اتساع الفجوة بين القروض والودائع فى القطاع المصرفى

اتسعت الفجوة بين القروض والودائع فى القطاع المصرفى خلال السنوات الماضية والتى تبدأ من عام 2003 حتى 2022 مدفوعة بالسياسة النقدية الانكماشية،

Ad

اتسعت الفجوة بين القروض والودائع فى القطاع المصرفى خلال السنوات الماضية والتى تبدأ من عام 2003 حتى 2022 مدفوعة بالسياسة النقدية الانكماشية، وما تلاها من رفع متوالٍ لمعدلات الفائدة ناهيك عن التخوف من تعثر العملاء.

واتخذت نسب توظيف القروض للودائع مسارًا هبوطيًا منذ منتصف عام 2003، إذ سجلت هذه النسبة وقتذاك نحو %70.6 وكانت الودائع نحو 405.157 مليار جنيه مقابل 284.721 مليار للقروض.

ويُقصد بـ «نسبة التوظيف» مقدار ما لدى البنوك من ودائع مقارنة بما تمنحه من قروض وتسهيلات ائتمانية، وكلما ارتفعت هذه النسبة دل ذلك على قيام البنوك بالدور المنوط بها، وهو توظيف أموال المودعين فى هيئة قروض تدر عليها عوائد وأرباحًا.

وسجلت نسبة توظيف القروض إلى الودائع خلال يونيو 2022 نحو %48.5 لتهبط من %50.7 خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

وتراجع معدل توظيف القروض إلى الودائع من %70.6 خلال يونيو 2003، إلى %48.5 خلال يونيو 2022، لتسجل الودائع 405.187 مليار جنيه خلال يونيو 2022، فى حين بلغ حجم القروض 284.721 مليار خلال الفترة ذاتها.

ثنائية الإيداع والإقراض

و كانت نسب التوظيف قد تخطت حاجز الـ %70 خلال عام 2003، فقد تراجعت إلى نحو 48.5% بنهاية 2022.

محمد بدرة الخبير المصرفى يعزو انخفاض نسب الإقراض خلال الفترة الأخيرة إلى ارتفاع حجم الودائع مقارنة بالقروض.

وبلغ إجمالى حجم ودائع القطاع المصرفى بخلاف البنك المركزى إلى 8.562 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022 حسب تقرير المركز المالى الصادر عن «المركزي».

وعلى الجهة المقابلة سجلت محفظة القروض بالبنوك بخلاف البنك المركزى نحو 3.888 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر 2022 مقابل 3.824 تريليون بنهاية أكتوبر 2021.

وأضاف «بدرة» أن البنوك طرف خدمى فى نهاية المطاف وبالتالى فمتى ما توافرت الحاجة لمنح الائتمان فإنها لن تتوانى عن القيام بدورها المنوط بها وهو تقديم الأموال للجهات والمؤسسات المخولة بالحصول على هذا الدعم.

رفع الفائدة ومخاطر التعثر

أما محمد البيه الخبير المصرفى فيرى أن السياسة النقدية الانكماشية تلعب دورًا فاعلًا فى تراجع معدلات توظيف القروض للودائع، موضحًا أن السياسة التشددية تؤدى مباشرة إلى أمرين: تعظيم حجم الودائع وفى المقابل تحجيم الاقتراض.

وافتتح «المركزي» عام 2023 بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى %16.25، 17.25 %و%16.75 على الترتيب،كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %16.75 وذلك خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية 2 فبراير الماضي.

جاء ذلك بعدما خاض خلال العام الماضى دورة تشديد نقدية رفع فيها أسعار الفائدة بواقع %8 منها %1 فى 21 مارس الماضى فى اجتماع استثنائى للجنة السياسة النقدية، ثم أقر زيادة أخرى %2 فى مايو الماضى لمواجهة الصدمات السعرية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وقررت لجنة السياسة النقدية خلال اجتماع استثنائى آخر 27 أكتوبر الماضى رفع سعر الفائدة على عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %13.25 و%14.25 و%13.75 على نفس الترتيب، وتم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس إلى %13.75.

واختتم «المركزي» عام 2022 برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.75.

