أكد عدد من الخبراء والمحللين المصرفيين أن البنوك الرقمية لن تكون منافسًا لنظيرتها التقليدية، وإنما ستكون بمثابة ذراع جديدة لتوسيع الخدمات والمنتجات الرقمية، والعمل على الدفع بها قُدمًا.
وأضافوا -فى تصريحات لـ«المال»- أن الشباب هم الفئة المستهدفة لهذه البنوك الرقمية، لما لهم من قدرة على استخدام الأدوات والتطبيقات الإلكترونية الحديثة، موضحين أن البنك المركزى يتابع كل المستجدات على الصعيد العالمى فيما يتعلق بالعمل المصرفي، ويحاول جاهدًا وضع التشريعات والقوانين التى تنظم العمل فى البنوك.
«عبد الحميد»: تساعد على تعزيز الشمول المالى
ورأى فرج عبد الحميد، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، أن البنوك الرقمية هى مستقبل العمل المصرفي، مشيرًا إلى أن هذا هو الاتجاه السائد فى عدد من دول العالم، ومن ثم ليس منطقيًا أن تكون مصر متخلفة عن هذا الركب.
وأضاف أن إصدار البنك المركزى قواعد تراخيص المصارف الرقمية خطوة جيدة وعلى الطريق الصحيح، خاصة أنها تضمن لها الاستمرار فى مسيرة التطور التى يشهدها القطاع فى عدد من الدول.
وأصدر البنك المركزى قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، بما يُمثل خطوة مهمة تواكب التطورات العالمية فى صناعة التكنولوجيا المالية، وتلبى احتياجات العملاء بالسوق المصرية، واستكمالاً لجهود الدولة فى دعم الابتكار والتحول للاقتصاد الرقمى.
وأشار «المركزى» -فى بيان له بهذا الصدد- إلى أن القواعد تأتى فى ضوء أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020 والتى تطرقت إلى مفهوم البنوك الرقمية وما تقدمه من خدمات مصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة.
وأوضح «عبد الحميد» أن معظم التعاملات البنكية فى الوقت الراهن تتم «أون لاين»، وبناءً عليه فإن الذهاب إلى خطوة الرقمية منطقية، فضلًا عن كونها تعمل على تلبية قطاع من العملاء، الذين يفضلون إنجاز معاملاتهم عبر الإنترنت أو الوسائط التكنولوجية المختلفة.
ورأى أن التحول إلى البنوك الرقمية أو ما يمكن تسميته بـ«رقمنة الخدمات البنكية» أمسى محض ضرورة، خاصة أن التخلف عن هذه الخطوة يعنى سحب البساط من تحت أقدام البنوك التقليدية، مؤكدًا أنه إذا لم تجدد البنوك من نفسها فسوف تكون مهددة بالاختفاء.
وأفاد بأن رقمنة الخدمات المصرفية يعمل على تحسين ورفع معدلات الشمول المالي، إضافة إلى دمج الاقتصاد غير الرسمي، علاوة على أن التحول إلى الرقمنة يعنى أن الخدمات المصرفية ستصير أقل تكلفة وإنجازها سيكون أسهل.
المنافسة ونوعية الخدمات
من جانبه، أوضح شريف البحيري، الرئيس التنفيذى لشركة مصر للابتكار الرقمي، أنه من المستبعد وجود منافسة بين البنوك الرقمية ونظيرتها التقليدية، فالأصل أنهما مكملان لبعضهما، لافتًا إلى أن التكامل فى الخدمات ونوعية المنتجات هو الأصل.
«البحيرى»: الشباب هم الفئة المستهدفة
وأضاف أن البنوك الرقمية تخاطب فئة الشباب والأحدث سنًا، نظرًا لأن لديهم القدرة على التعامل مع الوسائط والأدوات الرقمية، ومن ثم فإنهم الفئة المستهدفة لهذه البنوك التى يتوقع أن تولد قريبًا.
ولفت «البحيرى» إلى أن هذه البنوك الحديثة سوف تستهدف القطاعات التى تعمل على تعزيز الشمول المالى ورفع معدلاته، لافتًا إلى أن الشريحة المستهدفة ستكون التى تتراوح ودائعها من 5 إلى 7 آلاف جنيه.
وأشار إلى أن البنوك التقليدية لا ترفض التعامل مع صغار العملاء، وإنما ستكون هذه الشريحة هى الأنسب للبنوك الحديثة المرقمنة.
ماهية البنوك الرقمية
من جانبها، أوضحت مروة الشافعى الخبيرة المصرفية، أن هناك فرقًا بين الفروع الرقمية التابعة للبنوك والموجودة حاليًا وبين “الرقمية” المتوقع إطلاقها فى وقت لاحقًا، مشيرة إلى أن هذا الفرق يتثمل فى كون هذه الأخيرة تتم كل معاملاتها وتؤدى خدمات عملائها من دون الحاجة إلى الذهاب للفروع.
وأضافت أن هناك الكثير من الفوائد التى يمكن تحصيلها عبر هذه البنوك الرقمية، وعلى رأس هذه المزايا: انخفاض التكلفة، وسهولة تقديم الخدمات بالنسبة للعملاء، فضلًا عن سرعة إنجاز المعاملات.
