استقلال السياسة النقدية.. سراب تلاحقه الأسواق الناشئة منذ التسعينيات

تتبنى الدول النامية منذ تسعينيات القرن الماضى، نظما نقدية تضمنت تعويم عملاتها آملة فى أن يتيح لها هذا تجنب الصدمات الخارجية وكسب القدرة

Ad

تتبنى الدول النامية منذ تسعينيات القرن الماضى، نظما نقدية تضمنت تعويم عملاتها آملة فى أن يتيح لها هذا تجنب الصدمات الخارجية وكسب القدرة على تحديد أسعار الفائدة وفقًا للأهداف المحلية.

ومع ذلك، بقيت البنوك المركزية فى الاقتصادات الناشئة أسيرة إلى حد كبير لأسعار الفائدة الأمريكية وسعر الدولار، حتى فى البلدان التى تمسكت بأسعار صرف مرنة، وفقا لما تراه هيلين راى الأستاذة بكلية لندن لإدارة الأعمال.

ويشير الاقتصاديون إلى أن «الظروف الخارجية» تبقى دوما المحرك الرئيسى لتدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة، بينما تلعب السياسات المحلية دورا ثانويا.

وفى ظل تجدد أزمة شح الدولار فى الدول النامية حاليا، وخروج معدلات التضخم عن السيطرة، بدأت عدة دول التفكير فى حلول أخرى بعيدا عن دائرة التعويم والتثبيت، بداية من اللجوء إلى استخدام عملات أخرى فى المعاملات التجارية وحتى خيارات متطرفة كالتخلى عن العملة المحلية تماما وتبنى الدولار بشكل كامل.

خيار «الدولرة» هذا مطبق بنجاح بالفعل فى نحو 37 دولة يقع معظمها فى منطقة الكاريبى وتفكر الأرجنتين فى تطبيقه كأول دولة صاحبة اقتصاد كبير تقبل على تبنيه.

بينما استسلمت دول أخرى للتعويم مرة بعد أخرى، أملا فى أن تصل أخيرا إلى الاستقرار الذى يمكّن اقتصادها من التماسك ومن ثم تحفيز التصدير وخفض الاستيراد لدعم العملة الوطنية بشكل واقعى.

هل يقود التعويم فعلا إلى جذب الاستثمارات الأجنبية؟

قبل نصف قرن، انهار نظام بريتون وودز، وبحلول مارس 1973، كان للعملات الرئيسية فى العالم أسعار صرف متغيرة.

وابتداءً من التسعينيات، قامت الاقتصادات الناشئة بتعويم عملاتها، ضمن نظام جديد لم يوفر لها سوى حماية جزئية فقط، وفقا لأندريه فيلاسكو، وزير المالية السابق فى تشيلى، وعميد كلية السياسة العامة فى معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.

من جهتها، وجدت هيلين راى من كلية لندن لإدارة الأعمال أن الظروف المالية المحلية فى الاقتصادات الناشئة لا تزال مرتبطة إلى حد كبير بأسعار الفائدة الأمريكية وسعر الدولار، حتى فى البلدان التى تتبنى أسعار صرف مرنة.

وبحسب ما نقله تقرير “روجيكت سينديكيت” عن هيلين، فإن البنوك المركزية فى الاقتصادات الناشئة قد تواجه طفرة فى تدفقات رأس المال عندما تعمد إلى تشديد السياسة النقدية لخفض التضخم، والعكس صحيح، والنتيجة أن استقلال السياسة النقدية الذى كانت تتوقعه الأسواق الناشئة لم يتحقق بعد.

ويشير بعض الاقتصاديين إلى أنه بالنسبة للأسواق الناشئة، فإن الظروف الخارجية هى المحرك الرئيسى لتدفقات رأس المال إلى الداخل، أما السياسات المحلية فلها دور ثانوى.

الدولار يحكم

وتشير ورقة بحثية حديثة كتبها موريس أوبستفيلد من جامعة كاليفورنيا، وهوانان زو من جامعة برينستون إلى هذه النقطة أن الطريقة التى تؤثر بها التغيرات فى الظروف الدولية على الأسواق المالية فى الأسواق الناشئة تعتمد على نظام سعر الصرف، وأن الناتج المحلى الإجمالى والاستثمار وأسواق الأسهم تنخفض بشكل أكثر حدة استجابة لارتفاع الدولار فى البلدان التى تتبنى أسعار صرف ثابتة.

