يمثل انتقال جميع القطاعات إلى الشمول المالى والرقمنة أهمية قصوى لاقتصاد الدولة القومى وخاصة الناشئة منها حسبما أكد خبراء مصرفيون ل«المال».
وأوضح الخبراء أنه بمجرد دخول الاقتصاد الموازى ضمن حسابات الدخل القومى سيسهم ذلك فى زيادة إيرادات الدولة، ومن ثم خفض عجز الموازنة العامة، كما يعمل البنك المركزى على دعم رؤية مصر 2030 وتحولها للرقمنة بكافة السبل من خلال توفير الإجراءات وتيسير التحول.
وأضافوا أن كل تطور إلكترونى تكون له مخاطر محتملة لا يمكن إغفالها، ولكن فى هذه الحالة منافع الرقمنة تفوق بكثير مخاطرها ومن ثم يجب التحوط ضدها بالتزامن مع عملية التحول.






ناجى: 45 % نموا فى الحسابات البنكية خلال الفترة الأخيرة
من جانبه قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى إن شركات التكنولوجيا المالية بما فيها «المدفوعات الإلكترونية» كفيزا وغيرها تساهم بدور كبير فى عملية التحول الرقمى، حيث بدأت الرقمنة فى الظهور منذ حوالى 10 سنوات مضت بدعوة وتوجيه من البنك الدولى، إلى أن تبنتها الدول بعد إدراك أهمية الشمول المالى ودوره فى الاقتصاد القومى.
وأضاف «ناجي» أنه قبل صعود التوجه الحالى نحو الشمول المالى كانت شركتا فيزا وماستركارد تعملان وحدهما على تطوير هذا القطاع، مشيراً إلى أن اليوم الوضع مختلف إذ أصبحت هناك شركات أخرى عديدة تعمل على تطوير قطاع التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية بأفكار وبأساليب مختلفة ومن ثم أصبحت المنافسة كبيرة فى السوق.
وأشار إلى أن كل هذه التطورات دفعت شركتين كبيرتين مثل فيزا وماستركارد خلال ال7 سنوات الأخيرة لشراء شركات تكنولوجيا مالية صغيرة ومتوسطة للتطوير وللمزيد من الإبداع والابتكار.
مضيفاً أن شركتى فيزا وماستر كارد لديهما قدرة مالية كبيرة وهو ما دفعهما لضم عدد من الشركات الأخرى لامبراطورياتهم التكنولوجية على حد وصفه، لافتاً إلى أن البنك المركزى المصرى يعمل بشكل كبير على دعم عملية الشمول المالى والتحول الرقمى وأصدر توجيهاته أكثر من مرة بخصوص هذا الشأن.
وأكد ناجى أن التحول الرقمى والشمول المالى يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للاقتصاد تكمن فى توفير الخدمات المالية بشكل ميسر للجميع، مستشهداً بعدد حسابات العملاء التى كانت لا تتعدى نسبة %15 من اجمالى تعداد السكان قبل صعود ذلك التوجه، أما الآن أصبح حوالى %60 من العملاء لديهم حسابات بالبنوك، أى ما يمثل غالبية المواطنين.
وأوضح أن الشمول المالى يساهم فى الاقتصاد القومى من حيث تيسير العمليات التجارية والخدمية وتقليل الاعتماد على الكاش وتوفير الأمان والوقت والجهد فى عملية تبادل الأموال من وإلى المواطنين داخل وخارج مصر.
وقال ناجى إن كل ابتكار أو وسيلة تكنولوجية جديدة تحوى على مخاطر، مشيراً إلى أن مخاطر التحول الرقمى التقليدية تتمثل فى تعرض كارت العميل أو رقمه السرى للسرقة، أما المخاطر الحديثة فتتمثل فى الهجمات الإلكترونية والسيبرانية، وكذلك مخاطر النظام نفسه كالأعطال الفنية.
