أثرت التوترات الجغرافية السياسية بين روسيا وأوكرانيا على سوق السكر العالمية مؤخرًا بسبب تأثيرها على أسعار الطاقة، وتكلفة الإنتاج، فضلًا عن إمكانية تحويل الأراضى من زراعة بنجر السكر إلى إنتاج الحبوب والسلع الاستراتيجية الهامة، كما قد يؤدى أى تصعيد إضافى للنزاع إلى تقلبات السوق وارتفاع إضافى فى أسعار السكر.
وتوقع تقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، ارتفاع إجمالى واردات مصر من السكر فى العام التسويقى المقبل 2023/ 2024 بنسبة %12 لتصل إلى 930 ألف طن مقارنةً بـنحو 830 ألفا فى الموسم التسويقى الجاري، إذ من المرجح أن تزداد الواردات لتعويض الفجوة التى سيحدثها الانخفاض المرجح فى الإنتاج.
ويبدأ العام التسويقى للسكر فى شهر أكتوبر وينتهى فى سبتمبر من كل عام.
ويتم استيراد معظم واردات السكر عادة من خلال شركة السكر والصناعات المتكاملة المصرية (ESIIC) التابعة للقابضة للصناعات الغذائية.
ويؤكد التقرير أن العالم واجه عجزًا فى السكر خلال العامين الماضيين، ومن المرجح استمراره فى العام الحالي، لكنه يرى أن إنتاج الهند وتايلاند منه سيقلل من العجز بشكل طفيف.
وأضاف أن السوق المحلية ستواصل تعويض الفارق بين الإنتاج والطلب على السكر من خلال الاستيراد، مشيرًا إلى أنه عادة ما تنتج مصر ما يقرب من %80 من الطلب المحلى عليه وتستورد الـ%20 المتبقية.
ويتوقع أن تستحوذ الواردات المصرية من السكر فى العام التسويقى المقبل على حوالى %25 من إجمالى المعروض بالأسواق، لافتًا إلى أن مصر استوردت العام الماضى 830 ألف طن من السكر الخام، %70 منها من البرازيل.
ويرجح أن تظل البرازيل المورد الرئيسى لمصر من السكر الخام فى الفترة المقبلة.
الصادرات
وعلى الجانب الآخر، يتوقع أن تصل صادرات مصر من السكر إلى 300 ألف طن فى العام التسويقى المقبل وهى نفس التقديرات الخاصة بالعام التسويقى الحالى.
ويرى أن فرض الحكومة ضريبة تصدير بعد موسم عام 2017/2016 أدى إلى انخفاض إجمالى الصادرات منذ ذلك الوقت.
وفى 5 أبريل 2017 ، صدر القرار الوزارى رقم 469/2017 بزيادة ضريبة الصادرات إلى 3000 جنيه للطن (100 دولار) ولا يزال سارى المفعول.
وتستوعب السودان وكينيا 50% من صادرات مصر من السكر، ومن المتوقع أن تظل وجهتى التصدير الرئيسية فى العام التسويقى المقبل.
بنجر السكر
وقال التقرير الأمريكى إن الطلب الصناعى المحلى على بنجر السكر يستمر فى الارتفاع، إذ يوفر المحصول سعرًا أعلى مما يحفز العديد من المزارعين على زراعة المزيد منه.
وأضاف أن إنتاجية بنجر السكر تأثرت خلال العام التسويقى الحالى 2022/ 2023 نتيجة تعرض المحصول لتفشى مرض «Rhizomania»، ولذا تمت مراجعة تقديرات إنتاجه وكذلك إنتاج السكر المكرر.
وقدر التقرير بتعرض إنتاج محصول بنجر السكر لخسائر نسبتها %10 خلال العام التسويقى الجارى ليصل إلى 1.475 مليون طن مقارنة بـنحو 1.6 مليون طن تنبؤات سابقة له لنفس الفترة؛ ما يؤثر على انخفاض إنتاج السكر المكرر بنسبة 10% ليصل إلى 2.76 مليون طن خلال تلك الفترة.
وبحسب التقرير؛ بلغت أسعار شراء كل من قصب وبنجر السكر لهذا العام 1000 جنيه مصرى للطن، بزيادة قدرها %25 عن أسعار العام التسويقى الماضى 2021/ 2022 البالغ 800 جنيه.
وقال إن الطلب الصناعى على البنجر مستمر فى الصعود لأنه يوفر سعرًا أعلى مما يحفز العديد من المزارعين على زراعة المزيد منه، فضلًا عن توسع مصر فى إنشاء معامل تكريره.
قصب السكر
ويتنبأ أن يظل الإنتاج فى العام التسويقى المقبل 2023/ 2024 كما هو لم يتغير عن نظيره فى العام التسويقى الماضى وهو 14.3 مليون طن ، وعزا عدم تغير الإنتاج لاستمرار نفس المساحة المحصودة.
