منحت أحداث السودان الأخيرة فرصة للخطوط الملاحية العاملة فى البحر الأحمر لزيادة خدماتها الملاحية عبر الموانئ البحرية من ميناء بورتسودان السودانى وحتى موانئ سفاجا والسخنة، كبديل عن النقل البرى الذى تسببت الأزمة فى توقفه بشكل كامل، فضلا عن زيادة سعر السولار التى دفعت لتحريك أسعار نوالين شحن ونقل البضائع بالشاحنات.
ويرى خبراء الملاحة أن يجب استغلال الفرصة للتواصل مع إفريقيا عبر استخدام البحر الذى يعد الطريق الأكثر أمانا لنقل البضائع.
وقال اللواء محفوظ طه الخبير البحرى ونائب رئيس الهيئة الاقتصادية الأسبق، إن ميناء سفاجا يعد البديل الأقرب لميناء بورتسودان فى استقبال البضائع الواردة إلى السودان والصادرة منها، وكذلك ميناء السخنة، خاصة أن الطاقة الاستيعابية للميناء بعد الانتهاء من جميع أعمال تطويره ستساعد فى رفع حركة التجارة نظرًا لقربه من الدلتا والقاهرة الكبرى ومراكز التصنيع والكثافة السكانية، ومن ثم يمكن أن يساهم ميناء السخنة كبديل لبورتسودان فى تقليل تكلفة نولون شحن البضائع للسودان بسبب الأحداث الحالية.
وأضاف طه أن المفاضلة بين الميناءين المصريين سفاجا والسخنة تتوقف على نوع البضائع المنقولة وطول مسار سلاسل التوريد المتعلقة بالتصنيع والتخزين حتى تصل للمستهلك النهائى، لافتا إلى أن استمرار الأزمة السودانية يصبح سفاجا الأقرب لتغطية احتياجات المحافظات من ملوى وحتى أسوان ولقربه أيضا من مراكز التوزيع.
وأوضح أن ميناء سفاجا به صومعة 120 ألف طن قمح يمكن أن يعمل بأقصى طاقته فى استقبال الغلال وقادر أيضا على استقبال الحيوانات الحية ويمكن استقبال الواردات من السودان من ميناء بورتسودان وحتى ميناء سفاجا.
وأشار إلى أن نقل حركة التجارة البينية بين مصر والسودان عن طريق النهر مازالت تواجه صعوبات فى المجرى الملاحى لنهر النيل، مستبعدا استخدام ميناء السد العالى فى خدمة حركة التجارة بين البلدين ومازالت حركة النقل النهرى فى الجزء الشمالى من دمياط وحتى القاهرة يواجه صعوبات مع انخفاض منسوب المياه.
من جانبه، قال خالد القناوى، أمين عام جمعية نقل البضائع لقطاع النقل المبرد والجاف بالقاهرة، إن أزمة السودان سوف تضر قطاع الصادرات وحركة التجارة بين مصر والسودان بصفة عامة والنقل الثقيل بصفة خاصة، مشيرًا إلى أن حوالى %45 من التجارة الدولية بيننا وبين الدول المحيطة سوف تتأثر بسبب تلك الأزمة مثلما حدث أثناء جائحة كورونا من كساد وتوقف لحركة التجارة.
وأكمل أن هذا التأثير السلبى الناتج عن حرب السودان سيظهر فى حجم الصادرات سواء مواد أولية أو صادرات ممثلة فى منتجات فرش كالخضروات والفواكه والمجمدات.
وأضاف أن من تأثيرات أزمة السودان على النقل البرى فى مصر، عدم وصول دفعات اللحوم سواء أو مجمدة أو لحوم حية مما يؤثر بالتبعية على السوق المصرى، بسبب اعتماد مصر على صادرات اللحوم السودانية بشكل كبير سابقًا.
وأوضح القناوى أن حركة التجار بين مصر والسودان كانت تستوعب أكثر من 2000 شاحنة، تتردد من السودان ومنها التجارة الترانزيت التى تستهدف دول أخرى، ومع تلك الأزمة الجارية ستتأثر عجلة التجارة بالسلب، خاصة الشركات الخاصة حيث يرجع ملكية حوالى %70 من تلك الشحنات إلى شخصيات اعتبارية من شركات خاصة.
وأكد أن هذا يؤثر بالتبعية على باقى الخطوط نتيجة للضغط الذى تتعرض إليه بسبب تحول شاحنات النقل إليها كمحاولة لمعالجة الأزمة.
وتابع أن هناك تكدسا فى ساحة الترانزيت بين الأردن والعراق، حيث تظل شاحنات العراق حوالى 15 يوما فى منطقة التبادل فى مصر دون نقل للصادرات.
وأوضح أنه عند نقل السيارات المصرية العاملة بخط السودان سواء لصادرات الفرش أو الستائر أو الأجهزة الكهربائية أو مواد غذائية ولحوم، سيؤدى ذلك إلى انخفاض أسعار النوالين على باقى الخطوط.
