حالة من القلق الشديد سيطرت على عدد من خبراء تكنولوجيا المعلومات من تنامى استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى خلال الفترة الأخيرة وعلى رأسها التطبيق الأحدث «GPT» والتى تسببت فى تسجيل أول حالة انتحار منذ عدة أسابيع لمواطن بلجيكى نتيجة شعوره بحالة انفصام شخصى وعدم القدرة على مواكبة تطور الآلة المتمثلة فى روبوت يدعى «ليزا».
وأكدوا على أهمية اتجاه حكومات دول العالم لوضع ضوابط قانونية وميثاق أخلاقى لضمان الاستغلال الأمثل لهذه النوعية من التقنيات التكنولوجية المتقدمة فى مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها الصناعة.
وبحسب تقرير أصدرته شركة جوجل عن مستقبل الذكاء الاصطناعى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن نسبة مساهمة الذكاء الاصطناعى فى الناتج المحلى لمصر سيصل لـ 10 % بحلول 2030.
قال الدكتور محمد حجازى استشارى التشريعات الرقمية ورئيس لجنة القوانين السابق بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إنه من الضرورى وضع أطر قانونية تسهم فى تنظيم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى وتطبيقاتها، فضلا عن تحديث بيانات الشركات التى هذه النوعية من التقنيات المتقدمة.
وشدد حجازى على أهمية اختيار وتحليل الخوارزميات المستخدمة فى هذه التطبيقات بما لا يمثل خطرا على حياة مستخدميها، بالإضافة إلى تحديد الجهة المنوط بها تنظيم ومراقبة عمل هذه الشركات المتخصصة فى هذا الصدد.
ورأى أن أى تكنولوجيا جديدة لها إيجابيات وسلبيات مشيرا إلى أنه ينبغى إلقاء الضوء على أهمية ما تقدمه تطبيقات الذكاء الاصطناعى من فوائد فى عمليات التصنيع، ومساعدة الشركات فى الوصول لنتائج دقيقة فى أعمالها على حد وصفه.
وكان الملياردير الأمريكى إيلون ماسك مؤسس شركة تسلا وسبيس إكس قد دعا فى وقت سابق إلى ضرورة التوقف عن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعى ومن بينها تطبيق « شات جى بى تى 4 « لمدة 6 أشهر بسبب المخاطر المحتملة لها على المجتمع فى ظل عدم وجود إطار تنظيمى يقنن استخدامها.
من جانبه رأى زياد عبد التواب رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار السابق بمجلس الوزراء أن برنامجChat GPTيعد أحد التطبيقات المختصة بمعالجة النصوص والذى يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي،ليتم من خلاله إجراء محادثات بين المستخدم والتطبيق،و التى تحتوى على كميات كبيرة من البيانات و المعلومات يقوم بالرجوع إليها و استخراج الإجابة المناسبة للسؤال بعد عمل مجموعة من العمليات الذكية لمعالجة البيانات و من ثم تقديمها للمستخدم فى صورتها النهائية.
وأوضح ان دقة النتائج التى يعتمد عليها التطبيق تعتمد على عدة عوامل منها صياغة السؤال من قبل المستخدم وأسلوب عمل الخوارزميات التى يعمل من خلالها علاوة على مدى دقة و حداثة وحجم و تنوع البيانات الموجودة والتى يستعين بها التطبيق لاستخراج الإجابة النهائية.
وأضاف عبدالتواب أن التطبيق لا يقوم فقط بالإجابة عن أسئلة وإلا تحول الى نسخة متقدمة من محركات البحث التقليدية بل يستطيع ايضا هذا التطبيق توليد مواد جديدة بناء على ما يوجد لديه بالفعل، فعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم المستخدم بطلب قيام التطبيق بكتابة قصيدة شعرية جديدة عن مصر بأسلوب أحد الشعراء القدامى المعروفين، أو عمل مسرحية جديدة تتحدث مثلا عن وباء كورونا بأداء مشابه لمسرحيات شكسبير، كما يمكن أن يقوم التطبيق بالمساعدة فى عمل عرض تقديمى أو كتابة بريد إلكترونى أو الرد على خطاب وارد و غيرها من الأنشطة.
وتابع قائلا أن التطبيق يدعم أكثر من 50 لغة ولكن جميعها ليس بنفس الدقة مثل اللغة الإنجليزية وهو ما يلمسه أية مستخدم يقوم بسؤال التطبيق نفس السؤال مرة باللغة الإنجليزية و أخرى بالعربية و يقوم بمقارنة جودة و دقة الإجابات فى الحالتين، و بالرغم من ذلك فان القائمين على التطبيق -شركةOpenAi- أعلنت أكثر من مرة أن تطوير النموذج باللغات غير الإنجليزية سيتم تباعا خلال الفترة القادمة.
وأشار إلى أن التطبيق له أكثر من نسخة أشهرها كانChatgpt3 الذى ظهر نهايةالعام الماضي، أما النسخة الأحدثChatgpt4 و التى ظهرت خلال شهر مارس الماضى فتتميز بوجود إمكانية لتوليد صور أيضا أى إنها ليست مقتصرة على النصوص المكتوبة كما فى النسخة السابقة لها.