وأوضحا أن الحفاظ على ربط العملات بالدولار الأمريكى يتطلب زيادات أكبر فى أسعار الفائدة المحلية استجابة لارتفاع الدولار.

علاوة على ذلك، يميل ارتفاع الدولار إلى التزامن مع انخفاض الرغبة فى المخاطرة وارتفاع العائد المطلوب على سندات الأسواق الناشئة.

وبحسب التقرير، فإنه فى ظل أسعار الصرف المرنة، يتحقق التعديل عن طريق خفض قيمة العملة، بدلاً من رفع معدل الفائدة محليا الذى له تداعيات مدمرة.

ورغم أن نظام سعر الصرف المرن لا يسمح للاقتصادات الناشئة أن تنجو خلال فترات ارتفاع قيمة الدولار دون أن يلحق بها ضرر، إلا أنه يوفر حماية جزئية، وفقا للتقرير.

متاهة التعويم

وذكر التقرير أنه بعد الأزمة الآسيوية فى التسعينيات، شعر صناع السياسة فى الأسواق الناشئة بالقلق من أنه كلما حدثت صدمة وانخفضت أسعار الصرف بشكل حاد، ارتفعت تكلفة العملة المحلية اللازمة لخدمة الديون ومن ثم فإن العملات المحلية تتضرر.

ونتيجة لما يسمى بتأثير الميزانية العمومية، فقد يكون الاستهلاك منخفضا، ولن توفر أسعار الصرف المرنة بالضرورة الحماية المناسبة.

وأوضح التقرير أن هذه الحجة بدت مقنعة فى ذلك الوقت، لكنها لم تصمد أمام اختبار الزمن، فخلال جائحة كورونا، تراجعت عملات الاقتصادات الناشئة ولم يتبع ذلك أزمة مالية، ويبدو أن الأمر نفسه كان صحيحًا فى أحدث حلقة من ارتفاع الدولار.

الاقتراض من الداخل

وبحسب خبراء من بنك التسويات الدولية فإن الاقتراض بالعملة المحلية، ينقل ببساطة مخاطر العملة إلى المقرضين الذين يتخارجون عقب أى انخفاض كبير فى قيمة العملة، لذا فإن ارتفاع قيمة الدولار يضخم عمليات البيع فى سندات الأسواق الناشئة المقومة بالعملة المحلية، ولكن ليس فى السندات المقومة بالدولار.

وبالنظر إلى أن نظام سعر الصرف المرن ليس هو الحل الأمثل، وفقا للتقرير، يتعين على سلطات الأسواق الناشئة اتخاذ خطوات إضافية للحفاظ على الاستقرار المالى المحلى، أحد أهم هذه العوامل هو الاستمرار فى تحفيز المدخرات المحلية وتطوير أسواق رأس المال، بحيث يمكن الاقتراض أكثر من الداخل.

الأرجنتين تطرح «الخيار المتطرف».. إلغاء البيسو واعتماد الدولار

إذا فاز مرشح الرئاسة فى الأرجنتين وعالم الاقتصاد، خافيير ميلى، فى الانتخابات الرئاسية فى أكتوبر القادم، فربما يقدم على الوفاء بتعهده بخصوص إنهاء العمل بعملة البيسو الوطنية بشكل نهائى بهدف القضاء على التضخم الذى وصل لخانة المئات والتخلص بشكل نهائى من مشكلة ذوبان قيمة البيسو “كما لو كان ثلجا فى الصحراء الكبرى” على حد تعبيره.

ولو تمكن ميلى من تنفيذ تعهده الانتخابى فستصبح الأرجنتين هى أكبر اقتصاد كبير الحجم يقبل على تبنى الدولرة المطبقة بالفعل لدى العديد من دول العالم الأصغر حجما.

وتبنت بعض الدول بالفعل خيار الإلغاء الكامل أو الجزئى للعملات المحلية واستبدالها بالدولار، مثل الإكوادور والسلفادور، اللتين ألغيتا عملاتهما المحليتين فى أعقاب مرورها بأزمة كبرى على صعيد العملة والاقتصاد.

وهناك دول أخرى اتخذت هذا القرار لأسباب عملية أو تاريخية مثل بنما التى تستخدم الدولار فى معاملاتها منذ استقلالها عام 1904، بجانب عدة دول فى الكاريبى.

