معدل الادخار المحلى يواصل الهبوط ويسجل 5.9% خلال 2021/ 2022

هبط معدل الادخار المحلى فى مصر إلى 5.9% من الناتج المحلى الإجمالي، وذلك خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2021/ 2022، وهو الأدنى فى 6 سنوات، وذلك بحسب بيانات البنكين المركزى والدولي.

Ad

هبط معدل الادخار المحلى فى مصر إلى 5.9% من الناتج المحلى الإجمالي، وذلك خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2021/ 2022، وهو الأدنى فى 6 سنوات، وذلك بحسب بيانات البنكين المركزى والدولي.

وشهد «الادخار المحلي» ابتداءً من عام 2017 حالة من التحسن فارتفع إلى 6.2% وكان أعلى معدل وصل إليه فى عام 2018 مسجلًا 10% لكنه بدأ دورة انخفاض تراوح فيها من 9.4% فى عام 2019 إلى 5.9% خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2022/ 2023.

ويُعرف معدل الادخار بأنه إجمالى المدخرات وهى ( نتاج كل من مدخرات المواطنين الأفراد، ومدخرات المشروعات المختلفة فى قطاع الأعمال، ومدخرات الجهاز الحكومي) لبلد ما كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي.

أوضح مدحت نافع، الخبير الاقتصادى، أن الادخار المحلى نوعان: ادخار الأفراد وهو الأمر الذى تترجمه أحجام ودائعهم فى البنوك، والنوع الآخر هو الادخار العام أو الحكومي.

وعلى الرغم من استمرار معدل الادخار المحلى فى الهبوط إلا أن ودائع الأفراد نَمَت، خلال الفترة من 2017 إلى 2023، بنحو 208.74% فقد سجلت نحو 1.47 تريليون جنيه خلال يونيو 2017 مقابل 4.55 تريليون جنيه خلال فبراير الماضي.

تمثل هذه الودائع نحو 49.85% من إجمالى ودائع القطاع المصرفى التى سجلت نحو 9.135 تريليون جنيه بنهاية فبراير الماضي.

وسجلت الودائع الحكومية بالعملتين المحلية والأجنبية حسب بيانات البنك المركزى نحو 2.065 تريليون جنيه.

وعلل «نافع» تراجع قدرة الحكومة على الادخار بكونها مطالبة بزيادة الإنفاق خاصة فى ظل زيادة أعداد السكان، فضلًا عن أعباء الديون المحلية والخارجية، وفوائد هذه الديون التى تتكبدها الحكومة مما يحد من قدرتها على الادخار.

وأضاف أنه كلما ارتفع هذا المعدل كلما كانت معدلات النمو المستدامة أعلى، لافتًا إلى أن معدل الادخار المحلى فى مصر منخفض جدًّا، ولا يمكن الاعتماد على الاستثمار الأجنبى كنوع من تعويض هذا الانخفاض فهذا الاستثمار لا يغطى إلا 2% فوق معدل الادخار المحلى الحالي.

وتستهدف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية متوسطة المدى زيادة مُعدّل الادخار ليصل إلى نحو 10.3% بنهاية الخطة عام 2026/2025، مقارنة بنحو 6.8% فى عام 2023/2022 و8.1% فى عام 2024/2023.

مُقابل مُعدّلات استثمار مُناظرة 13.5 و15.2% على التوالي، وصولًا إلى 16.7% بنهاية الخطة، حسبما أشار تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.

من جانبه قال محمد عبد العال، الخبير المصرفى، إن تحول جزء كبير من المدخرات إلى شهادات أثر سلبًا على معدل الادخار المحلى، خاصة أن حصيلة هذه الشهادات لا تُحسب ضمن معدل الادخار، لافتًا إلى أن تراجع هذا المعدل خلال الفترة الأخيرة تزامن مع زيادة معدلات الاستثمارات الخاصة.

فيما ذهب «نافع» إلى أن أبرز أسباب تراجع معدل الادخار تتمثل فى انخفاض الدخل، وارتفاع نسب ومعدلات الفقر الذى يعانى منه نحو 40% من السكان، مضيفًا أن معدلات التضخم الجامح أحد المحددات الهامة التى لا يمكن إغفالها فى هذا الصدد، ولا سيما فى ظل تأثيره المباشر على تراجع القوة الشرائية للسكان.

وعاود المعدل السنوي للتضخم الأساسى الارتفاع من جديد، بعدما انكسرت حدته لشهرين على التوالى 39.5% و38.6% خلال شهرى مارس وأبريل على التوالي، ليسجل 40.3% فى مايو 2023.

فيما سجل المعدل السنوى للتضخم العام 32.7% فى مايو 2023 مقابل 30.6% فى أبريل 2023.

وسجل الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين للحضر الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 10 يونيو 2023، معدلًا شهريًّا بلغ 2.7% فى مايو 2023 مقابل معدل بلغ 1.1% فى الشهر نفسه من العام السابق، و1.7% فى أبريل 2023. 

فيما سجل الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين المعد من قبل البنك المركزي، معدلًا شهريًّا بلغ 2.9% فى مايو 2023 مقابل 1.6% فى الشهر نفسه من العام السابق، و1.7% فى أبريل 2023.

وأفاد «عبد العال» أن محفزات الاستثمار التى قدمتها الدولة أدت إلى تراجع معدلات الادخار لصالح معدلات الاستثمار، موضحًا أن الفترة من 2016 وحتى نهاية 2019 شهدت تناميًا فى معدلات الاستثمار وهو ما أسهم فى سحب المدخرات وتحويلها إلى استثمارات.

