التكنولوجيا والبترول وجهاً لوجه.. من يحسم صراع القرن

تباينت آراء عدد من خبراء ومسئولى قطاع التكنولوجيا والبترول بشأن حسم الصراع بين التكنولوجيا والبترول ومشتقاته بالتزامن مع الثورة الصناعية الرابعة

Ad

تباينت آراء عدد من خبراء ومسئولى قطاع التكنولوجيا والبترول بشأن حسم الصراع بين التكنولوجيا والبترول ومشتقاته بالتزامن مع الثورة الصناعية الرابعة وظهور تقنيات جديدة ترتكز على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى واستخدامات الروبوتات فى مختلف القطاعات الاقتصادية وسط أجواء عالمية غير مستقرة تحيط بها أزمات اقتصادية .

ورأى الفريق الأول أن قطاع الاتصــالات سيكون صاحب اليد العليا خلال الســنوات العشر المقبلة فى ظل ظهور أدوات تكنولوجية جديدة ومنها GPT.

وخلص تقرير أصدره 3 باحثين بصندوق النقد الدولى إلى أن العقود المقبلة ستشهد نهاية عصر النفط وأكدوا أن التساؤل لم يعد ما إذا كان ذلك سيحدث أم لا وإنما موعد ذلك.

وأرجع التقرير أسباب نهاية عصر النفط إلى التكنولوجيات الجديدة الأخرى مثل انتشار السيارات الكهربائية وتوليد الطاقة الشمسية والتى يمكن أن يكون تأثيرها أعمق على سوق النفط والطلب عليه فى الأجل الطويل، حيث يشكل استهلاك السيارات من الوقود حوالى %45 من استهلاك النفط فى العالم.

وتساءل التقرير هل يلحق النفط بالفحم؟ وأشار إلى أن الفحم منذ 100 عام كان يشكل ما يقرب من %80 من حصة استهلاك الطاقة فى الولايات المتحدة، ولكنه فقد هيمنته فى خلال 20 عاما فقط، موضحا أن النفط قد يسجل تراجعا بنفس السرعة.

وتنبأ صندوق النقد الدولى بأنه بحلول 2040 فإن السيارات الكهربائية قد تشكل %90 من إجمالى معروض السيارات فى الاقتصادات المتقدمة وأكثر من نصفه فى اقتصادات الأسواق الصاعدة، وتتنبأ دراسات أخرى بحدوث إحلال موسع للسيارات التقليدية وإن كان بوتيرة أبطأ.

بينما رأى الفريق الآخر أن مشروع البحث والتنقيب عن الثروات الطبيعية مثل الزيت الخام والغاز الطبيعى والمعادن وإنتاجها ستظل تتصدر اهتمامات المستثمرين على مستوى العالم لسنوات طويلة مقبلة.

ولفت الى أنه رغم أن الفترة الأخيرة شهدت تنفيذ صفقات بمليارات الدولارات بقطاع التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى والاتصالات وغيرها ، إلا أن قطاع البترول والطاقة سيظل قائد دفة الاستثمارات العالمية خلال السنوات القادمة.

أكد المهندس يسرى حسان إستشارى البترول الدولى بشركة فيجاس اليونانية أن قطاع البترول والغاز “الوقود الأحفورى” سيظل مستمرا فى قيادة وجهة الاستثمارات على مستوى العالم لفترة تمتد من 20-30 عام.

جدير بالذكر أن “أوبك” أبقت على توقعاتها لنمو الطلب العالمى على النفط فى 2023 دون تغيير يذكر لكنها حذرت من أن الاقتصاد العالمى يواجه غموضا متزايدا مع تباطؤ النمو فى النصف الثانى من العام الجارى.

وقالت فى تقرير لها إن الطلب العالمى على النفط سيرتفع 2.35 مليون برميل يوميا أو %2.4 فى 2023.

وأضافت “أوبك” أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب الصينى على النفط فى الوقت الحالى بمقدار 840 ألف برميل يوميا من 800 ألف توقعات الشهر الماضى، مما يزيد من التعافى بعد إلغاء الإجراءات الصارمة لاحتواء كوفيد-19.

