قال خبراء سوق المال إن برنامج الحكومة الحالى بطرح نسبة من الشركات فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى هو الحل الأفضل وسط الظروف الاقتصادية الجارية، فيما اختلفت الآراء حول ما إذا كانت مجبرة على البيع بسعر أقل لسد الفجوة الدولارية أو لديها حرية اختيار القيمة الأنسب للكيانات المطروحة.
وكان مجلس الوزراء المصرى أعلن فى وقت سابق من العام الجارى عن برنامج الحكومة بطرح 32 شركة بالبورصة المصرية أو لمستثمر استراتيجى أو كلاهما حتى نهاية الربع الأول من عام 2024.
وقال إيهاب السعيد خبير سوق المال إنه فى ظل المعارضة الشعبية وعدم تفهم ما يعنيه تخارج الدولة وفتح مجال أكبر للقطاع الخاص فمن الصعب تطبيق طرح شركات بالكامل مثلما حدث قبل 2011 حينما طرحت عدد من الشركات.
وأضاف أن الدولة تبرر عمليات البيع عن طريق طرح نسبة من الشركات وتبقى النسبة الحاكمة لها لكن من المفترض أن تكون النسبة الحاكمة فى يد القطاع الخاص إذ يسعى دائمًا للحصول على النسبة الأعلى للتحكم فى إدارتها.
وأشار عضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق إلى أن الحكومة ستدر العائد المستهدف من البرنامج إذا كانت الكيانات المطروحة تحقق ربحية غير عادية لكى تجد من يشتريها.
وأوضح أنه كانت هناك نداءات للحكومة سابقًا بأن تطرح للمستثمر نسبة بنحو %51 لتعطيه حق الإدارة وإلا سيعزف عن الشراء، وما دون ذلك سيكون الحل الوحيد هو أن تكون ربحية الشركات المطروحة كبيرة وهذه الكيانات عددها قليل.
إيهاب السعيد: الدولة مجبرة على البيع بسعر أقل نظرًا لحاجتها للعملة الأجنبية
وأشار إلى أن الدولة مجبرة على طرح الشركات للبيع بسعر أقل نظرًا لحاجتها للعملة الاجنبية، مشيرًا إلى أن الشركات المطروحة إذا كان تم التبكير ببيعها فى فترة 2016 كانت قد حققت سعرا أعلى من الحالى بثلاثة أضعاف.
وأضاف أن جائحة كورونا كانت الفترة التى من المفترض أن يتم الطرح بها بسبب تهيؤ الظروف نتيجة الإغلاق الكامل الذى تبنته الدول حينها بالإضافة لوجود سيولة فى السوق.
وتابع أن الظروف الحالية على الصعيدين العالمى والمحلى تبخس من سعر الشركات مما لو كانت عليه فى السنوات الست السابقة.
سعيد الفقى: التوقيت المناسب والتسعير العادل والتسويق الجيد عوامل النجاح
فيما قال سعيد الفقى العضو المنتدب بشركة أصول القابضة إن نجاح أى طرح يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية هى التوقيت المناسب والسعر العادل بالإضافة للتسويق الجيد من قبل المتخصصين لإدارة العملية بشكل احترافى داخليًا وخارجيًا.
وأوضح الفقى أن التوقيت المناسب للطرح يلازمه زخم شرائى وسيولة كبيرة فى السوق بالإضافة إلى اتجاه صاعد للبورصة.
وأشار إلى أن المحور الثانى المتمثل فى السعر العادل للطرح يعبر عن قيمة السهم الذى سيتم الطرح من خلاله على أن يحقق فائدة للطرفين (الشركة والمستثمر)، موضحًا أنه إذا كان السعر مغالى فيه فإن المستثمر لن يستطيع تحقيق ربح وبالتالى سيمثل عائقًا أمام الطروحات القادمة.
وتابع أنه إذا كان السعر عادل ستحقق الشركات فائدة من خلال السيولة التى سيتم توفيرها ومن ثم تبدأ توسيع نشاطها من موارد إنتاجها، وستدر عائدًا على المستثمر.
