«البنوك الخاصة» تتسابق على طرح شهادات مرتفعة العائد

وجدت البنوك الخاصة العاملة فى السوق المصرية نفسها فى خضم منافسة شرسة مع البنوك الحكومية الكبرى، بعدما قامت الأخيرة بطرح شهادات وأوعية ادخارية بعوائد مرتفعة.

Ad

وجدت البنوك الخاصة العاملة فى السوق المصرية نفسها فى خضم منافسة شرسة مع البنوك الحكومية الكبرى، بعدما قامت الأخيرة بطرح شهادات وأوعية ادخارية بعوائد مرتفعة.

فبعد قرار لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى فى اجتماعها المنعقد الخميس 30 مارس الماضى برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.25%، 19.25% و18.75% على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75%، سارع بنكا الأهلى ومصر بطرح شهادتى ادخار لمدة 3 سنوات بفائدة 19% ثابتة، و22% متناقصة.

تبعهما البنك التجارى الدولى ليطرح شهادة ادخارية جديدة تحت اسم «Wealth» لمدة 3 سنوات بعائد 22% يُصرف شهريًّا.

والتحق البنك الزراعى المصرى بالركب وطرح شهادة الخير الجديدة بالجنيه المصرى لمدة ثلاثة أعوام، بعائد 19% يصرف شهريًّا، وبعائد 19.5% يصرف سنويًّا.

وأدلى بنك الاستثمار العربى هو الآخر بدلوه فى خضم هذه المنافسة، وقرر رفع أسعار الفائدة على الإصدارات الجديدة من شهادة الادخار الثلاثية ذات العائد ثابت حتى 18% سنويًّا.

وذكر البنك على الموقع الإلكترونى أن العائد على الشهادة 17.25% بدورية صرف شهرية، و17.5% بدورية صرف ربع سنوية، و18% يٌصرف سنويًّا.

وأصدر بنك القاهرة شهادة بريمو جولد الثلاثية بعائد متناقص 22% أو بعائد ثابت 19%.

وطرح البنك المصرى لتنمية الصادرات شهادة ادخار ثلاثية ذات عائد ثابت للأفراد بفائدة 19% سنويًّا.

وتعطى الشهادة عائدًا شهريًّا على الشهادة الثلاثية 18%، كما تمنح عائدًا ربع سنوى يبلغ 18.5%، وعائدًا نصف سنوى 18.75%، وعائدًا سنويًّا 19%.

لكن حِدة المنافسة لم تكن هى السبب الرئيسى الذى دفع هذه البنوك الخاصة (وبعضها صغير الحجم) إلى طرح هذه الشهادات وإنما كان نقص السيولة كذلك.

ففى حين يبلغ حجم ودائع البنك الأهلى المصرى نحو 2.8 تريليون جنيه، و بنك مصر نحو 1.5 تريليون، فهناك بنك الاستثمار العربى الذى لم يتجاوز حجم ودائعه 44.49 مليار جنيه، والبنك المصرى لتنمية الصادرات الذى تقدر ودائعه بنحو 72.68 مليار، وطرح كلاهما شهادات ادخار بعوائد 18% و19% على التوالى.

وهناك أيضًا بنك البركة الذى سجلت ودائعه وفقًا لأحدث قوائمه المالية نحو 74.32 مليار جنيه، وقريبًا منه بنك أبو ظبى التجارى بحجم ودائع يقدر بحوالى 75.49 مليار ، وأعلى منهما البنك الزراعى المصرى الذى يقدر حجم ودائع عملائه بنحو 141.24 مليار .

ولم يقترب من البنوك الثلاثة الكبرى (الأهلي، مصر، القاهرة) فى حجم الودائع سوى بنكى قطر الوطنى والبنك التجارى الدولي، 406.24 مليار جنيه و531.616 مليار على التوالى.

المنافسة وسحب السيولة

أيمن ياسين الخبير المصرفى يرى أنه كان من المنطقى أن تلجأ البنوك الخاصة، وبالأحرى كل البنوك العاملة فى السوق، إلى الإقدام على هذه الخطوة، خاصة أن البنكين الكبيرين سحبا جزءًا كبيرًا من السوق، بل حدثت هجرة لعملاء البنوك الصغيرة والمتوسطة إلى هذين البنكين، ومن ثم كان لا بد من أخذ رد فعل، وهو الذى حدث عن طريق طرح شهادات وأوعية ادخارية مرتفعة العائد.

