مر قطاع الأعمال برحلة كبيرة فى 20 عاما منذ 2003 وحتى 2022، بدأت بالخصخصة وصولاً إلى ثورة 2011 مرورا بإطلاق حكومة الدكتور مصطفى مدبولى وثيقة ملكية الدولية لتسريع وتيرة تخارج الحكومة من عدد من القطاعات والشركات وإعطاء القطاع الخاص فرصة تولى تلك الأنشطة.
وكانت الخصخصة إحدى آليات الحكومة لبيع الشركات العامة بدأت فى عام 1991، وبلغ إجمالى حصيلة بيع الشركات العامة بموجب برنامج الخصخصة 57.4 مليار جنيه، حوالى 9.4 مليار دولار تقريبا وقت البيع حتى عام 2009، وتمت خصخصة 77 شركة فيما بين 2004 و2006 بمتوسط 25 شركة فى السنة، وهى فترة شهدت إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق أبرزها تعويم الجنيه بقرار من حكومة عاطف عبيد.
وقال رئيس الحكومة عاطف عبيد فى يناير 2003، إن حكومته قررت التخلى عن أحد أعمدة السياسة الاقتصادية المتبعة منذ عقود، وهو مساندة
الجنيه المصرى فى البلد الذى يعانى من خلل كبير فى ميزانه التجارى، ومن تضخم فاتورة وارادته، الأمر الذى لحقه زيادة فى تداعيات مخططات تطوير شركات قطاع الأعمال، خاصة الصناعية منها.
ونتيجة لهذا البرنامج تمت خصخصة 400 شركة مملوكة للدولة، بعضها خصخصة كلية وأخرى جزئية، وبلغ إجمالى حصيلة بيع الشركات العامة
بموجب برنامج الخصخصة 57.4 مليار جنيه مصرى (حوالى 9.4 مليار دولار تقريباً) حتى عام 2009.
وتتوزع تبعية شركات قطاع الأعمال العام بين وزارة قطاع الأعمال العام وشركات قابضة تتبع عدد من الوزارة المختلفة داخل الحكومة، إذ بلغ عدد شركات قطاع الأعمال العام 200 شركة فى العام المالى 2003 و2004 مقابل 194 شركة فى 2002 و2003، موزعة بين 7 قوابض و16 شركة قابضة تتبع وزارات مثل الطيران والتموين والبترول وأخرى.
وانفصلت وزارة قطاع الأعمال العام عن تبعية وزارة الاستثمار فى مارس 2016 بالتعديل الوزارى لحكومة شريف إسماعيل، إذ يعد قطاع
الأعمال العام والقطاع العام ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد القومى بما يحتويه من مجموعة كبرى من الشركات القابضة والشركات التابعة لها فى شتى المجالات والأنشطة الصناعية والتجارية والتى تساهم فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى.
كما تشارك الحكومة من خلال شركات قطاع الأعمال المختلفة فى رؤوس أموال ما يقرب من 503 شركات حتى الآن، وبلغت حجم رؤوس أموال الشركات المشتركة المساهم فيها المال العام نحو 319 مليار جنيه، وباستثمارات بلغت 79 مليارا وفق آخر المؤشرات الاقتصادية لعام 2020.
ويتوزع عدد الشركات المشتركة على مستوى القطاعات تصدرها القطاع الصناعى بنحو 119 شركة، وقطاع الطاقة بعدد 33 شركة، ثم النقل 29 شركة، والتشييد 83 شركة.
كما سجلت أعداد الشركات المشتركة فى قطاع السياحة 62 شركة وقطاع الزراعة 12 شركة، والخدمات 25 شركة والبنوك 24 بنكا، والتأمين 13شركة، والاتصالات والخدمات التكنولوجية 28 شركة
مـن 119 شــركة إلى 75 كيــاناً تابعــاً
ترصد “المال” أبرز 6 محطات مهمة فى رحلة وزارة قطاع الأعمال وشركاتها التابعة التى انخفض عددها من 119 إلى 75 شركة بعد مخططات التطوير والدمج أو نقل التبعية إلى وزارات أخرى والتصفية لبعض الكيانات الخاسرة والتى لا جدوى من استمرارها.
