تقول الولايات المتحدة إنها تكافح مع حلفائها لبحث كيفية تجنب أزمة غذاء عالمية بعد انسحاب موسكو من صفقة الحبوب.
وللحفاظ على صناعة الزراعة الضخمة فى أوكرانيا، ومع اقتراب موسم الحصاد خلال بضعة أشهر فقط، يبحث المسؤولون الأمريكيون والغربيون عن أى خيارات لزيادة سعة التخزين، وما إذا كان يمكن دفع المزيد من الحبوب أو القمح أو الشعير وإخراجها من أوكرانيا.
وعلى مدى الأيام العديدة الماضية، تم عقد عدد من الاجتماعات العاجلة من قبل المنظمات بما فى ذلك الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسى والمفوضية الأوروبية، وكانت هناك تعهدات جديدة لدعم الصناعة الزراعية فى أوكرانيا، بما فى ذلك التزام جديد بقيمة 250 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
حلول غير كافية
لكن المسؤولين يعترفون بأن أيًا من هذه الحلول لن يكون قادرًا على استبدال ملايين الأطنان من المواد الغذائية التى كانت أوكرانيا قادرة على تصديرها من موانئها المائية العميقة.
وقال مسؤول مطلع على المناقشات لشبكة «CNN» إن الولايات المتحدة تركز على الحفاظ على الممر الآمن لسفن التصدير عبر البحر الأسود الذى تحتله روسيا، ودعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فى التفاوض على اختراق يقود إلى اتفاق.
طريق ونهر وسكة حديد
ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن خمس دول فى الاتحاد الأوروبى أربعة منها على الحدود مع أوكرانيا - (بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا وبلغاريا) - حظرت حاليًا استيراد الحبوب الأوكرانية لحماية صناعاتها الزراعية، رغم أنها ستسمح لها بالمرور عبر بلدانها.
وفى حين أن الاقتراحات الأمريكية السابقة ذهبت إلى تطوير “طرق شحن بديلة”، قالت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: “من الآن فصاعدًا، سنرغب فى الاستثمار فى سعة تخزين إضافية لأن المحاصيل التى خططت لنقلها إلى بقية العالم عبر البحر الأسود ستحتاج الآن إلى مكان ما ليتم تخزينها بأمان حتى لا تتعفن أثناء انتظارهم للوصول إلى الأسواق العالمية”.
وأضافت: “ستكون هناك حاجة أيضًا إلى مزيد من التخزين، حيث تعمل أوكرانيا على إصلاح أو استبدال صوامع الحبوب التى تضررت من الضربات الروسية.
وتناقش الولايات المتحدة وأوكرانيا والحلفاء الغربيون كيفية استخدام مثل هذه الطرق منذ بدء الغزو الروسي، مما أدى إلى خنق تصدير الإمدادات الغذائية المهمة وزيادة التضخم فى البلدان النامية.
وخلال مثل هذه المحادثات فى عام 2022، أبلغت أوكرانيا مسؤولى إدارة بايدن أن نقل محصول الحبوب لمدة عام واحد بالسكك الحديدية إلى رومانيا وبولندا سيستغرق ثلاث سنوات، وفقًا لمسؤول كبير سابق فى الإدارة شارك فى المناقشات.
وبعد التوصل إلى اتفاق الحبوب العام الماضي، عمل الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة عن كثب لتوسيع الطرق البرية لنقل المنتجات الزراعية الأوكرانية عبر بلدان أخرى ومن خلال تعديل خطوط السكك الحديدية لاستيعاب أنواع مختلفة من مقاييس القطارات.
ورغم وجود زيادات كبيرة فى كميات المنتجات المصدرة على الطرق البديلة، إلا أنها أكثر تكلفة بالنسبة للمزارعين الأوكرانيين، الذين يتعاملون بالفعل مع تحديات مثل الألغام غير المنفجرة فى أراضيهم الزراعية أو استمرار تداعيات وباء كوفيد - 19 أو نقص العمال.
المزيد من التحديات
اقترح الاتحاد الأوروبى فى مايو من العام الماضى تدشين مبادرة عرفت باسم “مسارات التضامن” بهدف تيسير نقل الحبوب عبر الحدود الغربية لأوكرانيا.
وشملت الخطة توفير عربات سكك حديدية ومعدات لوجيستية والتخلص من القيود الجمركية وإلغاء رسوم الاستيراد وإبرام اتفاق للنقل البرى مع أوكرانيا.
لكن خبراء القطاع أشاروا إلى استمرار وجود المشاكل الناجمة عن صعوبة توفير عربات شحن الحبوب ومحدودية طاقة النقل المتوفرة لدى الشبكة ذاتها. فبعد نقل الشحنات إلى الحدود الأوكرانية يتعذر استيعابها من قبل الدول المجاورة.
وخلص تقرير لوكالة رويترز إلى عدم توفر خطة بديلة تتيح لأوكرانيا نقل صادرات الحبوب عبر السكك الحديدية أو النهر فى القريب العاجل حال تعثر اتفاق التصدير عبر البحر الأسود.
وتصل الطاقة الاستيعابية القصوى لوسائل النقل البرى والنهرى إلى 2.7 مليون طن شهريا، مقابل 6 ملايين طن تم تصديرها عبر موانئ البحر الأسود قبل الغزو الروسي.
وقالت رئيسة رابطة الحبوب الأوكرانية نيكولاى جورباتشوف إن الحد الأقصى لزيادة الصادرات عبر نهر الدانوب يصل إلى نحو الربع، بما يعادل 2 مليون طن شهريا.
ويمكن زيادة الطاقة الاستيعابية لنقل الشحنات عبر السكك الحديدية والشاحنات بنسب تتراوح بين 3 إلى %5 فقط.
وتم تحقيق بعض التقدم منذ بدء النزاع، مع ارتفاع صادرات الحبوب عبر السكك الحديدية والشاحنات والبارجات النهرية مما أدى لرفعها إلى 7.1 مليون طن خلال الفترة من يوليو وسبتمبر من 2022 مقابل 4.25 مليون طن بين مارس ويونيو.
وتشير البيانات كذلك إلى ارتفاع الشحنات المنقولة عبر البارجات النهرية بنحو الضعف من 2.55 مليون طن إلى 4.7 مليون طن، متفوقة على الزيادات التى تحققت عبر السكك الحديدية والشاحنات.
ولا تستند هذه الزيادات الأولية إلى إنشاء طرق أو معدات جديدة، بل إلى تحسين كفاءة النظام اللوجيستى القائم فعليا.
ولا يجتذب النقل عبر موانئ نهر الدانوب استثمارات ضخمة، إذ أن النقل عبر موانئ البحر الأسود يعد أقل تكلفة كثيرا، مما يعنى أنه عند إعادة فتح هذه الموانئ ستصبح الطاقة الاستيعابية الجديدة على نهر الدانوب بلا فائدة، وينطبق الأمر ذاته على الاستثمار فى السكك الحديدية والشاحنات.