وتندرج الدولرة، سواء الكاملة أو الجزئية، ضمن الإجراءات المتطرفة التى تستهدف التغلب على مشكلة شح الدولار، بحسب تقرير لبلومبرج.

وتقبل البنوك المركزية فى منطقة الكاريبى على الاحتفاظ باحتياطيات دولارية بشكل أساسى، كما يتم قبول الدولار كعملة معترف بها لإجراء المعاملات جنبا إلى جنب مع عملاتها المحلية، كما تفضل الكثير من الأسر الاحتفاظ بمدخرات دولارية، ضمن عملات أجنبية أخرى.

وهناك اقتصاديات تقبل على قبول الدولار جزئيا فى منطقة الكاريبى، مثل الباهاما التى تربط عملتها بالدولار، وكذلك باربادوس التى يتم ربط عملتها بالدولار بمعدل 2:1.

مزايا الدولرة

الدول التى أقبلت على الدولرة تستفيد من ميزة أساسية للدولار، وهى ثبات قيمته على مدى زمنى طويل.

وتستفيد الدول صغيرة الحجم على وجه الخصوص من نظام تثبيت سعر الصرف المتحقق جراء ربط العملة المحلية بالدولار لأنه يمنحها ميزة عدم التعرض للتذبذبات المتكررة غير المتوقعة فى سعر صرف عملاتها المحلية بفعل التعويم الكامل لها، وذلك دون الحاجة لاستخدام احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبى لتحقيق هذا الهدف.

ولهذا السبب تحتفظ الدولرة بجاذبية كبيرة للدول صاحبة الاقتصادات الأصغر حجما.

ويصل عدد الدول التى تلغى عملتها المحلية نظير استبدالها بالدولار بشكل كامل إلى 37 دولة ذات اقتصاد صغير الحجم.

ومن مزايا الدولرة أيضا خفض تدفقات رؤوس الأموال الخارجة وتشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر، وهو ما يصب لصالح البلدان التى لها عملات محلية غير مستقرة فى القيمة أو التى تحتاج دوما لدعمها عبر تدخلات بنوكها المركزية فى سوق الصرف.

ويرى صندوق النقد الدولى أن الميزة الأساسية للدولرة الكاملة هى التغلب على خطر الخفض المفاجئ الحاد فى سعر صرف دولة من الدول.

وكان من شأن تطبيق الدولرة فى بنما، مساعدتها على تحقيق الاستقرار السعرى.

عيوب الدولرة

لكن الدولرة لا تعفى هذه البلدان من خطر التعثر فى الدين السيادى ومن استجابة المستثمرين للأزمات المالية والصدمات الواقعية والظروف السياسية والاجتماعية لها، وتكشف تجربة تطبيق الدولرة فى الأكوادور عام 2000 والسلفادور عام 2001 عن أنها لم تحم الأولى من خطر التعثر فى سداد الديون مرتين عامى 2008 و2020 والثانية عام 2017.

وتؤدى الدولرة من ناحية أخرى، إلى حرمان الدول من السيطرة على سياستها النقدية، وهو أمر يصعب تعويضه خصوصا أثناء الأزمات العالمية عندما يترتب عليها انهيار استقرار الدولار الأمريكى، فتصبح عاجزة عن تطبيق سياسات للتعامل مع صدمات الاقتصاد الكلى.

ويحذر صندوق النقد الدولى من الإفراط فى الدولرة المفرطة، مشيدا بمرونة السياسة النقدية وتبنى خيار خفض قيمة العملة كوسيلة للتصدى لأزمات ميزان المدفوعات والأزمات المالية.

نيجيريا تفضل التحرير الكامل للعملة

يسعى الرئيس النيجيرى الجديد بولا تينوبو إلى الضرب على صفيح ساخن، ففى أول خطاب له بعد حفل تنصيبه رئيسا للبلاد الذى انعقد يوم 29 مايو الماضى، أكد اعتزامه تنفيذ عدة مبادرات على صعيد الاقتصاد الكلى بهدف خلق فرص العمل وتحسين إجمالى الإنتاجية.

