وصلت دوائر الاستدانة إلى مرحلة حرجة فى الكثير من الدول النامية التى وجدت نفسها فى وضع مالى شديد الصعوبة خلال عام واحد فقط.
وفى وقت تبحث فيه تلك الدول أصلا عن موارد مالية تغطى احتياجات موازناتها المختلة، فإنها مطالبة بسداد تلال من الديون والفوائد التى اقتربت مواعيد استحقاقها.
فى «مرحلة الوحش» من لعبة الاستدانة، بدا أن كل المراكب التى يمكن التعويل عليها قد غرقت، إذ أصبح اللجوء إلى أسواق الدين الدولية شديد الصعوبة فى ظل الفائدة القاسية وتخفيض التصنيف الائتمانى، فى حين يتشدد صندوق النقد الدولى فى شروطه ويبخل فى قروضه، بينما تتمسك الصين بعدم شطب ديونها وتضغط للحصول على ضمانات .
فى «مرحلة الوحش»، تكثف الفائدة المرتفعة ضغوطها على الدول النامية، وتقوض قدرتها على النمو، وتثقل كاهل موازناتها بالمزيد من خدمة الدين.
لم يعد “الاعتداد بالتاريخ” مهما بالنسبة للمستثمرين فى حقبة كهذه، إذ شهد العام 2022 تخلف دولة مثل سريلانكا عن السداد لأول مرة على الإطلاق، كما شهد أكبر عدد من حالات التخلف عن السداد منذ عام 1983، وفقا لوكالة “موديز”.
وقد أحصت “موديز” حالات تخلف عن السداد فى 7 دول خلال 2022، فضلا عن تخلف دولتين حتى الآن فى 2023، متوقعة المزيد من حالات التعثر فى العام نفسه.
وتصف “موديز” الدول “الأكثر ضعفا” والمعرضة بشدة لمخاطر التخلف عن سداد ديونها فى الأشهر المقبلة بأنها “اقتصادات ذات متطلبات تمويلية كبيرة وتعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجى ولديها قدر كبير من الدين العام المقوم بالعملة الأجنبية مع احتياطيات منخفضة من النقد الأجنبي”.
ويبدو أن الوصف ينطبق على عدد كبير من الدول خاصة فى قارة أفريقيا، التى ترزح ربع دولها تحت تلال ديون تلتهم خدمتها فقط ما لا يقل عن %20 من ميزانياتها، فى متوسط يتجاوز بكثير حتى البلدان النامية، وفقا لتحليل ويليام جوميد الأستاذ المشارك فى جامعة ويتواترسراند بجنوب أفريقيا.
وتوقع التحليل أن تتخلف العديد من البلدان الأفريقية عن سداد ديونها السيادية خلال الأشهر المقبلة.
4 بلدان مرشحة للانضمام إلى القائمة «سريعا»
aتخلفت 7 دول عن سداد ديونها فى 2022، فى حين تخلفت دولتين حتى الآن فى 2023، وفقا لما نقلته “بيزنس إنسايدر” عن وكالة “موديز” للتصنيف الائتمانى.
وأوضحت الوكالة أن 2022 شهد ارتفاعًا فى حالات التخلف عن سداد السندات السيادية، حيث تعثرت 7 دول هى مالى (تصنيفها Caa2 مع نظرة مستقبلية مستقرة)، وروسيا (تم سحب تصنيفها)، وسريلانكا (Ca مع نظرة مستقبلية مستقرة)، وبيلاروسيا (Ca مع نظرة سالبة) والسلفادور (Caa3 مع نظرة مستقرة) وأوكرانيا ( Ca مع نظرة مستقرة) وغانا (Ca مع نظرة مستقرة).
وتصنيفات C هى أدنى تصنيفات الوكالة التى تتصاعد بالتدريج إلى Caa1 وCaa2 وCaa3 ثم B1 وB2 وB3 ثم Ba1 وBa2 وBa3 ثم Baa1 وBaa2 وBaa3 ثم A1 وA2 وA3 ثم Aa1 وAa2 وAa3 ثم Aaa على القمة.
وقالت الوكالة إن عام 2023 شهد تخلف دولتين عن سداد السندات السيادية حتى الآن وهما الأرجنتين (تصنيفCa مع نظرة مستقرة) وموزمبيق (تصنيف Caa2 مع نظرة إيجابية).
