استبعد عدد من البنوك المحلية طرح شهادات دولارية جديدة بعوائد مرتفعة على غرار «الأهلى» و«مصر» مرجحين عدم حدوث هجرة للودائع من المصارف الأخرى إلى البنكين الحكوميين.
وقالت مصادر مطلعة إن طرح البنوك لمثل هذه الشهادات الدولارية، شأنها فى ذلك شأن أى منتج آخر، مرهون بحاجتها الاستثمارية، دون أن ينطبق هذا على البنوك الحكومية الكبرى التى تطرح هذه المنتجات بالتنسيق مع الدولة.
خطوة مستبعدة
وقال رئيس أحد البنوك الأجنبية العاملة فى السوق المصرية إنه من غير المرجح أن يلجأ مصرفه إلى طرح شهادة دولارية جديدة بعائد مرتفع، وإن كانت لجنة الأصول والخصوم «الألكو» لدى مصرفه لا زالت تدرس إمكانية طرح شهادة من عدمه، بيد أنه استبعد اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وأضاف أن مصرفه ليس بحاجة إلى طرح شهادة دولارية جديدة بعائد مرتفع، وبسؤاله عن مدى تأثير خطوة بنكى «الأهلى» و«مصر» على المصارف الأخرى، أفاد بأنه من المهم لا سيما فى ظل هذه الظروف تغليب المصلحة العامة، وعدم الارتكان إلى المصلحة الخاصة بكل بنك على حدة.
هجرة الودائع
واتفق معه فى الرأى رئيس قطاع الحوكمة والرقابة المصرفية فى بنك أجنبى آخر، موضحًا أنه من المستبعد حدوث هجرة للودائع من قبل البنوك صغيرة ومتوسطة الحجم إلى نظيرتها الكبرى مثل «الأهلى» و«مصر».
واختلف معهما فى هذا الرأى طارق متولى، الخبير المصرفى، مبينًا أن هجرة الودائع أمر يحدث باستمرار، وقد طرحت البنوك الكبرى شهادات بعوائد مرتفعة بـ %25 ثم %19 فى حين كان لدى البنوك الأخرى شهادات وأوعية ادخارية بعوائد أقل.
وأوضح أن طرح الشهادات والأوعية الادخارية، سواء كانت دولارية أو غير دولارية، مرهون بالحاجة الاستثمارية لدى كل بنك، وإن كانت المنافسة بين البنوك تلعب دورًا هى الأخرى.
الاستثمار والتنازلات عن الدولار
وعلى خلاف التصور السائد من كون هذه الشهادات الدولارية إنما جاءت لحل أزمة المعروض النقدى من العملة الأجنبية، أكد أن البنوك لا تستغل الودائع الدولارية فى حل مشكلة الدولار أو حتى فى فتح الاعتمادات المستندية، ولكنها تلجأ إلى فتح هذه الاعتمادات من خلال السيولة المتحصل عليها من خلال التنازل عن الدولار أو غيره من العملات الأجنبية.
وأفاد بأن الهدف من طرح هذه الشهادات الدولارية ذات العوائد المرتفعة هو القضاء على مشكلة «الدولرة» واكتناز الدولار، موضحًا أنه تلاحظ فى الفترة الأخيرة وجود كثير من السيولة الدولارية لدى الناس، ولكنها خارج خزانة القطاع المصرفى، ولذلك لجأت البنوك إلى طرح هذه الشهادات مرتفعة العوائد لإغراء الناس بإيداعها لديها.
ورأى أنه من الممكن تحقيق هذه الشهادات منافع جمة تعود على المواطن (الذى اكتتب فيها بالفعل) والاقتصاد والبنوك، لافتًا إلى أن هذه هى النظرة الكلاسيكية لمثل هذه الأوعية الادخارية، فالبنك يستخدم حصيلة الودائع المتاحة لديه فى الاستثمارات المختلفة، وهو ما يعود بالنفع على الأطراف الثلاثة المشار إليها أعلاه.
الودائع بالعملة الأجنبية
وقد ارتفع حجم الودائع بالعملات الأجنبية، خلال الفترة من نوفمبر 2016 إلى يناير 2023 من 652.614 مليار جنيه إلى 1.513 تريليون جنيه، مسجلة نسبة نمو بلغت %131.97 وجاء ذلك مدفوعًا بانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار؛ إذ هبط من 8.85 جنيه يوم 2 نوفمبر 2016 عشية التعويم الأول إلى 30.84 جنيه فى 27 يوليو الجارى.
