منذ بداية عام 2023 خفّضت 3 وكالات دولية تصنيفها الائتمانى لبنوك مصرية ومنها حكومية، أحدثها وكالة «ستاندرد آند بورز» وتحويل نظرتها من مستقرة إلى سلبية لـعدد 3 بنوك كبرى، وكان التساؤل إلى أى مدى يمكن أن تؤثر التقييمات على عمل تلك البنوك وأرباحها.
قال خبراء إن خفض التصنيف الائتمانى للبنوك العاملة فى السوق المصرية لا يتعلق بالمودعين أو يؤثر على عمل البنوك وأرباحها، وإنما يمتد إلى الرؤية الخارجية لها حال الاستثمار داخل مصر مما يتطلب ضمانات أكثر وفوائد مرتفعة.
وأفادوا بأن انخفاض تصنيف الدولة ينعكس على شركاتها وبنوكها فى الأساس، مؤكدين أنه ليس ثابتًا وقابل للتغيير، وأن تلك الوكالات تدرس ميزانيات تلك البنوك وفحص أصولها، والتزاماتها، بالإضافة إلى تنبؤات عملها فى السوق المصرية فى الفترة المقبلة وفقا لنشاطاتها ومحافظها.
من جانبه قال عمرو الألفى رئيس قطاع البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية إنه حال تخفيض أو رفع للتصنيف السيادى للدولة، ينعكس بالمثل على كبرى الشركات والبنوك المتواجدة بها خصوصا وإن كانت مملوكة للحكومة.
وأضاف الألفى أن تخفيض تصنيف قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، من B+ إلى B مع نظرة مستقبلية سلبية ترتب على الأمر ذاته للبنوك.
ومنذ ما يقرب من شهر خفضت وكالة «ستاندرد أند بورز» نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، لكنها أبقت على تصنيفها عند مستوى B/B، مبررة توقعاتها بحاجة الحكومة المصرية إلى تمويل كبير فى 2023 وكذلك 2024، يقدر بمبلغ 17 مليار دولار، و20 مليار دولار على التوالي.
واستبعد أن يؤثر التصنيف على أرباح البنوك أو عملها وإنما يتعلق بالمخاطر السيادية للدولة، مشيرًا إلى أن تأثيره يمكن أن يقتصر على اقتراضها من الأسواق الخارجية فى حالة الاستدانة أو طلب تمويل من الخارج.
وبرر، من وجهة نظره، أن البنوك تعمل وفقًا لهامش ربحية، وفى حال ارتفاع التكلفة سيواجهه فى المقابل زيادة فى الإيراد.
وقال خبير مصرفى بأحد البنوك الحكومية التى انخفض تصنيفها الائتمانى، رافضًا ذكر اسمه،، إن الأسس التى تعتمد عليها تلك المؤسسات الدولية فى اتخاذ القرار الائتمانى يتعلق بدراسة ميزانيات تلك البنوك وفحص أصولها والتزاماتها ومن ثم بحث ما إذا كانت متورطة فى أصول فقدت أو قلت قيمتها.
والتصنيف الائتمانى هو تقييم مستقل للجدارة الائتمانية لسند أو شركة أو دولة من قبل وكالات دولية، ومدى قدرتهم على الوفاء بالتزاماتها فى وقتها المحدد دون تأخير.
وأضاف أن هناك ركيزة أخرى تتعلق بتنبؤات عمل تلك البنوك فى السوق المصرية فى الفترة القادمة وفقا لنشاطاتها ومحافظها ليس فقط المتعلقة بالأصول، وإنما الاستثمارات أيضا سواء فى سندات الخزانة، أو ذات فوائد قديمة التى لم تتأثر بارتفاع العوائد وبالتالى انخفضت قيمتها.
وذكر الخبير المصرفى أن تقييم البنوك يعود لعدة أسباب منها تقييم الدولة نفسها، مؤكدا أنه من البديهى فى حالة انخفاض التصنيف الائتمانى للبلاد سيتبعه بالمثل للبنوك العاملة فيها بنفس الدرجة أو حتى أقل.
