يراهن عدد من خبراء البنوك على الشهادات الدولارية لبنكى الأهلى ومصر، التى طرحت يوم الثلاثاء الماضى، فى تدبير العملة الصعبة، ورفع وتيرة تحويلات المصريين بالخارج - الأكثر تأثيرا على تدفقات النقد الأجنبى فى مصر- مرة أخرى بعد التراجع الأخير بنسبة %26 خلال 9 شهور، فضلا عن جذب الحسابات بالدولار المدرجة فى البنوك، لاستخدامها فى الشهادات المعلنة.
وكان بنكا الأهلى ومصر أعلنا عن إصدار شهادتين لكل منهما، لأجل ثلاث سنوات الأولى بعائد سنوى %7 تصرف كل 3 أشهر، والثانية بعائد %9 يصرف تراكميا بنسبة %27 مقدما بالجنيه، والتى تمكن جميع المصريين من شرائها دون سؤال العميل عن مصدرالأموال.
وقال الخبراء إن ميزات الشهادات تنوعت بين سعر العائد الأعلى محليا وعالميا، فضلا عن تنوع قنوات شرائها سواء بالطرق التقليدية أو إلكترونيا، مشيرين إلى توظيف الحصيلة لصالح فرص استثمارية بمصر.
وتراجعت تحويلات المصريين العاملين فى الخارج بنحو %26 خلال 9 شهور، فى الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023 إلى حوالى 17.5 مليار دولار، مقابل 23.6 مليار فى الفترة المقابلة من العام الماضى، وفقا لبيانات البنك المركزى عن أداء ميزان المدفوعات.
وقال أحمد متولى الخبير المصرفى، إن الشهادات الدولارية الجديدة ستؤثر إيجابيا من خلال التسويق الجيد، وحل أزمة نقص العملة الخضراء على المدى القصير.
وأكد ضرورة استخدام الحصيلة الدولارية الناتجة؛ لسد العوائد المطلوبة، وتوفير العملة الصعبة وتوظيفها فى استثمارات أخرى فى سبيل السيطرة على السوق الموازية، خاصة مع تراجع تحويلات المصريين بالخارج بمعدل %26 خلال 9 شهور.
وأوضح أن إقبال المواطنين على الشهادات الدولارية مرهون بعدة عوامل تتعلق بثقته فى الاقتصاد القومى وفى برنامج الإصلاح، والطروحات الحكومية، والأهم الثقة فى الجهاز المصرفى، وأن أزمة وجود سعرين للدولار ستختفى قريبا، وفقا لتصريحات صحفية سابقة لرئيس بنك مصر محمد الإتربى.
وأفاد الخبير المصرفى بأن ميزات الشهادات تتنوع بين عائدها الاستثمارى المرتفع، هو الأعلى فى العالم بالنسبة للدولار، مشيرا إلى إمكانية تخيير العميل فى نوع العائد بين الجنيه والدولار.
ويوفر عدد من البنوك العاملة فى القطاع المصرفى، شهادات ادخار دولارية تبدأ من 100 دولار، بأسعار عوائد تنافسية، ودوريات صرف عائد دورى منتظم شهرى أو ربع سنوى أو سنوى.
وتقدر حصيلة الشهادات الدولارية ذات العائد الشهرى التى تم طرحها خلال الفترة الماضية بـ 3.5 مليار دولار مع توقعات بتحقيق الجديدة منها إقبالا كبيرا عن هذه الحصيلة، وفقا ليحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى.
وأوضح "متولي" أن الشهادات ستجذب السيولة من المتعاملين الذين يكتنزون العملة الصعبة، واستخدامها كأداة استثمارية من خلال القطاع المصرفى بشكل آمن.
ويرى أن الشهادات يمكن أن تساهم فى تعويض هروب الأموال الساخنة التى قدرت بين 20 - 25 ملياردولار بسبب الأزمات العالمية بداية من كورونا ومرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن ارتفاع معدلات الفائدة.
