أكدد عدد من الخبراء المتخصصين فى الشأن الاقتصادي، أن القطاع الصناعى يستطيع قيادة النمو خلال الفترة المقبلة، وأن خطوة تفعيل المجلس الأعلى للاستثمار تدفع القطاع بشكل متسارع، وتؤدي لإجراء تعديلات تشريعية لأغلب القوانين، لتعزيز الحوكمة والشفافية.
وأضافوا أن هناك خطوات وتحركات متلاحقة لكل الجهات الحكومية لدعم مخطط دفع عجلة القطاع الصناعى وتلبية متطلباته كونه بوابة الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التى تمر بها البلاد لأسباب عدة، أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع معدلات التضخم، والتخفيف من الضغط على فاتورة الاستيراد وتشجيع المنتج المحلي.
وتابعوا أن أفضل القرارات لتحقيق الهدف من المجلس هو سرعة وضع آليات تحفيزية لنمو القطاع الخاص، والتى تمثل تحركا من الحكومة بهدف ضمان استقلالية الأجهزة المنظمة للأسواق، لرفع معدلات الاستثمار الصناعى وتعميق المنتج المحلي.
ووافق المجلس الأعلى للاستثمار على 22 قرارًا مهمًا تستهدف تحقيق نقلة نوعية فى مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية؛ من بينها خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع فى إصدار الرخصة الذهبية.
«نافع»: تقليل زمن تأسيس الشركات وإنهاء المنازعات أبرز عوامل تهيئة المناخ
وقال الدكتور مدحت نافع، خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل، إن قرارات المجلس الأعلى لتحفيز مناخ الاستثمار يمكن تصنيفها إلى تحفيزية وأخرى تنظيمية ورقابية وأخرى تتعلق بالبنية الأساسية والتشريعية، وغيرها تتصل بدعم الحياد التنافسي.
وأكد -فى تصريح لـ«المال» - أن أفضل تلك القرارات هو وضع مدى زمنى لتحرك الحكومة فى اتجاه ضمان استقلالية الأجهزة المنظمة للأسواق، نظراً لأن الدولة أقرت بضرورة تخارجها من كثير من الأنشطة الاقتصادية وفق وثيقة ملكية الدولة.
وذكر «نافع»، أن المجلس الأعلى للاستثمار عليه أن يسهم فى انضباط العلاقة بين سائر أطراف السوق، وألا تكون الخصم والحكم فى المنازعات، مؤكدا أن تلك القرارات تعكس اهتمام الدولة لرفع مستويات تحسين ظروف وبيئة الاستثمار والتغلب على التحديات.
ولفت إلى سرعة الاستجابة لنداءات المستثمرين بشكل مستمر من خلال متابعة التحديات التى تطرأ على السوق، مطالبًا بإنشاء آلية مستقرة لرسم استراتيجية الاستثمار وخططه التنموية، ولا تكون بعيدة عن إطفاء الحرائق وسياسات رد الفعل.
وتابع أن الدولة نجحت بالفعل فى إحداث طفرة فى سرعة تأسيس الشركات، لكن الفترة المنقضية بين التأسيس والتشغيل هى الأهم، وهى طويلة للغاية فى المشروعات الكبرى والحيوية.
وأضاف أن تنظيم آلية عمل الأجهزة فى الدولة مهم جدا، وفى مقدمتها جهاز تنظيم الطاقة وتنظيم الاتصالات وتنظيم النقل وهى الأجهزة التى يمكن باستقلاليتها ضمان حق المستهلك عند المشروعات المملوكة للدولة والتابعة لتنظيم تلك الأجهزة، كما يمكن ضمان حق المستثمر فى ألا يكون المنظّم فى ثكنة واحدة مع أحد أو بعض المنافسين.
وأوضح أن خطوة دراسة استقرار السياسات الضريبية لخمس سنوات خطوة جيدة لضبط السوق، متمنيًا أن تمتد تلك الخطوة لتشمل سياسات سعر الصرف وتسعير منتجات الطاقة، وتحديد جهات الولاية على الأراضي.
وقال حسام هيبة، الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، إن المنصة الرقمية لتأسيس الشركات سيتم إطلاقها يوليو المقبل، بهدف تأسيس الشركات إلكترونيًا، مضيفًا أن موقع خريطة مصر الاستثمارية سيضم آلافا من فرص الاستثمار تشمل القطاع الخاص لأول مرة.
