حدد خبراء سوق المال المصرية عوامل جذب المستثمرين الأجانب للدخول ضمن برنامج الطروحات الحكومية، خاصة بعد بيع نسبة من حصة وزارة المالية فى شركة “المصرية للاتصالات”، من ضمنها استقرار سعر الصرف ورفع مستوى الشفافية، إضافة لتهيئة البورصة عبر تفعيل بعض الآليات.
وكانت البورصة المصرية أعلنت –فى وقت سابق من مايو- عن طرح %10 من شركة “المصرية للاتصالات” بحد أقصى 170.7 مليون سهم من الحصة المملوكة لوزارة المالية، بسعر 23.11 جنيه، بقيمة إجمالية 3.74 مليار.
وأضافت فى بيان لها أن عملية بيع حصة من “المصرية للاتصالات” تمت من خلال شريحتين، الأولى للمؤسسات المالية والأفراد ذوى الملاءة المالية وجهات ذات خبرة فى مجال الأوراق المالية بحد أقصى 162.171 مليون سهم، أى ما يمثل %9.5 من إجمالى أسهم الشركة، والثانية للعاملين فى الكيان بنسبة %0.5 من بحد أقصى 8.535 مليون سهم.
وأعلنت البورصة بجلسة أمس الأول –الإثنين- تنفيذ صفقة بيع الشريحة الثانية، المخصصة للعاملين بنحو 41.75 ألف سهم، بقيمة إجمالية 965.02 ألف جنيه.
يُذكر أن “المال” كشفت فى أبريل الماضى ومايو الحالي، عن دراسة ضم “البنك المصرى لتنمية الصادرات” وأبوقير” و”سيدى كرير” و”أموك” لبرنامجالطروحاتالحكومية خلال الفترة المقبلة، وذلك فى ظل سهولة تنفيذ تلك العمليات نظرًا لتواجد هذه الكيانات فى البورصة.
جدير بالذكر أن الحكومة تستهدف بيع أصول مملوكة لها بقيمة 2 مليار دولار، خلال العام المالى الحالى الذى ينتهى فى يونيو المقبل، ضمن خططها لتوفير الموارد الدولارية، وفقا لما أظهره تقرير صندوق النقد الدولى الصادر مؤخرا.
فتح الله: تهيئة البورصة بتفعيل الـ«شورت سيلينج» والمشتقات بأنواعها أحد العوامل
قال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية، إن عوامل جذب المستثمرين تتمثل فى استقرار الاقتصاد المحلي، ومدى جدية بيئة الاستثمار وتهيئة البورصة المصرية بحيث تحاكى نظيرتها العالمية، وتفعيل الـ”شورت سيلينج” والمشتقات بأنواعها، موضحًا أن الجهات الرقابية والإشرافية لديهما الجدية التامة للقيام بذلك، ولكنهما فى انتظار الضوء الأخضر من صناع القرار.
وأضاف أن استقرار سعر الصرف يلعب دورا هاما فى اجتذاب المستثمرين الأجانب؛ إذ يعمل على الحفاظ على أرباحهم بعد عمليات الشراء؛ مقترحًا تثبيت سعر الصرف لفترة طويلة، فى ظل البنية التحتية التى أنشئت خلال الفترة الماضية وجاهزية المشروعات للطرح فى البورصة لتهيئة المناخ الاستثماري.
وأوضح “فتح الله” أنه بعد دخول المستثمرين العرب والأجانب ستتكثف العمليات داخل البورصة المصرية، ما سيعمل على طمأنتهم للتخارج من استثماراتهم متى أرادوا، ما سيشكل نموًا بسوق المال.
فيما قال مصطفى فوزي، العضو المنتدب لشركة أسباير كابيتال القابضة، إن طرح حصة من “المصرية للاتصالات” هو إظهار حسن نوايا من قبل الحكومة بأنها ملتزمة ببرنامج الخصخصة أمام صندوق النقد الدولى والمستثمرين، سواء المحليين أو العرب والأجانب بغض النظر عن القيمة التى حققتها فى مقابل ذلك التخارج.
وأضاف أن المساهمة العربية والأجنبية فى الحصة المطروحة من “المصرية للاتصالات” فى البورصة والبالغة %9.5 تعتبر محدودة إذ لم تتعدَ نسبة مشاركتهم الـ %30، فى حين كانت الأغلبية تعود للمستثمرين المحليين.
وأوضح “فوزي” أن اتجاه الحكومة المصرية للبنوك الألمانية المموِّلة لمحطات الكهرباء التى أنشأتها “سيمنز” لأخذ موافقة لطرح جزء من تلك المحطات لمستثمرين أجانب، ما يساهم فى دعم موقف الحكومة فى التزامها بتنفيذ برنامج الطروحات.
ورجح العضو المنتدب لشركة “أسباير كابيتال” القابضة، أن يتم طرح محطات الكهرباء لصالح مستثمر استراتيجى عن طريق استحواذ صناديق سيادية أو أخرى استثمارية كبيرة التى يكون لها الدور فى الاستثمار فى البنية التحتية والكهرباء؛ نظرًا لأن الاستثمار بها يحتاج إلى مدة طويلة، إضافة إلى أن قيمتها تكون مرتفعة.
