قال خبراء مصرفيون إن قرار بنكى مصر والأهلى بطرح شهادات ادخار دولارية، قد يسهم بشكل كبير فى كبح جماح السوق الموازية.
وأضافوا لـ «المال» أنه من الضرورى أن تتوافر بعض المعطيات الأخرى بالتزامن مع طرح الشهادات الدولارية فى سبيل تقويض حركة السوق السوداء فى مقدمتها فرض مزيد من القيود الصارمة على استيراد السلع غير الإستراتيجية، و استقرار سعر الصرف، ودعم و توطين الصناعة المحلية.
وأشاروا إلى عدم تفاقم سعر الصرف فى السوق الموازية جراء طرح الشهادات الدولارية، إذ يأتى ذلك فى إطار تصاعد العديد من التساؤلات حول التوقيت الزمنى لطرح الشهادات.
ورد الخبراء على المخاوف المتعلقة باحتمالية التلاعب من قبل بعض المتعاملين فى السوق السوداء، عن طريق استبدال العملة المحلية بالأجنبية والاستفادة من المزايا التى تقدمها الشهادات الدولارية، بأن هذا الأمر سيكون غير مجدٍ على الإطلاق؛ إذ أن الفرق الذى سيتكبده المتلاعب عن طريق الفرق بين استبدال العملة، والعائد على الشهادة سيكون فى غير صالحه على الإطلاق.
وأعلن أكبر بنكين حكوميين «الأهلى ومصر» عن طرح شهادتى ادخار دولارية لمدة 3 سنوات يوم الثلاثاء الماضى، بغرض جذب العملة الأجنبية للسوق الرسمية، ومع اختلاف المسميات بين البنكين، تمنح الشهادة الأولى عائدا سنويا %7ويُصرف العائد ربع سنوى بالدولار، كما يجوز الاقتراض بضمانها حتى %50 من قيمتها بالجنيه المصرى لأغراض استثمارية، وبحد أقصى يصل إلى 10 ملايين جنيه، أما الشهادة الثانية فهى بعائد سنوى يصل إلى %9 ويُصرف مقدمًا بالجنيه المصرى عن الفترة كلها بواقع %27 من قيمة الشهادة، ولا يجوز الاقتراض بضمانها، كما تسترد الشهادة فى تاريخ الاستحقاق بالدولار.
وتعليقًا على مدى تأثير قرار طرح الشهادات الدولارية على السوق الموازية، قال محمد عبدالعال الخبير المصرفى إنها ستختفى بالتدريج، لعدة أسباب، أولًا: فى حالة استقرار سعر الجنيه المصرى أمام الدولار؛ سيعمل على عودة تحويلات المصريين بالخارج إلى السوق الرسمية مرة أخرى، وبالتالى سيجف المعروض النقدى من العملة الأجنبية فى السوق الموازية، وثانيًا : اتباع الحكومة قيود صارمة فيما يخص عمليات الاستيراد للسلع غير الإستراتيجية، مستشهدًا بانخفاض حجم الواردات السلعية غير البترولية بنسبة 22% خلال الفترة يوليو/مارس 2022/2023 وفقًا لأحدث بيانات عن ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزى المصري، وأخيرًا خطة الدولة فى العمل على توطين الصناعة المحلية لخفض الاستيراد، وتخفيف الطلب على الدولار.
وأكد أن قرار طرح الشهادات لن يؤدى إلى التلاعب عن طريق زيادة الطلب على الدولار من السوق غير الرسمية من أجل إعادة الاستثمار فى الشهادات الدولارية.
وأوضح «عبدالعال» أن فرق السعر بين القيمة الحقيقية لاستبدال العملة المحلية بالأجنبية من السوق غير الرسمية، وبين العائد الذى سيحصل عليه الشخص على نفس المبلغ الدولارى لاستثماره فى الشهادة على مدار 3 سنوات، لن يغطى تكلفة فرق العملة، وبالتالى إذا قام أحد بالتلاعب على الجهاز المصرفى عبر تلك الحيل؛ لن يكون الأمر مجديًا له على الإطلاق.
وتابع إن العميل الذى يرغب فى الاستثمار فى تلك الشهادات، يكون إما مصريا بالخارج لديه عملة أجنبية، أو مصريا فى الداخل مكتنز له، مؤكدًا أن قرار طرح الشهادات يستهدف هذين النوعين من الأساس.
وقال إنه حتى وإن زاد الطلب على الدولار فى السوق الموازية من أجل الاستثمار فى الشهادات؛ سيدفع السعر إلى المزيد من الارتفاع، مما سيعمق من الفرق بين العائد على الشهادة وفرق سعر صرف العملة.
وفى إشارة إلى مدى تأثير طرح الشهادات الدولارية على الطلب على الأسهم فى البورصة المصرية، أفاد الخبير المصرفى بأن المزاج الاستثمارى للعميل الدولارى يختلف تمامًا عن المستثمر بالعملة المحلية فى البورصة، وبالتالى لن يكون هناك تأثير سلبى على حجم التداول على الأسهم.
من جانبه، قال هانى جنينة الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن التخوف من محاولة تلاعب بعض المتعاملين عن طريق الحصول على العملة الأجنبية من السوق الموازية ثم شراء الشهادة الدولارية هو أمر غير وارد، موضحا أن العملاء وهم يتعاملون مع الجهاز المصرفى يكونون على دراية جيدة بكل الإجراءات المتخذة، واتباع قواعد صارمة فى ملاحقة أيه عمليات تلاعب.
وأضاف «جنينة» أن نجاح خطة طرح الشهادات الدولارية فى القضاء على السوق الموازية، وجذب العملة الأجنبية إلى السوق الرسمية، مرهون بثقة العملاء فى السياسة النقدية.
وأوضح أن تلك الشهادات تعتبر مغرية وجاذبة للعملاء من داخل الجهاز المصرفي، لافتًا إلى أنه لكى تنجح الشهادات فى جذب عملاء من خارج البنوك سواء من المصريين فى الخارج أو الداخل، لابد أن يقترن ذلك بالعمل على جذب دولارات من جهات أخرى، سواء عن طريق إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو استقطاب تمويل من جهات أخرى، أو بيع أصول، حتى تطمئن تلك الإجراءات العملاء لشراء الشهادات.
وأشار إلى أنه مع اقتراب موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل، تتضح الرؤية بشكل كبير، موضحًا أنه إذا قرر البنك المركزى رفع الفائدة؛ سيعطى إشارة للسوق بأنه يسير فى طريق البرنامج الإصلاحي، ونيته فى اتخاذ الإجراءات التى تمكنه من إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وبالتالى استعداد السوق لدخول الدولارات من الخارج، مما يعمل على طمأنة العملاء للدخول فى تلك العملية.
وأوضح «جنينة» أنه كما أن غرض صندوق النقد الدولى من تنفيذ مصر إجراءات برنامج الإصلاح هو ضمان قدرتها على سداد قيمة القرض والعبور من التحدى الاقتصادي، فمع اتباع «المركزى» إجراءات الإصلاح، يعطى ذلك رسالة للعملاء أن كل مايتم من أجل الحفاظ على أموالهم.
واختتم كلمته بأن مدى الإقبال على الشهادات الدولارية سيتضح خلال أيام، وسيكون معتمدا على قرار لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل، بالإضافة إلى أسعار الطاقة، وأى بيانات صادرة سواء من مصر أو من صندوق النقد فيما يخص برنامج الإصلاح، وكذلك الطروحات الحكومية.
جنينة: نجاحها مرتبط بقرار لجنة السياسة النقدية المقبل وإجراءات الإصلاح
