يعد شراء المنتجات بالتقسيط من أبرز العادات التى عرفها المجتمع المصرى، ومؤخرا اﻧـﺘـﺸـﺮ «اﻟﺘﻘﺴﻴﻂ» ﻓـﻰ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ واﻣﺘﺪ إﻟﻰ ﻧﺸﺎط «اﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎت» ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻤﺎح لحاملى الوثائق ﺑﺎﻟﺴﺪاد ﺑﺸﻴﻜﺎت آﺟﻠﺔ.
وأوضح خبراء تأمينيون أن ﺷﺮﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ربما اﺿﻄﺮت إﻟﻰ ذلك اﻟﺤﻞ ﻓﻰ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻟﻠﺘﻴﺴﻴﺮﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻼء اﻷﻓﺮاد، ﻓﻰ ﻓﺮع «اﻟﺴﻴﺎرات» ﻓﻰ ﻇﻞ ارﺗﻔﺎع ﻗﻴﻤﺔ أﻗﺴﺎﻃﻬﺎ؛ إذ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ أﺳﻌﺎر الطرازات المختلفة ﺧﻼل 2021 و2022 إثر أزمات اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ومن ثم لجأ العملاء إلى حلول التقسيط، لعدم الوفاء دﻓﻌﺔ واﺣﺪة، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻘﺴﻂ.
وأشاروا إلى أن ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻤﻼء قد يملكون ﺑﻄﺎﻗﺎت اﺋﺘﻤﺎن ليتمكنوا من الاستفادة بمزايا دﻓﻊ اﻟﻘﺴﻂ ﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻣـﺮة واﺣﺪة ﺛﻢ ﺳﺪاده ﻋﻠﻰ دﻓﻌﺎت ﻟﻤﺪة 6 ﺷﻬﻮر ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻤﺼﺪر ﻟﻠﺒﻄﺎﻗﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ، واﻣﺘﺪ التقسيط كذلك إلى «اﻟﻄﺒﻰ» ﺧﺎﺻﺔ اﻟـﻔـﺮدى، إﻻ أﻧـﻪ أﻗـﻞ ﺣـﺪة ﻣﻦ «اﻟﺴﻴﺎرات» موضحين أن هناك ﻀﻮاﺑﻂ لتلك العملية، ﺗﺸﻤﻞ وﺟﻮد ﻣﻠﺤﻖ ﺿﻤﻦ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪاد ﻋﻠﻰ دﻓـﻌـﺎت ﺑﺸﻴﻜﺎت آﺟـﻠـﺔ، وأن ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻗﺪاﻣﻰ اﻟﻌﻤﻼء وأن ﺗﺘﻌﺪى ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻘﺴﻂ ﻣﻠﻴﻮن ﺟﻨﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﻴﻦ اﻟـﺤـﺼـﻮل ﻋـﻠـﻰ ﻣـﻮاﻓـﻘـﺔ الهيئة العامة للرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ.
وأرﺟﻊ الخبراء ﻟﺠﻮء ﺷﺮﻛﺎت اﻟـﺘـﺄﻣـﻴـﻦ إﻟـﻰ اﻟﺘﻘﺴﻴﻂ؛ إلى الحفاظ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ اﻷﻓﺮاد واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت، وﻟﺘﺠﻨﺐ إﻟﻐﺎء اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ أو ﻋﺪم ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻌﻤﻴﻞ ﻟﻬﺎ، وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻼء ﻓﻰ ﻇﻞ ارﺗـﻔـﺎع اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻧﺨﻔﺎض اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ، فاﻟﺘﻘﺴﻴﻂ وإن أﺛﺮ سلبا ﻋﻠﻰ اﺳـﺘـﺜـﻤـﺎرات ﺷـﺮﻛـﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ؛ إذ إن اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻋﻠﻰ دﻓﻌﺎت يحرم الأخيرة ﻣﻦ ﻋﻮاﺋﺪ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻘﺴﻂ ﻛﺎﻣﻠﺔ، مما ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺪل اﻟﺮﺑﺤﻴﺔ، إﻻ أن ذﻟﻚ يعد خسارة جزئية بدلا من فقدان العملاء الذين فرضت عليهم الأزمات التخلى عن الأقساط.