يذكر أن شركة “سيمنز” الألمانية أنشأت 3 محطات لتوليد الكهرباء بالتعاون مع “أوراسكوم للإنشاءات” و”السويدى إليكتريك” فى عام 2018 بثلاث مناطق هى العاصمة الإدارية ومدينة البرلس بكفر الشيخ وبنى سويف، ضمن عدة مشروعات فى قطاع الكهرباء وصلت تكلفتها إلى 8 مليارات دولار، بقدرات بلغت 14.4 جيجاوات أضافت للشبكة القومية المصرية حوالى %25 من قدرتها.
وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بالإسراع فى تنفيذ بقية الطروحات، نظرًا لأهمية عامل التوقيت، فى ظل الظروف التى يمر بها الاقتصاد على المستويين المحلى والعالمي؛ موضحا أن التأخير سيؤثر على المصداقية أمام صندوق النقد الدولى أو المستثمرين.
ولفت “فوزي” إلى أن قيمة الأصول خلال الفترة الجارية فى ظل عدم استقرار ظروف السوق العالمية أقل مما لو تمت خلال عامى 2016 و2019 والذى كانت فيه السوق مهيأة لبيعها بسعر أعلى؛ موضحًا أن التكلفة الاستثمارية الحالية تبلغ أضعاف مثيلتها فى العامين المذكورين.
وتعليقًا على القرارات الاخيرة للمجلس الأعلى للاستثمار، قال فوزى إن ما اتخذه المجلس جيد، لكن المستثمرين الأجانب بحاجة إلى درجة أعلى من الشفافية من حيث سعر الصرف وقيمة الاستثمارات فيما قبل الاستحواذ وبعدها ومرونة التخارج متى أرادوا.
يذكر أن المجلس الأعلى للاستثمارات أعلن عن 22 قرارًا خلال اجتماعه المنعقد فى الـ16 من مايو 2023 تضمن عدة قرارات تخص المستثمرين الأجانب، منها تكليف وزارة العدل بإعداد مجموعة من التعديلات التشريعية اللازمة للتغلب على القيود المتعلقة بتملك الأراضي، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات، إضافة إلى السماح بقيد المستثمر الأجنبى بسجل المستوردين، حتى وإن لم يحمل الجنسية المصرية لمدة 10 سنوات.
عوني: ضرورة استقرار العملة للحفاظ على أصولهم
من جانبه، قال سيف عوني، العضو المنتدب لشركة إيليت للاستشارات المالية، إن طرح الحكومة لحصة %9.5 من المصرية للاتصالات فى البورصة المصرية خطوة تمهيدية لبقية الشركات التى سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن المستثمرين الأجانب يحتاجون إلى رسائل طمأنة على سير السوق بصورة تضمن لهم الحفاظ على قيمة استثماراتهم بعد الاستحواذ على حصص فى الشركات التى سيتم طرحها من قبل الدولة عن طريق تحسين الظروف الاقتصادية الحالية وضمان استقرار سعر الصرف.
وأوضح “عوني” أن القرارات التى اتخذها المجلس الأعلى للاستثمار من أهم الخطوات لدعم جذب المستثمرين للسوق المصرية ولكن نجاح استقطابهم مرهون بتنفيذها الفعلى من قبل الحكومة.
فيما قال شوكت المراغي، العضو المنتدب فى شركة برايم لتداول الأوراق المالية إن جذب المستثمر الأجنبى للسوق المحلية والدخول ضمن برنامج الطروحات الحكومية يتوقف على عدة عوامل، منها استقرار سعر صرف الدولار والعمل على تسعير موحد بين الرسمى والسوق الموازية.
وأضاف أن المستثمرين الأجانب فى انتظار تعويم سعر الصرف قبل الدخول للسوق المصرية للحفاظ على قيمة استثماراتهم؛ مشيرًا إلى أن دخولهم فى الشركات التى ستتخارج منها الدولة قبل تحرير جديد للعملة يتوقف على أن تكون أرباح تلك الكيانات كبيرة، بحيث تضمن فرق قيمتها فيما بين قبل التعويم وبعده.
وأكد المراغى أن القرارات التى اتخذها المجلس الأعلى للاستثمار خطوة جيدة، لكنها تحتاج إلى تنفيذ لتؤتِى ثمارها المرتقبة بجذب المستثمرين الأجانب.
يُذكر أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، أعلن نهاية فبراير الماضي، عن طرح 32 شركة مملوكة للدولة فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى على مدار عام، ينتهى خلال الربع الأول من العام المقبل 2024، تشمل 18 قطاعًا ونشاطًا اقتصاديًا، ومن المستهدف الانتهاء من طرح 25 % من هذه الكيانات خلال 6 شهور، على أن ينتهى البرنامج بالكامل قبل مارس 2024.
وتضم قائمة الطروحات الحكومية المحتملة 32 شركة، منها بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربى الإفريقى الدولى، وشركة النصر للإسكان والتعمير، والمعادى للتنمية والتعمير، والمستقبل للتنمية العمرانية، ومصر للتكنولوجيا والتجارة “MTS”، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، وحلوان للأسمدة، والوطنية للمنتجات البترولية، والمصرية لإنتاج البروبلين والبولى بروبلين.
