ارتفعت نسب تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الفترة الأخيرة، وقرر البنك المركزى مد فترة الاعتراف بتعثر تلك المشروعات من 3 أشهر إلى 6 أشهر.
وقال خبراء مصرفيون لـ«المال» إن السبب الرئيسى وراء تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرجع إلى حساسية ذلك القطاع للتقلبات الاقتصادية، وخاصة الفترة الأخيرة التى واجهت أزمة كورونا، واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتعرض ذلك القطاع لسياسات التشديد النقدى التى دفعت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وأضافوا أن شركات ضمان مخاطر الائتمان مازالت تعمل على ضمان المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بإجراءات محددة مع البنوك.
عبدالمنعم: تتأثر بالظروف الاقتصادية أكثر من الشركات الكبرى
من جانبه، قال محمد عبدالمنعم، الخبير المصرفى، إن الزيادة فى نسب تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرجع إلى الوضع الاقتصادى، معللاً أن تأثر تلك المشروعات بالتقلبات الاقتصادية يكون عادة أعلى من الشركات الكبرى التى لديها ملاءة مالية أكبر.
وأضاف أن البنك لكى يقوم بمنح عميل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تسهيلات ائتمانية جديدة؛ يقوم بدراسة سلاسل الإمداد الخاصة به وأخذها فى الحسبان، وذلك للتأكد من قدرة المشروع على إتمام دورة تحول الأصول الخاصة بها بنجاح، مضيفًا أن تقييم دراسة سلاسل إمداد العميل يكون لها تأثير فى قبول منح التسهيلات من عدمه.
وتُعَّرف سلاسل الإمداد بأنها الشبكة التى تعمل على الربط بين جميع الأطراف التى يتعامل معها المشروع، حتى يصل المنتج للمستهلك النهائى.
وبسؤاله عن مدى صحة انخفاض دور شركات ضمان مخاطر الائتمان فى ضمان المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أوضح محمد عبدالمنعم أن تلك الشركات مازالت موجودة، لكن كل فترة زمنية تقوم بمراجعة السياسات الخاصة بها، أو التوقف فى ضوء نسب التعثر الخاصة بكل قطاع.
وتابع أن البنوك والمؤسسات المالية لديها إدارات لدراسة المخاطر الائتمانية المرتبطة بكل حالة، ولكن بشكل عام قد تتأثر بعض الأنشطة بتأثر الوضع الاقتصادى، لافتًا إلى أن دور البنك المركزى ينصب على وضع القواعد وإصدار التشريعات التى تقوم على حماية القطاع المصرفى، وامتصاص الأزمات، والتنبؤ بها قبل حدوثها.
وأشار إلى أن البنك المركزى نجح بشكل كبير خلال الفترات السابقة فى العبور بالقطاع المصرفى من عدد من الأزمات العالمية والدولية بدون خسائر تذكر، مما يعزز من نجاح السياسات النقدية.
البيه: شهدت تقلبات عدة خلال الفترة الماضية
وفى نفس السياق، عَّلق محمد البيه، الخبير المصرفى، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل قاطرة الصناعة، إذ إن ذلك القطاع يمد الصناعة بمستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة، وبالتالى يعمل على توفير تكلفة السلع المستوردة من الخارج.
وأضاف «البيه» أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة شهد تقلبات كبيرة خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى تعثر عدد من المشروعات، معللا أن أزمة كورونا وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية أدى إلى خفض الطلب على المنتجات والسلع.
وتابع أن خفض الطلب على السلع أثر على عمليات الاستيراد والتصدير للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بالتزامن مع السياسة النقدية الانكماشية التى تتبعها البنوك المركزية على المستوى العالمى والمحلى، وبالتالى دفع إلى زيادة تكلفة الاقتراض، مشيرًا إلى أن هناك صعوبة تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتمرير زيادة تكلفة الفائدة على العملاء، على عكس الشركات الكبرى التى لديها ملاءة مالية مرتفعة، وبالتالى تستطيع التصدى للتقلبات الاقتصادية التى تواجهها.
وقال محمد البيه إن تقييم البنوك للملاءة المالية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتم من خلال سلاسل الإمداد، لافتًا إلى أن عملية التقييم تتم فى الاتجاهين، أى من خلال تقييم سلاسل الإمداد التى تمد المشروع بمستلزمات الإنتاج من ناحية، بالإضافة إلى تقييم سلسلة إمداد المشروع ذاته بالمنتج النهائى لعملائه.
وأوضح أن دور شركات ضمان مخاطر الائتمان لايزال كبيرًا فى ضمان تلك المشروعات، موضحًا أن تلك الشركان عادة ما يكون لديها قواعد خاصة تستلزم أن يقوم البنك بعرض الدراسة الائتمانية للعميل على شركة ضمان مخاطر الائتمان، ليخضع العميل لتقييم الشركة، ومن ثم تقرر إذا كانت ستدخل فى ضمان المشروع من عدمه.
ولفت إلى أنه إذا حدث وتعثر عميل من قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لا يقوم البنك بطلب قيمة القرض من شركة ضمان المخاطر مباشرة، بل يكون هناك إجراءات منظمة لتلك العملية تتم بين البنك والشركة، وبالوصول لنهاية تلك الإجراءات تقوم الشركة بضمان العميل بدفع قيمة القرض للبنك، وتتعامل مع العميل المتعثر.
وأفاد أن البنك المركزى قام بدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمد فترة الاعتراف بالعميل المتعثر إلى 6 أشهر بدلاً من 3 أشهر، كنوع من أنواع الدعم، متابعًا أن البنك يقوم فى خلال الـ6 أشهر بتوفير برامج مختلفة لدعم العميل حتى لا يتعثر، بدلًا من الاعتراف بتعثره فى أول أزمة مالية خلال بدايات المشروع.
ناجى: زيادة التضخم من عوامل التعثر
وفى نفس السياق، أكد وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، على وجهه النظر السابقة، إذ قال إن زيادة نسب تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرجع إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التى يواجهها العالم فى الفترة الأخيرة، من خلال ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة تكلفة الاقتراض على تلك المشروعات.