وأوضحت أن المعدل السنوى للتخلف عن سداد السندات السيادية زاد إلى ما يقرب من %5 فى عام 2022، أى أكثر من 5 أضعاف متوسط معدل التخلف عن السداد فى الفترة من 1983 إلى 2022.
وقالت كلير لى نائب الرئيس الأول ومحلل استراتيجية وبحوث الائتمان فى وكالة موديز إن تزايد الضغوط الائتمانية وسط بيئة التشديد النقدية فاقمت أعباء الدول الناشئة وعززت حصة الحكومات السيادية المصنفة بتصنيفات تتراوح بين C إلى Caa التى ترتفع فيها مخاطر التخلف عن السداد.
وبحسب الوكالة لعبت عدة عوامل دورًا حاسمًا فى دفع بعض الاقتصادات إلى شفا أزمة الديون السيادية، لا سيما تداعيات الغزو الروسى لأوكرانيا التى ضربت العديد من البلدان منخفضة الدخل فى وقت لا تزال تعانى فيه من آثار الوباء.
وبالإضافة إلى ذلك، تتصارع الدول المستوردة للطاقة والغذاء مع عبء الأسعار المرتفعة - على الرغم من انحسارها عن ذروتها - مما أدى إلى تفاقم المخاطر الاجتماعية والسياسية.
ويفرض احتمال تباطؤ النمو الاقتصادى والتجارى العالمى فى عام 2023 أيضًا تحديات أمام الحكومات ذات التوجهات التصديرية، فى حين أن الظروف المالية المشددة وتقلبات السوق تعرقل الوصول السريع إلى أسواق الدين بالنسبة للحكومات التى تواجه ضغوطًا ائتمانية، مما يؤدى إلى تفاقم المخاطر التى يواجهونها بالفعل.
ومن المتوقع أيضًا أن تؤدى معدلات الفائدة المرتفعة فى الولايات المتحدة والدولار الذى لا يزال قوياً إلى زيادة تكاليف خدمة الديون على القروض بالعملات الأجنبية، والتى هيمنت على مصادر التمويل فى العديد من الأسواق الناشئة خلال العامين الماضيين.
وأخيرًا ارتفعت تكاليف الدين المحلى بشكل ملحوظ عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، مما أدى إلى ضعف القدرة على تحمل الديون ماديًا وتواجه الحكومات خيارات صعبة فى إدارة الموارد الشحيحة بين الإنفاق الاجتماعى الأساسى وخدمة الدين.
كما تواجه البلدان التى تعتمد بشكل كبير على التمويل بالسندات قصيرة الأجل المزيد من المخاطر لأنها تستبدل الديون المستحقة بإصدارات جديدة من السندات بأسعار الفائدة المرتفعة حاليا.
وقالت الوكالة إن مخاطر التخلف عن السداد مرتفعة أو ترتفع لدى بعض الدول ذات التصنيف المنخفض مثل لاوس (Caa3 مستقر) وتونس (Caa2 سلبي) ونيجيريا (Caa1 مستقر) وباكستان (Caa3 مستقر)، وتتوقع “موديز” أن تواجه هذه الدول تحديات ائتمانية كبيرة جراء الصدمات الخارجية.
ومع ذلك لا تتوقع الوكالة أزمة ديون فى الأسواق الناشئة الكبيرة، حيث أثبت الزخم الاقتصادى فى العديد من بلدان الأسواق الناشئة الكبيرة مرونة أكبر فى مواجهة تشديد البيئة المالية العالمية والمحلية فى العام الماضى.
بسبب الفائدة المرتفعة
800 مليار دولار «دخل ضائع» من البلدان النامية

حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من أن البلدان النامية المثقلة بالديون ستواجه سنوات من المصاعب الاقتصادية الناجمة عن تباطؤ النمو العالمى وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض الاستثمار، الأمر الذى قد يكلفها قرابة 800 مليار دولار من الدخل الضائع.
وبحسب تقرير للمنظمة يتوقع الأونكتاد أن النمو السنوى فى مناطق كبيرة من الاقتصاد العالمى سيكون دون مستويات ما قبل الجائحة خلال 2023.
وأوضح أن أسعار الفائدة المرتفعة مقترنة بمستويات الديون المرتفعة ستزيد من التأثير المدمر على البلدان النامية خلال السنوات القادمة، الذى سيزيد من تفاقم أزمة تكلفة المعيشة ويوطد عدم المساواة فى جميع أنحاء العالم.
