يأتى التمويل المستدام فى مقدمة أولويات البنك المركزى ويتصدر توجيهاته المباشرة للبنوك باتخاذ اللازم على مدار السنوات المقبلة، بداية من إدراج مفاهيم الاستدامة والتمويل المستدام فى العمليات الداخلية للبنوك، ومرورا بأنشطة التمويل والاستثمار من خلال العديد من الإجراءات والمبادرات، وليس انتهاء بإصدار تعليمات تعزز من مفاهيم الاستدامة لدى البنوك.
وأكد خبراء مصرفيون أن المؤسسات الدولية تعد من أهم مصادر تمويل البنوك المحلية لتقديم القروض لدعم المشروعات الخضراء، والاستفادة منها من خلال القروض بفائدة منخفضة وتنافسية، إذ يمكن للبنوك تقديم التسهيلات الائتمانية لهذه النوعية من المشروعات وتشجيع العملاء على الاستثمار فيها.
وأضافوا أن تلك المؤسسات الدولية تحشد إستراتيجية التمويل المختلط لتسهيل التحول الأخضر فى الاقتصادات الناشئة، والبنوك المصرية تتوسع فى دعم المشروعات الخضراء والصديقة للبيئة وتسخير رأس المال لسد فجوة تمويل المناخ وتعزيز الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
وقال هانى حافظ، الخبير المصرفى، إن البنك المركزى يولى أهمية كبيرة للمسئولية الاجتماعية للشركات "CSR" والالتزام بالمعايير العشرة للاتفاق العالمى للأمم المتحدة والتى تشمل التزام مستدام لتعزيز أمن المجتمع المالى، عدم التمييز والمساواة والصحة والسلامة والحوكمة ومكافحة الفساد.
وتنتهج المؤسسات الدولية إستراتيجية حشد التمويل المختلط لتسهيل التحول الأخضر فى الاقتصادات الناشئة، من أجل توفير تمويل منخفض التكلفة، ولدعم انتقال الاقتصادات الناشئة إلى اقتصادات منخفضة الكربون، فضلا عن التوسع فى تقديم الخدمات الفنية التى من شأنها استمرار هذه النوعية من المشروعات ونجاحها .
وأضاف "حافظ" أن البنوك العاملة فى السوق المصرية تتوسع فى دعم المشروعات الخضراء والصديقة للبيئة وتسخير رأس المال؛ لسد فجوة تمويل المناخ وتعزيز الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
وأكد أن الحكومة المصرية تحرص على زيادة التعاون مع مختلف المؤسسات والهيئات الدولية والتمويلية؛ لخدمة الأهداف التنموية فى مصر والعمل على تهيئة البيئة المواتية للتوسع فى إقامة المشروعات، فضلا عن تبادل الخبرات مع جميع المؤسسات فى دول أفريقيا والعالم؛ للاستفادة من التجارب المماثلة لدعم جهود التنمية المستدامة.
وأكد حرص الدولة على إدماج البعد البيئى فى قطاع المشروعات للحد من التغيرات المناخية، خاصة وأن النظر لأفريقيا كمصدر للثروات أصبح ضرورة، وكونها شريكا قويا للتنمية على مستوى العالم.
وضرب مثالا واقعيا بإطلاق وزارة المالية برنامج إطار التمويل السيادى المستدام فى البلاد لتأكيد دعمها والتزامها باستخدام الأدوات المختلفة لتمويل المشروعات الخضراء، وبالإضافة إلى إصدار السندات الخضراء، تشتمل هذه الأدوات على أدوات دين مستدامة واجتماعية وصكوك وغيرها من وسائل التمويل المستدام.
و لفت "حافظ" إلى أنه يُعد أسلوب التمويل عبر إصدار السندات الخضراء أحد أهم الأساليب فاعلية وجاذبية للمستثمرين الأجانب، وتستخدم عوائد السندات فى قطاعات ذات أولوية فى إطار التمويل المستدام ، وتتمثل فى مشروعات النقل النظيف، والطاقة المتجددة، ونظم الرى الحديث والصرف الصحى، وتمويل المشروعات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، ومبادرات الخدمات الصحية الأساسية، وغيرها.
