القطاع المصرفى يمد يد العون للاجئين السودانيين

استقبلت مصر مؤخرا نحو 85 ألف لاجئ سودانى بعدما تفجرت أزمة سياسية فى 14 أبريل الماضى فى البلد العربى الشقيق إثراندلاع الاشتباكات هناك.

Ad

استقبلت مصر مؤخرا نحو 85 ألف لاجئ سودانى بعدما تفجرت أزمة سياسية فى 14 أبريل الماضى فى البلد العربى الشقيق إثراندلاع الاشتباكات هناك.

ويرى خبراء مصرفيون أن قطاع البنوك يستطيع مد يد العون و دعم الأشقاء السودانيين من خلال فتح الحسابات ومنح التسهيلات الائتمانية، شريطة سلامة أوراق العميل السودانى الرسمية، وكذلك بعد موافقة مسبقة من قطاع الالتزام بالبنوك.

واختلف المصرفيون - فى تصريحات لـ «المال» - حول مدى تأثير دخول اللاجئين السودانيين على الاقتصاد المصرى ككل، حيث يرى محمد عبدالعال عدم وجود تداعيات سلبية على الاقتصاد من زيادة التعداد السكانى فى مصر، فى حين يرى محمد البيه وجود تأثير سلبى وإيجابى بعد دخول اللاجئيين السودانيين إلى مصر.

عبدالعال: قد يكون هناك نوع من المرونة فى الظروف الاستثنائية

من جانبه، قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، إن هناك بروتوكول تعاون بين مصر والسودان، ينص على دخول المصريين الأراضى السودانية دون تأشيرة، وكذلك يستطيع السودانيون أقل من 50 عاما دخول الأراضى المصرية بعد الحصول على تأشيرة، أما السودانيون الأكبر من 50 عاما فيستطيعون السفر إلى مصر دون الحاجة إلى تأشيرة، أى يُعامل كمواطن مصرى.

وأضاف «عبدالعال» - فى تصريحات لـ «المال» - أن من حق أى مواطن مصرى أو أجنبى فتح حساب فى أى بنك طالما لديه هوية، بطاقة رقم قومى أو جواز سفر، وكذلك له سكن ثابت، سواء إيجار أو تمليك، يدل على محل إقامته فى مصر.

وأفاد بأن الإجراءات سالفة الذكر تُطبق فى حال أن الوافد لا يحمل الجنسية الأمريكية كجنسية مزدوجة أو يملك حسابا أو سكنا أو إقامة فى الولايات المتحدة، موضحا أنه فى تلك الحالة تختلف اشتراطات فتح الحساب، حيث إنه وفقا لذلك تطبق عليه محددات الـ «فاتكا».

وتُعَّرف الـ «فاتكا» بأنها قانون الامتثال الضريبى للحسابات الخارجية الأمريكية، يهدف إلى التصدى لعمليات التهرب الضريبى لحاملى الجنسية الأمريكية، عن طريق فتح حسابات فى مؤسسات مالية أجنبية خارج الولايات المتحدة.

وأوضح الخبير المصرفى أنه فى ظل الظروف الاستثنائية، مثل الأزمة التى تمر بها السودان حاليا قد يكون هناك نوع من المرونة فى التعامل مع العملاء من الأشقاء السودانيين، فى حالة تحويل أموال بالنقد الأجنبى أوغيره، ولكن على اعتبار العميل له إقامة فى الخارج ويرغب فى الاستثمار فى مصر، مشيرا إلى أن عملية فتح الحسابات الآن أصبحت تتم بشئ من المرونة، خاصة مع الأشقاء العرب، بغض النظر عن الأزمات السياسية الحادثة فى الدول العربية.

وذكر أن مصر يوجد بها سودانيون تعدادهم يتراوح من 4 - 5 ملايين، وهم متواجدون فى مصر قبل اندلاع الأزمة الأخيرة.

وبسؤاله عن كيفية تعامل الجهاز المصرفى المصرى من حيث منح تسهيلات ائتمانية لشخص سودانى لاجئ، لا يحمل أوراقا رسمية، قال محمد عبدالعال فى هذه الحالة يتوجه اللاجئ إلى قنصليته فى مصر أو لوزارة الهجرة، لمساعدته فى استخراج أوراق هويته الرسمية كوثيقة جواز سفر مؤقت على سبيل المثال، ثم بعد ذلك تستطيع البنوك منحه تسهيلات ائتمانية أو فتح حساب له.