مروة الشافعى: «المركزى» يتابع عن كثب التطورات العالمية فى هذا الصدد
وأشارت مروة الشافعى إلى أن هذه البنوك المزمع إطلاقها قريبًا لن تواجه مشكلة من جهة نوعية العملاء، فأغلب شرائح المجتمع المصرى فى الوقت الراهن تمتلك هواتف ذكية، ولديها القدرة على استخدامها بسهولة ويسر، وبالتالى فإنها ستنجز كل خدمات عملائها عن طريق التطبيقات والهواتف الذكية، وهو الأمر الذى سيكون بالنسبة للشرائح المستهدفة من العملاء.
وأوضحت أن هناك تطورا ملحوظا فيما يتعلق باستخدام الأدوات والوسائط الرقمية فى العمل المصرفى وأسواق المال أيضًا، لافتة إلى أن هناك الكثير من الشركات والمؤسسات العاملة فى السوق المصرية بدأت منذ فترة فى استخدام “البلوك تشين” فى أعمالها وخدماتها المختلفة.
ولفتت مروة الشافعى إلى أن البنوك الرقمية لن تكون بمثابة تحدٍّ لنظيرتها التقليدية، وإنما ذراع توسعية لها، كما ستعمل على تعزيز خدماتها، والوصول بها إلى فئات وشرائح أكثر لم تكن لديها القدرة على الوصول إليها.
وأفادت بأن البنوك التقليدية تواجه تحديا فى الوقت الراهن، وهو المتمثل فى دخول الكثير من الشركات فى إطلاق بنوك رقمية، ومن أبرز هذه الشركات التى تعتزم دخول هذا المجال: فوري، وكونتكت وأوباى وغيرها.
وأعلنت شركة أوباي، لحلول التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية، عزمها التقدم بطلب للحصول على رخصة إنشاء بنك رقمى فى مصر برأس مال 60 مليون دولار، وفقًا لقواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها التى أصدرها البنك المركزى مؤخرًا.
فيما تدرس شركة “فوري” للمدفوعات الإلكترونية، التقدم بطلب للجهات المعنية للحصول على رخصة إنشاء بنك رقمى فى مصر، وسيتم اتخاذ القرار النهائى للحصول على الرخصة من عدمه خلال العام الحالى.
وأشارت مروة الشافعى إلى أن البنك المركزى أحسن القرار حين أصدر التعليمات المنظمة لقواعد إصدار تراخيص البنوك الرقمية، خاصة أن هناك بعض الدول التى اتخذت هذه الخطوة من قبل، ومن ثم كان لا بد من السير فى هذا الأمر وعدم التخلف عنه.
وأوضحت أن البنك المركزى مواكب لكل الأحداث والمستجدات التقنية والمصرفية التى تحدث فى شتى بلدان العالم، ويتخذ من الإجراءات والخطوات التى تمكنه من التناغم مع كل ما يحدث فى هذا العالم من مستجدات.
وأشارت إلى أن وضع القوانين والتشريعات يعد بمثابة قطع نصف الطريق نحو التحول الرقمى على الصعيد المصرفي، موضحة أن وضع التشريع بمثابة رسم الطريق، وما يتبقى هو التنفيذ فحسب، وحتى إن حدث خلل فى التطبيق فمن الطبيعى أن يحدث تعديل واستدراك، لكن المهم هو الانطلاق واتخاذ الخطوة الأولى.
الاشتراطات وقواعد الترخيص
وتتضمن اشتراطات الترخيص للبنوك الرقمية التى أصدرها البنك المركزي، ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 2 مليار فى حالة ممارسة كل أعمال البنوك، باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليارات جنيه.
وكذلك أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال فى أنشطة مماثلة بنسبة لا تقل عن %30 من إجمالى قيمة رأس المال.
كما جاء من بين اشتراطات الحصول على الترخيص الواردة تقديم دارسة جدوى مفصلة، تتضمن تحديد الشرائح المستهدفة والمنتجات المخطط إتاحتها، وكذلك خطط تكنولوجيا المعلومات، وخطط واستراتيجيات الأمن السيبرانى.
وأكد “المركزي” أن البنوك الرقمية تخضع لذات القواعد والضوابط الخاصة بالرقابة والإشراف المطبقة على البنوك العاملة بمصر، وذات القوانين والضوابط الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى بعض المتطلبات الأخرى بما يتسق مع طبيعة عملها.
وأوضح «المركزى» أن تلك التعليمات تدعم تحقيق رؤية الدولة للتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، كما تعمل على تعزيز الشمول المالي، وخلق مناخ داعم لصناعة التكنولوجيا المالية، إذ تقوم البنوك الرقمية بتطوير وإتاحة المنتجات والخدمات المصرفية بشكل متميز عن بُعد، وبجودة عالية تتناسب مع احتياجات كل فئات المجتمع، بما فيها الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وفئة الشباب، بهدف تيسير الحصول على هذه المنتجات والخدمات بطريقة سريعة وسهلة.
