الغموض يسيطر على مصير صفقات الاستحواذ والاندماج بالسوق العقارى

تشهد السوق المصرية تعطل عدة صفقات اندماج واستحواذ فى القطاع العقارى بسبب التقلبات المستمرة فى أسعار الصرف والتكاليف، وهو ما يؤثر بدوره على عملية التقييم

Ad

تشهد السوق المصرية تعطل عدة صفقات اندماج واستحواذ فى القطاع العقارى بسبب التقلبات المستمرة فى أسعار الصرف والتكاليف، وهو ما يؤثر بدوره على عملية التقييم والتسعير العادل للوحدات، وباقى مكونات المشروعات القائمة.

وتتسم السوق حاليًّا بالبحث المستمر من جانب المطورين على تمويلات خارجية لمواصلة عملية التطوير، وتغطية خطط التوسع، فى فترة تتسم بارتفاع أسعار الصرف، وبالتالى تزايد عروض الاستحواذ فى القطاع العقارى عبر دخول شركاء وشراء حصة من رأس المال أو المشروع، ويتمثل الهدف الأساسى من إتمام صفقات الاستحواذ والاندماج، بصفة عامة فى الاقتصاد، فى تمويل مشروعات وتوسعات الشركات، أو كونها آلية تخارج من السوق، علاوة على المساهمة فى تدبير موارد النقد الأجنبى، لاسيما فى الظروف الراهنة.

ولمعرفة الرؤية المستقبلية لعمليات الدمج والاستحواذ، خاصة فى القطاع العقارى خلال المرحلة المقبلة، وجهت «المال» سؤالًا لخبراء بالقطاع، حول ما إذا كان تذبذب سعر الصرف وفروق العملة ستكون السبب فى اندثار- إلى حد ما- صفقات الاندماج والاستحواذ بالسوق العقارية؟

واتفق الخبراء أنه ليس فقط تراجع قيمة الجنيه وارتفاع سعر صرف الدولار التحدى الوحيد، ولكن أيضًا عدم الاستقرار بشكل عام يعمل على تحجيم دخول الاستثمارات المباشرة لمصر، وذلك لعدم ضمان حفظ قيمة أموال المستثمرين كنتيجة للفجوة بين الجنيه المصرى وسلة العملات الأجنبية الأخرى.

رياض: الوضع يختلف تماما مع كيانات القطاع العام الراغبة فى جذب موارد جديدة

بداية، قال محمود رياض، المحلل العقارى، إنه من المتوقع أن نشهد تراجعًا فى إتمام صفقات الاندماج والاستحواذ على مدار العام الجارى، نتيجة لاختلاف أسعار الصرف، وهو ظهر واضحًا فى صفقة استحواذ الدار الإماراتية على أو ويست التابعة لشركة أوراسكوم للتنمية.

وأوضح أن الاختلاف فى عملية التسعير بعد القيام بفحص نافى للجهالة ينبع من كون أوراسكوم للتنمية غير مضطرة للبيع أو لإتمام الصفقة، ففى حالة عدم وجود سعر مناسب ومرضٍ لها، لم تقم بإتمام عملية البيع، وكذلك باقى شركات القطاع الخاص، لاسيما تلك التى تمتلك علامة تجارية عالمية، ولها صيت واسع المدى.

ولفت إلى أن الوضع يختلف تمامًا مع كيانات القطاع العام، فالشركات الحكومية قد تكون مجبرة فى أوقات كثيرة على إتمام عمليات البيع أو الاندماج، سعيًا منها لاستقطاب موارد النقد الأجنبى، وتدبير احتياجاتها المستوردة من الخارج، وبالتالى لا تملك بشكل كبير رفاهية الرفض، فهناك متطلبات واحتياجات يستوجب عليها تلبيتها، وهو ما يضطرها فى النهاية للموافقة على رغبات المستثمرين بالخارج، حتى وإن كانت مقابل أرقام متدنية.

وأشار رياض إلى أن اختلاف الشركات على التقييم والتسعير فى الوقت الحالى لم ينذر بوقف البيع أو إتمام الاندماج والاستحواذ بشكل نهائى، وإنما سيكون مقتصرًا فقط إلى حد ما على القطاع الحكومى وشركات القطاع العام.

فكري: المستثمر الخارجى يبحث دائمًا عن ضمان للتخارج بدون خسائر فى أى وقت

وعلى صعيد متصل، قال أحمد فكرى، الرئيس التنفيذى لشركة كونتكت للتطوير العقارى، إنه أمر طبيعى أن يكون هناك الطبيعى اختلاف كبير بين المستثمرين الأجانب والمحليين، نتيجة لتذبذب أسعار الصرف، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكى.

ويرى فكرى أن صفات الاندماج والاستحواذ ستتوقف بشكل كبير فى الفترة الراهنة، نتيجة لاضطراب مؤشرات الاقتصاد الكلى بصفة عامة، سواء كانت ارتفاع مستويات الفائدة ومعدلات التضخم، وتدنى قيمة الجنيه أمام مجموعة من العملات الأجنبية الأخرى، وغيره.