أزمة الديون وتباطؤ التنمية
وفقًا للهيئة الأممية فإن ارتفاع أسعار الفائدة سيكلف البلدان النامية أكثر من 800 مليار دولار من الدخل الضائع خلال السنوات القادمة، إذ ترتفع تكاليف خدمة الديون على حساب الاستثمار والإنفاق العام.
فى عام 2022 ارتفعت تكاليف الاقتراض المحسوبة من خلال عائدات السندات السيادية من %5.3 إلى %8.5 فى 68 اقتصاد ناشئ.
وبحسب التقرير فإنه خلال العقد الماضى فاقت تكاليف خدمة الديون الإنفاق العام على الخدمات الأساسية، مع ارتفاع عدد البلدان التى تنفق على خدمة الدين العام الخارجى أكثر من الرعاية الصحية من 34 إلى 62 خلال هذه الفترة.
وأوضح التقرير أن الاستثمار العام فى البلدان النامية سيستمر فى المعاناة إذ تدفع البلدان إلى دائنيها الخارجيين أكثر مما تحصل عليه من القروض الجديدة، وأشارت أونكتاد إلى أن هذا الوضع هو حال 39 بلداً فى عام 2022.
أزمة السيولة
ذكر التقرير أن السيولة الدولية تجف فى الاقتصادات النامية مشيرا إلى أن 81 دولة نامية (باستثناء الصين) خسرت 241 مليار دولار من الاحتياطيات الدولية فى عام 2022.
وبسبب نقص السيولة يحذر الأونكتاد من أن نصف مليار شخص يعيشون فى 37 دولة من المرجح أن تستمر معاناتهم لسنوات قادمة من نظام مالى عالمى غير قادر على الاستجابة بالحجم والسرعة اللازمين لمواجهة الصدمات النظامية التى تؤثر على العالم المتقدم.
أزمة تكلفة المعيشة
سلط التقرير الضوء على استمرار تضخم أسعار الغذاء فى البلدان النامية فى أوائل عام 2023 مما يساهم فى ارتفاع تكاليف المعيشة.
وبحسب أحدث تقييم لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لا تزال أسعار الغذاء العالمية أعلى بنسبة 30 % اليوم مقارنة بالمستوى المتوسط الذى لوحظ فى عام 2020.
وقال كبير الاقتصاديين فى الفاو «ماكسيمو توريرو» إن ارتفاع أسعار الغذاء يعرض الأمن الغذائى للخطر وخاصة فى البلدان النامية المستوردة مع تفاقم الوضع بسبب انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار أو اليورو وتزايد عبء الديون.
وحذر الأونكتاد من أن أسعار الفائدة المرتفعة وأسعار الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة ستضعف إنفاق الأسر والاستثمار فى الأعمال التجارية.
إصلاح هيكل الديون
وتقول أونكتاد إن التركيز العاجل على إصلاح هيكل الديون العالمية مطلوب لتلبية احتياجات البلدان النامية على النحو المناسب ومن بين توصيات الهيئة التجارية للأمم المتحدة إنشاء آلية لتسوية الديون متعددة الأطراف.
ويقول تقرير الأونكتاد إن إصدار حقوق سحب خاصة جديدة بقيمة 650 مليار دولار على الأقل سيكون خطوة أولى إيجابية فى المساعدة على تخفيف أعباء الديون الثقيلة التى تعرض التنمية للخطر.
«خدمة الديون» تجرد إفريقيا من «دروع الطوارئ»
تعانى البلدان الإفريقية من مديونيات ثقيلة وارتفاعا فى التزامات خدمة الديون، الأمر الذى يؤدى إلى إجهاد المالية العامة بشكل متزايد، ويتركها دون غطاء مالى فى مواجهة حالات الطوارئ.
وبحسب تحليل لويليام جوميد الأستاذ المشارك فى جامعة ويتواترسراند بجنوب إفريقيا، فإن البلدان الإفريقية لديها قدرة أقل على الوصول إلى رأس المال الدولى بسبب مستويات الديون المرتفعة، علاوة على ارتفاع تكاليف الاقتراض وعدم استقرار العملة.
