تباينت آراء عدد من العاملين فى السوق الملاحية والخبراء، حول قدرة ميناء الإسكندرية على تطبيق المعايير الدولية واتباع آلية السلامة والأمان من عدمه فى تشغيل ساحتين لتخزين البضائع الخطرة بداخلها يتم حاليا بنائها لأول مرة داخل أسوار الميناء.
وأعلنت الهيئة مطلع أبريل الماضى عزمها إنشاء ساحتين لتداول وتخزين البضائع الخطرة، الأولى فى الإسكندرية على مساحة 30 ألف متر، والثانية فى الدخيلة على مساحة 25 ألف متر، ومن المقرر حسب الجدول الزمنى للمشروع أن يتم تسليمه لهيئة الميناء خلال النصف الثانى من العام الجارى.
وأبدى البعض تخوفا وتحفظا حول جدية تطبيق عوامل الحماية والأمان داخل الميناء فى ظل تكدس البضائع المُعتاد، فى الوقت الذى لا يزال شبح انفجار ميناء بيروت يتردد بالأذهان والذى كان سببه الرئيسى هو تخزين البضائع الخطرة داخل الميناء، وآخر دعم تلك الخطوة غير المسبوقة ولكن بموافقة “مشروطة”.
مسئول خط «ONE» اليابانى: خطوة إيجابية وإضافة قوية للهيئة
فى البداية أيد أحمد طارق المدير التجارى لخط «ONE» الملاحى اليابانى، الخطوة الجديدة التى اتخذتها ميناء الإسكندرية بتخصيص ساحات منفردة للبضائع الخطرة بداخلها مع الأخذ فى الاعتبار تطبيق المعايير الدولية للمشروعات أسوة بالموانئ العالمية، مشددا على ضرورة وجود فرق مختصة من الناحية التنظيمية للتعامل مع مثل تلك البضائع، مؤكداً أنه خط ملاحى غير مُستفيد بالخطوة إلا أنها تُعد إضافة لميناء الإسكندرية.
وكيل التاروس الإيطالى: عملية التخزين من الأساس تعرقل مبدأ تسريع خروج السلع
وعلى النقيض، أكد هانى عبد الرشيد وكيل خط التاروس الإيطالى ورئيس شركة يونى فريت جلوبال لوجيستك للإيداع الجمركى، أن البدء فى تلك الخطوات لابد وأن يتم النظر لمنظومة الحماية المدنية ومدى كفاءة معداتها وجاهزيتها فى المخازن الموجودة داخل الميناء، موضحا أن البضائع القابلة للانفجار ضمن البضائع الخطرة المتداولة لا يصح منطقيا أن يتم تخزينها داخل ميناء الإسكندرية.
وأرجع عبد الرشيد ذلك إلى صعوبة وضع تلك البضائع الخطرة بجانب محطات حاويات مُتكدسة بآلاف الحاويات وفى مخازن مُتكدسة بآلاف الأمتار من البضائع المتنوعة، بجوار معدات هيئة ميناء الإسكندرية التى تصل قيمتها المادية للمليارات، مطالباً بضرورة الأخذ فى الاعتبار التجربة اللبنانية وما تعرضت له جراء تخزين البضائع الخطرة داخل الموانئ.
وأشار إلى أن مخازن الميناء غير مؤهلة وغير مهيئة لتخزين البضائع الخطرة، لافتا إلى أنها فى حال جاهزيتها سيكون أول الداعمين على الاستمرار بتلك الخطوة الجديدة، ولابد قبل اتخاذ قرار الإنشاء والتشغيل الرجوع لهيئة المطافئ والحريق.
وأكد عبد الرشيد أنه وفقا للدولة فإن الموانئ عبارة عن نقاط عبور، ولا يمكن أن يتم فيها تخزين البضائع وذلك منعا للتكدس، مستشهدا باتجاه الدولة نحو سرعة صرف البضائع من الموانئ.