واكد على أنCHATgptله العديد من الفوائد للجميع سواء فى مصر أو فى اى بلد أخرى مع مراعاه الحاجز اللغوى السابق الإشارة إليه فالتطبيق يساعد فى الدراسة والعمل واكتساب المعارف بصورة عامة، لافتا إلى أنه يمكن أن يساعد الطلبة و الباحثين لاستخراج المواد الدراسية بصورة أكثر دقة فى وقت قصير جدا، ولذا فإنه يختصر زمن البحث و الدراسة، كما أنه يكون مفيدا فى الأعمال المختلفة وخاصة الكتابية والإدارية بصورة كبيرة من حيث الجودة و اختصار الوقت أيضا.
وأضاف أن الجوانب السلبية للتطبيق مرهونة بكيفية صياغة السؤال و البرمجة و البيانات الموجودة فعلى سبيل المثال قد يتم من خلال تحيز البرمجة أو تحيز البيانات الموجودة لفكر ما او إيدلوجية ما أن تأتى بالنتائج النهائية.
وأكد أحد خبراء الإعلام الرقمى أن دول العالم تبحث حاليا عن وضع مباديء وإخلاقيات للذكاء الاصطناعى من أجل منع استخدامه فى صور غير قانونية قد تهدد حياة البشرية،مع التأكيد على احترام خصوصية بيانات المستخدمين.
ولفت إلى أنه توجد مخاوف كبيرة تراود متخصصى مجال الأمن السيبرانى حيال ارتفاع معدل استخدام هذه التطبيقات وعدم وجود إطار تنظيمى لحماية البيانات وتداولها من قبل تطبيقات الذكاء الاصطناعى خاصة وأن بعضها لديه القدرة على تحديد مواقع هيئات ومؤسسات.
واقترح وضع بروتوكول بين الدول لسن تشريعات تضمن الاستخدام الأمثل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأضافت منار قدرى استشارى التسويق الرقمى أنه من الصعب تحديد الفئات العمرية الأكثر استخداما لهذه النوعية من التطبيقات وفرض رقابة صارمة عليها، معتبرا أن تطبيق «شات جى بى تى « له فوائد متعددة فى عدة مجالات ولكن يبقى الأمر فى البيانات التى يمنحها المستخدم للتطبيق.
وتوقعت اتجاه بعض الدول خلال المرحلة المقبلة لتطبيق رسوم على استخدام هذه التطبيقات مما يسهم فى توجيهها للمستخدمين الأكثر احتياجا لها.
وأكدت أن التكنولوجيا والتطبيقات أصبحت تشهد تقدما يوما تلو الاخر، مشيرة إلى أن نجاحها أمر مرهون بآليات توظيفها بشكل مناسب يسهم فى تسهيل حياة المستخدمين والوصول لنتائج أفضل وأدق بسرعة كبيرة.
وأرجع أحمد البندارى استشارى الإعلام الرقمى فى وكالة renew agency السبب وراء إقدام مواطن بلجيكى على الانتحار إلى اعتبارات شخصية، معتبرا أن أى تكنولوجيا تعد سلاحا ذو حدين ويتم الحكم عليها وفقا لطرق استخدامها.
وشدد على أهمية وضع قوانين منظمة لاستخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى الوقت الراهن مما يسهم فى قياس مدى إقبال المستخدمين على توظيفه بشكل سليم، مما يساعد فى حماية المستخدمين والحفاظ على خصوصية بياناتهم.
وأوضح أن العالم مازال فى مراحل تجارب البحث فى برامج الذكاء الاصطناعى مشيرا إلى أن تلك التطبيقات قد تقدم معلومات صحيحة وخاطئة أحيانا لذلك يجب عدم لجوء المستخدمين إليها بشكل كامل فى استيفاء المعلومات القانونية والجنائية.
ورأى أن التطبيقات الجديدة يمكن توظيفها بشكل جيد فى بعض الأنشطة مثل البرمجة والتكويد والترجمة وحل بعض المعادلات الرياضية المتقدمة.
وأكد أسامة الجوهرى مساعد رئيس مجلس الوزراء رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى ندوة نظمها المركز خلال أبريل الماضى تحت عنوان « مستقبل منصات الذكاء الاصطناعى..تطبيق GPT « أهمية منصات الذكاء الاصطناعى كأحد المؤثرات شديدة الأهمية على مستقبل استخدام الإنترنت، فمحركات البحث التقليدية لن تكون الخيار الأول للمستخدمين فى المستقبل.
وأشار «الجوهرى» إلى تحديات تواجه شركات التكنولوجيا الدولية الكبرى نتيجة منصات الذكاء الاصطناعى حيث يزخر تاريخ الأعمال بتجارب شركات دولية كانت رائدة فى مجالها فقدت أسواقها بسبب تأخرها عن مواكبة التطورات التكنولوجية، فى حين استخدم منصةChat GPT، بعد شهرين من إطلاقها، 100 مليون شخص وهو أكبر معدل استخدام فى تاريخ البشرية تحقق فى هذا التوقيت.
وكان «جيفرى هينتون » الأب الروحى للذكاء الاصطناعى البالغ من العمر 75 عامًا استقال منذ أيام من شركة جوجل العالمية، وفى تصريحاتنقلتها عنه هيئة الإذاعة البريطانية قال إن بعض مخاطر برامج الدردشة الآلية باتت «مخيفة للغاية»، وأضاف: «فى الوقت الحالى هم ليسوا أكثر ذكاء منا، لكننى أعتقد أنهم قد يفوقوننا ذكاء قريبًا».