وتابع «هيبة»، أن هيئة الاستثمار تعكف حاليًا على تبنى استراتيجية عمل تجمع بين القطاع العام والخاص، لمواجهة أية تحديات أمام نمو القطاعات، ووضع آليات للإسراع من التطوير، لافتا إلى أن مصر تمتلك فرصا استثمارية ضخمة فى قطاعات الصحة والتعليم وصناعة السيارات والصناعات الدوائية والصناعات الغذائية واللوجستيات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
«بدرة»: نحتاج إلى تنفيذها بشكل عاجل.. والاستماع لمطالب المصنعين على أرض الواقع
وفى السياق نفسه، أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي، أن الهدف الرئيس من دور المجلس الأعلى للاستثمار هو تحديد خريطة الاقتصاد المصرى فى المستقبل وأهمية دعم القطاع الصناعى للمساهمة فى الخروج من الأزمة الحالية، لافتا الى أن تشكيل المجلس برئاسة الرئيس السيسى تضمن سرعة تنفيذ القرارات.
وأضاف أن قرارات المجلس تشمل عدة قرارات يتم تنفيذها بشكل مباشر وأخرى تشريعية تتطلب تعديل بعض القوانين، إضافة إلى قيام المجلس بتحديد التحديات وإزالة أى عقبة أمام تهيئة المناخ الاستثماري.
وذكر أنه يجب أن يتم إدارة الملف الاستثمارى فى مصر وفق رؤية واضحة تعتمد على الشفافية لخدمة بيئة عمل القطاع الخاص فى السوق المصرية، مؤكدا أن أهم القرارات الأخيرة هو سرعة تفعيل الشباك الواحد وانخفاض فترة تأسيس الشركات.
وأضاف أن المجلس يتولى عملية فض التشابكات بين المستثمرين الجهات الحكومية من خلال هيئة الاستثمار وسرعة الاستجابة لإنهاء أزمات المستثمرين للمساهمة فى تحقيق قيمة مضافة للأوضاع الاقتصادية.
وطالب بعدة قرارات جديدة يجب أن تتم دراستها الفترة المقبلة، ومنها متابعة كل قرار أو حافز يتم إصداره للتعرف على مردود تنفيذه وهل يخدم استراتيجية العمل ويصب فى مصلحة الشعب أم لا.
وذكر أن هناك قرارات تسهم فى دفع عملية الإصلاح الاقتصادي، منها سرعة الإفراجات الجمركية وتنفيذ عملية تحديد أسعار الصرف ومعالجة عملية تسجيل الأصول العقارية سواء للمستثمر المحلى أو الأجنبي.
وقرر المجلس الأعلى للاستثمار تكليف وزارة العدل بإعداد مجموعة من التعديلات التشريعية اللازمة للتغلب على القيود المتعلقة بتملك الأراضي، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات.
وتابع «بدرة» أن تحرك الحكومة نحو طرح عدد من الشركات والمؤسسات فى البورصة أو أمام مستثمرين من القطاع الخاص، واستهداف 70 مليار جنيه عوائد من الموازنة العامة للدولة من البرنامج، تسهم فى زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى.
وأكد أن برنامج الطروحات يحتاج إلى تقنين لبعض الأوضاع من إجراءات للشفافية وقواعد للإفصاح، وتحديد جدول زمنى للبرنامج وفق طبيعة السوق لضمان تحقيق أعلى عائد.
وذكر أن هناك العديد من الجهات الدولية تشرف على آلية عمل الحكومة فى تحقيق عملية تشجيع المناخ الاستثماري، ومنها صندوق النقد والبنك الدولى والمؤسسات الدولية التى تنظر إلى طبيعة عمل الحكومة نحو زيادة مشاركة القطاع الخاص.
ولفت إلى أنه يجب أن يتم تحديد خريطة عمل سواء على المدى قصير الأجل وطويل الأجل لتنشيط عملية الاستثمار فى مصر، وأن تحظى بالمرونة التى تتطلبها سوق العمل على أرض الواقع.
وأوضح أن تفعيل الرخصة الذهبية خطوة جيدة، لكنها تأخرت كثيرا فى التطبيق وتعد نموذجا جيدا للمستثمر للتعامل مع جهة واحدة لإصدار كل التصاريح لانشاء مشروع جديد ضخم، مطالبًا بأن تشمل جميع المشروعات بمختلف فئاته.
وأكد أنه من ضمن القرارات الجيدة أيضًا منع إضافة أى أعباء على المستثمرين، ومنع أى جهة من إصدار قرارات تنظيمية عامة تُضيف أعباء مالية أو إجرائية تتعلق بإنشاء أو تشغيل مشروعات إلا بعد أخذ رأى مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار وموافقة مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للاستثمار.
