رصد تقرير حديث صادر عن وكالة business monitor international (BMI) - التابعة لمؤسسة «فيتش سوليوشنز» الأمريكية للخدمات المالية - حركة مؤشرات الاقتصاد الكلى لمصر على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
أبدت المؤسسة الأمريكية رؤية متحفظة للوضع الاقتصادى حتى نهاية العام الحالى بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم وضرورة تأمين احتياجات تمويلية ضخمة، الأمر الذى قد يدفع بمرونة أكثر فى سعر الصرف لتنفيذ صفقات بيع بعض الأصول.
ورفعت «فيتش سوليوشنز» تقديراتها لمعدلات النمو الاقتصادى من 3.4 إلى %3.8 فى 2022-2023 بدعم الصادرات والسياحة، على أن تزيد هذه المعدلات إلى %4.3 خلال العام المالى المقبل، وأن تبلغ معدلات النمو فى المتوسط حوالى %4 حتى عام 2032.
وأكدت المؤسسة الأمريكية أن البنك المركزى قد يتجه إلى تثبيت أسعار الفائدة حتى نهاية العام الجارى قبل أن يبدأ سلسلة تخفيضات كبيرة بمعدل 750 نقطة أساس تقريبا خلال 2024-2023.
ورجحت انخفاض عجز الحساب الجارى لمصر إلى %2.5 خلال 2023-2024، كما توقعت انخفاض الإنفاق الحكومى على المشروعات الضخمة بنسبة %20 خلال السنة المالية المنتهية على أن تعاود الحكومة الإنفاق مرة أخرى خلال العام المالى الحالي.
معدلات النمو
فيما يتعلق بمعدلات النمو، توقعت «فيتش سوليوشنز» أن يتسارع نمو الناتج المحلى الإجمالى فى مصر من %3.8 فى السنة المالية 2023/2022 إلى %4.3 خلال 2024/2023 بدعم خطط الخصخصة وزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر من دول الخليج.
وقالت المؤسسة الأمريكية، أنها رفعت تقديراتها لمعدلات النمو الاقتصادى فى مصر خلال السنة المالية 2022/2023 من %3.4 إلى %3.8 مع زيادة موارد السياحة والاستثمار المباشر.
وترى أن الصادرات ستستمر فى المساهمة بشكل إيجابى فى نمو الناتج المحلى الإجمالى جنبًا إلى جنب مع زيادة صادرات الغاز الطبيعى المسال، كذلك السياحة ستبقى نقطة مضيئة.
وأشارت إلى أن النمو الاقتصادى فى مصر سيتباطأ تدريجيًّا على المدى المتوسط مع انخفاض الصادرات فى ظل غياب الاكتشافات الجديدة للغاز، بينما سيتم تعويض ذلك جزئيًّا من خلال قطاع السياحة وخطط الحكومة لدعم القطاع الصناعي.
أكدت «فيتش سوليوشنز» أنه إذا شهد الاستثمار من دول الخليج بطئًا فسيؤدى ذلك إلى انخفاض النمو الرئيسى مقارنة بالمتوقع حاليًا.
وأوضحت أن مستثمرى القطاع الخاص المحليين سيعانون من تكلفة الاقتراض المرتفعة، بينما سيرغب المستثمرون من الخليج فى معرفة شكل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتأكيد دخولهم.
أسعار المستهلكين
ورجحت أن يؤثر خفض الدعم على مؤشر أسعار المستهلكين – التضخم - ليصل متوسط معدل التضخم إلى %37 تقريبًا خلال عام 2023، بسبب ضعف العملة والزيادات فى أسعار الاتصالات والوقود والكهرباء.
وأكدت أن التضخم سيقلل بشكل مباشر من القوة الشرائية وتآكل الدخل من الاستثمار فى الأوراق المالية الحكومية وشهادات الودائع التى ستؤثر على ثروة الطبقة المتوسطة، بينما ستظل السياسة النقدية الأكثر تشددًا أحد الحلول لاحتواء التضخم.
وأضافت: “يمكن للبنك المركزى أن يشدد سياسته النقدية بقوة أكبر فى حالة انخفاض تدفقات رأس المال من الخارج، مما سيؤدى إلى ضعف العملة، وبالتالى تضخم أعلى مما نتوقعه حاليًا”.
توقعت «فيتش سوليوشنز» أن يصل التضخم إلى ذروته أعلى مستوى %40 على أساس سنوى فى أغسطس 2023.
وأكدت أن البنك المركزى لديه التزام كبير بتحقيق معدلات تضخم منخفضة على المدى المتوسط ، وهو أمر ضرورى للحفاظ على معدلات عالية من الاستثمار والنمو الاقتصادي.
وأكدت المؤسسة الأمريكية أن استقرار العملة سيضع التضخم على مسار هبوطى يصل به إلى مستهدف البنك المركزى عند 7٪، ومن المتوقع أن يصل متوسط التضخم عند %16.3 فى 2024.
