شهدت الندوة العقارية التى نظمتها جريدة المال بمناسبة الاحتفال بمرور 20 عامًا على تأسيسها، نقاشات جادة ودقيقة حول سبل دعم المطورين، وتقديم عدة مطالب هامة لتقليل خسائر الشركات؛ فى فترة تشهد تزايد نهم التوسع، سواء فى السوقين المصرية أو الخارجية وتحديدًا فى السعودية.
حضر الندوة كل من الدكتور أحمد شلبى الرئيس التنفيذى لشركة تطوير مصر، رئيس مجلس العقار المصرى، والمهندس محمد الطاهر الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير، والمهندس طارق يوسف الرئيس التنفيذى لشركة كونكريت بلس للهندسة والإنشاءات، وأيمن عبدالحميد نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة التعمير للتمويل العقارى “الأولى”.
بداية، قال أحمد شلبى إن الحكومة أقرت بعض التيسيرات، منها مد فترة تنفيذ المشروع بنسبة 20% من البرنامج الزمنى، وكذلك مدة السداد بنفس النسبة أيضًا، والسماح بتطبيق قانون الحجوم فى كل المشروعات.
وأضاف أنه فى الجولة الثانية، ركزت مطالب المطورين على أشياء تم رفضها فى المرة الأولى، مثل سعر الفائدة على الأراضى الذى أصبح مبالغًا فيه، وتمت المطالبة بتثبيته عند 10%، وإعطاء مدة سماح تصل لنحو عامين.
كما تمت المطالبة بإلغاء علاوات ومصاريف إدارية فى هيئة المجتمعات العمرانية، لتقليل التكاليف على المطور، فعلى سبيل المثال كانت هناك مصاريف إدارية على قانون الحجوم تم خفضها للنصف، كما تمت المطالبة بإلغاء العلاوة على قانون الحجوم، وإعادة النظر فى علاوات أخري.
كما أفاد “شلبي” بأنه تمت المطالبة بفتح استيراد مواد البناء، ورفع قيود ورسوم الإغراق والاستيراد، نظراً لوجود أزمة، فالخامات غير كافية والأسعار مرتفعة للغاية.
وذكر “شلبي” أنه تم التقدم باقتراح آخر وهو زيادة الـ FAR بنسبة %25، بمعنى أنه لو كانت الأرض تسمح لى بنحو 100 ألف متر مساحة بنائية، فيتم زيادتها لنحو 120 ألف متر، من أجل تعويض خسائر المطور، لافتاً إلى أن الوزارة تقود بدراسة ذلك المقترح حالياً.
وتابع “شلبي” أنه فى حالة رفض ذلك، فسوف نطلب خيارين الأول هو منح الأراضى للمطورين بأسعار رمزية، وهو ما يمثل شيئًا مستحيلًا، والآخر حساب خسائر المطور فى السنوات الثلاث الأخيرة وخصمها من مدفوعات الأراضى، مشيرًا إلى أن تلك الحلول من الصعب للغاية تطبيقها.
وأشار “شلبي” إلى أنه ستتم دراسة زيادة “الفار” باستخدام “الفوت برينت” والمساحة البنائية والارتفاع فى حدود ارتفاعات القوات المسلحة.
وأوضح أنه عرض على وزير الإسكان الاجتماع مع رئيس الوزراء ووزيرى المالية والصناعة ومحافظ البنك المركزى ورئيس هيئة الاستثمار، لأن مجموعة المطالب السابقة تحتاج إلى تضافر جهود جميع تلك الوزارات، فوزارة المالية سيتم مناقشتها فى موضوع سعر الفائدة والضرائب، ورئيس هيئة الاستثمار ستقوم بمتابعة كل تلك الإجراءات.
وأشار “شلبي” إلى أن الجانب الإيجابى فى الفترة الحالية وجود تفهم واستجابة من جانب الوزارة لجميع أبعاد المشكلة، وسعيهم لحلها وحرصهم على إنقاذ قطاع التطوير.
مضيفًا أن هناك مشكلة أخرى، وهى أن جميع المطالب السابقة لا تتماشى مع صغار المطورين الذين يمثلون حوالى %70 من السوق، إذ يوجد حوالى 300 شركة تعمل على مدى محدود، وتواجه تحديات كبيرة أيضًا، ولكن تلك الحلول لا تتناسب مع حجم أعمالها.
ويرى “شلبي” أن الحل العملى لإنقاذ تلك الشريحة من المطورين هى احتساب خسائرهم وخصمها من ثمن الأراضى، خاصة التى تم تقويمها بالدولار.
بينما طالب محمد الطاهر، بضرورة وجود حزمة من القرارات السريعة، ليست قيد التنفيذ، ونتمنى أن تخرج أخرى يمكننا الاستفادة منها بشكل حقيقى، وأن تتوقف الأمور عند هذا الحد.
وأثنى “الطاهر” على المميزات التى تتواجد فى السوق السعودية، منها وجود صندوق للاستثمار وهو أمر عظيم، لا يجعل أى تواجد للبنوك فى عملية تمويلات المشروعات، ويساعد المطور فى إنجاز مشروعه وتعيين المقاول بعيدا عن تعقيدات البنوك.
واستنكر وجود إجراءات معقدة فى السوق المحلية، داعيًا إلى وجود صناديق للاستثمار، لأن هذه الخطوة مهمة جدًا لتوفير سيولة للمطورين، وهناك العديد من المستثمرين وحتى البنوك يمكنهم المساهمة فى هذه الصناديق خاصة إن كانت ستمنح فائدة %12 لمدة 20 عامًا.
وأكد ضرورة إعفاء صناديق الاستثمار العقارى من ضريبة الدخل ولو لفترة محدودة ربما تصل إلى 10 سنوات.
