وافق المجلس الأعلى للاستثمار، فى اجتماعه أمس، على حزمة قرارات لتيسير مناخ الاستثمار ودعم التنمية الاقتصادية وجذب مزيد من رأس المال الأجنبى فى عدة قطاعات حيوية، منها الصناعة والزراعة والعقارات والطاقة، وحملت أكثر من رسالة لمزيد من الثقة والحياد التنافسى فى السوق المحلية.
وتضمنت قرار المجلس تخفيف قيود تأسيس الشركات، عبر الموافقة على مشروع قرار للسماح بالترخيص لمشروعات الصناعات القائمة على الغاز الطبيعى، كأحد مدخلات الإنتاج، للعمل بنظام المناطق الحرة.
كما سيتم إصدار قرار لتحديد مدى زمنى محدد لكل الموافقات بـ10 أيام عمل، ولمرة واحدة عند تأسيس الشركات، بما يضفى المزيد من الثقة فى المناخ الاستثمارى، مع توجيه الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع جميع الجهات المعنية لإنشاء «منصة إلكترونية موحدة لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات» وإقرار تعديلات قانون التوقيع الإلكترونى وإحالته للبرلمان، بما يعمل على خفض الحواجز البيروقراطية وتبسيط الإجراءات.
وتمت الموافقة على التوسع فى إصدار الرخصة الذهبية والنظر فى عدم قصرها على المشروعات الإستراتيجية أو القومية.
وكلف مجلس الوزراء بدراسة نقل تبعية الأجهزة المُنظمة بقطاعات المرافق، بما يضمن استقلاليتها، بهدف تعزيز الفصل بين الملكية والإدارة فى عدد من قطاعات الدولة.
ووافق على مشروع قرار بإجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التى تمنح معاملة تفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة، بهدف تعزيز الحياد التنافسى فى السوق المصرية.
وأقر المجلس مشروع قرار بإصدار قانون بإنشاء وحدة بمجلس الوزراء تتولى جمع بيانات الشركات المملوكة للدولة، وتكون قراراتها مُلزمة بإعادة الهيكلة، سواء بالبيع أو نقل التبعية من جهة إلى أخرى.
ولمعالجة صعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج، تم السماح بقيد المستثمر الأجنبى بسجل المستوردين، حتى وإن لم يحمل الجنسية المصرية، وذلك لمدة 10 سنوات.
ولمواجهة الأعباء الإضافية المفروضة على المستثمرين، تمت الموافقة على مشروع قرار بألا يجوز لأى جهة إصدار قرارات تنظيمية عامة تُضيف أعباء مالية أو إجرائية تتعلق بإنشاء أو تشغيل مشروعات تخضع لأحكام قانون الاستثمار أو فرض رسوم أو مقابل خدمات عليها أو تعديلها، إلا بعد أخذ رأى مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار وموافقة مجلسى «الوزراء» و«الأعلى للاستثمار».
وتمت الموافقة على مشروع قرار تنظيمى مُلزم بآليات وضوابط واضحة بحالات فرض رسوم التحسين وأسس احتسابها، وذلك فى إطار التخفيف من الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين.
ومن المخطط أن يتم توجيه وزارة المالية باستحداث نظام مقاصة بين مستحقات المستثمرين وما عليهم من أعباء ضريبية أو غيرها لصالح الجهات الحكومية، مع وضع حد زمنى (45 يومًا) يضمن الإسراع فى رد ضريبة القيمة المُضافة، وتسريع الإجراءات.
وفى إطار جهود خلق بيئة تشريعية ضريبية مُستقرة، تمت الموافقة على مشروع قرار بالإسراع فى الإعلان عن وثيقة السياسات الضريبية للدولة خلال السنوات الخمس المُقبلة؛ للقضاء على عدم استقرار التشريعات الضريبية وتعدد الجهات المنوطة بها، وفرض رسوم إضافية من الجهات المختلفة.
واعتمد المجلس حزمة من الحوافز دعمًا لعدد من القطاعات والمشروعات، منها ما يتعلق بدعم القطاع الزراعى، والصناعى، والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، وكذا النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد إستراتيجية التسعير.
أما وزارة العدل فحصلت على أكثر من تكليف من جانب المجلس، أولها إعداد مجموعة من التعديلات التشريعية اللازمة للتغلب على القيود المتعلقة بتملك وتخصيص الأراضى، بجانب سرعة إنهاء تعديلات قانون تحويل الأرباح للشركات القابضة والتابعة، بما يضمن تخفيف الأعباء وتجنب الازدواج الضريبي.
وسيتم إعداد مشروع قرار بتكليف «العدل» بتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية، بما يسمح برفع الاختصاص القيمى للمحاكم الاقتصادية والجزئية، وتوسيع نطاق اختصاصها الموضوعى لفض النزاعات التجارية، مع رفع نصاب عدم الطعن، بما يُعزز آليات تسويات النزاعات التجارية ومن ثم تسريع إنفاذ العقود.
ويتم تكليف وزارة العدل بإصدار قرار تنظيمى مُلزم بضوابط واضحة لتحديد مدى زمنى مُحدد لصرف تعويض للمستثمرين فى حالات نزع الملكية، بما لا يزيد على 3 أشهر، مع إلزام الجهات الإدارية بتكثيف التفاوض مع المستثمرين على التعويضات الملائمة؛ ليُضفى المزيد من الثقة على المناخ الاستثمارى فى مصر.
