تأمين النقل البرى.. «عقود تجارية» وقيمة مضافة للمصدرين

ترتبط الحالة الاقتصادية فى العديد من دول العالم النامى بالحجم الفعلى الذى تنتجه هذه الدول، وكذلك عملية النقل الداخلى لتلك المنتجات خلال رحلة تصديرها

Ad

ترتبط الحالة الاقتصادية فى العديد من دول العالم النامى بالحجم الفعلى الذى تنتجه هذه الدول، وكذلك عملية النقل الداخلى لتلك المنتجات خلال رحلة تصديرها، أو استخدامها محليّا، ولذلك تحرص تلك الدول على تطوير وسائل النقل الداخلى بمختلف أنواعه مع تحسين الطرق المستخدمة لعملية النقل.

وأشار خبراء إلى أن اهتمام الدولة بإنشاء شبكة ربط الطرق البرية سيساعد على عملية تنشيط حركة النقل البرى ونقل البضائع، لاسيما أنها توفر مرونة الحركة، والسرعة والسلامة والأمن، وكذلك الكفاءة فى الأداء الوظيفى فى إطار الحد الأقصى للحمولة بكل أشكالها وأنواعها وخصائصها.

وقال جمال شيبة، خبير التأمين الاستشاري، إن الخسائر التى تتعرض لها البضائع أثناء الرحلات الداخلية حتى أماكن وصولها النهائية بسبب الطرق غير الممهدة تؤثر على الاقتصاد القومي، ما يؤدى إلى زيادة فى الخسائر الناجمة عن فقد أو تلف البضائع، ولذلك كان العمل على منع وتقليل الخسائر بشتى الطرق، ومنها التأمين، على تلك رأس الأولويات خلال رحلتها داخليًا.

واستعرض «شيبة» أنواع التأمين الداخلى المتاحة لرجال الأعمال والصناعة التى تحمى بضائعهم أثناء نقلها داخليا، وهى النقل البرى، الذى يضمن تغطية جميع الخسائر أو الأضرار التى تلحق بالبضائع المؤمن عليها، والناتجة عن خطر الحريق وحوادث انقلاب وتصادم أو غرق السيارات الناقلة، وكذلك السطو المسلح وخطر الشغب والإضرابات والاضطرابات المدنية وخطر الشحن والتفريغ، وأيضًا التأمين على الرسائل المنقولة إلى الدول المجاورة بالشاحنات.

وأشار إلى أن شركات التأمين تصمم الوثائق لحماية الأطراف المستفيدة من الأضرار التى قد تلحق بضائعهم أثناء نقلها برا أو بحرا، لتسير نحو استثمار أكثر أمانا، إذ تقديم خدمات تأمين ذات جودة تحقق أقصى درجات الرضا لشركات ومؤسسات التخليص الجمركى، والنقل التجاري، والاستيراد والتصدير.

وأضاف أن التأمين يغطى كذلك الأضرار التى تلحق بالبضاعة المؤمنة نتيجة تحقق أى من أخطار النقل البحرى أو الجوى أو البرى، حسب شروط واستثناءات وثيقة التأمين، وتلك الأضرار التى يمكن أن تلحق بالبضاعة المؤمنة بسبب حادث طرق لوسيلة النقل البرى من احتراق، أو اصطدام، أو انقلاب وسيلة النقل البرى بموجب الشروط.

وبيّن أن تغطية الخسائر التى تلحق بالبضائع أثناء نقلها برا بسبب حادث مشمول بالتأمين ناتج عن حادث انقلاب أو حريق أو اصطدام للسيارة الحاملة للبضائع ويؤدى إلى إلحاق أضرار، لتبدأ من وقت تحميل البضائع على الشاحنة، وتنتهى بمجرد تفريغها فى مكان الوصول النهائى أو بمضى 24 ساعة عمل على وصول الشاحنة.

وقال الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة، إن النقل البرى للبضائع عن طريق الشاحنات مهم فى التجارة الداخلية والنقل المتعدد الوسائط، والذى من شأنه تنشيط الحركة الاقتصادية، نظرا لأهميته وارتباطه مع بقية القطاعات الأخرى، لذلك تطورت وسائل النقل سريعا فى الوقت الحاضر، وأصبح للنقل أثر واضح فى كل أنواع النشاط البشرى والاجتماعي.

وتابع: يعد الوسيلة المساهمة فى تقريب الاتصال بين المجتمعات، غير أنه قد يواجه مخاطر والصعوبات فيتحول من نعمة تحقق الأرباح، وتوفر الخدمات إلى نقمة تخلف أضرارا وكوارث، لذلك كان لا بد من البحث عن الوسيلة التى توفر الحماية من المخاطر.

وأضاف أن التأمين البرى نظام خاص مستقل بذاته وخصوصياته، لأن قواعده ظهرت كعادات ثم تبلورت إلى عرف التدوين فى مجموعات، فالوسيلة هى المركبة، والغاية هى توصيل البضاعة فى أمن وسلام، فتعرض المركبة البرية والبضائع المنقولة لمخاطر كالحريق أو السرقة، أو إلى أخطار مصاحبة لقوة قاهرة أو حادث مفاجئ يتسبب فى هلاك أو تلف البضائع، لذلك بات من الضرورى اللجوء إلى التأمين البرى كوسيلة حماية لمصالح الناقل.