ولفت إلى أنه كلما زادت الخدمات الإلكترونية وارتفع معدل استخدام العملاء لها كلما زادت المخاطر والهجمات السيبرانية، معللاً أن المخترقين دائماً ما يطورون من أنفسهم لإيجاد أساليب جديدة للاحتيال، مشيراً إلى أن هذا هو التحدى الأكبر الذى تعمل البنوك دائماً على مواجهته.
حافظ: يسهم فى خفض السيولة النقدية وتقليل التضخم
وفى نفس السياق قال هانى حافظ الخبير المصرفى إن العالم قد واجه ثورات تكنولوجية متتالية خلال الحقبة الماضية مما أسفر عن عدة تطورات حديثة أهمها التحول الرقمى.
وأضاف «حافظ» أن التحول الرقمى يعد نتاج للثورات التكنولوجية والمحاولات العديدة للتطور حيث اهتمت دول العالم مؤخرا بالتحول الرقمى من خلال توجيه كافة جهودها وامكانياتها نحو تطبيق تقنيات التحول.
كما بدأت العديد من الحكومات فى التحول إلى ما يسمى «الحكومة الإلكترونية»، توافقا مع التطور التكنولوجى الحالى للاستفادة من مزايا التكنولوجيا مثل تقليل الأخطاء البشرية وزيادة الدقة وفعالية اداء المهام.
وتابع حافظ أنه بالتزامن مع التطورات الحديثة تسمح التكنولوجيا الرقمية بتقديم الخدمات المالية على نطاق واسع مثل الإنترنت البنكى، المحافظ الإلكترونية، كروت الائتمان، كما توفر الخدمات البنكية باستخدام الهاتف المحمول، مما يوفر مزايا عديدة للعملاء مثل سهولة اتمام المعاملات البنكية والمالية وانخفاض التعاملات النقدية Cashless.
ولف إلى أن الحكومة المصرية حققت الكثير من التطور فى البنية التحتية والاستثمارات المالية للتحول إلى حكومة إلكترونية، مضيفاً أن التطورات كانت سريعة ومتلاحقة حيث تم التحرك فى اتجاه التغيير والتطوير والابتكار، كما أن الحكومة تدعم كافة مؤسساتها فى تطبيق آليات التحول الرقمى والاعتماد عليها فى تقديم خدماتها للمواطنين مما يساهم فى نجاح العملية.
وأكمل أن كل هذه الخطوات دفعت العديد من الهيئات والمنظمات إلى البدء فى تطبيق التحول الرقمى استجابة لتوجيهات الحكومة ومواكبة التطورات التكنولوجية بالبيئة المحيطة.
وتشير التكنولوجيا الرقمية إلى الوسائل والأدوات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعى (AI)، البيانات الضخمة، الحوسبة السحابية (Cloud Computing)، سلاسل الكتل (Blockchains).
وأكد حافظ أن مفهوم الشمول المالى قد لاقى اهتماماً كبيراً من الحكومات والمؤسسات المالية خلال الفترة الماضية، نظرا لأهميته ودوره فى تحقيق استقرار النظام المالى، بالإضافة إلى سعى كافة البنوك لتحقيق الشمول المالى بما يلبى احتياجات المواطنين.
كما يهدف الشمول المالى لإزالة الحواجز التى تستبعد الاشخاص من المشاركة فى القطاع المالى وإتاحة الخدمات المالية لأكبرعدد من المواطنين بتكلفة معقولة.
وعلى جانب آخر قال إن الشمول المالى يساهم فى خفض السيولة النقدية، وبالتالى تقليل معدلات التضخم، بالإضافة إلى دورة الفعال فى تمويل القطاعات التنموية الصناعية والخدمية، فضلا عن مساهمته فى الحد من التعاملات المالية غير الرسمية وفى محاربة الفساد وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، كما يعزز ويحسن فرص النمو الشامل والحفاظ على الاستقرار المالى والاجتماعى فى إطار تحقيق هدف «الاقتصاد التنافسى والمتنوع»، حيث يمكن الدولة من زيادة مرونة الاقتصاد وقدرته التنافسية، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز ريادة الأعمال.
