقل عبء خطر عدم السداد من المستثمر العقارى إلى شركة التأمين، إذ تتحمل الأخيرة جميع الخسائر عند عدم سداد العملاء، بعد اتخاذ جميع الضمانات الكافية عليهم.

واتفق الخبراء على ضرورة وحتمية إسهام تأمين عدم السداد فى نمو قطاع التمويل العقارى وازدهار الاستثمارات، بما يوفره من ضمانات للحماية من تعثر أصحاب الدين.

وأوضح الخبراء أن إحجام الممولين العقاريين عن التأمين ضد مخاطر عدم السداد ليس لاقتناعهم بعدم أهمية التغطيات، وإنما للتذبذبات الاقتصادية وتراجع سعر الصرف والتضخم، ما أدى بهم إلى تخفيف الأحمال عن كواهلهم فى ظل تلك الأزمات الطاحنة الحالية.

أداة مالية توفر حماية لمقدمى التسهيلات الائتمانية

وقالت هبة الله موسى؛ مدير إدارة إصدار تأمينات الحوادث المتنوعة بشركة قناة السويس للتأمين وعضو لجنة تأمين الائتمان والضمان بالاتحاد المصرى للتأمين، إن وثيقة التمويل العقارى تستهدف تعويض المؤمن له (الممول) عن الخسارة التى قد تلحق به، إثر عدم سداد أقساط القروض الممنوحة، سواء كانت لتمويل شراء أو بناء أو ترميمأوتحسينوحدة سكنية.

وأضافت أن الوثيقة أداة مالية توفر الحماية للمُقرِض، ويكون غالبا مطورا عقاريا أو شركة تمويل عقارى، ضد مخاطر عدم السداد لقيمة الوحدات أو التمويلات الممنوحة لعملاء، الناتجة عن التعثر المحتمل فى سداد الأقساط أو إفلاسهم بعد تحقق عدة شروط فى ظل التعاقد المبرم بين جهتى التغطية والتمويل، وبموجب شروط بوليصة تأمين الائتمان.

وبيّنت أن تلك الشركات إنما تغطى محفظة التمويل العقارى الخاصة بها ضد مخاطر عدم السداد الناتجة عن تعثر العميل، على أن تسدد قيمة قسط التأمين مع بداية منح الوحدات العقارية أو التمويل لكل عميل.

ولفتت إلى أن الوثيقة لا تغطى خطر عدم السداد الناتج عن الوفاة أو العجز، مما يفرض ضرورة وجود تأمين على الحياة، لتغطية ذلك الخطر لصالح الممول، وتقوم شركات تأمين الحياة بدورها بعد طلبه وثيقتى ضمان عدم السداد وتغطية حياة المقترض مع بداية منح الوحدة أو التمويل.

وأوضحت أن وثيقة تأمين الائتمان أداة مهمة للممولين العقاريين، لإدارة مخاطر تعثر العملاء عن سداد التمويل، ما يساعد فى استقرار التدفقات النقدية لديهم وحماية مستحقاتهم التجارية فى ظل متغيرات المنافسة ومناخ العمل الاقتصادى.

وأفادت بأن تلك الوثائق تدفع الممولين العقاريين إلى التوسع فى منح التمويلات، خاصة للأفراد، إثر نقل عبء تحمل تكلفة تعثر العميل من «الممول» إلى شركة التأمين، وتسدد الأخيرة باقى قيمة الدين بمجرد إثبات عدم قدرته على السداد بعد اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضده لحثه على السداد.

وأكدت أن تأمين مخاطر عدم السداد يعد فى الواقع أحد الحلول المهمة لتنمية قطاع التمويل العقارى، إذ يمكن توفير شروط دفع مرنة وأطول للعملاء، بما يعزز موقعهم التنافسى فى السوق، فضلا على أن الاعتماد على كيانات تغطية مخاطر الائتمان يضمن حقوق الممول أو المطور العقارى.

سعر الصرف وارتفاع أسعار العقارات.. «كلمة السر»

وقال إيهاب خضر؛ وسيط التأمين وخبير الإدارة الإستراتيجية وعضو مجلس الإدارةالمعتمد، إن شركات تأمين المسئوليات والممتلكات تتعاون مع الممولين العقاريين لإصدار وثائق مخاطر عدم السداد، لتغطية مستحقاتهم بسبب تعثر العميل أو عدم وفائه.