ولفت حسان إلى أن كافة المشروعات التكنولوجية الحديثة تتطلب مدخل “الطاقة” للعمل وتحقيق مستهدفاتها،مما يؤكد أن قطاع البترول والطاقة ركن أساسى فى تشغيل مختلف القطاعات الأخرى ، مبشرا بجدوى ارتفاع عوائد الاستثمار فيه .

وضرب مثالا بالسيارات الكهربائية أو الشمسية التى تمثل تطورا لنموذج السيارات العاملة بالوقود السائل ، قائلا: إحلال تلك النماذج المتطورة من المركبات بالأخرى التقليدية سيستغرق سنوات طويلة ، وستظل “العاملة بالوقود” هى المهيمنة طوال تلك الفترة سواء من حيث حجم استثمارات تصنيعها وحجم الطلب عليها، مما سيتبعه زيادة موازية فى الطلب على الوقود وانتعاش وزيادة فى الإقبال على مشروعاته واستثماراته.

بينما أكد المهندس مدحت يوسف رئيس شركتى موبكو وميدور سابقا أن الذكاء الاصطناعى والثورة الصناعية الجديدة اعتمدت على فكر تكنولوجى مستحدث يعتمد فى الأساس على تطبيقات تكنولوجية تتوافق وتتفوق على الذكاء الطبيعى للإنسان بحيث يمكن الاستغناء عن العمالة التى ترتبط بالأنماط العملية مثل آلات التجميع وخلافة وكذلك الاستغناء عن البشر ذو الأعمال الروتينية مثل الترجمة والكتابة والمحاماة وخلافه.

ولكن كل تلك الأنماط وكذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعى وفقا ليوسف لا يمكنها تخليق ثروات طبيعية يعتمد عليها الإنسان فى تطبيقاته الحياتية فالبترول والغاز الطبيعى سيظلان مصدرا للطاقة الأساسية على مدار ما لا يقل عن 50 عاما قادمة هذا اذا ما نجحت الطاقات البديلة من طاقات الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر ومشتقاته شريطة عدم انبعاث مؤثرات ضارة بالبيئة تكتشف فيما بعد.

وأضاف يوسف أنه لم نجد تطبيقات تكنولوجية جديدة لا تعتمد على الطاقة لذلك فإن الصراع الحالى يرتبط بالاستغناء عن أنماط عمالية بشرية واللجوء للذكاء الاصطناعى الذى يستطيع بمهارة أن يحل مكان العمالة الحالية والكفاءة أعلى كثيرا ، وبالتالى فإن الثورة الجديدة ستخلق أنماط عمالية جديدة بفكر تكنولوجى مختلف عن ما هو موجود حاليا .

على صعيد متصل قال مسئول بإحدى شركات البترول المشتركة أنه رغم الأزمات العالمية التى واجهتها دول العالم مؤخرا وتحديات ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم تكاليف الإنتاج وتذبذب اسعار الصرف إلا أن كافة الشركات العالمية العاملة بقطاع الطاقة مستمرة فى تنفيذ مشروعاتها التنموية وسط مساع مكثفة لزيادة إنتاجها واقتناص مزيد من الامتيازات سواء عبر المزايدات العالمية أومن خلال مختلف آليات التعاقد والاتفاقيات فى كافة الدول ومنها مصر .

وأكد أن المزايدات التى طرحتها مصر السنوات الماضية للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى عززت استثمارات كيانات أجنبية كبرى بقطاع البترول مثل شركات شيفرون وأباتشى الأمريكية وإينى الإيطالية وبريتش بتروليم البريطانية وغيرها.

وبخلاف الاستثمارات البترولية فمن المتوقع أن تشهد استثمارات التعدين زخما وزيادة ملحوظة خلال السنوات القادمة وسط التعديلات والتطورات التى تسعى الحكومة تفعيلها بمناخ الاستثمار التعدينى.

وقال الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول والطاقة إنه رغم ارتفاع حجم الإقبال على تنفيذ الصفقات والمشروعات التكنولوجية فى الآونة الأخيرة إلا أن هذا لا يعنى تراجع الإقبال على قطاعات أخرى مثل البترول والطاقة ، بل على العكس فإن استثمارات ذلك القطاع على المستوى العالمى فى زيادة وتطور مستمر محققة عوائد وأرباح مرتفعة.

