بدا أن هناك حالة من الإجماع بين المحللين الذين شاركوا فى استطلاع لـ«المال» بشأن توقعاتهم لمصير أسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى يوم الخميس المقبل.
وقالوا فى تصريحات لـ«المال» إن المسار الأقرب فى تقديرهم هو أن يقوم صانعوا السياسة النقدية بتثبيت أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك وفق عدد من الأسباب.
وأضافوا أن أبرز هذه الأسباب تكمن فى أن الزيادات المتتالية لأسعار الفائدة خلال العام الماضى وبداية العام الحالى لم تنجح فى كبح جماح التضخم، إلى جانب أن التضخم ناتج عن عدم استقرار فى سعر الصرف وارتفاع أسعار الخامات والسلع المستوردة فضلا عن التراجع فى معدلات السيولة.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى اجتماعها الثالث لهذا العام يوم الخميس المقبل 18 مايو من أجل تحديد مصير أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وقال هانى جنينه الخبير المصرفى والمحاضر بالجامعة الأمريكية إنه تلاحظ خلال الفترة الماضية انخفاض فى معدلات نمو السيولة وهو أمر يدعوا إلى التفاؤل.
وأضاف أن التقييمات الخارجية من بعض وكالات التصنيف سيكون لها تأثيرات وتداعيات بعض الشيء فى التعامل مع العالم الخارجى ولو بشكل مؤقت.
وأشار جنينه إلى إنه ستكون هناك معضلة فى توقع قرار المركزى هذه المرة خاصة وأنه توجد مساحة أمام المركزى لعدم رفع الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل.
وبنى جنينة توقعاته بعدم تحريك المركزى لسعر الفائدة على 3 عوامل وهى السيولة بنوعيها سيولة المركزى أو طباعة النقود «M0» وهى ثابتة تقريبا عند مستوى 1.5 تريليون جنيه منذ نوفمبر 2022 وحتى مارس الماضي.
النوع الثانى من السيولة وهو «M2» باستثناء الودائع الأجنبية فقد شهدت انخفاضا من %23 فى سبتمبر 2022 إلى نحو %18.5 فى مارس الماضي، مشيرا إلى أن الاتفاق مع صندوق الدولى يتطلب وصول معدلات نموها بين %15-14 خلال فترة البرنامج الذى تم توقيعه مع مصر.
وأكد جنينه أن التحسن فى عاملى السيولة بشقيها هو انعكاس لآليات البنك المركزى سواء رفع أسعار الفائدة أو إلغاء المبادرات التى كان يتم دعمها.
أما العامل الثالث والذى يرجح أيضا عدم رفع الفائدة فى الاجتماع القادم هو الاستقرار الذى تشهده أسار أغلب السلعة الآمنة أو الاساسية من شهر تقريبا
فى الوقت ذاته لم يستبعد جنينه رفع أسعار الفائدة ولكن بشروط ومعطيات لا يدركها إلا البنك المركزى نفسه منها معرفته بتوقيت تحرير سعر الصرف وتسريع وتيرة رفع أسعار الطاقة وكلا الأمرين سيحتاج من المركزى إجراء استباقى من خلال زيادة أسعار الفائدة سواء فى الاجتماع القادم أو بعد القادم بواقع قد يصل إلى %2 على أن تكون المرة الأخيرة للرفع.
وكشف جنينه عن أن البنك المركزى قد يعود إلى دورة التيسير النقدى وخفض تدريجى لأسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2024 لاسيما وأن التقديرات تشير إلى أن الفيدرالى الأمريكى سينهى حالة التشديد النقدى وخفض الفائدة بعد شهرين من الأن.
ورجح محمد عبد المنعم الخبير المصرفى أن يمنح المركزى نفسه فرصة من أجل التقاط الأنفاس خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل وبالتالى من المنتظر أن يقدم على تثبيت أسعار الفائدة لأنها من وجهة نظره غير ذى جدوى فى الوقت الحالي.
وأضاف فى تصريحات لـ«المال» أن التعويل على السياسة النقدية وحدها دون السياسة المالية لن يجدى فى ظل ارتفاع أسعار المدخلات من جانب العرض ومستويات تضخم غير مسبوقة.
ووفقا لما قاله عبد المنعم فإن تأثير رفع أسعار الفائدة خلال الفترة الحالية سيكون سلبيا لاسيما وأن الاعتماد على السياسة النقدية فقط طوال الفترات الماضية لم يحقق النتائج المرجوة.
