تذبذب سعر الصرف يدفع شركات لإعادة دراسة الهيكل التمويلى للمشروعات وزيادة المخصصات

دفعت أزمة تذبذب سعر الصرف الحالية عددًا من شركات الاستثمار المباشر نحو إعادة النظر فى تمويلات مشروعاتها، وإعادة التفاوض مع البنوك، فيما يتوقع خبراء

Ad

دفعت أزمة تذبذب سعر الصرف الحالية عددًا من شركات الاستثمار المباشر نحو إعادة النظر فى تمويلات مشروعاتها، وإعادة التفاوض مع البنوك، فيما يتوقع خبراء ومحللون تباطؤ الاستثمار المباشر فى مصر أن أزمة سعر الصرف وما ترتب عليها من تقارير سلبية صادرة عن المؤسسات الدولية حول الاقتصاد المصرى سيمثلان عائقًا أمام استقرار تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر، فى ظل حالة عدم اليقين المحيطة بالوضع الاقتصادي.

ويقول الخبراء إن الفترة المقبلة ستشهد نشاطًا فى صفقات الاستحواذ على الكيانات المتعثرة التى يوفر لها الدعم المالى سبيلًا لتحقيق الربحية، وتعويض الاستثمارات التى تم ضخها فيها.

ويشهد سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار حالة شديدة من عدم الاستقرار فى ظل شح المعروض من العملة الخضراء، وهبطت العملة المحلية بأكثر من %50 على خلفية التعويم 3 مرات متتالية الأشهر الماضية، وهو ما دفع عددًا من مؤسسات التصنيف الدولية إلى خفض التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصري.

وشهد شهر مايو الجارى اتجاه مؤسسة “فيتش” إلى خفض التصنيف السيادى لمصر لإصدارات الدين طويلة الأجل بالعملات الأجنبية إلى“B”من”B +” مع إبقاء نظرتها المستقبلية سلبية، فى ظل توقعات سلبية من وجهة نظرها؛ إذ ازدادت مخاطر التمويل الخارجى نظرًا لارتفاع متطلبات هذا التمويل وقيود ظروفه وحساسية خطة التمويل الأوسع لمصر تجاه معنويات المستثمرين، وقالت المؤسسة الدولية إن كل ذلك يأتى على خلفية ارتفاع درجة عدم اليقين بشأن مسار سعر الصرف، وانخفاض احتياطيات السيولة الخارجية.

وفى فبراير الماضى قامت مؤسسة موديز بخفض تصنيف مصر السياديدرجة واحدة إلىB3، بدلًا منB2 على خلفية تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبى وقدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، وغيرت نظرتها المستقبلية لمصر إلى مستقرة من سلبية.

وقالت “موديز” إنها لا تتوقع انتعاش السيولة فى مصر، وتحسن وضعها الخارجى سريعًا.

وفى أبريل الماضى خفضت وكالة ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، وقالت إن التوقعات السلبية تعكس مخاطر بأن إجراءات السياسة التى تنفذها السلطات المصرية قد لا تكون كافية لاستقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية السيادية المرتفعة.

وبخلاف هذه التقييمات السلبية تواجه مصر صعوبات فى الحصول على الشريحة الثانية من التسهيل الائتمانى الممدد الذى وافق عليه صندوق النقد لمصر نهاية العام الماضي، فى ظل مطالبة الصندوق لمصر بتنفيذ مزيد من الإجراءات الإصلاحية، والتى من بينها المزيد من المرونة لسعر الصرف.

وقال عماد برسوم، العضو المنتدب بشركة ازدهار للاستثمار المباشر، إن الأوضاع الراهنة دفعت “ازدهار” لانتهاج أساليب للتحوط فى مواجهة تذبذبات سعر الصرف وتأثيرها على استثمارات الشركة، لافتًا إلى أنه يتم وضع نسبة تغيير لحركة سعر الصرف فى دراسات الجدوى تحسبًا لأى تغيير فى القيمة.

ويقول برسوم إن الاستحواذ على الكيانات المتعثرة له شروط كأن تكون الشركة لا تعانى تعثرًا قويًّا يؤول يقودها للإغلاق.

وأكد برسوم أن هناك فئة كبيرة من الشركات تعانى من قفزات سعر العملة التى انعكست على زيادات التكاليف.

ويرى برسوم أن القطاعات الجاذبة للاستثمار حاليًّا هى التى تعمل فى تصدير منتجاتها، وتوزيع الأدوية، والمستشفيات، والتأمين، لافتًا إلى أن هذا النوع من الشركات يعد من المفضلات لدى ازدهار.

ومن جانبه، قال مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للسبائك، إن الشركة اضطرت إلى تغيير دراسة الجدوى الخاصة بمجمعها المزمع إطلاقه بالعين السخنة، واعتماد الدولار كعملة بدلًا عن الجنيه المصرى فى ظل عدم استقرار سعر الصرف.

ولفت إلى أن القفزة فى سعر صرف الجنيه أمام الدولار أدت إلى زيادة ضخمة فى تكاليف المشروع، وهو ما دفعنا لإعادة دراسة الجدوى واعتماد عملة الدولار.

ولفت إلى أن تكلفة المشروع السابقة كانت 1.3 مليار جنيه، وكانت تعتمد على سعر صرف 18 جنيهًا للدولار، وأن استئناف المشروع يتطلب ضرورة تأمين مصدر دولاري.

وكشف نافع إلى أن البنوك الممولة لمشروع مجمع السبائك بالعين السخنة سوف تقوم بتعديل الاشتراطات التمويلية، خاصة أن المشروع ذات مكون دولاري.