وأضاف أن الوثيقة تصدر لصالح الممول العقارى بصفته المؤمن له والمستفيد منها، بينما يعد العميل مؤمنا عليه، وتطلب جهة التمويل إصدار البوليصة بعد توقيع مسئول الائتمان عليها، موضحا بها بيانات وطبيعة النشاط وقيمة الوحدة العقارية ومدة السماح والسداد.

وأشار إلى أن قسط تأمين ضمان عدم السداد إنما يكون عن مدة الوفاء بالمبلغ المتراكم على الوحدة العقارية بالكامل، وتترك الشركة للمؤمن له (الممول) حرية طريقة تحصيل الأقساط.

وأفاد بأن عدم السداد يأتى دائما إثر تعثر أو إفلاس المقترض، ومنها الأحوال الاقتصادية الخارجة عن سيطرة الممول العقارى أو العميل.

وأوضح أن شركات التأمين أكدت على الممولين العقاريين ضرورة تغطية كامل محافظ التقسيط الخاصة بهم، ضد مخاطر عدم الوفاء، بسبب الوفاة أو العجز بوثيقة حياة مؤقتة، غير بوليصة عدم السداد التى تشمل مخاطر التعثر، وفق آخر تعديل فى 23 يناير 2022 الخاص بالمعايير اللازمة لممارسة نشاط التمويل العقارى، بإحدى الجهات المرخص لها من هيئة الرقابة المالية.

ولفت إلى أن المستثمر فى نشاط التمويل العقارى إنما يغطى مخاطر حقوقه لدى إحدى شركات التأمين المصرية، بينما تسدد الأخيرة مبلغ التأمين للمستفيد، بناء على شهادة وفاة المستثمر أو قومسيون طبى بعجزه الكلى أو الجزئى صادرا من إحدى الجهات التى تحددها مؤسسة التأمين.

وذكر أن الحالات التى يتفق فيها على تحمل المستثمر قيمة التأمين، تستوجب إضافة القسط الذى يتحمله الأخير إلى التكلفة التى يلتزم بسدادها إلى الممول العقارى، ليقوم الأخير بسداده إلى جهة التغطية.

وأكد أن حصول الممول على معاملة تفضيلية من إحدى شركات التأمين، يستوجب عليه الإفصاح للعميل عن ذلك، على أن يحتسب قسط التغطية بناء على رصيد المديونية لا وفق إجمالى قيمة التمويل.

وكشف أن الممولين العقاريين يؤمنون فى بعض الأحيان على محفظة القروض ضد مخاطر عدم السداد الناتجة عن تعثر العميل، بينما يسددون قسط التأمين مرة واحدة فى بداية الحصول على القرض، فى حين يتحمل العميل القسطالتأمينى مضافا إلى قيمة الدين المطالب به.

وأكد أن قسط تأمين الضمان إنما يستحق الأداء عن مدة القرض بالكامل، بينما يترك للمؤمن له حرية تحديد طريقة السداد، كما تتيح معظم شركات التأمين وثيقة تغطية التمويل العقارى، وتضع لذلك عدة شروط يجب الالتزام بها، لكى تسدد الأخيرة قيمة الدين نيابة عن العميل.

وذهب إلى أن إحجام الممولين العقاريين عن تأمين مخاطر عدم سداد العميل لقيمة الوحدة السكنية أو التجارية يأتى فى ظل التضخم الذى أدى إلى ارتفاع تكاليف البناء والإنشاء بعد تحرير سعر الصرف، إلا أن تغطية مخاطر عدم السداد فى ظل تلك الظروف يعد الحل الأمثل للمؤسسات المانحة للتمويل، فضلا على التعرض للمصاعب المالية الناجمة عن تعثر المقترضين فى الوفاء بما عليهم من مديونيات.

وأوضح أن الوضع الاقتصادى الحاضر أكبر داعٍ لاستفادة الممولين العقاريين من وثيقة عدم السداد، نظرا للكساد الآنى وتغير سعر الصرف ومخاوف تدهور سوق العقارات بشكل مضطرد، وذلك ما آل فى النهاية لإحجام «الممولين» عن التأمين فى ظل تلك الظروف.