ويعد إصدار السندات الخضراء سُبلًا جديدة لتحقيق أهداف الدولة الإستراتيجية من خلال دخول أسواق جديدة وتوسيع أفق المستثمرين، ويعزز ذلك إصدار سندات الباندا المستدامة فى السوق المالية الصينية، وتسهيل وصول الدول النامية إلى الأسواق المالية بتكاليف منخفضة.
وكان وزير المالية الدكتور محمد معيط قال – فى تصريحات خاصة لـ«المال» – إن الحكومة تستهدف طرح سندات «باندا» بقيمة 500 مليون دولار خلال الربع الأخير من العام الجارى، مشيرا إلى أنه يتم حاليا إنهاء الإجراءات الخاصة بعملية الطرح باليوان فى السوق الصينية.
وأكد "حافظ" على ضرورة تعميق المشاركة مع القطاع الخاص للتوسع فى مشروعات التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة وخلق فرص عمل لائقة ومستدامة، ويعزز تضافر جميع المؤسسات الحكومية مع القطاع الخاص تنفيذ إستراتيجية واضحة المعالم لتعظيم الاستفادة من المواد الخام والثروات الطبيعية التى تتميز بها مصر بشكل خاص وأفريقيا بشكل عام دون مختلف الدول.
وأشار إلى تمكين الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ لمعالجة نقص التمويل لمشروعات التكيف المناخى التى تعتبر أقل ربحية من نظيرتها للطاقة المتجددة ورفع كفاءة الطاقة مع توفير وسائل المراقبة والإشراف اللازمة لضمان شفافية وكفاءة التمويل المختلط.
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتقديم كل الدعم للمستثمرين والقطاع الخاص، وأكد محافظ البنك المركزى أن هناك برنامجا كاملا لجذب القطاع الخاص يتمتع بتوفير جميع الإجراءات التى تتميز بالشفافية والإفصاح وسرعة الإجراءات من قبل الحكومة المصرية سوف يتم تنفيذه قريبًا.
من جانبه، قال هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى، إن المؤسسات الدولية تعد من أهم المصادر التى تمول البنوك المحلية لتقديم القروض لدعم المشروعات الخضراء.
وأضاف أنه يمكن للبنوك الاستفادة من هذه المؤسسات، إذ يمكن للبنوك تقديم قروض للمشروعات الخضراء بأسعار فائدة تنافسية، مما يشجع المزيد من العملاء على الاستثمار فى المشروعات البيئية.
وكان البنك الأفريقى للتنمية وافق على منح ضمان ائتمان جزئى يدعم مصر لإطلاق سندات «باندا» بقيمة 345 مليون دولار مما يتيح جمع ما يعادل 500 مليون دولار و«الباندا» هى سندات مقومة باليوان الصينى ويصدرها مقترضون أجانب.
وستوجه حصيلة السندات لمشروعات النقل النظيف، والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحى، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع: "يمكن الاستفادة من نقل التكنولوجيا والمعرفة المتعلقة بالمشروعات الخضراء، لأن المؤسسات الدولية تسعى إلى تحسين الوعى البيئى ونقل التكنولوجيا والمعرفة المتعلقة بها إلى البنوك المحلية؛ ومن ثم تكتسب البنوك القدرة على تقديم الدعم والاستشارة الفنية للعملاء الراغبين فى عمل هذه النوعية من المشروعات".
وأوضح "أبو الفتوح" أن المؤسسات الدولية تعمل على تعزيز القدرات المؤسسية للبنوك من خلال تقديم التدريب، مضيفا أنه عندما تصبح البنوك المحلية مؤهلة لتنفيذ وإدارة مشروعات خضراء، يمكنها تلبية متطلبات المؤسسات الدولية والحصول على تمويل إضافى.
وذكر أن المؤسسات الدولية تمتلك شبكات وعلاقات واسعة مع العملاء والمستثمرين الذين يهتمون بالاستثمار فى المشروعات الخضراء، ومن خلال التعاون مع هذه المؤسسات، يمكن للبنوك الوصول إلى هذه الشبكات وجذب المزيد من العملاء والمستثمرين للمشروعات البيئية.