وأكد أن جميع السودانيين المتواجدين فى مصر والمتواجدون قبل الأزمة من طبقات أصحاب الأعمال والطبقات المتوسطة العاملة، والتى تسهم فى القيمة المضافة، مشيرا إلى أن اللاجئين القادمين مؤخرا تعدداهم ليس كبيرا، وبالتالى لن يكون لهم تأثير بشكل ما أو بآخر على الضغط على أسعار السلع والخدمات، معللاً ذلك بأن جزءا كبيرا منهم من رجال الأعمال والطبقات العليا.

وتابع إن التأثير سيكون على المستوى القومى من حيث الميزان التجارى، حيث إن مصر تصدر للسودان سلعا من ضمنها الخضراوات وبعض مستلزمات الإنتاج وبعض الأدوات البلاستيكية والأثاث والأسمدة وبعض الأدوية، كما أن السودان كانت تصدر لمصر اللحوم والسمسم والصمغ العربى، لافتا إلى توقف كل هذه المعاملات، مما سيلقى بظلاله على الميزان التجارى.

البيه:الجانب الإيجابى يعوض التداعيات السلبية

وكان لمحمد البيه وجهه نظر مختلفة، إذ قال إنه من الناحية الاقتصادية زيادة عدد السكان له جانب سلبى وآخر إيجابى.

وأضاف أن الأثر الإيجابى لدخول الأشقاء السودانيين إلى مصر، يتمثل فى الاتجاه ناحية استثمار الأموال فى الداخل، مما سيسهم فى دفع عجلة الاقتصاد القومى، سواء عن طريق الاحتفاظ بهذه الأموال كودائع فى البنك، أو عن طريق شراء أصول مالية واستثمارها، أو عن طريق إنشاء مصنع أو ورش للعمل.

ومن ناحية أخرى، أوضح الخبير المصرفى أن الجانب السلبى يكمن فى زيادة الضغط على السلع والخدمات المتاحة، مما يسبب عبئا على معدلات التضخم، لافتا إلى أنه على سبيل المثال إذا كانت الدولة تستورد كمية معينة من القمح، فإن هذه الكمية لم تعد كافية الآن بعد زيادة الطلب، مما سيدفعها للجوء إلى زيادة الكمية المستوردة، ومن ثم الضغط بشكل أكبر على العملة الأجنبية، متابعا إن إيجار المنازل قد يتأثر بسبب زيادة الطلب عليه.

فى السياق نفسه، قال محمد عبدالمنعم الخبير المصرفى، إن المواطن السودانى القادم إلى مصر بطريقة غير شرعية أو بدون أوراق رسمية، سيجد صعوبة فى التعامل مع القطاع المصرفى، أما إذا قام بتوفيق أوضاعه فيما بعد، من حيث الإقامة واستخرج أوراق إثبات هوية شخصية، سيتم التعامل معه من قبل البنوك بشكل طبيعى، مشددا على أن ذلك سيحدث بعد الموافقة المسبقة من قطاع الالتزام، أى بعد إجراء التحقق من أن هذا الشخص ليس له علاقة بتمويل الإرهاب أو العمليات غير المشروعة، معللا ذلك بأن الدولة حينما تواجه أزمة سياسية أو حرب أهلية ينخفض تصنيفها الائتمانى، وبالتالى لابد من موافقة قطاعات الالتزام بالبنوك على فتح حساب للعملاء القادمين من الدولة محل الذكر.

ولفت «عبدالمنعم» إلى أن توافد الأشقاء السودانيين إلى مصر سيعود بالنفع على القطاع المصرفى المصرى، عن طريق تضمينه للعملاء العازمين على الاستثمار فى الداخل،أو الذين لديهم ملاءة مالية مرتفعة.

وأكمل أن عملية منح التسهيلات الائتمانية تتم بعد التأكد من أن العميل الوافد أوراقه سليمة، وكذلك النشاط الذى سيضع فيه تلك الأموال ذات جدوى اقتصادية، معللاً بأن هدف البنوك هو الربح بالإضافة إلى دعم الاقتصاد.