وكشف الرصد عن تفاصيل 6 محطات بارزة للقطاع هى: تسوية المديونيات التاريخية والمتراكمة، وإجراء حصر دقيق للأراضى غير المستغلة، وإقرار تعديلات على قانون قطاع الأعمال لأول مرة منذ 30 عاما، وتطبيق نظام رقمى لإدارة موارد الشركات “ERP” فى 71 شركة، إضافة إلى استراتيجية دمج الشركات التابعة، والمحطة الأخيرة هى تصفية 4 شركات مؤخرا لعدم الجدوى الاستثمارية.
وجاءت المحطة الأبرز وهى تسوية المديونيات التاريخية والتشابكات المالية بين الشركات التابعة وعدد من الجهات الرسمية على رأسها بنك الاستثمار القومى ووزارة الكهرباء والبترول والضرائب والتى تجاوزت 38 مليار جنيه وفق آخر المؤشرات المالية فى 2020.
وتتوزع تلك المديونيات بين 3 شركات قابضة، أولها “القابضة للقطن والغزل والنسيج” بنحو 20 مليار جنيه، منها مديونية بنك الاستثمار 10.5 مليار، والغاز 1.4 مليار، والكهرباء 1.2 مليار جنيه، والتأمينات 2.2 مليار، والبترول نصف مليار، والضرائب 1.5 مليار جنيه.
كما تبلغ ديون الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، نحو 10.5 مليار جنيه، منها 3.5 مليار لبنك الاستثمار القومى و7 مليارات جنيه للغاز والكهرباء، أما الشركة الثالثة فى القابضة المعدنية التى تصل ديونها إلى نحو 8 مليارات جنيه، منها 4.2 مليار جنيه ديون الغاز والكهرباء.
ونجحت قطاع الأعمال فى تنفيذ حصر شامل ودقيق للأراضى التابعة لشركات الوزارة والتى سجلت نحو 26 مليون متر، تم تكليف الشركات القابضة بعمل حصر دقيق لتلك الأراضى والمضى قدما فى تغيير النشاط والترخيص لتلك الأراضى للاستفادة منها فى النشاط العقارى الأمر الذى ساهم فى مضاعفة القيمة السوقية لتلك الأصول.
كما عملت الوزارة خلال السنوات الماضية على تنفيذ استراتيجية لاستغلال تلك المحفظة من الأراضى فى سداد المديونيات وتمويل مخططات التطوير للشركات التابعة لإيقاف الخسائر والتحول للربحية، إذ تتميز الأراضى بموقعها المتميز وسط الكتل السكنية وتتوزع بمساحات متنوعة من أول 100 ألف متر إلى 6 و7 مليون متر مربع، إذ تم تغيير استخدام عدد 178 قطعة أرض إلى الاستخدام السكنى.
تعديلات قانون قطاع الأعمال لأول مرة منذ 30 عاما
وتعد المحطة الثالثة فى المرصد الذى أجرته “المال” هو إقرار تعديلات لقانون قطاع الأعمال العام التاريخى لأول مرة منذ 30 عاما، للتوافق مع المستجدات والتطورات المختلفة لزيادة فعالية أداء الشركات والاستغلال الأمثل للموارد والإصلاح إدارى.
وأصدرت التعديلات القانونية فى يوليو 2020 على القانون 203 لعام 1991 المنظم لعمل شركات قطاع الأعمال العام بالقانون رقم 185 لسنة 2020، لتحسين إدارة الشركات وتحقيق المزيد من الحوكمة والشفافية.
وفعلت الوزارة القانون الجديد وتعديلاته الصادرة بالقانون 185 لسنة 2020، بإعادة تشكيل مجالس إدارات 67 شركة تابعة وأكثر، للتوافق مع تعديلات القانون وأبرزها الفصل بين منصبى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، ومراعاة قواعد التمثيل النسبى فى تشكيل مجلس الإدارة، ووجود أعضاء مستقلين من ذوى الخبرة بمجلس الإدارة، وكذلك تمثيل العمال.