وبيّن أن الأسباب والعوامل المؤدية لوقوع حوادث النقل الطرق تتعدد، سواء بفعل الناقل أو أحد مساعديه أو نتيجة أسباب أخرى خارجة تسبب أضرارا جسمانية وتلفا وهلاك البضائع المنقولة وخسارة وسيلة النقل.

وأشار إلى أن القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ قد يتسببان فى وقوع الحوادث، حيث لا يمكن للناقل أو أحد معاونيه توقعها أو ردهما، كالفيضانات أو انجراف التربة، كذلك قد يتسبب فى وقوع الحوادث صاحب البضاعة عندما لا يقوم بتغليف البضائع بطرق جيدة.

ولفت إلى أن الحوادث ربما جاءت من التصادم مع الغير أثناء الرحلة، نتيجة الازدحام المرورى الذى يعد من أهم أسباب الحوادث، إضافة إلى أنه يؤدى إلى عدة مشكلات، أهمها بطء فى حركة المرور والوقت الضائع، والمقابلات والمواعيد التى تخلف نتيجة زيادة وقت الرحلات، وتأخر حركة المسافرين والبضائع.

وقال إيهاب خضر، وسيط تأمين، إن لوثائق التأمين دورا أساسيا، إذ تعد عقودًا تجارية لا يمكن الاستغناء عنها للوقاية من المخاطر، وصيغة لإدارة المخاطر والوقاية منها وتقليلها، على اعتبار أن مبلغ قسط التأمين مرتبط بدرجة المخاطر المغطاة، ولذا فإن شركات التأمين تقوم بدراسة أسباب الخطر للحول دون وقوعه.

وأضاف أن فكرة التأمين أثرت كثيرا على المؤسسات القانونية لتفعيل القانون الخاص، إذ بات ظاهرا للعيان التحول العام لنظرية المسئولية من الطابع الشخصى القائم على فكرة الخطأ، إلى المسئولية الموضوعية المؤسسة على فكرة الضرر، كما ساهمت فى تطوير فكرة الأثر النسبى للعقد وتوسيعها من خلال صيغة الاشتراط لمصلحة الغير، كما لا يمكن إنكار الإثراء التجارى الذى حققه قطاع النقل.

ولفت إلى مساهمة التأمين فى تكوين الدخل القومى، بفضل الضمانات التى يمدها للموردين، فهو قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى بفضل تشجيع الاستثمار، مع الإسهام فى حركة رؤوس الأموال، إذ يجلب العملة الصعبة نتيجة أقساط إعادة التأمين التى تحولها الشركات الوطنية مع مؤسسات التأمين فى الخارج.

وأوضح أن التأمين يمنح تشجيعًا للاستثمار فى المشروعات الجديدة، فى ممارسة أى نشاط تجارى يتطلب رأس المال المجموع غالبا من المستثمرين أو البنوك، وأن الأصول العائدة للنشاط التجارى تمثل عادة الضمان للمستثمرين، الحريق مثلا الذى يصيب وسيلة النقل يؤدى بسهولة إلى جعل النشاط التجارى غير مربح، وتوفير للمستثمرين بدائل الحماية، وبالتالى التشجيع على الاستثمار واستمرارها.

من جانبه، قال سمير محمود؛ رئيس قطاع التدريب بشركة قناة السويس للتأمين ورئيس معهد التأمين بمصر سابقا، إن المؤكد من تأمين النقل البرى «تحسين الخطر»، فغالبا ما توحد شركات التأمين جهودها، وتستثمر مبالغ طائلة لمحاولة تقليل تكرار وحجم خطورة الخسائر باستثمارها وبحثهم عن الطرق الجديدة.

كما أن نظام التأمين يشجع على الاستيراد والتصدير عن طريق توفير الحماية والضمان ضد مخاطر النقل، ما يشجع كل المتعاملين الاقتصاديين بتصدير منتجاتهم وباستيراد اللوازم، والضروريات من مواد أولية للخوض فى الصناعات التقليدية والحديثة.

وأوضح أن تأمين النقل البرى تحديدا يرفع من مستوى الاقتصاد الوطني؛ إذ يخلق فرص العمل، مشيرا إلى أن التأمين يعمل على توفير حصيلة معتبرة من الموارد المالية، يعاد استثمارها فى مشاريع منتجة، مما يزيد من حجم السلع والخدمات المعروضة.

وأكد أن التأمين يسهم فى توفير الأمن النفسى للعميل أو المتعامل الاقتصادي، ويمكن أن تتعدى فائدة التأمين المؤمن له إلى الغير، كما هو الحال لحوادث المرور بفضل اتساع نطاق المسئولية التى أصبحت الآن تشمل العديد من المجالات، إذا إن له أهمية بالغة، وهذا ما أدى بالتوسع فى استعماله وتطوره.