ووفقا لبيانات رسمية صادرة عن «الرقابة المالية» سجل عدد العملاء المستخدمين لجميع السلع بنظام الشراء بالأقساط خلال الربع الأخير من عام 2022 نحو 410 آلاف مستهلك بقيمة إجمالية 5.58 مليار جنيه، وهو ما يعادل 292 مليون دولار، فى الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، ومنذ بداية 2023 وحتى أبريل الماضى، قفز عدد المواطنين المتعاملين بنظام الشراء بالتقسيط بنسبة %100 إذ ارتفع بمقدار 500 ألف مستهلك ليصل إلى 910 آلاف بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 9 مليارات جنيه، وما يفوق 500 مليون دولار وبنسبة زيادة %64 مقارنة مع الربع الأخير من 2022.
اعتماد أكثر من طريقة للدفع..خطوة واقعية مع العولمة المالية
وقال أحمد إبراهيم؛ خبير التأمين الاستشارى؛ إن تطور أسلوب نظام بيع التأمين بالآجل نتيجة أننا نعيش فى عصر ازدادت فيه الاحتياجات الاستهلاكية وتعددت أنواع المنتجات بشكل واسِع وتزايد الاهتمام بتوسيع النشاطات الاقتصادية واشتدت المنافسة بين الشركات فى استخدام وتقديم أفضل الخدمات لجذب المستهلكين.
وأوضح أن نظام بيع التأمين على الممتلكات بالتقسيط يوفر حاجة المشترى عندما لا يكون قادرا على الشراء نقدا ودفع ثمن الوثائق كاملا، مع مرونة السداد على مدة زمنية يحددها العميل مع الشركات، مما يدعو إلى إقبال بعض الكيانات على استخدام أسلوب التقسيط كواحد من أساليب بيع منتجات التأمين التى تجذب شريحة معينة من العملاء.
إبراهيم: لا بد من نظام مبيعات «سحابى» لإدارة جميع الوثائق الآجلة
وأوضح أن بعض العملاء قد يستخدم نظام شراء تأمين الممتلكات بالتقسيط بأسلوب يضر بوضعهم المالى، ويزيد من ضغوط الديون عليهم، وقد يضطر المشترى إلى دفع ثمن أعلى من المعتاد.
واقترح على المؤسسات استخدم نظام مبيعات سحابى يعمل باستخدام الإنترنت، حتى تتمكن شركات التأمين مِن متابعة وإدارة جميع الوثائق المتعلقة بالنظام الآجل، وسرعان ما يلاحظ الفرق بين المحاسبة التقليدية والإلكترونية، وكيفية مساعدة الأخيرة فى جعل العمليات المحاسبية أكثر كفاءة.
وأشار إلى أن التحصيل فى نظام البيع بالآجل يعنى باستيفَاء المبالغ الواجِب سدادها مِن قبل العميل خلال وقت استحقاقِها تبعا للاتفاق بينهم، حيث يُلجأ إليه فى حالة عدم التزام العميل بدفع المبلغ الآجل المتفق عليه.
ولفت إلى أن زيادة مبيعات الشركات تتأتى من بيع المنتجات بصفة مستمرة، وذلك ما يوفره التقسيط، بدلا مِن الانتظار حتى يدَّخر العميل المبلغ الكافى لشراء المنتج التأمينى، مع تقليص المخزون وتصريف المنتجات، فيمكن خفض النسب الراكدة فى مخزون المنتجات التأمينية عن طريق تصريفها للعملاء غير القادرين عَلى الدفع النقدى المباشر، فضلا عن المساهمة فى تيسير حركة المنتجات وزيادة ضمان بيع المنتجات بنفس سعر السوق.
وأفاد بأن اعتماد أكثر مِن طريقة للدفع ووضع سياسات البيع والتحصيل فيما بعد، يعد من أساليب التسويق الجيدة التى تساعد فى جذب مختلف أنواع العملاء، وقد يؤثر تحديد أسلوب البيع بالآجل فى عملية حساب الإيرادات والتكاليف وحجم الأرباح والمبيعات المتوقع فى البداية، لذا يجب الاستعانة بنظام محاسبى قوى يساعد فى متابعة وإدارة المعاملات بكل دقة.
