دفعت أزمة شح المعروض الدولارى، وقفزات سعر الصرف شركات مقيدة وغير مُدرجة بالبورصة المصرية تعمل فى قطاعات مختلفة منها تصنيع السيارات، وتجارة التجزئة، والصناعات الثقيلة، والاستثمار المباشر، إلى انتهاج أساليب جديدة للتوافق مع هذه المتغيرات، ومواجهة التداعيات على نتائج الأعمال والربحية، والحفاظ على مواصلة واستقرار سير العمل.
واتجهت بعض الشركات المستوردة إلى المنتجات المحلية، فيما قامت أخرى تعتمد فى نشاطها التصنيعى كليًّا على استيراد مكونات الإنتاج بتخفيض طاقتها الإنتاجية لحين انتهاء الأزمة، وأرجأت ثالثة إطلاق مشروعاتها، واحتجزت أخرى مخصصات لمواجهة تأثير تذبذبات سعر العملة على القوائم المالية.
ويشهد سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار حالة شديدة من عدم الاستقرار فى ظلِّ شح المعروض من العملة الخضراء، وهبطت العملة المحلية بأكثر من %50 على خلفية التعويم 3 مرات متتالية الأشهر الماضية، ليصعد سعر الدولار الأمريكى من مستويات تتراوح بين 15 و16 جنيهًا، إلى نحو 31 جنيهًا للدولار.
إم إم جروب
قال أشرف غنام، مسؤول علاقات المستثمرين فى شركة إم إم جروب، إن الشركة تحولت بشكل كلى إلى المنتجات المحلية فى ظل أزمة توافر العملة الأجنبية الحالية، وما ترتب عليها من تعثر فى الاستيراد.
ولفت غنام إلى أن إم إم جروب تقوم بدراسة العديد من الفرص التى تساعدها فى الاكتفاء الذاتى من المنتجات المحلية، وإنهامنفتحة على فكرة إنشاء مصانع لتجميع الأجهزة الكهربائية فى ظل الأزمة الطاحنة للاستيراد نتيجة شح المعروض الدولاري، وذلك بعد حصولها مؤخرًا على موافقة البورصة المصرية على إضافةنشاط إنشاء مراكز صيانة التكييفات والأجهزة الكهربائية إلى الأغراض، ومن قبلهاتجميع وتصنيع الأجهزة المنزلية الكهربائية وغير الكهربائية (غسالات – ثلاجات- بوتاجازات)، والتشغيل لدى الغير للمكونات والأجزاء وقطع الغيار.
وأكد غنامأن إم إم جروب أصبحت تعتمد على المنتجات المُصنعة محليًّا، وليست بحاجة إلى عملة صعبة للاستيراد، لافتًا إلى أن السيارات أصبح العميل هو المعنِى بإحضارها، وتقوم الشركة بتخليصها جمركيًّا فقط.
وساهمت إيرادات السيارات بنحو %12 من إجمالى الإيرادات فترة الربع الأول، مسجلة 301 مليون جنيه، بنمو 53.4%، مقارنة بنفس الفترة من العامالماضي، وتم تسليم 63 سيارة، مقارنة بـ89 سيارة الفترة المثيلة.
وأكد غنام أن المنتجات المحلية عقباتجاه عدد من العلامات التجارية التى تقوم إم إم جروب بالتوزيع لها، نحو التصنيع محليًّا دعمًا بقوة النتائج المالية للمجموعة خلال الربع الأول من العامالجاري، ليشهد صافى أرباحها قفزة بواقع %201.7 وترتفع إيراداتها %27.6.
وبلغت الإيرادات المُجمعة لـ«أم أمجروب» خلال الفترة من يناير إلى مارس 2023، ما قيمته 2.5 مليار جنيه، مقارنة بـ1.9 مليار جنيه نفس الفترة من العامالماضي، وصافى الربح 153 مليون جنيه، مقارنة بـ51 مليون جنيه الفترة المماثلة من السنة الماضية.