وقال الفقى إن عملية طرح الشركات بشكل كلى أو جزئى لن تشكل فارقًا لدى المستثمر والذى يهمه الشركة نفسها ونتائج أعمالها.
وأوضح أنه متى توافرت الشروط الثلاثة المذكورة فإنها ستحقق نجاحًا لبرنامج الطروحات سواء كانت بشكل كامل أو بنسبة منها، مشيرًا إلى أن السوق شهدت تجارب سابقة كثيرة مثل طرح المصرية للاتصالات منذ 17 عامًا الذى كان له إدارة جيدة وتوقيت مناسب جذبت نحو مليون مستثمر جديد.
وأفاد الفقى أن الحكومة لديها حرية اختيار السعر المناسب وليست مجبرة عليه لسد الفجوة الدولارية التى لديها وفقًا للجنة التقييم التى تحدد السعر العادل والذى من المفترض أن يكون بشكل عاجل بحيث لا يكون مغالى فيه أو بخس، لكى تحافظ على مواردها ومن جانب آخر يجد المستثمر طرحًا يحقق منه ربحًا.
وشدد على أنه إذا تمت مراعاة المحاور الثلاثة سينجح البرنامج وسيكون مرآة للطروحات القادمة.
وقالت رانيا يعقوب رئيس مجلس إدارة شركة «ثرى واى» لتداول الأوراق المالية إنه لابد من إيضاح الفارق بين الطرح لمستثمر استراتيجى والطرح فى البورصة حتى يتسنى لنا الحديث عن البرنامج وعن الطريقة الأفضل للطرح.
وأفادت يعقوب أن المستثمر الاستراتيجى هو الذى يعمل فى قطاع ما بهدف الاستثمار على المدى الطويل ويفضل الاستحواذ على النسبة الحاكمة لتطوير أداء الشركة من خلال رؤية جديدة عن طريق إمكانياته وقدراته.
فيما أوضحت أن المستثمر الرئيسى قد يتمثل فى صندوق يحاول اقتناص الفرصة الحالية ليستثمر بها على المدى الأطول ولكن ليس لديه أى اهتمام للحصول على الحصة الحاكمة.
وعلى صعيد آخر قالت إن الهدف الأساسى من الطرح فى البورصة هو توسيع قاعدة الملكية وجذب المستثمرين بعد تخارج الطرف الآخر من الكيانات المطروحة.
وأكدت يعقوب أن الحكومة المصرية غير مجبرة على بيع حصصها فى الكيانات المطروحة بأى سعر وإنما تدخل فى مفاوضات للحصول على العائد المناسب نظرًا لعلمها بقيمة تلك الأصول مثلما حدث فى كل من «المصرف المتحد» و«المصرية للاتصالات».
وأضافت يعقوب أن هناك أزمة طاحنة على مستوى العالم تتعرض لها الدول الصناعية الكبرى والاقتصادات الأوروبية والأمريكية، موضحة أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة من الركود وتتعرض لإفلاس فى القطاع المصرفى وقطاع التكنولوجيا خلال الفترة الحالية، وبالتالى فإن اقتصادات الدول الناشئة تقع تحت ضغوط وتحديات أكبر.
رانيا يعقوب: الأصول قوية لذلك تحاول الحكومة الحفاظ على قيمتها
وتابعت أن الأصول المطروحة من قبل الحكومة ذات نتائج أعمال قوية للغاية لذا تحاول الحفاظ على قيمتها، مشيرة إلى أن الدولة تتخارج وتفسح المجال للقطاع الخاص ضمن استراتيجيتها بالإضافة لجذب شرائح مختلفة من المستثمرين وليس الحصول على العائد فقط.