تطبيق نظام إدارة موارد الشركات «ERP» فى 71 شركة
بدأت الوزارة تدشين مشروع التحول الرقمى الذى يعد من أهم مشروعات التحول الرقمى، وهو برنامج تخطيط وإدارة موارد المؤسسات “Enterprise Resource Planning) “ERP)، وبحسب المعلومات فإن الوزارة بدأت مطلع عام 2020 فى تطبيق مشروع التحول الرقمى لشركاتها باستثمارات 50 مليون دولار.
وعملت الوزارة على تعيين أبرز شركات التكنولوجيا فى تجهيز مركز بيانات لشركات قطاع الأعمال على شبكة حوسبة سحابية خاصة مؤمنة لاستضافة التطبيقات التكنولوجية للشركات لخدمة 2500 مستخدم، والعمل على تجهيز وتطوير البنية التحتية للشركات.
دمج عدد من الكيانات منها «الغزل والنسيج» وتقليص عددها من 32 إلى 9
انخفاض أعداد الشركات التابعة للوزارة فى الأربع سنوات الماضية بشكل ملحوظ من 119 شركة إلى 75 شركة تابعة تحت عباءة الوزارة، وأبرز تلك الأحداث هو انتقال تبعية الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى يتبعها 15 شركة تعمل فى النقل البحرى والبرى أبرزها دمياط لتداول الحاويات والإسكندرية لتداول الحاويات، فى أغسطس 2022 بقرار من رئيس الجمهورية إلى وزارة النقل.
كما قرر رئيس الوزراء فى ديسمبر 2020 انتقال ملكية أسهم كلٍ من شركة الجمهورية لتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية والشركة المصرية لتجارة الأدوية من الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية التابعة لوزارة قطاع الأعمال إلى الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى وإدارة التكنولوجيا الطبية.
وقررت الشركة القابضة للسياحة والفنادق دمج بعض الشركات التجارية لتكوين عدد من الكيانات الكبرى فى السوق والتحول للربحية، إذ تم دمج صيدناوى وبيع المصنوعات وهانو وبونتريمولى وبنزايون وعدس وريفولى والأزياء الحديثة فى شركتين بهدف إنقاذها من الإفلاس أو شبح التصفية.
وتعمل الوزارة على تنفيذ مخطط التطوير لشركات الغزل والنسيج البالغ 30 مليار جنيه، ويشمل دمج 32 شركة تابعة فى 9 شركات فقط لخلق كيانات قوية متماسكة تعمل وفق مخطط من خلال شركة متخصصة للتسويق والترويج للمنتج لأول مرة فى تاريخ شركات الغزل والنسيج.
كما نجحت الشركة القابضة للتشييد والتعمير فى 2020 لدمج 7 شركات تابعة من إجمالى 18 لتكوين 11 كياناً متخصصاً، فى إطار برنامج يستهدف إعادة هيكلة القابضة لتسهيل متابعة ومراقبة الأداء، وإنشاء كيانات قوية، فيما تم دمج شركتى النصر للملاحات مع المكس للملاحات فى كيان واحد تحت اسم النصر للملاحات بالقابضة الكيماوية.
آخر 4 شركات تمت تصفيتها «الحديد والصلب» و«القومية للأسمنت» أبرزها
انتهت وزارة قطاع الأعمال من تصفية 4 شركات صناعية ضخمة بسبب تراكم الخسائر وتهالك خطوط الإنتاج وتآكل رأس المال العامل، هى الحديد والصلب والقومية للأسمنت والنصر للكوك والمصرية للملاحة، وقررت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية تصفية آخر الشركات الحكومية المنتجة للأسمنت وهى القومية للأسمنت فى 2018 لتراكم المديونيات لتسجل 2.5 مليار جنيه.
كما تمت تصفية شركة الحديد والصلب فى 2021 بعد 67 سنة، والتى تأسست الشركة عام 1954، بعد استحالة تطويرها وتحولها للربحية بحسب بيانات الوزارة، ووقعت الشركة فى فبراير 2020 اتفاق تسوية مديونية بقيمة 3.6 مليار جنيه لصالح شركة الغاز، كما وقعت فى نفس العام اتفاق النصف المتبقى من تسوية نزاع المديونية مع بنك مصر عبر نقل ملكية قطعة أرض تساوى 375 مليون جنيه.