تابعت «فيتش سوليوشنز»: “على الرغم من أننا نتوقع معدل تضخم أقل مقارنة بما كان عليه فى السنوات السابقة ، إلا أن نمو الأسعار سيظل مرتفعًا بالمقارنة مع العالم وهذا يرجع إلى عوامل هيكلية تتمثل فى تزايد عدد السكان وضغوط العرض”.
الفائدة والعجز والجنيه
وتوقعت «فيتش سوليوشنز» اتجاه البنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة فى النصف الثانى من 2023، وأن يتجه المركزى لاستخدام أدوات السياسة النقدية الأخرى مثل زيادة الاحتياطى الإلزامي.
وتوقعت المؤسسة الأمريكية تخفيضات إجمالية بنحو 750 نقطة أساس فى أسعار الفائدة خلال عام 2024.
ورجحت خفض قيمة العملة بنسبة %20 تقريبًا من 30.96 إلى 38 جنيهًا بنهاية العام الجاري، و35 جنيهًا على المدى القصير، مؤكدة أن سماح البنك المركزى بخفض سعر العملة سيرافقه تأمين تدفقات موارد مالية بالعملة الصعبة من خلال برنامج الخصخصة.
وأوضحت «فيتش سوليوشنز» أن توقعاتها بخفض قيمة الجنيه على المدى الطويل بسبب احتياجات التمويل الخارجية المرتفعة ومستوى الدين الحكومى الذى سيبقى المستثمرين الأجانب حذرين تجاه العملة.
وتوقعت أن تتمكن مصر من تغطية احتياجاتها التمويلية الخارجية بحوالى 18.7 مليار دولار خلال السنة المالية 2024/2023 من الاستثمار الأجنبى المباشر والتمويل متعدد الأطراف من الخليج وإصدار بعض أدوات الدين.
ورجحت أن يتقلص عجز الحساب الجارى لمصر من %4 من إجمالى الناتج المحلى فى السنة المالية 2022/2021 إلى %2.8 خلال 2023/2022 وإلى %2.5 فى 2024/2023.
المخاطر الرئيسية
حددت «فيتش سوليوشنز» بعض المخاطر الرئيسية التى تتعرض لها توقعاتها بشأن الاقتصاد الكلى لمصر ويتمثل أهمها فى ببطء الاستثمار الأجنبى المباشر من دول مجلس التعاون الخليجى الأمر الذى قد يؤدى إلى ضعف العملة بأكثر من المتوقع وارتفاع التضخم.
وذكرت المؤسسة الأمريكية أن مصر تواجه ضغوطًا على وضعها الخارجى بسبب ارتفاع الواردات، لكنها أكدت أن الدولة ستكون قادرة على التغلب على هذه الضغوط من خلال برنامج صندوق النقد الدولى والدعم المالى من دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضحت «فيتش سوليوشنز» أن هذه المخاطر من شأنها أن تعمل على إضعاف العملة، وتفاقم الضغوط التضخمية، وزيادة تباطؤ النشاط الاقتصادى أكثر من المتوقع.
وقالت المؤسسة الأمريكية إن من ضمن المخاطر أيضًا ارتفاع أسعار المواد الغذائية لفترة أطول واستمرار التوترات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي، لكنها استبعدت التصعيد العسكرى فى هذه القضية.
وذكرت أن مخاطر التوقعات المستقبلية ترتبط فى الغالب بالمزيد من التأخير فى تنفيذ برنامج الخصخصة، مما سيؤدى إلى زيادة الضغط على احتياطيات البنك المركزى من العملات الأجنبية، إذ تغطى الاحتياطيات 3.6 شهر من الواردات.
وأوضحت المؤسسة الأمريكية أنه فى حالة وصول التدفقات الأجنبية إلى أقل مما نتوقع، فسوف يزداد ضعف الجنيه فى السوق الموازية.
الإنفاق على المشاريع
قالت إن الإنفاق الحكومى على المشاريع الضخمة قد انخفض بنسبة %33.3 على أساس سنوى فى الربع الأول من العام 2022-2023، متوقعة أن ينخفض بنسبة %20 خلال السنة المالية ككل.
وتوقعت أن يتعافى الإنفاق الاستثمارى الحكومى فى السنة المالية 2023/2024، مما يعزز معدلات نمو الاقتصاد إلى %4 بدعم جذب الاستثمارات من دول الخليح والتقدم فى ملف تنوع مصادر التمويل الخارجي، وانتعاش الاستثمار فى قطاع البتروكيماويات.
وذكرت أن توجه الحكومة لتحسين بيئة الأعمال وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، جنبًا إلى جنب مع تعهدات استثمار من الإمارات والسعودية وقطر سيعوض جزئيًا تباطؤ الاستثمار الحكومى مع ضرورة القيام بجذب استثمارات أجنبية إضافية وتقليل تاثير الدولة فى الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال.