وتتركز زراعة واستصلاح قصب السكر فى مصر بشكل كبير حول معامل «مصانع» تكريره فى الصعيد الذى يستحوذ على %77 من مساحة زراعة القصب محليًا، ويشكل وسط مصر %15 نسبة إضافية من مساحة هذا المحصول تعقبها الدلتا بنسبة %8.
وقال التقرير إن محصول قصب السكر يزرع فى فصلى الربيع والخريف من كل عام، ويأخذ المحصول دورة كاملة 12 شهراً، ويتنبأ بأن تظل المساحة المحصودة من القصب كما هى لا تتغير فى العام التسويقى الجارى 2022/ 2023 عند 136 ألف هكتار «الهكتار يساوى 2.5 فدان تقريبا».
ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار فى العام التسويقى 2022/ 2023 لتعويض زيادات تكاليف المدخلات ولمعالجة التضخم، وفقًا للتقرير.
وأفاد التقرير بأن الاقتصاد فى صعيد مصر «جنوب البلاد» يعتمد بشكل كبير على انتاج قصب السكر، وأى اضطراب فى المساحة المزروعة بالقصب ستؤثر مباشرة على سبل عيش ما يقرب من 200 ألف أسرة تزرع القصب.
وقال إن هناك أقل من مليون شخص يعتمدون بصورة مباشرة على إنتاج القصب، فضلًا عن أن 300 ألف أسرة أخرى تعتمد على الأعمال التجارية الإضافية الموجودة حول إنتاجه، وكلها بصورة غير مباشرة ستتأثر بالانكماش فى الصناعة.
وأكد أنه نظرًا للأهمية الاقتصادية لإنتاج قصب السكر فى صعيد مصر؛ فإن مكافحة الحشرات والآفات بشكل مناسب يعتبر أمرا ضروريا.
إنتاج السكر المكرر
ومن المتوقع أن يزداد الإنتاج المحلى فى العام التسويقى المقبل 2023/ 2024 بشكل طفيف للغاية بنسبة أقل من %1 أو 25 ألف طن ليصل إلى 2.78 مليون طن منها 1.5 مليون طن بنجر سكر، بينما سيتم الحصول على 1.28 مليون من قصب السكر.
وفى مصر، يوجد 15 محطات معالجة وتصنيع للسكر، 8 لصالح قصب السكر، و7 لبنجر السكر، إضافة إلى واحد قيد التطوير، وجميع معالجات قصب السكر الثمانية هى شركات مملوكة للدولة تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية.
ومن بين الشركات السبع التى تصنع بنجر السكر، هناك 3 تابعة للقطاع الخاص والباقى تديرها الدولة، أما المصنع قيد التطوير فهو مملوك للقطاع الخاص.
الاستهلاك
وراجع تقرير «الزراعة الأمريكية» تقديراته بشأن إجمالى الاستهلاك المحلى للسكر خلال العام التسويقى الحالى إلى 3.3 مليون طن بدلًا من 3.4 مليون متوقعة سابقًا بسبب انخفاض إنتاج البنجر الذى أثر على إجمالى إنتاج السكر المكرر.
وتشير التوقعات إلى أن إجمالى الاستهلاك المحلى للسكر سيزداد فى العام التسويقى المقبل بنسبة %2.4 أو 80 ألف طن، ليصل إلى 3.77 مليون طن.
وبحسب تنبؤات التقرير، يعد الارتفاع فى استهلاك السكر مدفوعًا بالنمو السكانى المقدّر بنسبة %2.4 سنويًا، إضافة إلى التوسع فى قطاع المنتجات الغذائية الخاصة بتصنيع الحلويات التى تتطلب مدخلات سكر أعلى.
ويبلغ عدد سكان مصر 106 ملايين (تقديرات 2022)، ويتم إضافة ما يقرب من 2 مليون شخص فى السنة.
ونوه التقرير إلى مواصلة مصر تقديم السكر المكرر للمستفيدين من دعم السلع الغذائية بأسعار تقل عن السعر العالمي، وتوفر المجمعات الاستهلاكية كيلوجرامًا واحدًا من السكر بسعر مدعوم 10 جنيهات (حوالي 0.30 دولار) شهريًا، وتحصل أسرة مكونة من 4 أفراد على تحويل نقدى شهرى قدره 200 جنيه (10.96 دولار تقريبًا) ما يمكنهم من تلبية احتياجاتهم من السكر، وكذلك شراء سلع غذائية أخرى.
ووصل سعر السكر غير المدعوم حاليًا إلى ما يقرب من 30 جنيهًا.