وأفاد أنه خلال الفترة السابقة ظهر جليا دور البنك المركزى فى دعم التحول الرقمى والتكنولوجى وتطبيق مفهوم الشمول المالى فى إطار اهتمام الدولة، مما ينعكس بشكل كبير على النمو الاقتصادى والمالى.
موضحا أن البنك المركزى قام مؤخرا بكثير من الإجراءات وآليات العمل وتفعيل الأدوات الرقابية لتحقيق أفضل مستوى أداء وتقديم خدمات مصرفية جديدة ومميزة بأعلى جودة.
كما تعمل الأدوات الرقابية على تحسين وتطوير خدماتها الحالية بما يتناسب مع التطورات الحديثة لتحقيق ميزة تنافسية عالية، الأمر الذى ينعكس بشكل مباشر على تحقيق التنمية المستدامة، متوقعاً قيام بنوك مصرية بالاعتماد على التكنولوجيا بشكل كامل فى القطاع المصرفى قريبا جدا.
وتابع أن الرقمنة تؤثر على كافة أنشطة الدولة إيجابا بما ينعكس على تحسين الأداء المالى وتحقيق مستويات نمو اقتصادى مستدامة واستقرار مالى، مما يسهم فى تحقيق أهداف الدولة الاستراتيجية بشأن ترسيخ أسس التنمية المستدامة.
وفى إشارة إلى المخاطر المحتملة للشمول المالى قال حافظ إنه مع حدوث أزمات مالية عديدة كان لأبرزها أثراً على اقتصاديات جميع دول العالم بشكل ملحوظ بالإضافة الى الثورات التكنولوجية وما نشأ عنها من تقنيات وتطبيقات تكنولوجية متطورة واجهت العديد من المنظمات العالمية والمحلية مشاكل عدة خلال السنوات الماضية، نتيجة الضعف فى أنظمة الرقابة الداخلية والفشل فى استخدام تقنيات التحول الرقمى، والتأخر فى إصدار التقارير المالية، مما أثر على مستخدمى المعلومات فى اتخاذ قراراتهم فضلا عن تهديدات أمن المعلومات وتعرض بيانات العملاء للسرقة واختراق الخصوصية.
وأضاف أن تطبيق تقنيات التحول الرقمى فى المؤسسات المصرفية يتطلب تطور كبيرا جدا فى منهجية إدارات المخاطر والمراجعة الداخلية والأنظمة الحديثة والبنية التحتية، وذلك بشأن تحسين وتعزيز اداء المعاملات البنكية وبالتالى العمل على التخفيف والحد من المخاطر المحتملة وهو الذى ينعكس على تقليل الأخطاء وتخفيض الوقت اللازم لأداء المهام مما يحسن من جودة العمليات ويزيد من كفاءتها، ومن ثم أمن المعلومات.
وذكر أن البنك المركزى المصرى لديه تعليمات رقابية مشددة على المؤسسات المصرفية بشأن الالتزام بكافة إجراءات الأمن السيبرانى مع المراجعة الدورية للاطمئنان لتنفيذ كافة الاجراءات وفقا للتعليمات مع تنفيذ اختبارات دورية لمواجهة المخاطر المحتملة.
بدرة: المنافع التى ستعود على الاقتصاد تفوق احتمالات المخاطر
وقال محمد بدرة الخبير المصرفى إن جزءًا كبير من نتائج الأعمال فى المشروعات التى تتبع الاقتصاد غير الرسمى لا تظهر فى الناتج القومى لمصر ومن ثم إذا تم دمجها فى «الرسمي» تزداد الايرادات الضريبية مما يعود بالنفع على حجم الموازنة العامة للدولة.
وأضاف «بدرة» أن الشمول المالى والتحول الرقمى قد يكون له مخاطر ولكن المنافع التى ستعود على الاقتصاد ستفوق بكثير تلك الاحتمالات.