واتفقت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر سابقا، على أن الشهادات فرصة للمصريين بالخارج؛ لتحويل مدخراتهم، وجذب حسابات العملاء الدولارية المدرجة بالبنوك لحساب شهادات البنكين.
وتفاوتت تحويلات المصريين بالخارج متأثرة بالتطورات الاقتصادية والسياسية العالمية، إذ بلغت قيمة التحويلات خلال العام المالى 2010 - 2011 أقل معدلاتها بقيمة 12.6 مليار دولار، وتحسنت خلال فترة 2011 - 2012 لتسجل 18 مليارا وفى عام 2014-2015 مع إعلان برنامج الإصلاح الاقتصادى بلغت 19.3 مليار.
وسجلت قيمة التحويلات خلال العام المالى 2016 - 2017 نحو 21.8 مليار دولار عقب قرار الحكومة بتعويم الجنيه أمام الدولار.
وواصلت التحويلات الارتفاع لتصل إلى 25.2 مليار دولار فى 2018 - 2019 واستمرت فى التحسن، وسجلت أعلى مستوى تاريخى لها فى عام 2021 - 2022 بنحو 31.9 مليار.
وأضافت "الدماطي" أن إمكانية استرداد العائد بالدولار، يلعب دورا مهما فى توفير سيولة للمصرى بالخارج؛ لكى يستطيع سداد أقساطه وتوفير التزامات مدفوعاته الشهرية بشكل آمن وفعال.
و بحسب تقارير صادرة عن مؤسسات دولية، تمثل تحويلات المصريين فى الخارج %7 من إجمالى الناتج المحلى، لاسيما مع احتلال مصر المركز الخامس بين أعلى الدول المتلقية للتحويلات المالية من الخارج.
وقال ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية سابقا، إن تأثير الشهادات الدولارية على تراجع تحويلات المصريين بالخارج، سيتوقف على الحصيلة المنتظرة لتكون هى الفيصل بعد طرحها مؤخرا.
وارتفعت الودائع بالعملة الأجنبية، حسب تقرير حديث صادر عن البنك المركزى إلى 1.53 تريليون جنيه بنهاية أبريل الماضى، مقابل 1.49 تريليون بنهاية مارس، وسجلت الودائع تحت الطلب بالعملة الأجنبية نحو 431.387 مليار بنهاية أبريل مقابل 398.260 مليار بنهاية مارس الماضى.
وأضاف "فهمي" أن المشكلة الأساسية لتراجع التحويلات تكمن فى تحويل مدخراتهم عبر القنوات غيرالشرعية، ووجود فجوة بين سعر الصرف الرسمى والسوق الموازية.
وتوقع تقرير حديث صادر عن البنك الدولى، تحت عنوان «التحويلات مرنة ولكنها تتباطأ» أن تشهد تحويلات المصريين بالخارج نموًا بمعدل %3.1 خلال العام الجارى، على أن تتباطأ فى 2024 بنسبة %1.4 ويتوقع البنك أن تسجل هذه التدفقات نحو 29.2 مليار دولار خلال هذا العام.
وقال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى ورئيس مجلس إدارة شركة العربية للسبائك، إن شهادة %7 جيدة، معتقدا أن حاجة المصريين فى الخارج إلى تحويل أموالهم للإنفاق منها على أسرهم تستلزم سعرا كبيرا للعائد بالجنيه المصري؛ لتعويض فرق سعر الصرف فى السوق الموازية.
وبالنسبة للشهادة بالعائد %9 سنويا بالجنيه المصرى، يرى "نافع" أنه غير كاف، حتى وإن تم سداده معجلا عن الثلاث سنوات.
سهر الدماطى: العائد يوفر سيولة لصاحبها لسداد التزاماته
ماجد فهمى: الحصيلة هى الفيصل
مدحت نافع: نحتاج سعرا كبيرا للعائد بالجنيه لتعويض فرق سعر الصرف