وتنشر وكالات التصنيف الائتمانى المعلومات المتخصصة فى تحليل مخاطر الائتمان وصياغة ونشر آراء التصنيف التى يستخدمها المستثمرون وغيرهم من المشاركين فى السوق الذين قد يفكرون فى مخاطر الائتمان عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية والتجارية.
وأفاد بأنه من المهم دراسة مخاطر البلد الذى يشمل الجوانب الاقتصادية و السياسية والمشاريع والاستثمارات طويلة الأجل، وبالتالى من خلال تلك المعايير يمكن معرفة قدرة الدولة على سداد المديونيات والنمو بشكل كبير ومن ثم الانتقال لدراسة البنوك استنادا للأسس السابق ذكرها.
وعن مدى تأثير ذلك التصنيف على آلية عمل تلك البنوك؟ قال إن له تأثيرا مباشر خارجيا، مشيرا إلى أن كل بنك له علاقات خارجية كبيرة، و لكى يكون قادرا على الاستيراد والتصدير للخارج، ينظر لتصنيفه الائتمانى إذا كان منخفضا يوجب عليه ضمانات أكثر وسعر فائدة مرتفع.
وأضاف أن هناك تأثيرا آخر يمكن أن يؤخذ فى الاعتبار هو إحجام بعض كبار العملاء عن إيداع أموالهم فى تلك البنوك منخفضة التصنيف بعد دراستهم له مما يؤثر على التمويل.
ولفت الخبير المصرفى إلى أن الوكالات فى حد ذاتها لا تكون منحازة فى تقييماتها، وتعمل وفق تقارير ثابتة ومعروفة، ولكن أصحابها قد يتعمدوا إبراز جوانب بعينها وإغفال أخرى، مؤكدا أن التصنيف ليس ثابتا طوال العمر.
وخفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتمانى لخمسة بنوك مصرية وذلك عقب تخفيض التصنيف الائتمانى للبلاد.
وتلاها وكالة فيتش وخفضت التصنيف الائتمانى للمرة الأولى منذ عام 2013، بعد انخفاض احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.
يذكر أن رصيد احتياطى النقدى الأجنبى ارتفع ليسجل 34.66 مليار دولار بنهاية مايو مقابل 34.551 مليار بنهاية أبريل 2023، بزيادة قدرها 109 مليون دولار.
وأكد أنه بمجرد أن تمر مصر وتسدد الديون قصيرة الأجل ستكون هناك مشاريع جديدة تعمل الآن بصدد أن نحصد نتيجة عوائدها فى المستقبل بشكل ثري.
وكان مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أكد فى وقت سابق أن مصر تحترم التزاماتها بالكامل، مشيرا إلى أنه من المستهدف جمع 2 مليار دولار من خلال بيع أصول مملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية يونيو الجاري.
وقال هشام حمزة مدير إدارة المخاطر بأحد البنوك الحكومية إن تقييم وكالات التصنيف الائتمانى يعود إلى الجدارة الائتمانية على سداد القروض للخارج وفوائدها سواء لصندوق النقد الدولى أو أى مستثمرين آخرين.
وأفاد حمزة أن البنك المركزى يوفر ميزة ليست موجودة فى الدول الأخرى هو ضمان أموال المودعين بالكامل، مشيرا إلى أن هناك دولا فى حالة الإفلاس ولديها أزمة سيولة، كما أن البنوك المركزية فيها لا تدعم المودعين إلا بحوالى ما يقرب من 10 إلى %20 من قيمة المبالغ المملوكة.
وأكد الخبير المصرفى أن التصنيف الائتمانى لا يؤثر على عمل البنوك فى الداخل، وضرب مثالا ببنك الاعتماد والتجارة حينما تعرض لطلب كبير من قبل العملاء لاسترداد ودائعهم، حينها تدخل البنك المركزى وحافظ على حقوقهم.
وأوضح أن الرؤية الاقتصادية للبنوك المصرية من الخارج هى التى تتأثر حال اتخاذ قرار استثمارى داخل مصر مؤكدا أنه لا يوجد استثمار بدون اللجوء إلى البنوك.