إن تقارير المؤسسات الدولية الصادرة مؤخرًا ستؤثر على جاذبية الاستثمار المباشر، خاصة أن “الاستثمار سُمعة” بحسب وصفه، مؤكدًا هناك تباطؤًا قويًّا فى قطاع الاستثمار المباشر مؤخرًا نتيجة الصعوبات التى يواجهها المستثمرون، مؤكدًا ضرورة اتخاذ الحكومة قرارًا حاسمًا فى مسألة سعر الصرف.

ويرى نافع أن سياسة سعر الصرف المرن لن تتوافق مع السوق المصرية، نظرًا لعدم وجود سيولة دولارية ضخمة تسند الأسواق، وأن سعر الصرف الثابت -رغم عيوبه- يعد هو الأنسب للسوق المحلية.

ويقول نافع إن هناك حالة عدم وضوح للفلسفة الاستثمارية فى مصر، لافتًا إلى أن القطاعات الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبى حاليًّا هى تلك التى لا تعتمد على النقد الأجنبي، خاصة فى ظل الأزمة الحالية.

وقال معتز الدريني، الشريك المؤسس بمكتب “الدرينى وشــركاه” للاستشارات القانونية، إن عدم وضوح الرؤية بشأن سعر الصرف يولد حالة من المخاوف لدى المستثمرين، لافتًا إلى أن بعض الشركات التى نجحت فى تحقيق الربحية تراجعت قيمة ربحيتها نتيجة تراجع سعر الصرف.

وأضاف الدرينى أن صناديق الاستثمار المباشر سوف تتوخى الحذر عند التخطيط لضخ أى استثمارات جديدة الفترة الراهنة فى ظل غياب عنصر استقرار سعر الصرف، وهو أحد العوامل المؤثرة فى العملة الاستثمارية.

ويرى أن الفترة المقبلة ستنشط الاستحواذات بغرض الاستثمار طويل الأجل، خاصة أن المستثمرين على دراية كبيرة بوضع وأهمية السوق المصرية الذى يعانى من فترة حرجة.

ويتوقع الدرينى أن تكون القطاعات الأكثر جاذبية للمستثمرين الاستراتيجيين الفترة المقبلة هى (الأغذية- الخدمات المالية غير المصرفية- القطاع الطبي- التعليم” والتى تحقق استفادة قوية من التعداد السكانى لمصر.

وقال إن المشهد الاستثمارى سوف يشهد اتجاهًا نحو الاستحواذ على الشركات المتعثرة الفترة المقبلة، خاصة تلك المتعثرة مع البنوك، إذ ستكون هدفًا سهلًا، وغالبًا سوف تكون هذه الكيانات محلية.

ويرى هيثم وجيه، نائب العضو المنتدب لشركة “أفانز كابيتال” إن القطاعات الجاذبة للاستثمار الفترة الراهنة هى تلك التى لا تنافس فيها الدولة المستثمرين، وتلك التى لا تشهد تغيرًا مستمرًا ومفاجئًا فى اللوائح والقوانين المنظمة لها، مقارنة بالدول المماثلة نظرًا لأن الاستثمار المباشر يتطلب حالة من الاستقرار، والقطاعات الدفاعية المستفيدة من تعداد السكان مثل (التعليم – الصحة- الطب-الأغذية)، وكافة القطاعات المصدرة.

ويقول وجيه إن الاستحواذ على الكيانات المتعثرة يمثل تحديًا قويًّا، وإن لم يكن مرصودًا له مخصصات مالية محددة لإعادة الهيكلة سيكون الوضع صعبًا للغاية، خاصة أن احتمالات عودة هذا النوع من الشركات للعمل من جديد يمثل مغامرة غيرة مضمونة.

وقال أنور زيدان، الشريك المؤسس، ورئيس قطاع أسواق المال فى مكتب ذو الفقار للاستشارات القانونية، إن هناك قطاعًا عريضًا من المستثمرين جمد قراره الاستثمارى فى انتظار استقرار سعر الصرف، كى يتمكن من وضع خطة عمل، وإعداد الحسابات بدقة بناء على سعر صرف صحيح ودقيق.

وتوقع زيدان أن تشهد السوق المحلية مجموعة من الاستحواذات على كيانات متعثرة الفترة الراهنة، على غرار استحواذ الصندوق السيادية على حصة فى صيدليات العزبي، خاصة فى القطاعات ذات الأفضلية والمستفيدة من التعداد السكانى بالسوق المصرية ومنها التعليم.

ومؤخرًا قام مكتب ذوالفقار بدور المستشار القانونى لصفقة استحواذ الصندوق السيادى المصرى على %49 من سلسلة صيدليات العزبي.

ويؤكد زيدان أن السوق المصرية واسعة وتزخر بالفرص الاستثمارية، ولكن المستثمرين بحاجة إلى سعر صرف مستقر لبناء رؤيتهم الاستثمارية عليه.

وكان رأى حسام جرامون، الشريك فى مكتب أدسـيرو راجى سليمان وشـركاه مختلفًا، إذ أشار إلى أنه لم يظهر بعد انعكاس تقارير المؤسسات الدولية على قطاع الاستثمار المباشر فى مصر، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أن السوق تعانى من التباطؤ قبل ظهور التقارير.

نافع: تعديل دراسة الجدوى واعتماد الدولار بدلًا من الجنيه

زيدان: فئة من المستثمرين تجمد قرارها الاستثمارى لحين استقرار سوق الصرف

الدريني: التذبذب يولد مخاوف لدى المستثمرين

وجيه: القطاعات المستفيدة من التعداد السكانى والمصدرة الأكثر جاذبية