أكدت «فيتش سوليوشنز» أن تأثير خفض الدعم وإجراءات التقشف سيبدأ فى التلاشى على المدى المتوسط الأمر الذى سيسمح للبنك المركزى بدعم السياسة النقدية، موضحًا أن معدلات النمو الاقتصادى سيقودها فى الغالب معدلات الانفاق من جانب الشباب.
وتوقعت أكثر من 25 مليار دولار تعهدات استثمار من الإمارات والسعودية وقطر خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يعوض جزئيًا عن التباطؤ فى الاستثمار الحكومى المحلي.
قالت إن توقعات صادرات الغاز ستكون متباينة خلال العقد القادم إذ ارتفع إنتاج الغاز الطبيعى خلال 2017-2018، مما ساعد على زيادة الصادرات، وتقليل واردات البلاد من الوقود.
وأضافت: «سيؤدى ارتفاع استهلاك الغاز المحلى إلى تقليل الكمية المتاحة للتصدير، وسيعتمد الإنتاج المتاح للتصدير خلال الفترة المقبلة على معدل الاكتشافات الجديدة».
آفاق التجارة الخارجية
توقعت «فيتش سوليوشنز» أن تحرز مصر تقدمًا فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر من خلال خطط الخصخصة، ومع ذلك فإن المزيد من التأخير فى تحقيق هذه الاستثمارات سيزيد من الضغط على العملة فى السوق الموازية.
وقالت إن القيود - بما فيها القيود المفروضة على السيارات وانخفاض أسعار السلع الأساسية وتراجع الطلب المحلى - ستساهم فى انخفاض الواردات بالنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالي.
ورجحت أن تزيد الصادرات بوتيرة أبطأ مما كانت عليه فى السنة المالية 2023/2022 وأن تنخفض صادرات المحروقات نتيجة انخفاض أسعار الغاز وتراجع الإنتاج.
وتتوقع المؤسسة الأمريكية أن يأتى التمويل الخارجى لمصر إلى حد كبير من خلال الخصخصة لكنها غير مضمونة، مضيفة: «نعتقد أن الحكومة ستسمح بسعر صرف أكثر مرونة من أجل تأمين المزيد من صفقات بيع الأصول».
10 سنوات تنبؤات
أكدت «فيتش سوليوشنز» أن مصر فى حاجة إلى مزيد من الإصلاحات لدعم تحقيق معدلات نمو جيدة ومقنعة على المدى الطويل خلال 10 سنوات حتى عام 2032 موضحة أن مصر تتمتع بالعديد من المزايا.
قالت إن المزايا تتضمن موقعًا إستراتيجيًّا وعدد كبير ومتزايد من السكان، وقطاعًا خاص لديه الرغبة فى التوسع، ومع ذلك، تعتقد أن الصدمات الاقتصادية المتتالية فى مصر منعت الاقتصاد من الوصول إلى إمكاناته مؤخرًا نتيجة لوباء Covid-19 وتداعيات الغزو الروسى لأوكرانيا.
وتوقعت المؤسسة الأمريكية أن يبلغ متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى 4.1٪ على أساس سنوى بين 2024 و 2032، مقارنة بـ %3.8 خلال الفترة 2019-2021، مدعومًا بزيادة الاستثمار الأجنبى المباشر والنشاط السياحى القوي.
وتعتقد أن الاقتصاد سيتمكن من مواجهة العديد من العقبات، وذلك من خلال زيادة دخول القطاع الخاص فى الاقتصادى المحلى وإحراز تقدم فى الأرباع القادمة لجمع التمويل الأجنبي.
وأوضحت ان بيئة الأعمال فى مصر تمتلك فرصًا كبيرة للتحسن، ويظهر ذلك من خلال ترتيبها المنخفض نسبيًّا فى مؤشر المخاطر إذ تحتل القاهرة المركز 89 من أصل 201 سوقا على مستوى العالم.
تسارع معدلات النمو إلى %4 بدعم من الخصخصة وزيادة الاستثمارات الخليجية
ارتفاع تقديراتها له من 3.4 إلى %3.8 بنهاية العام المالي المنصرم مدعومة بالصادرات والسياحة
بطء الاستثمار الخليجى والخصخصة وارتفاع السلع وسد النهضة أهم المخاطر التى قد يتعرض لها الاقتصاد المحلي
تراجع عجز الحساب الجارى من 4 إلى %2.8 العام القادم
التضخم يتجاوز %40 خلال أغسطس.. وترجيحات بتراجعه إلى 16.3 % كمتوسط في 2024
انخفاض الإنفاق على المشروعات الضخمة %20 فى السنة المالية المنتهية
تغطية احتياجات تمويلية بقيمة 18.7 مليار دولار بنهاية يونيو بدعم من الاستثمار المباشر وبعض إصدارات الدين
%37متوسط التضخم بسبب ضعف العملة والزيادات فى أسعار الاتصالات والوقود والكهرباء