وأوضح أن جائحة كوفيد والغزو الروسى لأوكرانيا كان لهما تأثير سلبى على الاقتصادات الغربية أيضًا، وبالتالى فإن الأموال التى ربما كانت تخصص فى الماضى لتخفيف عبء الديون الأفريقية يتم توجيهها الآن إلى أوكرانيا.
كما شددت البنوك المركزية الغربية سياساتها النقدية لمواجهة التضخم عبر رفع أسعار الفائدة، مما جعل الاقتراض من الخارج أكثر تكلفة بالنسبة للدول الإفريقية.
وفقا للتحليل تعانى العديد من البلدان الإفريقية من ارتفاع نسب الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى، إذ تبلغ فى موزمبيق %133.6 وأنجولا %103.7 وزامبيا %101 وغانا %83.5 ورواندا %74.8.
وعلى الرغم من أن بعض كبار الدائنين الغربيين شطبوا بعض الديون المستحقة على البلدان الإفريقية فى منتصف التسعينيات، إلا أنها ارتفعت مرة أخرى إلى مستويات الحرب الباردة.
وأرجع التحليل ارتفاع مستويات الديون الإفريقية إلى تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية وسوء الإدارة.
وتوقع التحليل أن تتخلف العديد من البلدان الإفريقية عن سداد ديونها السيادية خلال الأشهر المقبلة، مثل حالة زامبيا فى عام 2020 عندما عجزت عن سداد سندات دولية بقيمة 42.5 مليون دولار.
وخلافا للماضى عندما كانت البلدان الإفريقية تعانى من ديون لمؤسسات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وكذلك القوى الاستعمارية السابقة ، فهى الآن تعانى من ديون بمبالغ كبيرة للمقرضين من القطاع الخاص، وبنوك التنمية فى البلدان الصناعية ، علاوة على الصين.
وأوضح التحليل أن أكثر من %40 من الديون الإفريقية مستحقة لدائنين من القطاع الخاص، و%33 لدائنين متعددى الأطراف و%27 لدائنين ثنائيين.
وأشار التحليل إلى أن موريشيوس وزامبيا تدينان بأكثر من %40 من ديونهما السيادية لمقرضين من القطاع الخاص.
وقبل جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية كان على الدول الإفريقية مثل أنجولا وزيمبابوى وزامبيا وموزمبيق أعباء ديون يصعب السيطرة عليها لصالح الصين.
وبحسب التحليل تعد أنجولا أكبر مدين للصين، بديون تبلغ 20.1 مليار دولار تمثل %34 من إجمالى الديون المستحقة للصين لدى 72 دولة من أقل البلدان نمواً.
وأوضح التحليل أن غالبية ديون البلدان الإفريقية هى ديون ثنائية وتجارية وغير ميسرة.
يشار إلى أنه فى عام 020، أطلقت المؤسسات الدولية متعددة الأطراف مبادرة جديدة لمعالجة ديون إفريقيا فى مرحلة ما بعد الجائحة.
واتفقت لجنة التنمية بالبنك الدولى ووزراء مالية مجموعة العشرين على مبادرة جديدة لتعليق خدمة الديون، والتى تغطى 40 دولة إفريقية من أقل البلدان نموا، ولم تقلل هذه المبادرة من الديون الجديدة على البلدان الأفريقية، لكنها أجلت السداد لأكثر من عام حتى يونيو 2021.
وإجمالا كانت 73 دولة بما فى ذلك 40 دولة إفريقية مؤهلة للحصول على هذه الميزة ، والتى تم دعمها من قبل صندوق النقد الدولى.
ظهور مزدوج للعرب
طوفان التعثر..9 بلدان مرشحة لأزمات متزامنة

أدى التضخم المتزايد وارتفاع تكاليف الاقتراض والدولار القوى إلى جعل سداد القروض وتدبير التمويلات أكثر تكلفة لعشرات الدول النامية، ما دفع العديد منها إلى التخلف عن السداد العام الماضى، بحسب تحليل لوكالة رويترز.
وركز تحليل رويترز على 9 دول يرجح أن تشهد أزمات تعثر متزامنة فى الأشهر المقبلة.
«السلفادور»
تغلبت السلفادور على عقبة سداد سندات بقيمة 600 مليون دولار فى يناير الماضى حيث تمتلك الدولة الواقعة فى أمريكا الوسطى ما يقرب من 6.4 مليار دولار من سندات اليورو المستحقة.