وكانت إم إم جروب غيَّرت توزيع إيراداتها العامالحالى لتستحوذ المنتجات المحلية على ما يتراوح بين 60 و %70 من الإيرادات، مقارنة بـ%50 العامالماضي، على خلفية 3 عوامل تشمل سياسة إحلال المنتج المحلى للواردات، نظرًا لعجز المتوافر من المنتجات المستوردة بسبب قيود الاستيراد، ما أدى إلى حصة كبيرة من المكاسب للمنتجات المحلية، مثل هواتف وتلفزيونات سامسونج، وهواتف نوكيا، وتكييفات كاريير، وإضافة سامسونج خطًّا جديدًا لتصنيع المنتجات المحلية، وبدء «إم إمجروب» التوزيع فى أكتوبر 2022، وبدء نوكيا التجميع فى مصر، مع قيامالمجموعة بالتوزيع لها بداية من نوفمبر 2022.
وكشف غنامأن إم إم جروب سوف تحصل على موديلات جديدة من هواتف سامسونج، وأنها تستحوذ على توزيع نحو %50 منها فى السوق المحلية.
وتوقع غناممواصلة المجموعة وتيرة الربحية بالربع الثانى مع اعتمادها على المنتجات المحلية بشكل كلى على خلفية الدعم الحكومى للمنتجات المًصنعة محليًّا، واتجاه المجموعة نحو السبل التى لا تجعلها بحاجة للعملة الأجنبية.
الأمل لتصنيع وتجميع السيارات
وقال عمرو سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة الأمل لتصنيع وتجميع السيارات لـ«المال»، إن أزمة توفر العملة الصعبة وانعكاساتها السلبية على استيراد مكونات الإنتاج دفعت الشركة إلى العمل بـ%40 فقط من الطاقة الإنتاجية لمصنعها بالعاشر من رمضان، فضلًا عن التباطؤ الحاد فى تسليمات مبادرة إحلال السيارات.
ولفت سليمان إلى أن الأمل قامت فى أبريل الماضى بوقف مصنعها 15 يوما كاملة نتيجة انتهاء مخزون مكونات الإنتاج لديها، وأن هناك صعوبة كبيرة حاليًّا فى فتح الاعتمادات المستندية اللازمة لعمليات الاستيراد، جراء النقص الحاد فى المعروض الدولاري.
مصر للأسواق الحرة
وقال مصدر فى شركة مصر للأسواق الحرة إنها اعتمدت سعر الدولار بالموازنة التقديرية العام المالى الحالى عند 18 جنيهًا، ولم يتم إجراء أى تغيرات عليه حتى الآن، ولكن سيتم إغلاق الموازنة بسعر الدولار المعتمد بالبنك المركزي، وفى إطار ذلك قامت الشركة باحتجاز مخصصات بقيمة 7.250 مليون جنيه لمواجهة تغيرات سعر العملة.
ولفت المصدر إلى أن الأوضاع العالمية دفعت الشركة لزيادة المخزون إلى 3 أشهر بدلًا من شهر واحد سابقًا، تلافيًا لأى أزمات قد تطرأ وتعطل تدفق الواردات.
وقال مصدر إن ارتفاعات الدولار دعمت أسعار التشكيلة السلعية التى تتعامل فيها الأسواقالحرة، والتى يأتى فى مقدمتها السجائر، والمشروبات الروحية، إذ تقوم الشركة باستيراد المنتجات، والبيع بالدولار فيما تُقوم ربحيتها بالعملة المحلية.
وسجل صافى ربحية مصر للأسواق الحرة قفزة نسبتها %55 خلال الربع الثالث من العام المالى الحالي، لتصل إلى211.19مليون جنيه خلال الفترة من يوليو 2022 حتى نهاية مارس 2023، مقابل 136.35 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام المالى الماضي، مع الأخذ فى الاعتبار حقوق الأقلية.
وارتفعت إيرادات الشركة خلال الفترة المذكورة 838.41 مليون جنيه، مقابل 655.08 مليون جنيه خلال الفترة المماثلة من العام المالى السابق.