وجذب بنكا الأهلى المصرى ومصر نحو 67 مليار جنيه من شهادات الادخار ذات العائد 19% و22% (متناقص)، وكان البنكان الكبيران قد جمعا نحو 460 مليار جنيه من شهادات 25% التى تم وقف العمل بها نهاية يناير الماضى.

أذون الخزانة كمسار بديل

وذكر أيمن ياسين، الخبير المصرفى، أن البنوك الخاصة تكبدت عناء التكلفة المرتفعة لأنها تريد الاستمرار والتوسع، لافتًا إلى أن المسار الذى انتهجته هذه البنوك لتعويض التكلفة والحصول على هامش ربح كان الإقراض بعائد أعلى من سعر الكوريدور (سعر الإيداع والخصم فى البنك المركزي)، ثم الاستثمار فى أذون الخزانة.

وتعرَّف أذون الخزانة بكونها أداة دَين حكومية تَصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة، لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.

بلغت محفظة الأوراق المالية والاستثمارات فى أذون الخزانة نحو 4.428 تريليون جنيه بنهاية العام الماضي، حسب بيانات البنك المركزى.

وقبلت وزارة المالية، حسب بيانات المزاد المنشورة على موقع البنك المركزى، بمعدل فائدة 23.202% لأذون الخزانة لأجل 364 يوم، و23.123% لأجل 182 يوم، و20.942% لأجل 91 يومًا، و23.059% لأجل 273 يومًا.

وعزّزت البنوك من محافظ استثمارها فى أذون الخزانة إذ سجلت محفظة بنك قطر الوطنى مصر فى نحو 68.366 مليار جنيه،

فيما سجلت المحفظة فى البنك التجارى الدولى نحو 59.146 مليار، وفى أبو ظبى التجارى مصر سجلت 25.533 مليار، و4.172 مليار فى البنك المصرى لتنمية الصادرات، ونحو 7.162 مليار فى بنك البركة وذلك وفقًا لأحدث القوائم المالية لهذه البنوك.

نسب التوظيف والاحتياج للسيولة

من جانبها ترى منى بدير محلل الاقتصاد الكلى أنه كلما زادت نسب التوظيف فى البنوك (أى نسبة القروض للودائع) كلما كانت هذه البنوك فى حاجة للسيولة، وهو الذى تتمكن من توفيره عبر عدة مسارات من بينها تعزيز حجم ودائعها من خلال طرح شهادات وأوعية ادخار مرتفعة العائد.

وعلى الرغم من أن نسب التوظيف فى القطاع المصرفى تشهد تراجعًا خلال الفترة الأخيرة، فقد سجلت نحو 50.7% فى يونيو 2021، لتنخفض إلى 48.5% فى يونيو 2022، إلا أن المسألة تخضع لحسابات كل بنك على حدة، ونسب التوظيف لديه، ومدى حاجته للودائع.

وأشارت «بدير» إلى أن المنافسة بين البنوك الخاصة (متوسطة وصغيرة الحجم) والبنوك الكبرى موجودة بالفعل، والتحدى الأساسى هنا يتمثل فى القدرة على اجتذاب ودائع جديدة من خارج القطاع المصرفى.

ولفتت إلى أن هناك ودائع خرجت من هذه البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم وذهبت إلى بنكى الأهلى ومصر، ومن ثم كان لا بد أن تدافع هذه البنوك عن تواجدها وأن تحافظ على قواعد عملائها من التآكل.

واتفق معها صبرى البندارى رئيس قطاع الاستثمار فى بنك فيصل سابقًا فى أن نقص السيولة والتوسع فى التوظيف قد يكونا هما السببين اللذين دفعتهما البنوك الخاصة العاملة فى السوق المصرية لتكبد عناء طرح هذه الشهادات المرتفعة العائد.

وأكد أن هذه البنوك تحاول الحفاظ على تواجدها فى السوق، مبينًا أنه كلما ارتفعت نسب التوظيف فى بنك من البنوك كان ذلك دافعًا له للتوسع فى استقطاب الودائع.