وعلى الرغم من أن الدفعة التالية تستحق فى 2025 إلا أن المخاوف بشأن تكاليف خدمة الديون المرتفعة فى السلفادور وخططها التمويلية وسياساتها المالية دفعت سنداتها إلى منطقة شديدة الانهيار.
وقد أدى تحرك البلاد لجعل البيتكوين عملة قانونية فى سبتمبر 2021 إلى غلق الباب أمام تمويل صندوق النقد الدولى.
ومع ذلك اعترف صندوق النقد لاحقا بأن المخاطر المتعلقة بتبنى السلفادور لعملة البيتكوين لم تتحقق.
«غانا»
تمر غانا بأسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل إذ أنفقت أكثر من %40 من الإيرادات الحكومية على مدفوعات الدين العام الماضى.
وفى ديسمبر الماضى أبرمت اتفاقية بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولى، على الرغم من أنها لا تزال بحاجة إلى الحصول على ضمانات تمويل من المقرضين الثنائيين للتوصل إلى الاتفاق النهائى.
وتوصلت الدولة التى تنتج الكاكاو والذهب والنفط بالفعل إلى اتفاق لإلغاء الديون المحلية، وبدأت مؤخرا محادثات الديون الرسمية مع حاملى السندات الدوليين.
«لبنان»
بدأ النظام المالى فى الانهيار فى 2019 بعد عقود من سوء الإدارة وفى أوائل عام 2020 حدث الانهيار.
ومنذ 31 أكتوبر الماضى يعانى لبنان بسبب عدم وجود رئيس للدولة وحكومة كاملة الصلاحيات.
وفى أبريل 2022 توصل لبنان إلى اتفاق مؤقت مع صندوق النقد الدولى بقيمة 3 مليارات دولار، لكن الصندوق حذر مؤخرًا من أن لبنان فى وضع خطير للغاية بسبب تأخر مجموعة من الإصلاحات، بما فى ذلك إصلاحات البنوك وأسعار الصرف.
وقد خفضت بيروت سعر الصرف الرسمى لأول مرة منذ 25 عاما فى فبراير، وفى الشهر الماضى قال البنك المركزى إنه سيبدأ بيع كميات غير محدودة من الدولارات الأمريكية لوقف الانخفاض المتزايد فى قيمة العملة.
«ملاوى»
تعانى ملاوى من نقص فى العملات الأجنبية وعجز فى الموازنة يبلغ حوالى 1.32 تريليون كواتشا (1.30 مليار دولار)، أو 8.7 % من الناتج المحلى الإجمالى.
وتحاول الدولة الواقعة فى جنوب إفريقيا والتى تعتمد على المانحين إعادة هيكلة ديونها من أجل تأمين المزيد من التمويل من صندوق النقد الدولى، الذى وافق على تمويل طارئ فى نوفمبر.
«باكستان»
أدت الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى استمرت لأشهر والتى تفاقمت بسبب الفيضانات المدمرة العام الماضى والتضخم الذى سجل رقما قياسيا إلى وضع باكستان فى منطقة الخطر.
وافقت الصين على إعادة تمويل 1.8 مليار دولار تم إيداعها فى البنك المركزى الباكستانى، وقامت الشهر الماضى بإعادة هيكلة أكثر من مليارى دولار قرضًا كان مستحقًا فى وقت سابق من شهر مارس، مما أنقذ البلاد خلال أزمة ميزان المدفوعات الحادة.
لكن المحادثات مع صندوق النقد الدولى بشأن شريحة قرض مؤجلة بقيمة 1.1 مليار دولار، وهى جزء من خطة إنقاذ بقيمة 6.5 مليار تم الاتفاق عليها فى 2019 و طال أمدها وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبى لتغطى أقل من أربعة أسابيع من الواردات.
«تونس»
يمر الاقتصاد التونسى المعتمد على السياحة بأزمة أدت إلى نقص فى المواد الغذائية الأساسية.
وقد توقف قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 1.9 مليار دولار منذ شهور، وتمثل الديون الداخلية النسبة الغالبة من الديون، لكن أقساط سداد القروض الأجنبية تستحق فى وقت لاحق من هذا العام.
وبحسب وكالات التصنيف الائتمانى فإن تونس من المحتمل أن تتخلف عن السداد.