وأكد أن خط السودان كان بمثابة نقطة التوازن لعملية الأجور وضبط أسعار النوالين فى النقل البرى سواء الذى يعمل منهم على دول الخليج أو ترانزيت أو بالأردن وغيرهم الكثير، كما يتحكم فى سعر البضائع بصفة عامة ارتفاعا أو انخفاضًا.
وأشار إلى أن هناك فرقا كبيرا بين شاحنات اللحوم من الهند أو البرازيل وبين شاحنات السودان الشقيق، مشيدًا بجودة اللحوم السودانية نظرًا لكونها نتاج مراعى طبيعية ومنخفضة التكلفة بجانب قرب المسافة مما يسهل النقل.
وأوضح أمين عام جمعية نقل البضائع لقطاع النقل، أن أحد أكبر أسباب تضخم أسعار اللحوم فى مصر يرجع مؤخرًا إلى وقف حركة النقل بين مصر والسودان بسبب أحداث الحرب فى الأخيرة.
وأكد أن أغلب البدائل المتاحة حاليًا تحتاج إلى نقل بحرى أو نهرى أو جوى، مشيرًا إلى أن تكلفة الشحن البرى يوفر حوالى %60 مقارنة بالسبل الأخرى سواء بحرى عبر البواخر أو طيران.
ونوه القناوى أن هناك حوالى 700 سيارة محملة بالصادرات المصرية، منهم المتواجد بالسودان بالفعل ولا يجد طريقة لتفريغ الحمولة.
وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، سجّلت قيمة التجارة بين مصر والسودان ارتفاعًا بنسبة %18.2 خلال عام 2022، لتبلغ 1.434 مليار دولار فى مقابل 1.212 مليار دولار خلال عام 2021، وتستحوذ دولة السودان على %13.2 من إجمالى قيمة التبادل التجارى بين مصر والقارة الإفريقية، حيث بلغت صادرات مصر للسودان نحو 929 مليون دولار خلال العام الماضى، بينما وصلت صادرات السودان لمصر فى 2022، لنحو 504.5 مليون دولار.
وأشار إبراهيم المغربى مدير شركة المغربى للنقل الثقيل إلى تراجع حركة النقل البرى الدولى بسبب الأحداث السياسية والنزاعات بالسودان وليبيا والتى كانت تشكل سوقا قوية لنقل الشاحنات بريا، حتى أن التراجع منذ الاضطرابات الأخيرة وصل من 15 حاوية أسبوعيا إلى حاوية واحدة صادر ووارد.
وقال إن ارتفاع سعر السولار سيرفع من تكلفة رحلة الشاحنه بنسبة %15 وفقا للأحمال حيث يتجه أصحاب السيارات لتحميل زيادة السولار على نولون الشحن بجانب زيادة أسعار قطع الغيار وكاوتش السيارات.
وأشار إلى تراجع الطلب على مكاتب النقل بسبب قيام الخطوط الملاحية باحتكار خدمة النقل لعملائها ومنحهم ميزة تنافسية فى حالة القيام بنقل شحناتهم وهو ما يشكل ضغوطا تجبر العميل على الموافقة مقابل إنجاز شحن بضائعهم.
وطالب المغربى غرف الملاحة بالتدخل لتنظيم عمليات نقل البضائع بالسيارات بتحديد ووضع تسعيرة نقل عادلة من المصانع للموانئ بالنسبة للمصدر، ومن الموانئ للعميل فى الوارد المحلى ومنع سيطرة الخطوط الملاحية المشغلة لمحطات الحاويات من القيام بعمليات نقل وشحن البضائع.
وقال تيتو همام مدير التشغيل بشركة نقلة إن حركة النقل البرى للسودان توقفت بشكل كامل نظرا لخطورة الأوضاع حيث إن حركة التجارة بين مصر والسودان كانت تعتمد بشكل أساسى على نقل اللحوم والمواد الخام والعطارة ويعتمد استئناف الحركة على قرار كبار العملاء الذين يرون أن النقل فى تلك الظروف تشكل خطورة بالغة على شاحناتهم.
كما أثرت الحرب على تراجع أوامر النقل لاسيما كبرى الشركات المصدرة للسودان، لافتا إلى أن العميل هو صاحب قرار تغيير السوق اختيار بديل، لافتا إلى أن العملاء اعتادوا على وقوع مثل هذه الأحداث وسرعان ما تعود الحياة لطبيعتها.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد على رئيس الجمعية العلمية العربية للنقل، أن أحداث السودان تسببت فى عرقلة الصادرات بين السوق المصرية والسودانية، مشيرًا إلى أنه فى حالةاستمرار الأزمة يجب أن نسعى للتنسيق مع الجانب السودانى لتصبح الموانئ المصرية بديلا لميناء بورتسودان.
