بالنظر إلى العلاقات الودية التى تربط موسكو وكييف، يبدو الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مستعدا للعب دور الوسيط الأساسى فى المفاوضات بين الطرفين المتحاربين، بحسب رسلان سليمانوف الخبير فى شئون الشرق الأوسط.
ويلعب أردوغان حاليا دورا نشطا فى إدارة منطقة ناجرنو كارباخ المتنازع عليها بين أرمينيا وأزربيجان، واستطاعت تركيا تسليم مقاتلين إلى أوكرانيا برغم ما يحمله هذا من خرق لاتفاق تم توقيعه مع روسيا بعد محاصرتهم فى إحدى المنشآت داخل منطقة أزوف من قبل القوات الروسية.
وفى ظل العزلة الدولية التى تعانى منها روسيا حاليا، تميل كفة النفوذ لصالح تركيا، وزادت المعاملات التجارية بين الدولتين بنسبة %80 عام 2022، وبقيت تركيا هى الدولة العضوة الوحيدة فى حلف الناتو التى امتنعت عن معاقبة روسيا أو إغلاق مجالها الجوى أمام الطائرات الروسية.
وتم تمديد اتفاق الحبوب عدة مرات خلال العام الماضى بفضل العلاقات الثنائية الودية بين روسيا وتركيا وارتباط الرئيسين بوتين وأردوغان بعلاقات شخصية قوية.
وساهم توقيع اتفاق الحبوب فى يوليو 2022 فى تحسين فرص فوز الرئيس أردوغان بالانتخابات الرئاسية فى مايو من العام الجاري، وربما لا يكون الرئيس أردوغان فى حاجة لتمديد الاتفاق فى الوقت الراهن بعد فوزه فى الانتخابات، لكنه سيحاول برغم هذا بذل جهود لإقناع روسيا بتمديده، بحسب سليمانوف.
ويشير كذلك تقرير لمؤسسة كارنيجى إلى أن أردوغان سيحاول إقناع بوتين بتمديد الاتفاق خلال لقائهما المزمع فى أغسطس.
وقال ديفيد شارب، الخبير فى الجيش الإسرائيلى إن العديد من الأطراف معنية بالاتفاق، منها أوكرانيا والأمم المتحدة والبلدان الأفريقية ودول الشرق الأوسط والغرب، بما يعنى أنه لا تزال هناك فرصة لإحيائه.
شروط الكرملين لإحياء الاتفاق
تقول روسيا إنها ستعاود الانضمام إلى اتفاق الحبوب شريطة إعادة ربط البنك الزراعى الروسى بنظام سويفت.
ورغم أن الدول الغربية لم تفرض عقوبات على المنتجات الزراعية الروسية، فقد قالت روسيا إن القيود الأوسع نطاقا قد منعت شركات الشحن والبنوك الدولية وشركات التأمين من التعامل مع المنتجين الروس.
وطلبت روسيا إعادة ربط البنك الزراعى الروسى بشبكة سويفت للمدفوعات السريعة الذى تم حرمان البنوك الروسية من استخدامه فى يونيو 2022.
ورفضت روسيا اقتراح تقدمت به الأمم المتحدة بإنشاء فرع للبنك الزراعى الروسى يسمح له باستخدام سويفت.
ولقى نفس المصير اقتراح بمعالجة مدفوعات الغذاء والأسمدة عبر البنك الأمريكى جى بى مورجان تشيس أو عبر بنك التصدير-الاستيراد الأفريقي.
الموقف المتعنت بخصوص فرص تمديد الاتفاق لا تتحمل روسيا وحدها مسئوليته، فقبل إعلان انسحاب روسيا منه، بذل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش جهودا فى اللحظات الأخيرة لإنقاذه، إذ أرسل خطابا إلى الرئيس بوتين يعده بإقناع الدول الغربية على إعادة ربط البنك الزراعى الروسى بنظام سويفت.
وحاول جوتيرش أيضا إقناع الاتحاد الأوروبى بتلبية واحد على الأقل من بنود مذكرة التفاهم مع روسيا، لكن بروكسل رفضت لأنها خشيت اعتباره دليلا على استعداد الاتحاد للتنازل عن المبادئ الأساسية التى يستند إليها، إذ اعتبر أنها أكثر أهمية من تيسير صادرات الحبوب الأوكرانية.