وتوقع عبد المنعم أن يكون هناك تحريك لأسعار الفائدة مرة واحدة أخرى هذا العام ولكن لن تكون فى الاجتماع المقبل وستكون فى حدود %2.
وأكد أنه مع عودة استقرار أسعار الصرف وانخفاض معدلات التضخم سيعود البنك المركزى إلى سياسة التيسير النقدى و خفض الفائدة.
وتوقع ماجد فهمى الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية والخبير المصرفى أن يبقى البنك المركزى على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم 18 مايو الجاري.
وحول المعطيات التى استندت عليها توقعاته لتثبيت أسعار الفائدة قال «فهمي» إن البنوك لديها حاليا شهادات ادخار بفائدة مرتفعة وهو الذى أدى إلى تعظيم الفوائض النقدية لديها، كما أن أى تحريك فى سعر الكوريدور سيضر بشكل كبير الاستثمار إذا وضعنا فى الاعتبار ارتفاع تكلفة التمويل.
وأضاف فهمى أن أسباب التضخم مختلفة فالنسبة للحالة المصرية هو تضخم قادم من ارتفاع سعر الصرف وأن التعويم كان له أثر كبير فى رفع معدلاته.
وأكد أن رفع أسعار الفائدة لم يعد يفيد فى هذه المرحلة لاسيما أن التعويل على عودة الأموال الساخنة لم يعد مجديا فى الوقت الراهن.
وتابع أن ارتفاع سعر الفائدة لن يكون فى صالح أحد كما سيؤدى إلى ارتفاع تكلفة المبادرات التى تكفلها الدولة من أجل دعم القطاعات الإنتاجية.
وعلى صعيد متصل أشار إلى أن من ضمن الأسباب التى أدت إلى زيادة الطلب على الدولار قيام الأفراد باكتنازه أو اللجوء إلى شراء الذهب كملاذ آمن وبالتالى لن نصل إلى سعر واحد للصرف.
ومن جانبها قالت رضوى السويفى رئيس قسم البحوث بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية إن هناك بوادر لانحسار التضخم على أساس تأثير سنة الأساس، وثبات سعر الصرف الرسمى بالقطاع المصرفي، مدعوما بانحسار أسعار السلع الأساسية عالميا.
وأضافت أن البنك المركزى سيقوم بتثبيت أسعار الفائدة فى الاجتماع القادم للجنه السياسية النقدية فى ظل توقعات أرقام التضخم محليا.
وأشارت السويفى إلى أن هذه التوقعات متوافقة مع ترجيحات بتوقف الفيدرالى الأمريكى عن سياسة التشديد النقدى فى ظل التحديات التى تواجه البنوك الأمريكية.
موضحة أن مصر قد رفعت الفائدة بالفعل 500 نقطة أساس استباقا لنقطه القمة فى التضخم محليا و تحركات الفيدرالى الأمريكي.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفى إن التنبؤ بمصير أسعار الفائدة فى الاجتماع القادم على قدر كبير من الصعوبة لصانعى السياسة النقدية والمحللين فى آن واحد بسبب الظروف العالمية المرتبكة.
وأضاف أن تغيرات أسعار الفائدة فى حد ذاتها من أهم أدوات السياسة النقدية على مستوى العالم من أجل احتواء التضخم والركود.
ويرى عبد العال أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى ستبقى على أسعار الفائدة دون تغيير فى اجتماعها المقبل مؤكدا أنها أنسب الحلول فى الوقت الحالي.
وأكد أنه لا يجب أن تكون السياسة النقدية بمفردها فى مواجهة التحديات،فقد تحملت الكثير فلديها تركة صعبة،فأقصى ما يمكن أن تفعله حاليا هو تخفيض نسبة القروض للدخل وتحجيم الإنفاق الاستهلاكي،أو زيادة نسبة الاحتياطى الإلزامى إلى %20.
ويرى أنه لابد من إعادة النظر فى استخدام رفع أسعار الفائدة كأداة لكبح جماح التضخم لأن السبب الرئيسى لارتفاع معدلات هو التغير فى سعر الصرف، بالإضافة إلى ارتفاع سعر السلع المستوردة مثل خامات الأعلاف وغيرها، كما توجد أسباب ثانوية مثل تأثيرات شهادات الادخار مرتفعة العائد التى تسابقت البنوك على طرحها.
قالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية وعضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان إن تثبيت أسعار الفائدة هو الخيار المرجح خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم، معتبرة أنه ليس هناك من أسباب تدفع إلى رفع الفائدة من جديد.
وأضافت «الدماطي» أن الأمر قد لا يتوقف عند التثبيت فحسب، وإنما قد يتجه البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة فى العام الجاري.
