تتوقع شركات التأمين أن تشهد أقساط القطاع نموا قويا خلال العام الحالى مدفوعا بزيادة كبيرة فى "الطبى" و"السيارات" بسبب تأثير التضخم وإعادة تقييم أصول العملاء وتحسن الطلب.
واعتبروا أن النتائج المالية للسوق خلال الشهور والسنوات الماضية تعزز من توقعات النمو خلال العام الحالى إلا أنهم أكدوا أن التضخم يعد أبرز تحدٍ يواجه الصناعة خلال السنة الحالية.
وكان تقرير حديث صادر عن معهد "سويس رى" كشف عن زيادة قيمة الأقساط العالمية للتأمين إلى 7 تريليونات دولار، للمرة الأولى فى عام 2023 بسبب التشدد فى الأسعار، مع نمو بنسبة %6.1 فى إجمالى حصص "الممتلكات" و"الحياة".
وأوضح تقرير "سويس رى" الذى يحمل عنوان "اتجاهات صناعة التأمين العالمية 2022 – 2023.. مخاطر التضخم تأتى فى المقدمة" أن استمرار البنوك المركزية على مستوى العالم فى تشديد السياسات المالية والنقدية ورفع أسعار الفائدة من شأنه أن يعزز عوائد الاستثمار على المدى الطويل، مع تحقيق محافظ سندات شركات تأمين الممتلكات عوائد أعلى بصورة تدريجية، مرجحا أن يشهد قطاع "الحياة" فى 2023 ارتفاعا فى القيمة الحقيقية للأقساط العالمية بنسبة %1.9.
ومن حيث القيمة الاسمية، توقع التقرير أن تتجاوز أحجام الأقساط العالمية 7 تريليونات دولار، بحلول نهاية هذا العام للمرة الأولى على الإطلاق، وبالتالى ستكون أعلى من %17، عما كانت عليه فى بداية أزمة كورونا، مما يعكس مرونة أسواق التأمين فى التعامل خلال فترة الوباء وما بعده، إلا أن التباطؤ الاقتصادى يؤثر على نموها فى 2023 مع توقع زيادة إجمالى حصص "الممتلكات" و"الحياة" ويجب على الأخير الاستفادة من زيادة الوعى بالمخاطر والإقبال على التفاعل الرقمى.
ومن ناحية أخرى، يعد الجانب الإيجابى المتوقع حدوثه أن تدعم أسعار الفائدة المرتفعة بمرور الوقت ربحية الصناعة، بتحقيق عوائد استثمار أعلى، وتطرق التقرير إلى العوامل التى قد تؤثر فى نمو التأمين بشكل سلبى، وهى تأثير الحرب فى أوكرانيا، واستمرار التضخم فيما يتعلق بالمطالبات، فى حين أن العوامل التى قد تؤثر بالسلب على القطاع، تتمثل فى ارتفاع معدلات الفائدة، وزيادة الوعى بالمخاطر بعد جائحة كورونا، وتشددالأسعار.
نمو أقساط التأمين بنسبة %25.. ولكنها "غير واقعية
وقال وليد سيد مصطفى؛ مساعد العضو المنتدب لشركة ثروة للتأمين وخبير التأمين الاستشارى إن الشركات المصرية ليست بمعزل عن العالم فيما يخص ارتفاع أقساط التأمين، وعلق على تقرير "سويس رى" بأن القطاع بمصر قد يكشف عن نمو فى آخر يونيو الجارى بما يتراوح بين 20 - %25 مرجعا تلك الزيادة "غير الحقيقية" إلى مستجدات الوضع الراهن من تغيير سعر الصرف والأزمات الطاحنة التى يمر بها الاقتصاد، لافتا إلى أن بلوغ تلك النسب هو مجرد تعديل الوثائق عبر إعادة تقييم الأصول لامتصاص تأثير التضخم وتجنبا لتطبيق "شرط النسبية" لا سيما فى فرعى "الطبى" و"السيارات" بعد ارتفاع أسعار الدواء ومستلزمات العلاج وقطع غيار السيارات وتكاليف صيانتها، مما يعنى أن نمو الأقساط لم يكن نتيجة إصدارات جديدة .
مصطفى: إعادة تقييم أصول العملاء ينعش محافظ الشركات
وذكر أن إجمالى قيم الأقساط المحصلة للتأمين منذ بداية يناير حتى نهاية مارس 2023 قد ناهزت 18.2 مليار جنيه، وذلك ما يشير إلى نمو ملحوظ بنسبة %37.3 مقارنة مع المدة ذاتها من العام الماضى، والتى أشارت إلى أقساط بقيمة 13.3 مليار جنيه تقريبا.
وأضاف أن إعادة تقييم الأصول يظهرها بقيمها الحقيقية ويعزز من الملاءة المالية للمؤسسة، وفقا للمتغيرات التى طرأت نتيجة ذلك، حتى لا يتحمل العميل جزءا من التعويض نتيجة الفجوة بين القيمة السوقية ومبلغ التأمين بالوثيقة.
وأشار إلى أن أكثر الفروع تضررا بشرط النسبية فى المقام الأول هو «السيارات» ولا يعنى ذلك أن باقى الممتلكات فى مأمن، إلا أنها قد تكون بقدر أقل، ومنها «الهندسية» و«الحريق» فحال تغطية العدد والمعدات والآلات بأقل من قيمها؛ تصطدم المنشأة باستبدالها بقيم مغايرة لما تم التأمين به.
