تشديد السياسة النقدية يؤثر سلباً على مزاج المستثمرين

يتبع البنك المركزى تشديدا نقديا أو سياسة انكماشية، وتقييد الإنفاق العام، بالإضافة إلى كبح معدلات التضخم؛ لذا يستخدم أدواته ومنها رفع سعر الفائدة

Ad

يتبع البنك المركزى تشديدا نقديا أو سياسة انكماشية، وتقييد الإنفاق العام، بالإضافة إلى كبح معدلات التضخم؛ لذا يستخدم أدواته ومنها رفع سعر الفائدة، خصوصا مع تصاعد حدة التوترات على مستوى العالم، والتى نجم عنها زيادة تجنب المستثمرين للمخاطر لاسيما فى ظل ارتفاع درجة التعرض لمخاطر تقلب أسعار السلع الأولية، وسط أجواء يسودها ارتفاع عدم اليقين بشأن الاقتصاد والسياسات.

وقال خبراء إن تشديد السياسة النقدية، ورفع أسعار الفائدة يؤثر سلبا على مزاج المستثمرين ويزيد تخوفهم ويقيد أى توسعات استثمارية جديدة، حيث لا اقتراض من البنوك من أجل توسعات حالية أو إقامة مشروعات جديدة بسبب ارتفاع تكلفة التمويل.

وافتتح البنك المركزى عام 2023 بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى %16.25، 17.25 % و%16.75 على الترتيب.

بيد أن لجنة السياسة النقدية آثرت العودة إلى التشديد النقدى، فقررت، فى اجتماعها يوم 30 مارس الماضى، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %18.25، %19.25 و%18.75 على الترتيب.

وأضاف الخبراء أن المستثمرين يفضلون تحريراً كاملاً لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، مع سعر عادل، واتباع سياسة نقدية انكماشية، داعين إلى ضرورة طرح مبادرات مدعمة من البنك المركزى وجاذبة، بالإضافة إلى حزم استثنائية للمستثمرين المحليين والأجانب.

من جانبه، قال هانى حافظ، الخبير المصرفى، إن ارتفاع أسعار الفائدة إذا ما جاءت بوتيرة عالية خلال العام الحالى، فإنما يؤدى إلى تراجع الطلب على الاقتراض من قبل الأفراد والشركات، مما يسهم فى انخفاض الطلب على السلع والخدمات، والذى بدوره يبطئ من معدل النمو الاقتصادى وينعكس سلبا على أداء السوق متأثرا بتزايد مخاوف المستثمرين فى ظل تعرض كثير من الأسواق الواعدة لمخاطر التعثر فى سداد الدين السيادى.

وأشار إلى أنه إن لم تتحسن فرص الوصول إلى التمويل وخاصة الأجنبى، فسوف يضطر الكثير من الأسواق الواعدة المصدرة للسندات إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة أو تعديل مواصفات الديون وإعادة هيكلتها.

ووفقا للخبير المصرفى فإن صناع السياسات يواجهون بيئة اقتصادية يتعرض فيها الاستقرار المالى لمصاعب استثنائية، ورغم عدم تحقق أى مؤشرات إيجابية عالمية حتى الآن، فإن عليهم احتواء أى تراكم إضافى لمكامن الخطر المالى عن طريق تعديل بعض أدوات السلامة الاحترازية الكلية لمعالجة جوانب المخاطر، مع مراعاة تحقيق التوازن بين احتواء هذه التهديدات المحتملة وتجنب تشديد الأوضاع المالية.

وأوضح أن أسعار الأصول تعتمد على التدفقات النقدية التى يتم خصمها على أساس سعر العائد، ولذا فإن استمرار رفع أسعار العائد قد يؤدى إلى انخفاض حاد فى قيم معظم الأصول.

وأفاد بأن البنك المركزى المصرى حاليا يستخدم أدوات السياسة النقدية المختلفة لمواجهة التحديات والاضطرابات الاقتصادية العالمية والمحلية.

وأشار إلى ضرورة التنسيق على مستوى غير مسبوق مع الحكومة عبر التفعيل الفورى لأدوات السياسة المالية من خلال مجلس أعلى للاستثمار وتشكيل فريق تدخل سريع اقتصادى والعمل على تقديم إجراءات اقتصادية، وحزم تحفيز استثنائية للمستثمرين المحليين والأجانب، حتى نتمكن من تحقيق الاستقرار الاقتصادى لو بشكل جزئى حاليا، وانعكاسه على توفير الدعم للمواطنين وتخفيف العبء عليهم.