وقال طارق يوسف إن من ضمن الحلول التى يمكن مناقشتها على الطاولة، هى التفرقة بين نوعين من العقارات فى السوق، وهما العقار الأساسى والثانوى، الأول يوجد فى القاهرة والمحافظات المجاورة، والثانى فى الساحل الشمالى أو العين السخنة والجونة والغردقة.
وتابع أن هذه التفرقة ستسهم فى إعطاء مرونة بشكل أكبر للمطورين فى العقار الثانوى، من خلال بيع الوحدات مقومة بالدولار، وهو ما يعوض خسائرهم فى الوحدات السكنية الأساسية، فمعدل التضخم فى الجنيه أكبر بكثير منه على الدولار، وبالتالى يستطيع المطور الاحتفاظ بجزء من الربح وتدعيم عوائده المالية.
وعلق أحمد شلبى مرة أخرى قائلًا: يمنع القانون المصرى البيع بالدولار، ونحن كمجموعة من المطورين ناقشنا فكرة ربط بيع الوحدات بسلة خامات، وهى موجودة بالفعل فى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إذ إنه فى أوقات كثيرة يكون سعر الدولار ثابتًا، وأسعار مواد الخام ترتفع، وبالتالى نكون بعيدين إلى حد ما عن فكرة الدولرة.
وتابع أن تلك الفكرة تساعد المطور فى الحصول على فرق التكلفة مثلما يحدث مع المقاول تمامًا.
وقال محمد الطاهر، إن صناعة مواد البناء فى مصر تحتاج أيضًا إلى تنوع أكواد البناء، إذ تبقى المشكلة فى أكواد البناء، وعدم تقبل مواد مختلفة والسماح بتطور مواد البناء بشكل متغير لمواكبة التطورات العالمية وعدم التوقف عند كود موحد.
وطالب بتدخل هيئة المجتمعات العمرانية فى تحقيق هدف تنويع اكواد البناء من خلال الاتفاق مع مركز بحوث البناء لتنفيذ مشروع لتحقيق الهدف، وهو تقبل مواد بناء مختلفة ومتطورة وإنشاء مصانع لتلك المواد الحديثة، والتى تتمتع بسهولة وقوة.
وشدد على أهمية اعتماد آليات إطلاق صناديق الاستثمار العقارى للمساهمة فى تشجيع آليات تصدير العقار، ومن أسرع الطرق القصيرة لتصديره.
وطالب بتدخل “مصر السيادى” للعمل على إطلاق صناديق الاستثمار كنوع عوامل تصدير العقار، خاصة أسواق الخليج.
ورغم تلك النظرة الضبابية للقطاع إلا أن الشركات تنوى التوسع بقوة، سواء فى السوق المصرية أو البلدان المجاورة؛ فعلى سبيل المثال تعتزم “كونكريت بلس” للإنشاءات زيادة التعامل مع القطاع الخاص ليسيطر على %35 من حجم الأعمال السنوية؛ بخلاف إضافة أنشطة جديدة منها إنشاء محطات تحلية المياه، علاوة على العمل كمطور عقاري.
وأشار طارق يوسف إلى أن شركته تستهدف تحقيق حجم أعمال بنحو 9 مليارات جنيه، وهو معدل نمو بزيادة %50 على العام الماضى، لكنه أكد أن هذه المستهدفات مرتبطة بتطورات السوق.
أما الشركة السعودية المصرية للتعمير فتنوى اختراق السوق السعودية؛ بالتزامن مع إضافة مشروع جديد فى الساحل الشمالى الغربى بالتعاون مع هيئة المجتمعات العمرانية.
وقال أحمد شلبى إن الساحل الشمالى هو الحصان الأسود فى مجال التطوير العقارى، فالساحل سوق واعدة جدًا بالنسبة لهم، لافتًا إلى أن شركته تولى موضوع تسليم الوحدات العقارية أهمية كبرى، مضيفا أن شركته سلّمت خلال العام الماضى 1100 وحدة عقارية، وتستهدف تسليم من 1500 إلى 2000 وحدة.
وتابع أن شركة تطوير مصر تتطلع كذلك إلى مضاعفة حجم مبيعاتها خلال العام الحالى، موضحًا يستهدفون مبيعات من 12 إلى 15 مليار جنيه خلال 2023.
وأضاف أن الشركة تدرس بعض الفرص فى “سفنكس”، وعلى صعيد خارجى، قال إنهم سيعلنون عن أول شراكة فى السعودية قريبًا جدًا.
وقال محمد الطاهر إن الشركة تدرس فرصًا فى القاهرة الجديدة ومدينة الشيخ زايد دمياط الجديدة.
فيما قال أيمن عبدالحميد، إن شركة الأولى للتمويل العقارى حققت 2.25 مليار جنيه تمويلات فى العام الماضى، مشيرًا إلى أن يستهدف 1.6 مليار جنيه بنهاية العام الحالى، معربًا عن أمله فى تحقيق هذا المستهدف لا سيما فى ظل الظروف الراهنة.
وأكد أن %92 من التمويلات التى قدمت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالى قادمة من شراء المحافظ العقارية فى المقام الأول.
وأكد أن ارتفاع الفائدة يتزامن معه انخفاض تمويل الأفراد بشكل واضح؛ نظرًا لزيادة تكلفة التمويل على العميل خلال 10 سنوات بنحو %80، إضافة إلى تراجع القدرة الشرائية.
وفيما يتعلق بشراء المحافظ العقارية، فأوضح أن المطور بات لديه استعداد الآن لخسارة جزء من أرباحه، مقابل الحصول على سيولة بشكل سريع ليتمكن من شراء معدات ومواد خام تعينه على الاستمرار فى مشروعاته القائمة بالفعل.