التقسيط يطرق %70 من أبواب المجتمع
وقال وليد حسن؛ المدير الإقليمى لوحدة الإنتاج بشركة مصر لتأمينات الحياة إن التقسيط يعتبر من الظواهر الاقتصادية الهامة السائدة فى المجتمعات العربية، خاصة وأن الشريحة الكبرى من المجتمع من الطبقة المتوسطة، التى أخذت فى الاضمحلال شيئا فشيئا مع تدنى دخول الأفراد وزيادة الأسعار، ومع ارتفاع السقف الاستهلاكى والرغبة فى اقتناء منتجات تأمينية لا يستطيع العملاء دفع ثمنها دفعة واحدة، لضيق ذات اليد، خاصة المنتجات التأمينية التى لا يمكن الاستغناء عنها.
حسن: كيانات التسويق تستدرج المواطنين للشراء بالأجل
وأشار إلى أن تقسيط التأمين له ميزاته الإيجابية المتعددة، إذا ما تم التعامل معه بعقلانية واعتدال لسد الثغرات الضرورية، وعكس ذلك يصبح عدوا رابضا إذا ما أسرف فيه العملاء، مؤكدا أن هناك دراسات أفادت بأن أكثر من %70 من ذوى الدخول المنخفضة أجبرتهم ظاهرة ارتفاع الأسعار على التعامل بالتقسيط فى كل شئون حياتهم، لافتا إلى أن ظاهرة التقسيط لم تعد مقصورة على الطبقات المحدودة أو المتوسطة، بل أصبحت شيئا عاديا ومتعارفا عليه بين الطبقات فوق المتوسطة والغنية، ولكن بنوعيات منتجات مختلفة.
وأوضح أن نظام تقسيط تأمين الممتلكات يعمل على زيادة فرص الاستهلاك وتوسيع مداه وتعميق أثره على الاقتصاد القومى، إذ أن بيع منتجات التأمين بمعدلات سريعة، مع إيجاد نوع من الارتباط التعاقدى طويل المدى مع العملاء، فضلا عن خلق وسائل تنشيطية تمويلية لضخ وسائل دفع متنوعة تحقق الانتعاش الدائم والرواج المستمر وتغطية الآثار السلبية للدورة الاقتصادية، خاصة فى أوقات الانكماش.
ولفت إلى أن السنوات الأخيرة وجدت فى التقسيط فرصة مهمة للتغلب على نقص المبيعات على جميع الأصعدة فى السوق المحلية، ومواجهة أزمة السيولة والركود، حيث لم يكن هناك سبيل أمام الشركات لتصريف إنتاجها سوى البيع بالتقسيط، ولو كانت منتجات تأمينية.
وطالب بالإفصاح عن كل ما يرتبط بالمنتجات التأمينية حال تقسيطها بشيكات آجلة، مثل الفرق بين سعر بيعها الفورى أو بالتقسيط، ومميزاته وخواصه، مشيرا إلى أن بعض البنوك تفضل الابتعاد عن هذا النظام إلا من خلال القروض التى تعطيها للعميل مباشرة وبضمانات محددة، أى بالاعتماد على الأسلوب الفردى، بمعنى أن كل من يحتاج لمنتج تأمينى يتم توفيره للعميل، ويخصم القسط المستحق من الراتب مباشرة، وهكذا لم تعد هناك مشكلات فى التحصيل أو الضمانات، خصوصا أن شركات التسويق والإعلان تلعب دورا كبيرا فى استدراج المواطنين لشراء التأمين بالتقسيط.
تغير سلوك المواطن والتعثر المالى..أسباب تقسيط منتجات التأمين
وقال هشام شقوير خبير التأمين الاستشارى، إن تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة التى ألقت بظلالها على المجتمع المصرى غيرت السلوك الاستهلاكى عند المواطنين منذ جائحة كورونا، إذ قفز معدل الشراء بنظام التقسيط بنحو %100 خلال عامين فقط، كما ارتفع عدد المتعاملين بنظام التمويل الاستهلاكى فى الأشهر الأربعة الأولى من 2023 بمعدل %100 بقيمة إجمالية تجاوز 9 مليارات جنيه وتقترب من 500 مليون دولار، وبنسبة زيادة %64 مقارنة مع الربع الأخير من 2022 وفقا لإحصاءات رسمية أعلنتها «الرقابة المالية».
