توقعت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى، ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميًا بسبب انسحاب روسيا من مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، لكنها رجحت أنها لن تصل للمستويات التاريخية التى سجلتها أواخر عام 2021 وأوائل 2022.
وقالت منى بدير فى تصريحات خاصة لـ«المال» تعليقًا على تأثير قرار الانسحاب الروسي، إن أسعار السلع الغذائية عالميًا كانت قد انخفضت فى الفترة الماضية، مشيرةً إلى أن حدة الارتفاعات المتوقعة ستتوقف على التوترات الجيوسياسية، والتى ستؤثر على المعروض الدولى من الحبوب، فضلاً عن التباطؤ الاقتصادى العالمي، لاسيما فى الصين التى تعد أكبر مستهلك للغذاء فى العالم.
وأشارت إلى أن إنتاجية الحبوب فى القارة الأوروبية تأثرت بمشكلة توفر الأسمدة، والتغيرات المناخية، كما أثرت الحرب الروسية على إنتاجية أوكرانيا من القمح.
وتابعت أن السوق المحلية شهدت فى الآونة الأخيرة تحركات إيجابية على صعيد توريد الأقماح المحلية فى ضوء زيادة حركة بناء الصوامع وخطط تقوية الأمن الغذائى المصري.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة أمس الأول الإثنين انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الذى سمح لأوكرانيا بتصدير منتجاتها الزراعية عبر البحر الأسود، واصفًة القرار بأنه أمر مؤسف سيؤثر على الملايين حول العالم.
يشار إلى أن الاتفاق كان قد تم توقيعه فى يوليو 2022، وتوسطت فيه الأمم المتحدة للسماح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وكانت إدارته تتم بواسطة مركز التنسيق المشترك ومقره فى مدينة إسطنبول التركية، ويعمل به موظفون من روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وأفادت مصادر دبلوماسية أوكرانية، بأن المبادرة كانت قد ساعدت كييف على تصدير 1.3 مليون طن من منتجاتها الزراعية إلى مصر منذ سريانها.
وكشف إيجور ديدينكو، رئيس قسم التجارة والاقتصاد لدى سفارة أوكرانيا بالقاهرة فى حوار نشرته «المال» الإثنين الماضى، أنه بفضل جهود الأمم المتحدة وتركيا فى إطار المبادرة تمكنت كييف من تصدير أكثر من 27 مليون طن من الحبوب والنفط إلى أكثر من 40 دولة فى العالم.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومى الأمريكي، فى تصريحات له، إن القرار الروسى سيضر بالمواطنين فى جميع أنحاء العالم، لاسيما أن أسعار القمح والذرة وفول الصويا شهدت ارتفاعات نتيجة له.
وأوضح المتحدث باسم الكرملين، دمترى بيسكوف، أن الاتفاق وصل إلى نهايته «بحكم الأمر الواقع»، لكنه أكد أن بلاده ستعود على الفور للاتفاق فى حال تلبية شروطها.
وتأثرت مشتريات مصر من القمح الأوكراني، لاسيما أن الغزو الروسى عرقل التجارة الدولية له، وانخفضت مشتريات القاهرة المحلية خلال عام 2022 من كييف بنسبة %73.6 مقارنة مع 2021، بحسب مكتب الشئون الزراعية الأمريكية.
فيما أكدت مصادر مطلعة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية، عدم تأثر واردات مصر من الأقماح المستوردة بعد قرار روسيا، قائلة إن القاهرة تطرح مناقصات استيراد الأقماح فى البورصات الدولية، وتتعاقد من خلالها على أفضل العروض والأسعار المقدمة من الموردين العالميين.
وأضافت فى تصريحات لـ«المال» أن وزارة التموين -ممثلة فى الهيئة العامة للسلع- استوردت منذ بداية العام الحالى ما يقرب من 4.5 مليون طن قمح من عدة مناشئ، هي: روسيا وأوكرانيا وفرنسا ورومانيا ودول أوروبية أخرى.
يشار إلى أن عدد المناشئ المعتمدة لدى الهيئة العامة للسلع التموينية لاستيراد الأقماح يصل إلى 21، وتضم: روسيا، وأوكرانيا، ورومانيا، وبولندا، وأمريكا، وكندا، وفرنسا، وأستراليا، وألمانيا، والأرجنتين، وبلغاريا، وصربيا، والمجر، وباراجواى، وكازاخستان، والبرازيل، ومولدوفا، وليتوانيا، والمملكة المتحدة، وأوروجواي، والهند.
وأضافت المصادر أن آخر شحنتى قمح أوكرانى استلمتهما مصر كانتا بواقع 145 ألف طن فى الربع الأول من العام الجاري.
وعن أسعار الأقماح المستوردة فى السوق المحلية، قال أحمد عامر، عضو شعبة العطارة بالغرفة التجارية فى القاهرة، إن سعر الطن الروسى مازال ثابتا عند 10 آلاف و600 جنيه فى البورصة المصرية للسلع، ويتم طرحه من جانب المستوردين فى السوق المحلية بـ11 ألفا و200 جنيه.
ورجح عامر لـ«المال» ارتفاع القمح الروسى مطلع الأسبوع المقبل فيما يخص التعاقدات الجديدة، مشيرًا إلى أن قيمة الزيادة لن تتخطى 300 جنيه للطن.
وأوضح أن أسعار القمح المستورد من باقى الدول مثل أمريكا وفرنسا ورومانيا تتراوح من 13 إلى 18 ألف جنيه للطن، ومرجح لها أيضا أن تشهد زيادات خلال الفترة المقبلة.