ولاحقا، أعلن تينوبو إلغاء دعم الوقود وتحرير سعر الصرف، فى قرارات يرى محللون أنها ستقود البلاد إلى أوجاع على المدى القصير، لكنها ستفضى فى النهاية إلى زيادة إمدادات الدولار إذا تمت إدارتها بشكل ملائم، وفقا لموقع “بنجاميدادا” النيجيرى.

وبحسب التقرير، من المقدر أن يشعر الناس بتأثيرات مفجعة جراء تطبيق هذه السياسات على الأجل القصير عندما ترتفع تكاليف المعيشة.

ويعد الغذاء والمواصلات من بين الفئات الأكثر تأثرا بصدمات الأسعار، وعلى سبيل المثال، عندما يتم رفع دعم الوقود ستقفز أسعار البنزين بأكثر من %150 لتصل إلى 490 نيرة (العملة المحلية) لكل لتر فى لاجوس، المركز التجارى للبلاد.

وبالفعل، بلغت النيرة مستوى 702.19 أمام الدولار فى إغلاق يوم 15 يونيو الجارى، مقابل 465 نيرة يوم تولى تينوبو مهام منصبه، بينما ارتفع سعر البنزين إلى نحو 500 نيرة مقابل اللتر من 186 نيرة.

ومقابل هذا، اعتبر المستثمرون أن هذه الإصلاحات تندرج ضمن الإجراءات الإيجابية لأنها ستؤدى إلى كبح جماح الإهدار العام وإعادة تخصيص الموارد بكفاءة وزيادة ثقة المستثمرين وتحسين إجمالى الإنتاجية.

إقالة محافظ المركزى وتعويم النيرة

وقرر الرئيس النيجيرى إقالة محافظ البنك المركزى النيجيرى جودوين إيمفيلى يوم 9 يونيو 2023.

ويوم 14 يونيو، نقلت وسائل الإعلام عن المركزى النيجيرى إصداره أوامر للبنوك بتعويم النيرة لتصل إلى 755 أمام الدولار الواحد.

ويستهدف قرار توحيد سعر صرف النيرة القضاء على أربعة أسواق للصرف الأجنبى فى البلاد، وكانت جميعها تعد قانونية ويقصد بها إمداد القطاعات المختلفة بما تحتاجه من العملات الأجنبية بأسعار متباينة، ومنها سوق للمعاملات بين البنوك (الإنتربنك) وآخر للمستثمرين والمصدرين، وثالث يحمل اسم مكتب التحويل لخدمة تجار التجزئة ورابع للشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبالنظر إلى محدودية إمدادات الصرف الأجنبى الواردة من المصدرين والمستثمرين الأجانب، لعب المركزى النيجيرى دورا ملموسا فى ضخ الدولار فى هذه الأسواق الأربعة.

وأدت تدخلات المركزى فى سوق العملات الأجنبية إلى رفع سعر الدولار أمام النيرة لمستويات مفتعلة، مما أدى إلى الضغط على احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبى.

وتسهم خطوة توحيد سعر صرف النيرة فى نيجيريا إلى منع ممارسات أصحاب النفوذ فى البلاد، خصوصا السياسيين، الذين اعتادوا شراء الدولار بأسعار منخفضة من أحد الأسواق الأربعة (النوافذ الأربعة لصرف الدولار)، ثم بيعها فى نافذة أخرى، مما يجلب لهم أرباح نتاج الفارق بين الأسعار فى النافذتين مقابل تقليص المتاح من الدولارات لدى النوافذ الأخرى.

زيادة معروض الدولار

من المقدر أن تؤدى هذه الخطوة أيضا إلى زيادة المعروض من الدولار، لأن المستثمرين سيشعرون براحة أكبر عند التعامل مع سعر صرف موحد وسيحفزهم على ضخ المزيد من الدولارات فى الاقتصاد النيجيرى، وسيصل حملة الأسهم لمرحلة الثقة فى أنهم يستطيعون إعادة توزيعات الأرباح لأوطانهم بأسعار عادلة.

وسيتمكن النيجيرون كذلك من الوصول إلى الدولار بسهولة أكبر، بما يعنى التغلب على أزمة شح الدولار التى تعنى عجز النيجيريين فى شراء الدولار من البنوك المحلية لتلبية مهام دولية مثل سداد الرسوم الدراسية لمدرسة خارج نيجيريا، وبات يصعب عليهم أيضا الحصول على التحويلات الدولارية التى يرسلها أقربائهم فى الخارج، وفى ظل زيادة الشفافية وتعزيز إتاحة الدولار لدى نوافذ الصرف الأجنبى الأربعة، سيكون بوسع مستهلكى التجزئة الحصول على الدولار بسهولة وبسعر عادل.