وتوقعت «الدماطي» أن تواصل معدلات التضخم مسارها الهبوطي،لا سيما بعد تراجعها للشهر الثانى على التوالي.
وتراجع المعدل السنوى للتضخم الأساسى بحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي، إلى%38.57 فى أبريل 2023، مقابل %39.5 فى مارس الماضي.
فيما سجل معدل التضـخم السنوى لإجمالى الجمهورية، وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، %31.5 لشهر أبريل 2023، مقابل %14.9 لنفس الشهـر من العام السابق.
وبلغ الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين لإجمالى الجمهورية 169.6 نقطة لشهر أبريل 2023، مسجلاً بذلك ارتفاعا قدره %1.8 عن شهر مارس 2023.
رجّح طارق متولى الخبير المصرفى أن تلجأ لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى خلال اجتماعها المقرر انعقاده 18 مايو الجارى إلى تثبيت أسعار الفائدة عند حدودها التى أقرتها خلال اجتماع 30 مارس الماضي.
وأضاف أن المشكلة الأساسية لا تكمن فى رفع معدلات الفائدة، وإنما فى توافر المعروض النقدى من العملة الأجنبية، ومن ثم لن تكون هناك جدوى للرفع من جديد طالما لم تُحل مشكلة نقص الدولار.
واتفق مع الرأى السابق هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى والرئيس التنفيذى لشركة الراية للاستشارات، موضحًا أن البنك المركزى كان قد رفع الفائدة خلال اجتماع الأخير بواقع 200 نقطة أساس، كما كان قد توسع فى سياسة التشديد النقدى خلال العام الماضى والربع الأول من العام الجاري.
وافتتح البنك المركزى عام 2023 بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب. كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %16.75 وذلك خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية 2 فبراير الماضي.
بيد أن لجنة السياسة النقدية آثرت العودة إلى التشديد النقدى فقررت فى اجتماعها 30 مارس الماضى رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %18.25، %19.25 و%18.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %18.75.
جاء ذلك بعدما خاض خلال العام الماضى دورة تشديد نقدى رفع فيها أسعار الفائدة بواقع %8 منها %1 فى 21 مارس الماضى فى اجتماع استثنائى للجنة السياسة النقدية، ثم أقر زيادة أخرى %2 فى مايو الماضى لمواجهة الصدمات السعرية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.
وقررت لجنة السياسة النقدية خلال اجتماع استثنائى آخر 27 أكتوبر الماضى رفع سعر الفائدة على عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %13.25 و%14.25 و%13.75 على نفس الترتيب، وتم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس إلى %13.75.
واختتم «المركزي» عام 2022 برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.75.
وأشار هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى والرئيس التنفيذى لشركة الراية للاستشارات، إلى أن الزيادة فى أسعار الفائدة قد تأخذ وقتًا حتى تؤتى ثمارها المرجوة أو تحقق النتائج المطلوبة، وبالتالى يصبح خيار التثبيت فى الاجتماع القادم هو الأقرب للمنطقية.
وأفاد أن التعويل على الاستثمار الأجنبى غير المباشر أو ما يعرف بـ «هوت موني» لم يكن مجديًا، كما أنه ليس مطلوبًا الآن، ومن ثم ليست هناك حاجة ماسة لرفع الفائدة لجذب الأجانب للاستثمار فى سندات وأذون الخزانة.
أما هانى حافظ الخبير المصرفى فألمح إلى أن الفيدرالى الأمريكى خالف التوقعات فى اجتماعه الأخير ورفع الفائدة بواقع 25 نقطة أساس وهو أقل من المتوقع؛ إذ كان منتظرًا أن يرفع الفائدة من 50 إلى 75 نقطة أساس.
وأضاف أنه من المتوقع أن يعمد الفيدرالى الأمريكى خلال الاجتماعات المقبلة إلى تثبيت أو تخفيض معدلات الفائدة، لا سيما فى ظل الأزمات التى تعانى منها عدد من البنوك العاملة فى الولايات المتحدة.
وتابع أنه اعتمادًا على هذه المعطيات فمن المرجح أن يتجه صانع السياسة النقدية إلى تثبيت سعر الفائدة خلال الاجتماع المقبل.
وأشار إلى أنه ربما يكون هناك توجه إلى التخفيف النقدى خاصة فى ظل ارتفاع خدمة الدين وتكلفة الإقراض،لافتًا إلى أنه من الممكن أن يلجأ البنك المركزى إلى تخفيض معدلات الفائدة مع نهاية العام الجارى.