«سريلانكا»
تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية العام الماضى، وقد يساعد توقيع صندوق النقد الدولى على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار الشهر الماضى الجزيرة الواقعة فى جنوب آسيا على تأمين دعم إضافى بنحو 4 مليارات دولار من البنك الدولى وبنك التنمية الآسيوى ومقرضين آخرين.
ويهدف المسؤولون الحكوميون إلى استكمال محادثات إعادة هيكلة الديون بحلول سبتمبر.
«أوكرانيا»
تلقت أوكرانيا حديثا الدفعة الأولى التى تبلغ 2.7 مليار دولار فى إطار برنامج قرض من صندوق النقد الدولى مدته أربع سنوات بقيمة 15.6 مليار دولار. وتمثل الدفعة جزء من حزمة دعم عالمية أكبر بقيمة 115 مليار دولار.
وقد أجلت أوكرانيا جميع مدفوعات الديون العام الماضى فى أعقاب الغزو الروسى وإذا استقر الوضع ستحتاج إلى إعادة هيكلة قروضها.
ويقدر صندوق النقد الدولى أن أوكرانيا تحتاج ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار شهريًا لتسيير الأمور فى البلاد.
ومن المتوقع أن تكلف إعادة بناء الاقتصاد الأوكرانى 411 مليار دولار وفقًا لتقرير حديث صادر عن البنك الدولى وآخرون.
«زامبيا»
تعتبر زامبيا أول دولة إفريقية تتخلف عن السداد خلال فترة الجائحة كما ينظر إليها على أنها تمثل اختبارا أساسيا لمبادرة الإطار المشترك لمجموعة العشرين التى تم إنشائها أثناء الجائحة لتبسيط إعادة هيكلة الديون.
لكن المحادثات كانت بطيئة بشكل ملحوظ، وقفز الدين الخارجى للبلاد إلى 18.6 مليار دولار، وألقى المسؤولون الغربيون باللوم على الصين أكبر مقرض ثنائى لها وهو أمر تعارضه الصين.
وانخفضت عملة زامبيا الكواتشا بأكثر من %10 مقابل الدولار الأمريكى هذا العام، وهو ما قال عنه البنك المركزى إنه يزيد التضخم.
الصين تقاوم ضغوط إعفاء الاقتصادات الفقيرة
تتزايد الضغوط من كبار صانعى السياسة الدوليين على الصين لتقديم تنازلات بشأن إعادة هيكلة مئات المليارات من الدولارات من الديون المستحقة على الدول الفقيرة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز “ الأمريكية أن الصين قدمت أكثر من نصف تريليون دولار للدول النامية عبر برنامج الإقراض مما يجعلها واحدة من أكبر الدائنين فى العالم.
وبحسب الصحيفة فإن الولايات المتحدة إلى جانب دول غربية أخرى كانت تضغط على الصين للسماح لبعض هذه الدول بإعادة هيكلة ديونها وخفض المبالغ المستحقة عليها.
لكن منذ أكثر من عامين أصرت الصين على أن الدائنين الآخرين والمقرضين متعددى الأطراف يجب أن يتحملوا الخسائر المالية كجزء من أى عملية إعادة هيكلة.
واوضحت الصحيفة أن الاقتصاديين وخبراء التنمية يراقبون بعناية ما إذا كانت الصين جادة بشأن تخفيف أزمة الإعفاء من الديون وما إذا كانت تصريحاتها سيتبعها إجراء عملى.
وبحسب بعض الحسابات فإن البلدان الفقيرة مدينة بحوالى 200 مليار دولار للدول الغنية وبنوك التنمية متعددة الأطراف والدائنين من القطاع الخاص.
وفقا للصحيفة كان قادة الاقتصادات المتقدمة فى العالم يتناقشون فى الأشهر الأخيرة حول كيفية تجنب الأزمات المالية فى الأسواق المضطربة مثل زامبيا وسريلانكا وغانا.
وفقًا لمعهد تشاتام هاوس للسياسات فى لندن، ارتفع الدين الخارجى الخاص والعام لأفريقيا بأكثر من خمسة أضعاف خلال العقدين الماضيين إلى حوالى 700 مليار دولار ويمثل المقرضون الصينيون %12 من هذا الإجمالى.