وحذر من أن الوضع داخل الميناء سيزداد صعوبة، لافتا إلى أنه فى حال توافر عوامل الأمان وتعليمات السلامة وتطبيق المعايير الدولية فى كيفية تخزين البضائع الخطرة ولكن بمخازن خارج ميناء الإسكندرية سيكون الحل الأفضل، حيث إن الميناء حالياً يستقبل حجم بضائع كبير.
واعتبر منصور بريك رئيس لجنة الشحن والتفريغ لسفن البضائع العامة بغرف الملاحة، أن إنشاء ساحات تخزينية بداخل ميناء الإسكندرية يُعد توجه إيجابى، لاسيما مع حجم التداول بالميناء وموقعها المتميز ومن ثم يتطلب وجود تلك الساحات لاكتمال المنظومة، مؤكداً أن عدم تواجد مخازن لتداول البضائع الخطة كان بمثابة نقطة ضعف وتحد للميناء.
وأشار بريك إلى أنه فى حال اتخاذ الميناء جميع الإجراءات الاحتياطية ومتطلبات السلامة والصحة المهنية وكل إجراءات الحماية المدنية، تصل الميناء لمواكبة التطورات العالمية والمعايير الدولية لتداول البضائع الخطرة، آملاً أن تعمل تلك المنظومة الجديدة وفق الكود العالمى لضمان نجاحها.
من جانبه، لفت الدكتور محمد محرم خبير تداول البضائع الخطرة وخبير البيئة البحرية، إلى أن الخطوة جيدة فى حال تنفيذها على أرض الواقع بشكل آمن وسليم، مؤكداً أنه من أوائل الأشخاص التى نادت بتنفيذه ولكن بمعايير مُحددة، مشيراً إلى أن هناك بضائع فى حال التعامل الخاطئ بنقلها من الممكن أن تتحول من مادة خاملة إلى مادة نشطة وتتسبب فى العديد من الكوارث، لذلك لابد وأن يتم الاستعانة بفرق مُدربة على التعامل مع البضائع الخطرة.
وطلب محرم ضرورة الإعداد للمشروع قبل تنفيذه بشكل جيد من خلال شركات متخصصة وخبراء لدراسة تصنيفات المواد الخطرة، وغير الخطرة التى لا يصلح تواجدها بجانب البضائع الخطرة لتعرضها تغير فى خواصها.
وأوضح أن هناك موادا ضمن قائمة البضائع الخطرة لا يمكن أن تظل متواجدة لأكثر من ساعتين بالمخازن، وأخرى 24 ساعة، ومواد أخطر لا يجب تخزينها من الأساس وخروجها فور نقلها من المراكب، وهناك مواد لا يجب أن تلامس الأرضيات أو الأسقف أو الجدران الجانبية، ولا تتعرض لأشعة الشمس المباشرة، لافتاً إلى أن تطبيق مثل تلك المشروعات لابد وأن يكون له إعداد غير مسبوق لتحقيق معايير السلامة على أكمل وجه.
وأشار إلى أن البضائع الخطرة لها 3 مراحل مهمة “النقل، والتداول، والتخزين”، موضحا أنه عملية النقل معقدة نوعا ما، فى حين أن النقل مرحلتين “من المركب للميناء، ومن الميناء للمصنع”، مشيرا إلى أن هناك موادا سيتم نقلها فى أوقات محددة فلا يجب أن تُعرض لضوء الشمس، لذلك لابد أن يكون القائم على منظومة إدارة تخزين ونقل البضائع الخطرة مؤهل للتعامل معها بشكل كبير من خريجى الجامعات المُدربين.
ولفت إلى ضرورة جاهزية إدارة الحماية المدنية وأن تكون على أعلى المستويات من التأهيل، لافتاً إلى أن المشروع ناجح وكان من المقرر أن يتم إنشاؤه منذ سنوات، ولكن بشروط تنفيذ آلية معينة من خلال لجنة لإدارة المنظومة بالكامل، وشركات متخصصة لتحقيق معدلات الأمن العالية، ومتخصصة فى التشغيل والتعامل مع البضائع الخطرة.