جدير بالذكر أن الأسواقالحرةتشهد أداءً جيدًا منذ بداية العام المالى الحالي، إذ نجحت فى زيادة أرباحها بواقع %33 على أساس سنوى خلال فترة النصف الأول من العام، ليصل صافى أرباحها إلى 127.67 مليون جنيه، مقابل 96.02 مليون جنيه أرباحًا خلال الفترة نفسها من العام المالى الماضي، مع الأخذ فى الاعتبار حقوق الأقلية.
وارتفعت إيرادات الشركة خلال الستة أشهر لتسجل 540.83 مليون جنيه، مقابل 467.87 مليون جنيه خلال الفترة نفسها من العام المالى الماضي.
وأرجع المصدر هذه الزيادات إلى«قمة المناخ» التى انعقدت فى شرم الشيخ نوفمبر الماضي، وموسم أعياد الميلاد ورأس السنة فى ديسمبر، وارتفاعات أسعار الدولار أيضًا.
وتملك الشركة فرعًا فى مطار شرم الشيخ حصلت عليه بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عامًا، بداية من يونيو 2001، وحتى نهاية مايو 2026.
مصر للألومنيوم
وتواجه مصر للألومنيوم قفزات الدولار وتأثيره على استيراد الألومينا -المادة الخام لصناعة الحديد- بزيادة الصادرات لتصل إلى %62 من إجمالى مبيعاتها، وتساهم بنحو %62 من إيرادات النشاط، بينما تحصل السوق المحلية على %38 من الإنتاج.
وتعتمد الشركة فى تأمين العملة الأجنبية للوفاء باحتياجاتها الاستيرادية من المواد الخام على الصادرات والمقدر أن توفر لها %108 من احتياجاتها من النقد الأجنبي، وفقًا للموازنة التقديرية للعام المالى المقبل.
وقالت مصر للألومنيوم إنها وضعت موازنتها التقديرية للعام المالى 2023 - 2024 فى ظلّ عدة عوامل مؤثرة، شملت الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على السوق العالمية، وأسعار المعدن فى بورصة لندن العالمية، والذى بلغ متوسطه الفعلى عام 2021 – 2022 ما قيمته 2889 دولار للطن، مقارنة بمتوسط سعر ستة أشهر حتى ديسمبر 2022 ما قيمته 2339 دولار للطن.
وتضمنت العوامل أيضًا تكلفة الطاقة الكهربائية المغذية للنشاط، إذ تم تقديرها بـ 4.963 مليار جنيه العام المالى 2023-2024، مقابل 4.751 مليار جنيه متوقعة عام 2022 – 2023 نتيجة زيادة تشغيل عدد خلايا الإنتاج المتوقفة، مع افتراض سعر 30 جنيهًا للدولار خلال عام الموازنة، وذلك وفقًا لتقديرات الشركة الأم (القابضة للصناعات المعدنية).
إزدهار للاستثمار المباشر
واتجهت شركة إزدهار للاستثمار المباشر إلى تأسيس صندوق استثمار جديد بالعملة المحلية للمشروعات المتوسطة، إذكشف عماد برسوم، العضو المنتدب لازدهار، إنه سيتم بالربع الثالث من العام الحالى إطلاق، بقيمة مبدئية مليار جنيه، يتم زياداتها بشكل تدريجى إلى مليارى جنيه.
قال برسوم لـ«المال» إنه جارٍ حاليًّا عملية الإعداد للصندوق، ومخاطبة المساهمين المستهدفين للاستثمار فيه، وأبرزهم البنوك، والمؤسسات المحلية الكبرى، مؤكدًا أن جميع التمويلات المستهدفة للصندوق ستكون من مستثمرين محليين.
وأضاف إلى أن الصندوق يستهدف بشكل أساسى دعم الشركات المتوسطة التى تحتاج إلى مساعدة فى ظل الظروف الراهنة فى ظل تدهور سعر العملة، والقفزة فى التكاليف.
وأكد برسوم أن الصندوق سوف يستهدف حصصًا تتراوح بين 20 و%25 من الشركات التى سيستثمر فيها ما يؤمن له تعديل قواعد الحوكمة، وتعزيز المنهج الإدارة للشركة.