ويتوقع أن تعود الصفقات لانتعاشتها عند وجود تحرير كامل لسعر الصرف، أى عندما يتساوى سعر صرف الدولار فى البنوك مع السوق الموازية، وقتها لن نجد أى اختلافات على التقييم.

وأفاد أن العام الجارى قد يشهد عدة صفقات معروضة، ولكن قد يتعذر إتمامها نتيجة لتذبذب أسعار الصرف، وعدم الاستقرار بشكل عام.

وأشار فكرى إلى أن فكر تأجيل عمليات الاندماج والاستحواذ من قبل الشريك الأجنبى ليس سائدًا فقط بين الشركات، وإنما يضم أيضًا الأفراد، فيعمل المستهلكين على تأجيل عمليات الشراء لحين معرفة سعر الدولار أمام الجنيه بشكل دقيق ونهائى.

وذكر أنه من الممكن أن تتم العديد من صفقات الاستحواذ والاندماج بين المستثمرين المحليين وبعضهم البعض، إذ لا يكون هناك نقاش حول سعر صرف الدولار وتكون التعاملات موحدة وبالجنيه المصرى.

وفى ذات السياق، اتفق علاء فكرى، رئيس مجلس إدارة شركة بيتا إيجيبت للتطوير العقارى، مع أحمد فكرى فى أن المستثمرين بالخارج يجدون صعوبة فى إتمام عمليات الاندماج والاستحواذ، نتيجة لعدم وجود تحرير كامل للعملة المحلية.

ويرى علاء فكرى أن المستثمر الخارجى دائمًا ما يبحث عن ضمان قوى يمكنه فى أى وقت للخروج من السوق وبدون خسائر، وهو ما قد يدفعهم لتأجيل أى عمليات للشراء أو الاندماج والاستحواذ.

ولفت فكرى إلى أن المستثمرين بالخارج بحاجة إلى أن تتضح لهم الرؤية فى السوق المحلية بشكل كبير، وأن تستقر الأوضاع، ليكون هناك إمكانية الخروج والدخول فى أى وقت.

وأكد أن جميع المستثمرين الأجانب ينصب تركيزهم حاليًا على القطاعات الاقتصادية التى يكون لها عوائد دولارية، على غرار السياحة أو البترول.

وبصفة عامة، تبنت الحكومة المصرية برنامج طروحات يتمثل فى التخارج من 32 شركة قد يكون بعضها مدرج والآخر غير مقيد، لإفساح المجال أمام القطاع الخاص، وتعظيم مشاركته فى الاقتصاد المحلى، إذ تعتزم الحكومة أن تصل نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المحلى لنحو %64 فى خلال 4 سنوات، بالإضافة إلى رغبتها فى توفير الموارد الدولارية لدعم قطاعاتها الصناعية، إذ تستهدف جمع مليارى دولار أمريكى من تلك الطروحات بحلول نهاية يونيو 2023.

والمتابع لأخبار الاقتصاد الكلى وأسعار الصرف، يجد اختلاف واضح بين سعر الدولار فى البنوك وسعره فى السوق الموازية، والعقود الآجلة، إذ لم تتجاوز العملة الخضراء مستوى الـ 31 جنيه بالبنوك المصرية، فيما وصلت لنحو 37 جنيهًا تقريبًا فى الثانية، وبلغت حوالى 44 جنيهًا فى العقود الآجلة.

وكنظرة سريعة، رأينا فى ديسمبر 2021، استحواذ شركة الدار الإماراتية على نسبة %85.5 من شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار، مقابل 6.1 مليار جنيه.

وفى 2022، وكخطوة تالية للدار الإماراتية للتوسع فى السوق المصرية، تقدمت شركة الدار الإماراتية بعرض شراء %100 من أسهم شركة مدينة مصر، والتى تمتلك الدولة منها نسبة %15.19 ولكن رفضت الأخيرة العرض المقدم من الأولى، باعتبار أن السعر المعروض للشراء لا يتماشى مع قيمة وأصول الشركة.

وفى أكتوبر 2022، اتجه نفس الكيان الإماراتى لطلب الاستحواذ على كامل أسهم شركة أوراسكوم العقارية التابعة لشركة أوراسكوم للتنمية مصر المالكة لمشروع أو ويست الذى يتم تطويره على مساحة 4.2 مليون متر مربع بغرب القاهرة، ولكن فشل الاستحواذ نتيجة لاختلافات فى التقييم وفروق الأسعار.

وكان هناك أيضًا استحواذات محلية على غرار استحواذ شركة تايمز للتطوير العقارى على 3 شركات تطوير عقارى وهى المطورون المصريون، وماس، وكونكس، بإجمالى محفظة أراضى تبلغ 258.9 ألف متر مربع.