وأشار إلى أن الشراء بنظام التقسيط يعد أحدث الأنشطة المالية غير المصرفية التى تخضع لرقابة «الرقابة المالية» إذ زادت قيمته الممنوحة للعملاء بنسبة %100 خلال العامين الماضيين، بعدما ارتفعت القيمة من 8.5 مليار جنيه (حوالى 425 مليون دولار) فى 2020 إلى نحو 17 مليارا (904 ملايين دولار) العام الماضى، متوقعا أن تصل قيمة التمويل الاستهلاكى فى عام 2026 إلى 50 مليار جنيه (2.6 مليار دولار)، خصوصا مع توسع الحكومة فى وسائل الرقابة المميكنة عليه.
وأكد ضرورة استحداث منتجات تأمينية تمكن ذويها من سداد أقساطها بصورة تمنعهم من كل أنواع التعثر إثر انخفاض السيولة، إلى جانب إخضاع شركات الوساطة بالبيع بالتقسيط تحت مظلة قانون التمويل الاستهلاكى ورقابة الهيئة، مع وضع إطار للتعامل مع جميع الأطراف المعنية بتنفيذ منظومة التكنولوجيا المالية فى الأسواق المالية غير المصرفية، وكذلك توسيع قاعدة المستفيدين واستهداف فئات محدودى الدخل مع وضع إطار تنظيمى لتلك الأحوال.
وأضاف أن «الرقابة المالية» وفقا للقانون رقم 18 لسنة 2020 أقرت دعم المستهلك المصرى فى تحمل أعباء ونفقات الحياة التى ارتفعت كلفتها فى الأعوام الأخيرة بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى عام 2016 نظرا إلى تداعياته الاقتصادية الصعبة، علاوة على جائحة كورونا وأخيرا الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية فى أوكرانيا، مشيرا إلى أن تلك الضغوط فى الأعباء، سواء فى تدبير نفقات الحياة من تعليم وصحة وزواج وتأسيس المنازل بالأجهزة الكهربائية، تتطلب التعاون بين الجميع، بوضع شروط الغرض منها الحفاظ على العملاء من جهة وحماية أموال الشركات من أخرى، لافتا إلى أن نظام البيع بالتقسيط معروف فى مصر منذ عقود طويلة.
الحذر واجب قبل التوسع فى التقسيط التأمينى
وقال أمير يسرى؛ رئيس القطاع المالى بالشركة اللبنانية السويسرية لتأمينات الحياة التكافلى، إن هناك طلبا قويا من العملاء فى مصر على شراء التأمين بنظام التقسيط لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وإن هناك أسبابا وعوامل مرتبطة أسهمت فى زيادة عدد ذلك النوع من العملاء، فى مقدمتها الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر، بالتالى تنعكس على القدرات الشرائية عند المواطنين، ولذلك يتجهون إلى الشراء بالتقسيط بدلا من الشراء نقدا، مؤكدا أن تنامى حجم التقسيط يرجع أيضا إلى قدرة الشركات على الوصول إلى العملاء والتعريف بطرق وأنظمة وأسعار الفائدة، من خلال وسائل الإعلام والتكنولوجيا والتطبيقات الحديثة، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعى.
وأكد أن العملاء أصبحوا يعتمدون بشكل كبير على شراء كل حاجاتهم بالتقسيط، مشيرا إلى أنه فى ظل ارتفاع كُلف وأعباء الحياة اتجهوا إلى توفير الأموال النقدية للإنفاق على الأعباء اليومية والشهرية من طعام وشراء وملابس ودفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز، فى الوقت الذى يشترون فيه المنتجات «المعمرة» -مثل التأمين- بنظام التقسيط، كخيار أفضل فى ظل وصول الأسعار إلى مستويات قياسية، خصوصا العام الحالى.
وحذر من المبالغة فى التقسيط لمنتجات التأمين داخل مصر، وأن المسألة دخلت مرحلة جدية من الخطورة، لافتا إلى أن فوائد التقسيط فى الوضع الحالى مرتفعة للغاية ولا تتناسب مع قدرة معظم المقبلين على الخدمة أو المنتج، حيث يقع المواطن ضحية لما يسمى «سلوك الشراء النفسى» عندما يقتنع بأن التقسيط أفضل له من النقد، إذ ربما ينظر لقيمة القسط المؤجل فقط بالشيكات، بينما يغفل المصاريف الإدارية المضافة عليه عند التأخر فى السداد، والقيمة السعرية المؤخرة.