وبحسب التقرير، تسببت القرارات الأخيرة فى رفع سعر الدولار أمام النيرة، لكنه سيعود فى نهاية المطاف للتداول عن مستويات منخفضة بفعل المنافسة وزيادة التدفقات الدولارية الداخلة، وظهرت بالفعل دلائل على حدوث هذا، فقد جرى تداول الدولار عند 790 نيرة قبل إغلاق السوق يوم 14 يونيو.

وبحلول يوم الجمعة 15 يونيو، لم يتضح بعد سعر الصرف الذى ستسمح به الإدارة الجديدة للعملة المحلية بالاستقرار عنده، لكنه بلغ مستوى 823 أمام الدولار فى ختام تعاملات 24 يونيو.

ويشير تقرير أطلعت عليه بلومبرج أعدته لجنة مختصة بتقديم الاستشارية إلى تينوبو قبل الانتخابات إلى أن إدارته يجب أن تستهدف سعر صرف 550 إلى 600 نيرة لكل دولار.

صندوق النقد ينصح بـ«العلاج الصعب»

يمكن اتخاذ إجراءات لتوفير النقص فى الدولار، لكن القليل من هذه الإجراءات يسهل تطبيقه.

النصيحة الاعتيادية فى هذه الظروف تشمل تخفيض الطلب على الواردات، ويتم عادة توجيه نصيحة للحكومات بتشجيع التصدير وتوفير بدائل للواردات، لكن هذا أمر يصعب تحقيقه ويستغرق بعض الوقت.

يوصى تقرير لصندوق النقد الدولى بالتدخل لضبط سعر صرف العملات الأجنبية ولو بشكل مؤقت بهدف الحيلولة دون زيادة مخاطر الاستقرار المالى بفعل التراجع الشديد فى قيمة العملات المحلية، مثل تعثر الشركات.

ويوصى تقرير صندوق النقد الدولى بضرورة احتفاظ الدول باحتياطيات نقد أجنبى لمساعدتها على تغطية التدفقات الخارجية وأية اضطرابات مستقبلية. وينبغى أن تقوم البلدان بإعادة إنشاء خطوط مقايضة مع البنوك المركزية فى البلدان ذات الاقتصاديات المتقدمة.

وينبغى على البلدان صاحبة السياسات الاقتصادية السليمة التى تعانى من نقاط ضعف معتدلة أن تبادر بطلب الحصول على خطوط تمويل استباقية من صندوق النقد الدولى حتى يتسنى لها تلبية احتياجات السيولة المستقبلية.

أما الدول التى تعانى من ديون ضخمة بالعملة الأجنبية، فينبغى عليها خفض الاختلالات فى الصرف الأجنبى عن طريق إدارة تدفقات رؤوس الأموال أو تبنى سياسات ترشيدية على صعيد الاقتصاد الكلى، جنبا إلى جنب مع تفعيل عمليات لإدارة الديون بهدف تيسير سدادها.

ويوصى تقرير الصندوق بأن تواصل الولايات المتحدة تشديد سياستها النقدية رغم ما تجلبه هذه السياسة من عواقب عالمية ناجمة عن صعود قوة الدولار وتشديد ظروف التمويل العالمية، ويظل تطبيق الولايات المتحدة لهذه السياسة جيدا طالما ظلت معدلات التضخم فى الولايات المتحدة أعلى من المستهدف.

ويشير التقرير إلى صعود حصة مشاركة الدولار فى الصادرات العالمية إلى %40 رغم تراجع حصة الولايات المتحدة فى صادرات البضائع العالمية من 12 إلى %8 منذ عام 2000.

وزادت صعوبة تحقيق هدف خفض معدلات التضخم أمام الكثير من دول العالم بسبب ضعف العملات المحلية أمام الدولار، وتفاقمت هذه الضغوط خصوصا فى الأسواق الناشئة جراء تزايد اعتمادها على الاستيراد وصعود حصتها من الواردات ذات الفواتير الدولارية مقارنة بالبلدان المتقدمة.