وأكد محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن جميع الخطوات التى تتخذها الحكومة لتهيئة مناخ الأعمال فى قطاع الصناعة جيدة ولكن يجب أن يتم تفعيل تلك القرارات وتطبيقها بشكل سريع.
ولفت إلى أن تأخر تنفيذ خطوات تنشيط القطاع الصناعى تسهم فى تحقيق خسائر كبيرة، متسائلًا ماذا لو تم تفعيل آلية الشباك الواحد منذ سنوات لحققت نتائج جيدة فى توحيد جهات الاختصاص، مؤكدًا أهمية توافر المواد الخام وسرعة الإفراجات الجمركية، خاصة للقطاع الصناعى لعودة المصانع للعمل بشكل طبيعي.
وطالب بسرعة دخول جميع القرارات الأخيرة حيز التنفيذ لتحقيق الإصلاح للقطاع، إضافة إلى أهمية الاستماع لمطالب المصنعين، وأن تفتح الحكومة قنوات تواصل مباشرة لسرعة إزالة العقبات والتحديات وأبرزها البيروقراطية.
وأكد أن اختفاء مبادرات التمويلات للقطاع الصناعى تمثل تحديا تمويليا جديدا، خاصة أن مبادرة الصناعة الأخيرة بعائد منخفض %11 بشريحة 150 مليار جنيه، على أن تتحمل الدولة الفرق فى سعر الفائدة، لم تفعل حتى الآن، مطالبا بتيسير إجراءات التقدم للحصول على تلك المبادرة لتحقيق الهدف منها.
وأوضح أن القطاع الصناعى يعانى تقلبات مختلفة من تحديد سعر الصرف إلى بطء الإفراجات الجمركية للمواد الخام ومكونات الإنتاج أدت إلى ظاهرة «الأوفر برايس» على الأجهزة المنزلية وتفاوت الأسعار لنفس المنتج، بسبب انخفاض معدلات إنتاج المصانع فى الفترة الحالية.
وأكد أن الحكومة عليها سرعة التعامل فى متابعة السوق بشكل لحظى ومساندة القطاع ومراقبتها للتخفيف من تداعيات الأزمة الحالية، إضافة إلى التخفيف من تراكم البضائع ساهم فى انخفاض الطاقات الإنتاجية لأغلب المصانع فى كل القطاعات، على رأسها الصناعات الهندسية ومواد البناء.
وتابع أن تركيز الدولة على وضع حوافز تدعم قطاعات مهمة بشكل عاجل فى القطاع الزراعى والصناعى والطاقة وقطاع الإسكان أمر جيد جدًا، وإنما يتطلب ضرورة ضمان تنفيذ تلك الاستراتيجية ومتابعة آلية التطبيق، وتمتعها بالمرونة لإمكانية التعديل لتحقيق طفرة فى تلك القطاعات الهامة.
وأقر المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية فى مطلع مايو الماضى عدة قرارات تتلخص فى الموافقة على مشروع قرار خاص بدراسة تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، وتحديد مدى زمنى محدد لكل الموافقات بـ 10 أيام عمل.
وتم تكليف وزارة العدل بإعداد مجموعة من التعديلات التشريعية اللازمة للتغلب على القيود المتعلقة بتملك الأراضي، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات، وإنشاء «منصة إلكترونية موحدة لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات»، وإقرار تعديلات قانون التوقيع الإلكترونى (قانون رقم 15 لسنة 2004) وإحالته للبرلمان.
كما تم التكليف بإنشاء وحدة بمجلس الوزراء تتولى جمع بيانات الشركات المملوكة للدولة، وتكون قراراتها مُلزمة بإعادة الهيكلة، سواء بالبيع أو نقل التبعية من جهة إلى أخرى، وتوحيد استراتيجية التسعير لرسوم الصادرات والجمارك.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أنه سيتم عقد اجتماعات بشكل مستمر للتعرف على مدى قرارات مجلس الاستثمار، وخطة تنفيذها التى من شأنها تحفيز مناخ الاستثمار والأعمال فى مصر.
وقال رئيس الوزراء «إن الدولة اتخذت قرارات مُهمة فى الفترة الأخيرة لدفع ملف الاستثمار، وكان آخرها ما تم من قرارات تحفيزية لمناخ الأعمال فى مصر، موضحًا أن أى مقترحات تستهدف خلق مناخ جاذب للاستثمار ستكون محل دراسة، ومؤكدا: نحن منفتحون على كل الأفكار والآراء».