تحويل المدخرات إلى استثمار

تستهدف خطة التنمية تحقيق معدل نمو مرتفع للناتج المحلى الإجمالى الحقيقى قدره 4.1% فى عام الخطة، وصولًا إلى 5.2% فى العام الأخير من الخطة (2023/ 2025)، وكذلك زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بمعدل يربو على 2% عام 2024/2023 ويصل إلى 3.6% فى العام الأخير من الخطة.

وفى هذا الصدد أشار الخبير الاقتصادى مدحت نافع إلى أن تراجع معدل الادخار المحلى ينعكس مباشرة على الاستثمار، موضحًا أنه طالما لم يكن هناك فائض يُدخر فلن تكون هناك أى قدرة على الاستثمار.

وأوضح أن كل القنوات التى يُفترض أن تحول المدخرات إلى استثمارات مضطربة، فالقطاع المصرفى يلجأ خاصة خلال الفترة الأخيرة إلى تعظيم استثماراته فى سندات وأذون الخزانة، دون أن يقوم بالدور المنوط به وهو استثمار المدخرات المتراكمة لديه، وكذلك الحال بالنسبة للبورصة، التى هى- بحسب «نافع»- ليست فى أفضل حالاتها.

وتعرّف أذون الخزانة بكونها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة؛ لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.

أما سندات الخزانة فهى عبارة عن صك تصدره الشركات أو الدول ويكون قابلًا للتداول بالطرق القانونية، ويعد بمثابة قرض لأجل مسمى سواء طويل الأجل أو قصير أو متوسط، ويتراوح بين سنتين و20 عامًا.

وبلغ معدل نمو استثمارات البنوك فى سندات وأذون الخزانة نحو 33.13%، خلال الفترة من ديسمبر 2021 إلى ديسمبر 2022، وهو ما جاء متزامنًا مع سياسة التشديد النقدى التى انخرط البنك المركزى فى انتهاجها ابتداءً من مطلع العام الماضي، وما نجم عن ذلك من تراجع معدلات الإقراض خوفًا من تعثر العملاء.

وسجلت استثمارات البنوك فى أدوات الدين المحلية نحو 3.32 تريليون جنيه خلال ديسمبر 2021، وظلت دون حدود الـ4 تريليونات إلى سبتمبر 2022، إذ سجلت نحو 4.05 تريليون، وظلت مراوحة مكانها لتختتم العام عند 4.42 تريليون بنهاية ديسمبر 2022.

معدل الادخار إقليميًّا

وعلى صعيد إقليمى كان معدل الادخار المحلى الأدنى مقارنة بنظيره فى معظم بلدان المنطقة فقد حلت إيران حسب بيانات البنك الدولي، فى المرتبة الأولى من حيث معدل الادخار الذى سجل نحو 38%، تلتها الجزائر بمعدل 37%، ثم الكويت 32%، والعراق وتركيا بنحو 30%.

وسجل معدل الادخار المحلى فى كل من البحرين والمغرب نحو 29% تلتهما السعودية وأثيوبيا بمعدل 25%، وسلطنة عمان 18%، وليبيا 14%، ثم السودان وجنوب السودان لتسجل 7% و6% على التوالي.

وأشار «نافع» إلى أنه وإن كان معدل الادخار الرسمى فى مصر ليس معبرًا عن واقع الحال، فمن المرجح أن يكون أعلى من معدلاته الحالية خاصة فى ظل تعاظم حجم الاقتصاد غير الرسمي.

واستدرك موضحًا أن معدلات الفقر على الرغم من ذلك حاكمة، ومن ثم سيكون من المرجح أن يكون معدل الادخار المحلى فى مصر الأدنى إقليميًا، خاصة إذا أخذنا معدلات النمو السكانى فى مصر ومقارنته بالدول المجاورة.

استراتيجيات مقترحة

وأوضح «نافع» أن هناك عدة استراتيجيات يمكن اللجوء إليها من أجل تحسين معدلات الادخار المحلى المتدنية فى مصر، مشيرًا إلى أن الضبط المالى وخفض الإنفاق الحكومى على رأس هذه الاستراتيجيات.

وأكد على أهمية دمج الاقتصاد غير الرسمى عبر رفع نسب الشمول المالي، وتقديم المحفزات له وليس فرض عقوبات، موضحًا أنه من المفترض أن تحدث عملية الإدماج هذه بطريقة ذكية و تدريجية، وبطيئة.

ورأى أنه من الواجب إقرار بعض الإعفاءات الضريبية لهذا القطاع خاصة فى البداية، فقد يؤدى فرض الضرائب مباشرة فور إدماج هذا القطاع إلى تعثره وتحوله للخسارة، ولكن الأولى أن يتم دعمه وتحفيزه والدفع به قُدمًا.

و شدد محمد عبد العال الخبير المصرفى على التوعية بأهمية الادخار، وتحفيز الناس على ادخار أموالهم بدلًا من إنفاقها، لافتًا إلى أن ذلك يتم عبر رفع أسعار الفائدة على الودائع والشهادات، وكذلك عمليات السوق المفتوح وتنشيط البورصة وسوق المال.

وأكد أن رفع الادخار الحكومى يتم عبر ضبط الإنفاق العام، وتعظيم حصيلة الدولة من الضرائب والتصدير والجمارك، وطرح أوعية ادخارية للمصريين العاملين فى الخارج.