أدى التشديد النقدى إلى تخوف البنوك من تعثر العملاء إذ سجلت النسب 3.4% بنهاية ديسمبر الماضي، مقابل %3.2 بنهاية سبتمبر 2022، بيد أن ذلك لم ينعكس على معدلات توظيف القروض للودائع إذ ظلت ثابتة عند حدود %47.9 خلال شهرى سبتمبر وديسمبر الماضيين.

وأشار «البيه» إلى أن هناك أيضًا بخلاف السياسة النقدية الانكماشية جملة من المخاطر التى دفعت البنوك إلى التحوط أكثر عند الإقراض، منها على سبيل المثال ظروف السوق العالمية والتقلبات الاقتصادية التى يشهدها العالم أجمع.

وأوضح أن هذه العوامل تدفع البنوك إلى التخوف من تعثر العملاء ومن ثم تصبح أكثر تحوطًا عند اتخاذ قرار منح الائتمان.

المشروعات ومناخ الاستثمار

أشار محمد بدرة الخبير المصرفى إلى أن تراخى وتيرة إطلاق مشروعات جديدة خلال الفترة الأخيرة أدى كذلك إلى تراجع معدلات التوظيف (أى نسبة الودائع للقروض)، فضلًا عن تراكم السيولة لدى البنوك.

وألمح إلى أن مناخ الاستثمار تعوقه البيروقراطية وهو الأمر الذى يؤثر سلبًا على معدلات التوظيف، لافتًا إلى أن هناك الكثير من المعوقات.

وأشار الخبير المصرفى إلى أن نسب التوظيف لدى القطاع المصرفى المصرى أقل من المنصوص عليه فى المعايير الدولية فى هذا الصدد والتى توصى بأن تصل هذه النسب إلى ما يزيد عن %70.

شهدت الـ 20 سنة الأخيرة تراجعًا فى معدلات توظيف القروض للودائع بنسبة كبيرة إذ سجلت أعلى مستوى لها خلال يونيو 2003 لتصل إلى نحو %70.6 مقابل %48.5 فى يونيو 2022.

وبدأت نسب التوظيف رحلتها نحو التراجع منذ 2003، لتنخفض إلى ما دون %60 بقليل حيث سجلت %59.3 خلال يونيو 2005، لتبدأ بعدها دورة تراجع أخرى إذ هوت إلى ما دون %50 خلال 2011 لتسجل %49.5.

واستمرت هذه النسب فى التراجع وظلت فى حدود %40 خلال الفترة من يونيو 2011 إلى يونيو 2020، لتشهد بعدها موجة ارتفاع كبرى مسجلة %50.7 خلال يونيو 2021، لتهبط بعدها إلى %48.5 خلال يونيو 2022.

الشمول المالى ومعدلات التوظيف

محمد عبد المنعم الخبير المصرفى يرى أن العمل على رفع معدلات الشمول ستسهم فى الجهة المقابلة فى رفع معدلات التوظيف فى البنوك إذ ستتمكن الأخيرة من الوصول إلى قاعدة أكبر من العملاء؛ وبالتالى يصبح سهلًا تقديم الخدمات المالية والتسهيلات الائتمانية لشرائح أوسع من العملاء.

وسجلت معدلات نمو الشمول المالى خلال الفترة من 2022-2016، بحسب بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزى المصرى نحو %147 ليصل إجمالى المواطنين الذين لديهم حسابات (فى البنوك أو البريد المصري، أو محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات مسبقة الدفع) إلى 42.3 مليون مواطن بما يعادل 64.8% من الإجمالى (فى الفئة العمرية 16 سنة فأكثر) والبالغ عددهم 65.4 مليون مواطن.

وارتفعت أعداد البطاقات مسبقة الدفع إلى43.8 ألف بطاقة لكل 100 ألف مواطن محققة معدل نمو 31% خلال الفترة من 2020 إلى 2022، فيما بلغ عدد محافظ الهاتف المحمول 46.5 ألف محفظة لكل 100 ألف مواطن محققة معدل نمو %54 خلال نفس الفترة.

وتشير المؤشرات إلى تطور أعداد نقاط الإتاحة المالية والتى تشمل كل من فروع البنوك، والبريد المصري، ومؤسسات التمويل متناهى الصغر، بالإضافة إلى ماكينات الصراف الآلى ونقاط البيع الإلكترونية، ومقدمى خدمات الدفع لتصل إلى 1214 نقطة لكل 100 ألف مواطن بمعدل نمو %107 خلال الفترة من 2020 إلى 2022.