وتابع رمضان أن البترول والغاز والمعادن من أكثر القطاعات الواعدة والتى تجذب أنظار الاستثمارات من مختلف دول العالم ، فالثروات الطبيعية لا تزال تتصدر اهتمام ورغبات كبرى الشركات والكيانات والمؤسسات لتعظيم أرباحها وعوائدها وزيادة استثماراتها.

أكد الدكتور خالد نجم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق أن ما يميز قطاع الاتصالات أنها ذات نشاط كثيف العمالة ، وهو على عكس القطاع النفطى الذى يختلف فى نسب تشغيله عن قطاع تكنولوجيا المعلومات.

وتوقع نجم اتجاه قطاع الاتصالات لتحقيق معدلات نمو غير مسبوقة خلال الفترة المقبلة، خاصة فى ظل اتجاه العالم نحو رقمنة الخدمات والسعى لتطبيق نماذج المدن الذكية التى باتت تتصدر العديد من بلدان العالم.

وأشار نجم إلى أن قطاع الاتصالات مازال يحوى العديد من الروافد الاستثمارية التى تمتاز بضخامة العائد عليها، ومنها مراكز البيانات وقطاع البنية التحتية والمشروعات التكاملية لتطبيقات المدن الذكية.

وأكد حمدى الليثى الرئيس التنفيذى لشركة ليانتل لحلول الشبكات والاتصالات على وجود اختلاف جوهرى بين قطاع الاتصالات والقطاع البترولى ومشتقاته، لافتا إلى أن الأول أصبح متصدرا المشهد خلال العشر سنوات الاخيرة وذلك بعد أن ساهمت التكنولوجيا فى تغير العديد من الاتجاهات، علاوة على ما ساهمت فى تحقيقه التطبيقات التقنية من تسهيل لحياة البشر على حد تعبيره.

ولفت الليثى إلى أنه بالرجوع لتصنيف أقوى الشركات عالميا من حيث الأداء، يظهر وجود 80 شركة تكنولوجية وشركتين فى قطاع الطاقة، وهو الأمر الذى يظهر التغير الجوهرى الذى أحدثه قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الفترة الماضية.

وأكد الليثى على أهمية قطاع تحليل البيانات مبينا أن من يمتلك البيانات ومهارة تحليلها سيتمكن من امتلاك القوة خلال الفترة المقبلة، خاصة فى ظل المتغيرات العالمية التى تجرى فى الوقت الراهن.

وأكد على أن الطاقة وأدواتها باتت من القطاعات التقليدية خاصة فى ظل ما تشهده التكنولوجيا فى الوقت الراهن من تغييرات جوهرية وسريعة، مبينا أن التكنولوجيا ساهمت فى تغيير مفاهيم تقييم الأصول التى تمتلكها الشركات على حد وصفه.

توقع الليثى أن يستكمل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مسيرة التنمية خلال ال20 سنة المقبلة، منوها أن ذلك لا يعنى تراجع القطاع النفطى، ولكن قطاع التكنولوجيا سيشهد نموا سريعا .

وأوضح محمد الحارثى استشارى الإعلام الرقمى إن قطاع الاتصالات يمتاز بمجموعة من المزايا التى تجعله رافدا من روافد التنمية، وفى مقدمتها قدرة القطاع على بناء وإنتاج كوادر بشرية قادرة على المشاركة فى المشروعات القومية الرقمية فى مصر، علاوة على أن مصر لديها رافد اخر يمكنها تقديمه وهو تصدير خدمات البرمجيات عبر إنتاج البرامج فى السوق المصرية.

وشدد على أهمية تصدير البرمجيات للأسواق الخارجية وتعزيز التنافسية، منوها أنه ينبغى العمل على استغلال تنافسية العملة المحلية والسعى لزيادة الحصيلة التصديرية الرقمية للأسواق الخارجية خلال الفترة المقبلة.

وطالب الحارثى بأهمية منح مجموعة من الحوافز للشركات التى يمكنها تقديم خدمات البرمجيات وتصدير تلك الخدمات للأسواق الخارجية، علاوة على تقديم إعفاءات ضريبية للشركات العاملة فى هذه المجالات.