تراجع السوق العقارية.. مخاوف تطل برأسها

وقال وليد سيد مصطفى؛ خبير التأمين الاستشارى، إن تأمين مخاطر عدم السداد من أنواع التغطيات الهامة، سواء كان تجاريا» trade credit «أو بنكيا» Bank credit» ما يضمن الحماية للجهة الممولة أو المقرضة فى حالة التعثر.

وأضاف أن الغرض من ذلك النوع من التغطيات تعويض المؤمن له (الجهة المقرضة) سواء كان بنكا أو مؤسسة مالية أو ممولاً عقاريًا عن باقى قيمة الدين المتبقية على المدين (المؤمن عليه) فى حالة عدم سداده 3 أقساط متتالية، طبقا للعقد الوارد بالوثيقة.

وأشار إلى أن جهات التمويل العقارى تضع لنفسها بنود حماية عديدة قد تصل إلى سحب الوحدة أو الحجز على الأصول لصالحها، فالوثيقة تغطى حالات التعثر أو الوفاة.

وبيّن أن أغلب شركات التأمين حاليا تجرى دراسات مستقصية لأى طلب من الممولين العقاريين، مع استيفاء بيان بموقف العميل البنكى وملاءته المالية، وفحص مشكلاته السابقة مع البنوك أو جهات التمويل إن وجدت.

وأوضح أن حالات الكساد الاقتصادى وضعف القدرة والقيمة الشرائية للعملة المحلية، تؤثر بشكل حاد على المحيط الخارجى، فتكثر المشكلات الخاصة بذلك النوع من التأمين، ومن ثم تؤجل بعض الشركات الاكتتاب فى مثل تلك الأخطار أو انتقاء بعضها بعد دراستها مدعمة بالمستندات، حسب سياستها.

التمويل العقارى فى ظل مخاطر عدم السداد

وقالت أمانى الماحى رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين واستشارى العلاقات الدبلوماسية بالاتحاد الأفروآسيوى للقانون الدولى إن تقديم تغطية عدم السداد إنما تكون لجميع أنواع الائتمان، سواء التى تمنحها البنوك كبرامج تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أو التجزئة المصرفية، وغيرها من إستراتيجيات التمويل للمؤسسات المختلفة، كشركات التأجير التمويلى والتمويل العقارى والبيع بالتقسيط.

وأضافت أن زيادة المخاطر المحتملة التى ينطوى عليها «التمويل العقارى» تسببت فى إحجام الكثير من الشركات العاملة بالمجال عن تأمين قروضها الممنوحة للعملاء والمستخدمة فى تملكهم لوحدات سكنية أو تجارية، فضلا على ارتفاع أقساط التغطيات، بسبب عظم حجم الخسائر المحتملة، والتى يرتفع على إثرها قيمة الأقساط.

وأشارت إلى أن تغير أسعار الفائدة غدا ليس ببعيد فى ظل تذبذب الصرف يوما بعد الآخر، ويحدث ذلك جليا عند حصول العميل على قرض تمويل عقارى بسعر فائدة غير ثابت، والذى يحدو بالممول لقاء الظروف الاقتصادية إلى تغيير قيمة الأقساط، كلما سنحت الفرصة له، لتعويض خسائره إثر عدم الاستقرار الاقتصادى العام، مما يدفعه أيضا إلى إهمال شراء وثيقة «عدم السداد» لارتفاع تكلفتها.

وذكرت أن تخلف العميل عن دفع قسط التمويل العقارى فى الموعد المحدد إثر العجز أو الوفاة، يسقط قيمة التمويل ويؤول العقار بدلا من الورثة إلى الجهة المقرضة أو شركة التأمين، حسب المتفق عليه، لأنها تغطى أخطار الموت أو عدم القدرة الكلية، إلا إذا نصت الوثيقة على مآل الوحدة إلى المستفيدين.

وأفادت بأن سبب إحجام «الممولين» عن التأمين ضد عدم السداد إنما يأتى بسبب إرهاصات انخفاض قيمة الوحدات السكنية أو التجارية بمصر بسبب الأزمة الاقتصادية، أسوة بما حدث فى الولايات المتحدة من قبل إثر كساد سوق الرهن العقارى.

وكشفت أن تأمين الائتمان فى التمويل العقارى أداة لإدارة المخاطر المحيطة به، لأنها تساعد على استقرار التدفقات النقدية، وتحمى المستحقات التجارية فى ظل متغيرات المنافسة ومناخ العمل الاقتصادى، مع تعزيز الوضع الإقراضى لدى «الممولين» العاملين بالمجال.