وشهدت الودائع بالعملات الأجنبية، منذ نوفمبر 2016 وحتى نوفمبر 2021، حالة تذبذب شديد، رغم حدوث أربع مرات لتحرير سعر الصرف (ترك الجنيه لقوى العرض والطلب).
واستمرت معدلات نمو الودائع بالعملات الأجنبية بوتيرة أسرع؛ إذ قفزت خلال نوفمبر 2022 من 1.16 تريليون جنيه إلى 1.438 تريليون بنهاية يناير لترتفع مرة أخرى إلى نحو 1.513 تريليون خلال مايو الماضى، بحسب بيانات البنك المركزى المصرى.
وانخفضت ودائع القطاع الحكومى بالعملة الأجنبية من 33.108 مليار جنيه بنهاية أبريل إلى 23.518 مليار بنهاية مايو، كما انخفضت ودائع القطاع الخاص من 28.279 مليار إلى 26.347 مليار خلال الفترة المشار إليها أعلاه.
جولة جديدة
كان البنك الأهلى أصدر خلال الأسبوع الماضى، شهادتى ادخار بالدولار، وتبلغ مدة الشهادة الدولارية الأولى "الأهلى بلس" 3 سنوات بسعر عائد سنوى %7ويصرف العائد بذات العملة ربع سنويًا، كما يجوز الاقتراض بضمانها حتى %50 من قيمتها بالجنيه المصرى لأغراض استثمارية وذلك بحد أقصى يصل إلى 10 ملايين جنيه وبسعر عائد قدره 2.25 % أقل من سعر إقراض البنك المركزى.
فيما تبلغ مدة الشهادة الدولارية الثانية "الأهلى فورا" 3 سنوات بسعر عائد سنوى %9 يصرف مقدما بالمعادل بالجنيه المصرى عن الفترة كلها بواقع %27 من قيمة الشهادة عن إجمالى مدة الشهادة ولا يجوز الاقتراض بضمانها وتسترد الشهادة فى تاريخ الاستحقاق بالدولار الأمريكى.
وتبلغ فئات الشهادات 1000 دولار أمريكى ومضاعفاتها، كما يحتسب العائد اعتبارا من يوم العمل التالى ليوم الشراء، ويمكن استرداد الشهادات بعد مرور 6 أشهر من تاريخ الشراء وفقا للقواعد المعمول بها وجدول الاسترداد المعلن عنه.
من جانبه، أطلقبنك مصر شهادتى ادخار "القمة" و"إيليت" بالدولار الأمريكى لمدة ثلاث سنوات، وبدأ العمل بهما فى فروعه يوم الأربعاء الماضى.
وتقدم شهادة "القمة" عائد %9 سنويًا، وهى شهادة اسمية تصدر للمصريين والأجانب ويصرف العائد مقدمًا للثلاث سنوات (%27) تراكمى بالجنيه المصري؛ كما أن شهادة "إيليت" ذات عائد %7 سنويًا، هى شهادة اسمية تصدر للمصريين والأجانب ويتم صرف العائد ربع سنوى بالدولار، ويمكن للمصريين والأجانب شراء الشهادتين وذلك بفئة 1000 دولار ومضاعفاتها.
جدير بالذكر أن هذه هى الجولة الثانية من الشهادات الدولارية التى تطرحها البنوك، فقد قرر عدد منها، خلال أكتوبر 2022 رفع العائد على الشهادات الدولارية لتصل إلى نحو %5.5 بدلًا من %2.25.
وكان بنك القاهرة رفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار الدولارية «البريمو» بآجال 3 و5 و7 سنوات بحد أقصى %5.30 بدلا من %2.25، فيما رفع البنك الأهلى المصرى، قبل إصدار الشهادات الدولارية الأخيرة، العائد على الشهادة الذهبية الجديدة لمدة 3 سنوات لتصل إلى %5.30 سنويًا، و%5.25 نصف سنويًا، و%5.20 ربع سنويًا، و%5.15 شهريًا وبحد أدنى 500 دولار ومضاعفتها.
وكان البنك قد طرح أيضًا شهادة أهل مصر الدولارية ذات أجل 5 سنوات بعائد يصل إلى %5.15 سنويا و%5.10 نصف سنوى، و%5.05 ربع سنوى و%5 شهريًا.