ينعش قطاع التأمين والاقتصاد والكثيرون عرضة للتعثر
وقال أحمد حسنى العضو المنتدب لشركة «إيليانت» لوساطة التأمين، إن شراء منتجات التأمين بالتقسيط فى الوقت الحالى أصبح «طوق نجاة» للشركات فى ظل ارتفاع الأسعار الذى طال كل شىء، مشيرا إلى أن ارتفاع معدلات التضخم فى مصر بمقدار تجاوز %7 خلال 100 يوم فقط، متأثرا بالتداعيات السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا.
وأضاف أن عمليات بيع منتجات التأمين بالتقسيط لاقت رواجًا كبيرًا إذ إن تلك العمليات أصبحت ضرورة ملحة فى ظل تزايد احتياجات الناس وارتفاع الأسعار، خاصة مع تنامى توظيف التكنولوجيا لتقديم الخدمات المالية، وإتاحة حلول تمويلية غير تقليدية.
وأرجع تنامى تلك الظاهرة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التى طرأت على العالم خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ ظهور كورونا، وما تبعه من ركود فى المبيعات وتراجع القوى الشرائية لدى الأفراد، إلى إقبال شركات التأمين على بيع منتجاتها بالتقسيط، والتى تشجع العملاء على الشراء، من خلال منحهم تسهيلات فى السداد وتحصيل سعر المنتج على أقساط، مع تحصيل فوائد على مدة السداد.
وأشار إلى أن بيع منتجات التأمين بالتقسيط ينعش الاقتصاد من زاوية، حيث إنه يسهم فى زيادة إقبال الأفراد على شرائها وزيادة الطلب عليها، مما يترتب عليه زيادة إنتاج الشركات، ودوران عجلة الإنتاج، ومن ثم زيادة فرص العمل والحد من معدلات البطالة وكلها عوامل إيجابية للاقتصاد، إلا أنه أشار إلى خطورة تنامى هذه السوق ووصولها إلى حلقة مفرغة تتمثل فى تعثر الكثيرين عن الوفاء بالتزامتهم المالية والتعامل مع الأمر بنفسية الشراء بعيدا عن القدرة المالية الحقيقة، خاصة مع تسهيل التكنولوجيا عملية التقسيط، وتحييد الإجراءات المعقدة التى كانت عنصرا رئيسيا فى ابتعاد الكثيرين عنها.
عدم قدرة الأفراد على السداد..أبرز عيوب التقسيط
وقال باسم وهيب؛ مدير عام تأمينات السيارات والأفراد بشركة ثروة للتأمين، إن مميزات البيع بالتقسيط وتداخل التكنولوجيا تسهل عمليات بيع الوثائق فى الفترة الأخيرة، لافتا إلى أن زيادة اعتماد الأفراد على التقسيط فى ظل سماح العديد من شركات التأمين بالتقسيط، يسهم فى تزايد عمليات شراء الوثائق، خاصة فى ظل سهولة عملية التقسيط.
ولفت إلى أن السوق المصرية واجهت، خلال الفترة الماضية، تحديات كبيرة على خلفية تخفيض قيمة العملة، وارتفاع أسعار المنتجات التأمينية وتداعيات جائحة كورونا، لذلك تزايد الطلب على خدمات التقسيط، حتى تستطيع معظم شرائح المجتمع من تلبية احتياجاتها من التغطيات.
وأكد على أن التطور التكنولوجى الذى شهدته مصر سيعمل على تيسير الإجراءات وسرعة الموافقة على طلبات التقسيط، لافتا إلى أن مصر بها أكثر من 60 مليون مستخدم للإنترنت، ووصل عدد مشتركى الهاتف المحمول إلى أكثر من 102 مليون فى مصر بنهاية 2022 لذلك يتم الاعتماد على التكنولوجيا من خلال تطبيقات المحمول، حيث إن الضغوط الاقتصادية جعلت كثيرا من الناس تعتمد على التقسيط حتى فى «التأمين» وكانت تلك الظاهرة موجودة من قبل بحذر شديد، إلا أن المواطنين يلجئون فى الوقت الحالى إلى تقسيط جميع احتياجاتهم - ومن ضمنها التأمين- وبشكل مبسط وسريع.
ولفت إلى أن عدم قدرة الأفراد على الالتزام بسداد الأقساط أبرز عيوب التقسيط، بالإضافة إلى أن تراكم الديون على المشترى بسبب ميله لاستخدام تلك الطريقة فى شراء أكثر من منتج، فى ظل افتقاد البعض لثقافة الاستهلاك، مما قد ينتج عنه تعثر فى السداد.