وقال عز الدين حسانين، الخبير المصرفى، إن رفع الفائدة يتسبب فى ارتفاع تكلفة التمويل على الأرصدة الائتمانية القائمة والمستخدمة من القروض والتسهيلات، مما يمثل عبئا كبيرا على المنتجات النهائية ويتسبب فى ارتفاع الأسعار مجددا على المنتجات الموجهة للسوق المحلية.

وأضاف:” انخفاض القدرات التصديرية راجع إلى ارتفاع التكلفة، بخلاف تأثير انخفاض سعر الجنيه على المكونات الأجنبية فى الصناعة”.

وأشار إلى تقييده أى توسعات استثمارية جديدة، حيث لا اقتراض من البنوك من أجل توسعات حالية أو إقامة مشروعات جديدة بسبب ارتفاع تكلفة التمويل.

وأفاد بأن رفع الفائدة يكون لعدة أسباب، وبالرغم من كونها منطقية، ويتم استخدامها من قبل معظم البنوك المركزية فى العالم التى تقع تحت تأثيرعوامل الاقتصاد الكلى من زيادة السيولة والتضخم، إلا أن لها آثارا سلبية.

وأوضح أنها تتمثل فى الدخول فى الركود الاقتصادى وتقييد الاستثمار وزيادة الأعباء التمويلية على المقترضين من الأفراد والشركات؛ مما يحد من قدراتهم الشرائية ومن قدرة الشركات على التوسع الإنتاجى وزيادة أسعار المنتجات النهائية، مما يتسبب فى النهاية إلى موجات تضخمية .

وأكد أن الاقتصاد المصرى ما زال لديه قدرة شرائية مقبولة، وسط تسارع ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن السبب هو التدخل الحكومى الرشيد من خلال زيادة المعروض من السلع الأساسية والخدمات، وانخفاض معدل التضخم خلال مارس ليصل لمستوى 39.5 بدلا من 41.3 % .

ويرى شريف سعيد، خبير الاستثمار وتطوير الأعمال أن غالبية المستثمرين فى الوقت الحالى يعتبرون السوق فى حالة تقلب، مشيرا إلى أن أسعار الصرف غير ثابتة، مما يدفع المستثمر إلى وقف أى قرار استثمارى لحين استقرار السوق.

وبسؤاله عن السعرالعادل لقيمة الجنيه أمام الدولار من وجهة نظره، أضاف أن قياسه يعتمد على قيمته عالميا، مع حساب قيمة الديون، وعدد الغطاء النقدى الموجود بالعملة الأجنبية.

وأشار إلى أن مصر لم تعتمد سعر صرف مرن بشكل كامل، ويفضل المستثمرون تحرير كامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وأفاد بأن السياسة النقدية يستخدمها البنك المركزى لتحجيم التضخم، من خلال رفع الفائدة، وفيما يخص المستثمرين عند الرفع يؤدى إلى زيادة تكلفة الدين على القروض، وبالتالى يصعب على أى مستثمر أن يأخذ تمويلا من البنوك بفائدة مرتفعة، ويحدث انكماش للاستثمار.

وأكد أن أى مستثمر سواء داخل مصر أو خارجها، ما يهمه أن تكون السوق مستقرة، والذى لن يتحقق إلا بتعويم حر، وسعرعادل لقيمة الجنيه أمام الدولار، وهو ما ينتظره المستثمرون مع اتباع سياسة نقدية انكماشية.

ودعا إلى طرح حوافز ومبادرات من البنك المركزى خاصة فقط بالمستثمرين، مشيرا إلى أن لديهم أزمة فى الحصول على تمويل؛ لذا من المهم أن تكون هناك حلول لقطاعات مختلفة منهم، ولا ينصب الاهتمام على أصحاب المشروعات الكبيرة والمتوسطة فقط.

وأكد أن مصر اتخذت قرارات استثمارية جيدة فى عام 2016 واستمرت حتى 2019 ومن بداية عام كورونا الوضع تأثر، ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية، موضحا:” المستثمر لا ينتظر “. وخلال العام الماضى، خاض البنك المركزى دورة تشديد نقدى كبرى، رفع فيها أسعار الفائدة بواقع %8؛ منها %1 فى 21 مارس الماضى فى اجتماع استثنائى للجنة السياسة النقدية، ثم أقر زيادة أخرى %2 فى مايو الماضى، لمواجهة الصدمات السعرية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.