والمشروعات المتوسطة هى تلك التى تتراوح مبيعاتها من 20 إلى أقل من 100 مليون جنيه، بحجم عمالة أقل من 200 فرد، وذلك للمشروعات القائمة، ومبيعات تتراوح بين 5 و10 ملايين جنيه، للمنشآت الصناعية، ومن 3 إلى 5 ملايين جنيه لغير الصناعية، بحجم عمالة أقل من 200 فرد، وذلك وفقًا لتعريف البنك المركزي.
وقال عماد برسوم، العضو المنتدب بشركة «ازدهار للاستثمار المباشر»، إن الأوضاع الراهنة دفعت «إزدهار» لانتهاج أساليب للتحوط فى مواجهة تذبذبات سعر الصرف، وتأثيرها على استثمارات الشركة، لافتًا إلى أنه يتم وضع نسبة تغيير لحركة سعر الصرف فى دراسات الجدوى تحسبًا لأى تغيير فى القيمة.
العربية للسبائك
وقال مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للسبائك، إن قفزات سعر الدولار دفعت الشركة إلى إعادة دراسة جدوى مشروع مجمعها الصناعى بالعين السخنة بالدولار الأمريكي، بدلًا من الجنيه المصرى فى السابق.
وكانت العربيةللسبائكأعلنت العام الماضى استهدافها إطلاق مجمع صناعى بالمنطقة الاقتصادية فى قناة السويس بتكلفة استثمارية 1.2 مليار جنيه.
وقال نافع لـ«المال» إن ارتفاعات سعر الدولار سيقود إلى زيادة تكلفة المشروع الذى يمثل المكون الدولارى نسبة كبيرة منها، ولفت إلى أن «العربية للسبائك» فى مرحلة تعديل شروط الاقتراض من البنوك حاليًّا فى ظل الحاجة لتأمين مصدر تمويل دولاري، كما تم تغيير عملة التمويل فى دراسات الجدوى إلى الدولار بدلًا من الجنيه المصري.
وأشار نافع إلى أن الدراسات السابقة كانت موضوعة على سعر 18 جنيهًا للدولار، ما يعنى ارتفاع التكاليف بنحو %100 بعد الزيادة الأخيرة فى سعر العملة الخضراء بالسوق المحلية.
وأوضح أن معدات المشروع حاليًّا فى مرحلة التصنيع بالهند، وإن الشركة سددت تكاليف عملية التصميم فقط، ومازالت هناك تكاليف لم يتم سدادها، وأن عملية استيراد المعدات تواجه بعض الصعوبات نتيجة عدم وجود سيولة دولارية.
وأكد نافع أن «العربية» لم توقع العقد النهائى للمجمع مع المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وأنه جارٍ التواصل مع وزارة الكهرباء، والصناعة لتوصيل الكهرباء للمجمع، وهو سبب آخر لإرجاء إطلاق المجمع.
وسينتج المجمع 48 ألف طن من سبائك الفيروسيليكون سنويًّا، بالإضافة إلى إنتاج سبائك السيليكون منجنيز ومادة السيليكون ميتال، وكان من المقرر بناء المجمع على مدى خمس سنوات، على أن تكتمل المرحلتان الأولى والثانية بحلول عام 2024.
وتتبعالعربيةللسبائك-المؤسسة العام الماضي- شركة مصر للقياس، والتحكم بـنحو %92.5 ويمتلك أشخاص طبيعيون النسبة المتبقية.
وكان دكتور محمد فؤاد، العضو المنتدب لمصر للقياس والتحكم قال فى حوار سابق مع «المال» إن إطلاق «العربية» جاء فى إطار خطة «القابضة» لإطلاق أنشطة مُكملة، مضيفًا أن الخطوات التجهيزية للأخيرة استغرقت نحو عام ونصف العام، وأنها بصدد الحصول على الرخص النهائية لمشروعها بالعين السخنة، كما تعاقدت مع موردى الأفران للمجمع.