وعن القطاع العقارى، فقد وافق المجلس على اعتماد حزمة حوافز لدعم مشروعات المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات.
التعاقد مع استشارى عالمى لوضع إستراتيجية واضحة للاستثمار فى مصر
كما تمت الموافقة على مشروع قرار بالاستفادة من مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، للتعاقد مع مكتب استشارى عالمى لوضع رؤية تشاركية وإستراتيجية واضحة للاستثمار وآليات تحسين ترتيب مصر فى مؤشر سهولة ممارسة الأعمال خلال السنوات المقبلة، لتحقيق المستهدف القومى برفع معدلات الاستثمار إلى ما يتراوح من 25 إلى %30.
وستتم دراسة استحداث عدد من المواد الإضافية على نص القانون، بما يمنح مزايا وإعفاءات للمنطقة الاقتصادية، وإنشاء وحدة دائمة بمجلس الوزراء تختص بوضع السياسات والقوانين واللوائح المناسبة لنمو وازدهار الشركات الناشئة فى مصر، وكذا تلقى الشكاوى بالتنسيق مع وحدة حل مشكلات المستثمرين ووضع حلول ملائمة لكل منها بالتنسيق مع جهات الاختصاص.
جاء ذلك خلال ترؤس الرئيس عبد الفتاح السيسى، أمس، الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار بعد إعادة تشكيله.
هانى محمود: المستثمر يبحث عن سعر صرف واضح وحر للدولار
وتعليقًا على تلك القرارات، قال المهندس هانى محمود، وزير الاتصالات والتنمية الإدارية الأسبق إنها إيجابية، ومن شأنها جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، إلا أن المستثمر ما زال يبحث عن وجود سعر صرف واضح وحر للدولار مقابل الجنيه.
وأكد «محمود» أن توجيهات «السيسى» ستمثل نقلة نوعية فى حجم الاستثمار الأجنبى بمصر مستقبلاً، لافتا إلى أن هيئة الاستثمار يجب أن تتولى أعمال المتابعة لتنفيذ هذه القرارات مع الجهات المعنية، ويتم رفع تقارير شهرية لرئاسة الجمهورية توضح خارطة التنفيذ.
ورأى أن مصر أصبحت سوقا واعدة للاستثمارات الأجنبية، خاصة أن الوضع العالمى مهيأ لذلك نتيجة الظروف الاقتصادية العالمية، لدرجة أن الشركات العالمية تحقق أرباحا بها مقارنة بالبلدان الأخري.
فيما قال المهندس مجدى غازى، رئيس هيئة التنمية الصناعية السابق والمدير التنفيذى لمدينة طربول الصناعية، إن القرارات رائعة، ولكن العامل المهم بالنسبة للمستثمر هو تطبيقها وسرعة تنفيذها بالشكل الصحيح.
وأضاف «غازى» لـ«المال» أن الأهم من القرارات هى تنفيذها على أرض الواقع وإزالة العوائق أمام المستثمرين وبناء الثقة بين المستثمر والجهات الحكومية، فى ظل البيروقراطية التى تعانى منها بعض الجهات.
وشدد على ضرورة وجود متابعة حكومية ورئاسية لتنفيذ تلك القرارات، لاسيما أن تطبيقها سيعد جزءا كبيرا من الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية.
وأكد «غازى» ضرورة الاستماع لمجتمع الصناعة عند التطبيق وإصدار اللوائح التنفيذية والتنسيق بين الجهات الحكومية لمنع أى عقبات، مع ضرورة تدريب الموظفين والرقابة عليهم بشكل دورى لمعرفة مدى الإنجاز فى التطبيق.
وقال المهندس خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إن القرارات جيدة، وتنم عن اهتمام رئاسى لدفع عجلة الاقتصاد والصناعة، ولكن الجميع ينتظر التطبيق والتنفيذ واقعيا.
وأضاف «أبو المكارم» لـ«المال» إن بعض القرارات تصدر ولا تطبق، وعلى سبيل المثال قرار مجلس الوزراء بتخصيص الأراضى مع سداد المستثمر %10 من قيمة الأرض، وسماح عامين، وعندما ذهب المستثمر للسداد، فوجئ بأن العاملين أبلغوا المستثمرين بأن القرار لم يذهب إليهم لتطبيقه ما أدى لسحب الأرض من المستثمرين.
وأوضح أنه من الضرورى وقف أى أعباء حاليًا، وتوفير حوافز حقيقية ومنافسة لدول الجوار لجذب المستثمرين واستعادة الأموال الساخنة لمصر مجددًا، مؤكدًا أهمية إعادة النظر فى الرسوم السابقة.
وأكد ضرورة توحيد جهات الولاية والجهات المطبقة للتشريعات والقوانين، مع الاستعانة بالقطاع الخاص على عملية التطبيق، ضاربًا المثال بالشركات الحكومية، بضرورة أن تدار بشكل احترافى وعن طريق جهات حيادية.
وقال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، إن المستثمرين شهدوا قرارات كثيرة للغاية، وأن نجاحها مرهون بتطبيقها، وليس أن توضع فى الإدراج مثل سابقيها.
وأضاف «المهندس» أن أزمة التراخيص وتخصيص الأراضى سيظلان الصداع الأكبر للمستثمر بجانب البيروقراطية، مؤكدًا ضرورة خفض دور العامل البشرى قدر الإمكان.