وقدر باحثون أن 61 من اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تواجه أزمة ديون وأنه يجب إعادة هيكلة أكثر من 800 مليار دولار من الديون.
وقال إسوار براساد الرئيس السابق لقسم الصين فى صندوق النقد الدولى :”تواجه الصين ضغوطًا متزايدة كل ثلاثة أشهر بما فى ذلك من اقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى للعب دور أكثر إيجابية فى المفاوضات حول إعادة هيكلة الديون”.
وأوضحت الصحيفة أن هناك مؤشرات على أن الصين مستعدة لإنهاء تلك الحالة حيث اجتمع كبار المسؤولين الاقتصاديين من جميع أنحاء العالم فى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
وأعرب المشاركون عن تفاؤلهم بأن ممثلين من بكين أبدوا استعدادا للتراجع عن إصرارها على تحمل المقرضين متعددى الأطراف مثل البنك الدولى الخسائر الناجمة عن إعادة هيكلة الديون.
ولإعادة هيكلة ديون بلد ما يجب أن يوافق الدائنون على مزيج من خفض سعر الفائدة على القرض أو تمديد المدة أو شطب جزء من المبلغ المستحق.
وأوضحت الصحيفة أن الصين التى واجهت مجموعة من التحديات الاقتصادية المحلية على مدى السنوات الثلاث الماضية كانت مترددة فى تحمل خسائر الديون ودفعت مقرضين آخرين مثل البنك الدولى إلى تحمل الخسائر.
وأشارت الصحيفة إلى أن زامبيا تعثرت فى عام 2020 وتحاول إعادة هيكلة 8.4 مليار دولار تدين بها من خلال برنامج أنشأته مجموعة العشرين،وهى مدينة بنحو 6 مليارات دولار لمقرضين صينيين ، ويقترب إجمالى ديونها للمقرضين الأجانب من 20 مليار دولار.
قال سيتومبيكو موسوكوتوانى وزير المالية الزامبى لصحيفة نيويورك تايمز: “زامبيا بحاجة ماسة إلى تخفيف عبء الديون، “التأخير فى إعادة هيكلة الديون يضع عملتنا تحت الضغط ، ويستبعد زامبيا من أسواق رأس المال ويجعل من الصعب جذب الاستثمار الأجنبى المباشر الذى تشتد الحاجة إليه”.
ناشدت غانا دول مجموعة العشرين هذا العام تخفيف أعباء الديون من خلال برنامج ناشئ يُعرف باسم الإطار المشترك بعد الحصول على موافقة مبدئية على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولى.
ويتوقف الحصول على هذه الأموال على تلقى غانا تأكيدات بأنها تستطيع إعادة هيكلة قرابة 30 مليار دولار تدين بها لمقرضين أجانب.
واجتمع مسؤولون من غانا مع نظرائهم الصينيين بشأن إعادة هيكلة مليارى دولار مستحقة للصين.
وأعرب وزير المالية الغانى مؤخرا عن أسفه لأن 33 دولة أفريقية مثقلة بمدفوعات فوائد الديون التى اقتربت أو تجاوزت ما أنفقته حكوماتها على الصحة والتعليم ، وأعرب عن خيبة أمله من أن الاقتصادات المتقدمة كانت بطيئة فى المساعدة.
قال براد سيتسر الزميل البارز فى مجلس العلاقات الخارجية إنه ليس من الواضح ما هى الشروط المالية التى ستقبلها بكين عند إعادة هيكلة الديون ، لكن يبدو أنها تتخذ خطوة إيجابية.
قال ياكوف أرنوبولين مدير محفظة الأسواق الناشئة فى بيمكو: “بدأنا نرى بعض المرونة من جانب الصين بشأن موقفها من إعادة هيكلة الديون السيادية ، لكن التعقيدات كثيرة”، مضيفا “على المدى القريب ، لا نتوقع حلاً واضحًا بشأن استعداد الصين لتحمل الخسائر”.
كان تردد الصين مصدرًا للتوتر مع الولايات المتحدة ، التى أعربت عن قلقها من أن شروط الإقراض المرهقة لبكين ورفضها إعادة التفاوض قد ضاعف المشاكل المالية التى تواجهها البلدان النامية.
قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إنها ستواصل الضغط على نظرائها الصينيين لتحسين عملية إعادة الهيكلة ، لكنها شعرت بالتشجيع لأن الصين أعربت مؤخرًا عن استعدادها لمساعدة سريلانكا فى إعادة هيكلة ديونها.