وطالبت بالتوسع فى نشاط تأمين عدم السداد، خاصة فى الوقت الراهن، لمواجهة الأزمة الاقتصادية ولمساعدة السوق المالية على الاستمرار وعدم التوقف.

وذهبت إلى تميز أنظمة التغطيات المعتمدة على طريقة القسط المتغير فى احتساب أقساط التأمين، حيث اتساع صلاحياتها إلى مستوى تخفيض المخاطر، وهى الأنظمة الأكثر أثرا فى تحسين إدارة مخاطر الائتمان، وحفظ الأموال.

ويحقق قطاع التمويل العقارى نتائج إيجابية من وثائق ذلك النوع من التأمين، تحفظه من مخاطر عدم السداد الذى يمكن أن يلحق بالعملاء إثر صعوبة الحياة الاقتصادية الحالية.

ومن جهة أخرى، تتمثل فوائد ذلك النوع من الوثائق فى تزايد حجم أقساط شركات التأمين، بشرط الاكتتاب الجيد والدراسة المستفيضة للعميل والسياسة الائتمانية، لا سيما فى ظل التوجه العام لزيادة عدد المشروعات وما تتطلبه من توفير التمويلات.

شرح بعض الحالات

وكانت شركة كريد العقارية قد وقعت منذ سنوات اتفاقية تعاون مع شركات التأمين من خلال شركة أليانز مصر للتأمين لتتولى الأخيرة تغطية جميع الأقساط المتبقية للعملاء حال وفاة أى عميل بموجب المبادرة بين الشركتين، لتصبح بذلك الوحدة السكنية التى اشتراها قبل وفاته إرثا شرعيا لعائلته دون الحاجة لتسديد أى مستحقات متبقية.

ومنذ شهور قليلة أعلنت شركة أكسا للتأمين عن توسيع عقد شراكتها مع شركة مافين للتطوير العقارى لتقدم الشركة خدماتها التأمينية المتمثلة فى حماية المنازل لتشمل التأمين المنزلى على 5000 منزل، وتأمين الأقساط الشهرية لصالح العملاء، بجانب خدمة «المساعدة على الطريق» لملاك كالى كوست» بالساحل الشمالي، وهى نفس الخدمات التى تقدمها أكسا لعملاء «باى مونت» بمنطقة الجلالة بالعين السخنة منذ بداية الشراكة التى تم التعاقد عليها منذ عام ونصف.

كما وقعت شركة أواجيك للتطوير العقارى بروتوكول تعاون مع مجموعة أليانز مصر التابعة لمجموعة أليانز العالمية بهدف توفيرالتغطية التأمينية على جميع وحدات مشروع أواجيك تاور بالعاصمة الإدارية الجديدة (التجارية – الإدارية – الطبية – السكنية الفندقية).

وقال المهندس محمد عماد قاسم نائب رئيس مجلس الإدارة إن البروتوكول يأتى فى إطار توفير بوليصة تأمين من قبل شركة أليانز للعميل يتم من خلالها سداد القيمة المتبقية عنه فى حالة الوفاة أوالعجز الكلى للعميل وسداد الأقساط دون وجود أى رسوم مالية.

وبالمثل تعاقدت شركة كونسبت للتطوير العقارى مع شركة أليانز الألمانية للتأمين على حياة عملائها المتعاقدين معها بمشروعيها «SENET «و» senet II» بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك فى إطار خطة الشركة لدعم عملائها وتوفير كل عناصر الجودة بمشروعاته.

وقال المهندس إيهاب أبو المجد، رئيس مجلس إدارة شركة كونسبت للتطوير العقاري، إن التعاقد يتضمن أنه فى حالة وفاة العميل لأى سبب وفى حالة العجز الكلى نتيجة مرض أو حادث، فإن شركة التأمين تساهم فى رفع العبء عن الورثة الشرعيين فى حالة وفاة العميل ، خاصة إن كان عائل الأسرة أو مصدر دخلها الوحيد، كما يحصل الورثة على الوحدة بدون تحمل أى أقساط أو تكاليف.

مصطفى: الاقتصادى أضعف الاكتتاب فى تلك الأخطار

الماحى: راجع إلى تصاعد الأقساط لتزايد احتمالات الخسارة

خضر: الظاهرة سببها تفاقم تكاليف البناء والإنشاءات