وعلى النقيض قال ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية إن الهدف من طرح الحكومة 32 شركة هو جمع نحو 2 مليار دولار وأن المعضلة ليست فى عدد الكيانات المطروحة أو الطريقة التى ستتم بها سواء بالكامل أو نسبة منها إنما الوصول للعائد من البرنامج وهو الجزء المتبقى لإتمام برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف عمارة أن الحكومة كانت تدرس تعديل البرنامج عن طريق إضافة شركات جديدة مثل بنك «تنمية الصادرات» وبالتالى فعدد الشركات ليست معضلة بالنسبة لعملية الطرح.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت فى تصريحات خاصة لـ«المال» عن أنه جار دراسة إمكانية ضم البنك المصرى لتنمية الصادرات لبرنامج الطروحات الحكومية خلال الفترة المقبلة.
وأوضح عمارة أن السعر الذى تقيم به الحكومة تلك الكيانات عند دخول أى مستثمر سواء صناديق استثمار أجنبية أو عربية يترواح بين 22 إلى 24 جنيهًا للدولار.
وأوضح أن القيمة العادلة للدولار الذى يتم على برنامج الطروحات عند دخول أى مستثمر سواء صناديق استثمار أجنبية أو عربية، تتراوح بين 22 و 24 جنيه باعتراف مؤسسات التقييم العالمية مثل فيتش وموديز، مشيرًا إلى أن الفارق بين السعر الرئيسى المعلن حاليا والسعر الذى تقيم به الحكومة يتحمله المستثمر ويتم تخفيض الصفقة من خلاله وهنا ينبع موضع الخلاف فى عملية التقييم.
وتابع أن سعر الصرف فى مصر يتعرض لضغط كبير بفعل تراجع عرض العملة الأجنبية من الطلب عليها، موضحًا أن السعر الموجود حاليا ليس أساسيًا إنما هو مؤقت وسيعاود التراجع إلى قيمته التى تتراوح بين 22 و 24 جنيه للدولار.
وقال عمارة إن عملية طرح نسبة من الشركات وفقًا للبرنامج المعلن من قبل مجلس الوزراء هى الطريقة الأنسب مع عدد الشركات الحالية والتى يمكن إضافة المزيد لها، موضحًا أن مشاركة الجانب المحلى الذى يترقب عمليات الطرح سيساعد فى إنجاح البرنامج.
وأضاف أن برنامج الخصخصة السابق ترك أثرًا سلبيًا بعدما بيعت شركات بالكامل إذ لا تزال لجنة فض المنازعات وهيئة الاستثمار واللجنة الوزارية كانت من وقت قريب بصدد حل لمشكلات الطرح مثلما حدث لشركة النيل لحليج الأقطان فى 2011.
وأشار إلى أن عملية طرح الشركات بالكامل ليست حلًا مناسبًا خلال الفترة الحالية وأن تأخر برنامج الطروحات حتى الآن ناتج عن تذبذب سعر الصرف.
ياسر عمارة: البرنامج الحالى الأنسب لتحقيق 2 مليار دولار
وأوضح أن البورصة المصرية فى الفترة الحالية مستقرة ومتأهبة لاستقبال أية طروحات جديدة وفقًا للجدول المعلن من قبل رئاسة الوزراء، مضيفًا أن متوسط حجم التداول اليومى البالغ نحو 2 مليار جنيه يستوعب عمليات الطرح.
وتابع أن البرنامج الحالى لمشاركة سوق المال المصرية ورجال الأعمال بالإضافة للجهات الأجنبية والخليجية هو البرنامج السليم؛ مضيفًا أن %20 من برنامج الطروحات سيتم فى البورصة و%80 للمستثمرين الاستراتيجيين، مما يترك نوعا من التوازن فى السوق.
وأضاف أن برامج الطروحات الحكومية منذ عام 2016 وحتى الآن فى حالة ولادة متعثرة بسبب مروره بعدة أزمات منها تراجع سعر الصرف وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن نجاح المرحلة الأولى من البرنامج سيدفع نحو النجاح.
وقال إن الحكومة المصرية ليست مجبرة على بيع الشركات بأى سعر إذ تتولى بنوك الاستثمار عمليات التقييم سواء على مستوى الصندوق السيادى أو على مستوى بنوك الاستثمار مثل هيرميس وفقًا لأداء كل شركة ومقوماتها المادية والمعنوية.