قال أشخاص مطلعون على السياسة الاقتصادية الصينية إن السياسات المحلية جعلت من الصعب على الصين اتخاذ قرارات صعبة فى الخريف الماضى وخلال الشتاء بشأن قبول الخسائر المحتملة على قروضها.
قال مراقبون إن الصين مستعدة الآن للتركيز على معالجة مجموعة واسعة من القضايا الاقتصادية ، بما فى ذلك الديون الدولية، ومع ذلك لا تزال بكين تواجه تحديات أخرى قد تحد من رغبتها فى التفاوض ، بما فى ذلك نظام مصرفى تجارى يواجه خسائر فادحة فى قروض مطورى العقارات ولا يريد تحمل خسائر كبيرة على قروض الدول النامية فى نفس الوقت.
ميراث الجائحة.. 30 مليار دولار «فائدة مستحقة» فى 2024
ستبلغ مدفوعات السندات الدولية ذات العائد المرتفع فى الأسواق الناشئة 30 مليار دولار في عام 2024، وهى زيادة حادة مقارنة بمبلغ 8.4 مليار دولار للفترة المتبقية من العام الحالى.
وحسب رويترز فإن العديد من الاقتصادات الأضعف اجتازت تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا عبر الحصول على تمويل من المقرضين متعددي الأطراف والثنائيين.
وقال جيمس ويلسون الخبير الاستراتيجي السيادي للأسواق الناشئة لدى ING: “إن قضاء فترة أطول دون الوصول إلى أسواق الديون سيكون مصدر قلق بالنسبة للدول ذات التصنيف الائتماني المنخفض فى الأسواق الناشئة”.
وبحسب التقرير لم تكن الاستفادة من أسواق الديون الدولية مشكلة بالنسبة لبعض الاقتصادات الناشئة إذ بلغ الإصدار السيادي مستوى قياسيًا حتى الآن هذا العام.
ومع ذلك قال ثايز لاو مدير محفظة لدى “ناينتى وان” ومقرها لندن إن دولًا مثل تونس وكينيا وباكستان سوف تحتاج إلى إيجاد مصادر بديلة للتمويل إذا لم يُفتح لها السوق مجددًا”.
وقال ميرفيل باجا محلل الائتمان السيادي في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى بنك أوف أمريكا إن المستثمرين قلقون بشأن مخاطر إعادة التمويل لسندات كينيا البالغة قيمتها ملياري دولار والتي تستحق في يونيو 2024.

وقال باجا لرويترز “السوق تتوقع تقديم المزيد من الحلول سواء عبر صندوق النقد الدولي أو قرض خارجي أو قرض مشترك بقيمة مليار دولار.”
وأشار التقرير إلى أن تونس توصلت في أكتوبر إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن خطة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن الرئيس التونسي قيس سعيد أبدى مؤخرًا رفضه حتى الآن لشروط البرنامج المتعثر.
أما إثيوبيا التي تتفاوض حاليًا مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويلى فلديها إصدار سندات دولية بقيمة مليار دولار تستحق في عام 2024، ويعرض المستثمرون بالفعل تمديد آجال الاستحقاق.
وذكر التقرير أن سريلانكا وزامبيا وغانا تخلفت عن سداد ديونها الخارجية وتعمل هذه الدول على إعادة هيكلة الديون مع الدائنين وإن كان ذلك يسير ببطء.
وفقًا لتقرير ING تمتلك البحرين احتياطيات محدودة مع احتياجات إعادة تمويل كبيرة لكن الدعم القوي من أقرانها مثل المملكة العربية السعودية يخفف بعضًا من هذه المخاطر.
في تونس وباكستان سيكون استكمال برنامج صندوق النقد الدولي خطوة مهمة لتجنب التخلف عن السداد لأن ذلك من شأنه أن يطلق العنان للتمويل الثنائي والمتعدد الأطراف وفقا للتقرير.
وبحسب التقرير من المفترض أن يساعد ضعف الدولار الأمريكي البلدان على الاستفادة من الأسواق الدولية على المدى المتوسط، لكن البيانات الأخيرة زادت المخاوف من أن سياسات الاحتياطى الفيدرالى المتشددة قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود.