سوق الممتلكات على موعد مع نمو بحجم %75 فى 2030
من جهته، أكد خالد سعيد؛ رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع بشركة طوكيو مارين جنرال تكافل، أن قيم أقساط التأمين سوف تحرز نموا بنهاية يونيو الحالى يتراوح من 10 - %15 كنسبة إجمالية لفرعى "الممتلكات" و"الحياة".
وأرجع ذلك لحجم المشروعات القومية الكبرى التى تتبناها الدولة فى جميع القطاعات، مشيرا إلى أن رؤية 2030 سوف تضمن بفضل التوسعات الجغرافية للمدن العمرانية والانتشار الصناعى نموا واعدا بسوق "الممتلكات" يصل إلى %50 بعد 5 سنوات من الآن، لتصل فى 2030 إلى ما يقترب من %75 نموا عما هى عليه الآن.
سعيد: نتائج الفترة السابقة تؤكد تحسن مؤشرات السوق
وذكر أن تأمينات الممتلكات والمسئوليات إنما تعنى تغطية الممتلكات ضد الأخطار، مثل الحريق أو السرقة، والمنازل والسيارات والمخازن والبضائع وغيرها من الأصول، بينما تأمينات الأشخاص وتكوين الأموال يقصد بها تغطيات الحياة، أو فى حالة الوفاة أو ضد الحوادث الجسدية، وغيرها من أنواع التغطيات المختلفة.
وأوضح أن إعادة تقييم الأصول سيؤدى إلى تعظيم الأقساط، مما سيجعل مبالغ التأمين عاكسة لقيم حقيقية، ومن ثم التعويضات، التى ستكون مؤداة بزيادة تتناسب والقيم الفعلية لمنتجات السوق، وبهذا يتحقق هدف التأمين الذى سعى له العملاء.
ولفت إلى أن السنوات الأولى من هذا العقد جاءت منذرة بوقوع فترة اضطراب فى تاريخ البشرية، فحين بدأ العالم فى التعافى من آثار جائحة كورونا (كوفيد - 19) ظهرت حالة عدم الاستقرار مرة أخرى بسبب اندلاع الحرب فى أوكرانيا، مما أدى إلى سلسلة جديدة من الأزمات فى الغذاء والطاقة، وهو ما أثار مشكلات سعت العقود الماضية إلى حلها.
التضخم يعوق فرص النمو الحقيقى فى 2023
وبدوره توقع إيهاب خضر؛ وسيط تأمين، أن يزداد نمو أقساط التأمين بنهاية يونيو الحالى، استنادا على نمو أقساط 2022 كاملة، حيث إن قيم الأقساط المحصلة للتأمين بنهاية ديسمبر 2022 قد ناهزت 56.8 مليار جنيه، لافتا إلى أن قيمة أقساط التأمين فى 2021 بلغت 49 مليارا تقريبا، بنسبة نمو ناهزت %15.9 مشيرا إلى أن قيم أقساط تأمينات الممتلكات والمسئوليات بنهاية عام 2022 نمت بنسبة %16.5 مقارنة بـ2021، حيث وصلت فى 2022 إلى 23.8 مليار جنيه تقريبا، بينما بلغت 20.4 مليار تقريبا فى 2021، بينما زادت قيم الأقساط الخاصة بالأشخاص وتكوين الأموال بنسبة %15.5 فى 2022 عن 33 مليارا، بينما بلغت 28.6 مليار فى 2021.
وأضاف أن المخاطر التى تحيق بالعالم فى عام 2023 تتلخص فى أزمات إمدادات الطاقة والتضخم وإمدادات الغذاء، حيث بدأ الشعور بأزمة تكلفة المعيشة على مستوى العالم بالفعل، ومن المتوقع أن تواجه العديد من الدول منخفضة الدخل عددا من الأزمات، والتى منها على سبيل المثال، الديون وتغير المناخ والأمن الغذائى إذ تؤدى أزمات الغذاء والوقود إلى تفاقم نقاط الضعف المجتمعية، ومن ثم فرص التأمين، بينما يؤدى انخفاض استثمارات التنمية البشرية إلى تآكل القدرة على الصمود مستقبلا، كما يتسع أثر الأزمات المتفاقمة عبر المجتمعات، مما قد يضر بسبل العيش الخاصة بقطاع عريض من السكان وتزعزع استقرار عدد من الاقتصادات حول العالم.
ولفت إلى أن مخاطر التضخم وأزمات تكلفة المعيشة والحروب التجارية وتدفقات رأس المال الخارجة من الأسواق الناشئة والاضطرابات الاجتماعية المنتشرة والمواجهات الجغرافية السياسية وشبح الحرب النووية، تعد مخاطر آنية لا يزال يعانى منها العالم، والتى لم يشهدها سوى القليل من قادة الأعمال وصانعى السياسة العامة من ذوى الخبرة من هذا الجيل، ذاكرا أن المخاطر قد طرأ عليها التطورات الجديدة نسبيا فى المشهد العالمى، حيث ظهر عصر جديد من النمو المنخفض والاستثمار العالمى المتدنى وتراجع العولمة والتنمية البشرية بعد عقود من التقدم والضغط المتزايد لآثار التغيرات المناخية.
