في ظل تقلبات أسعار الفائدة.. هل تحد البنوك من نشاطها بسندات التوريق

مع ارتفاع أسعار الفائدة واتباع سياسة التشديد النقدى فى معظم دول العالم من أجل السيطرة على معدلات التضخم، يتساءل البعض عن مدى التحوط والحذر لدى البنوك

Ad

مع ارتفاع أسعار الفائدة واتباع سياسة التشديد النقدى فى معظم دول العالم من أجل السيطرة على معدلات التضخم، يتساءل البعض عن مدى التحوط والحذر لدى البنوك تجاه سندات التوريق على الأجلين المتوسط والطويل.

وقال مصرفيون إن الفترة الحالية تشهد تقلبات عنيفة فى أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤدى إلى خفض البنوك نشاطها فى تغطية إصدارات سندات التوريق، نظراً لثبات أسعار العوائد الخاصة بها.

وأضافوا - فى تصريحات لـ«المال» - أن قرار الدخول فى النشاط من عدمه يتوقف على التنبؤ بالفائدة فى المستقبل، وليس بناء على أسعار العوائد السائدة فى الوقت الحالي، ففى حالة تحسن الأوضاع الاقتصادية تعود البنوك للدخول بقوة فى نشاط التوريق مرة أخري.

وكانت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية لديها وجهه نظر مختلفة، إذ رأت أن دخول البنوك فى نشاط التوريق لم يتأثر برفع أسعار الفائدة، كما أنه لم يمثل عائقا أمام القطاع.

ويعرف التوريق “Securitization” بأنه عبارة عن إصدار أوراق أو أدوات مالية تكون قابلة للتسويق من خلال “المُصدر”، فهو يقوم بجمع الأصول المالية المتشابهة من حيث الأجل ودورية السداد وطبيعة الأصول، كقروض سيارات مثلاً، أو من خلال تجميع أو دمج أصول مالية متعددة فى مجموعة واحدة.

وقال محمد عبدالمنعم، الخبير المصرفي، إن هناك سبباً منطقياً وراء تراجع البنوك فى الدخول فى عمليات التوريق، وذلك لأنه نشاط يعتبر متوسطا أو طويل الأجل، وبالتالى يتم تثبيت أسعار الفائدة عليه.

وأضاف أن الخطورة ترتفع فى هذه الحالة، نتيجة لأن الفترة الحالية تمر بمعدلات تضخم مرتفعة، وهو مايدفع البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة، وبالتالى زيادة تكلفة الأموال.

وأوضح أنه فى حالة استقرار معدلات التضخم والفائدة، تبدأ البنوك فى العودة لنشاط التوريق مرة أخرى.

من جانبها، قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، إن التوريق هو عبارة عن أسلوب مالى لتوفير التمويل للشركات التى تحتاج إلى الاقتراض، وفى الوقت نفسه لا ترغب فى زيادة معدلات اقتراضها، مفسرة بأن البنوك يكون لديها نظرة معينة فى تقييم ائتمان الشركات.

وأضافت أن الشركات يكون لديها متحصلات من الأموال لم تحصل عليها بعد، وبالتالى تقوم بتحويل تلك الديون إلى سندات، ثم طرحها فى السوق بأسعار فائدة معينة للتداول عليها.

وترى “الدماطي” أن الفترة الأخيرة شهدت رواجاً فى نشاط التوريق بشكل كبير، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يواجهها العالم مع تبعات الحرب الروسية الأوكرانية واضطراب سلاسل الإمداد، ورفع أسعار الفائدة على نطاق دولى للسيطرة على معدلات التضخم.

وذكرت أن هناك عدداً لا بأس به من البنوك المحلية دخلت فى عمليات توريق، فشركة كوربليس للتأجير التمويلى قامت بطرح سندات توريق قيمتها 2.4 مليار جنيه، ودخلت بنوك مثل الأهلى ومصر والقاهرة والعربى الأفريقى والتجارى الدولى وغيرهم فى الشراء.

وأفادت بأن طروحات سندات التوريق التى تمت فى الفترة الأخيرة تشير إلى أن أسعار الفائدة ليست هى العائق، لافتة أن الهيئة العامة للرقابة المالية وافقت مؤخراً على عملية جديدة لعمليات التوريق تسمى “التوريق للحقوق المالية المستقبلية”.

فى السياق ذاته، قال هانى حافظ، الخبير المصرفي، إن العالم فى الوقت الحالى يشاهد أزمة مالية جديدة بطلها البنوك العالمية، مضيفاً أن القطاع المصرفى والمالى بصفة عامة لعبا دوراً بارزاً فى ظهور الأزمة المالية، من خلال التوسع المالى الكبير فى إصدار أصول مالية ذات عائد ثابت، ولفترات متوسطة وطويلة الأجل، مما أدى إلى زيادة حجم المخاطر ومنها مخاطر السيولة، فى ضوء التقلبات فى أسعار العائد للسيطرة على معدلات التضخم.

وأضاف أن أثر التوريق يتواجد بقوة فى أداء عمل المؤسسات المالية وفى معالجة إدارة مخاطر السيولة، وكيفية التحوط من ظهور الأزمات المالية، وخاصة التحوط من حدوث أى أزمات عند القيام بعمليات التوريق، وبالتالى يقوم البنك المركزى المصرى بتطبيق كافة معايير بازل بالتزام شديد، ومن ثم تلتزم البنوك المحلية بتلك التعليمات الرقابية.

وأشار إلى أنه عند انتهاء حالة عدم اليقين التى يمر بها العالم، ومن ثم انحسار التشديد النقدى وعودة أسعار الفائدة إلى معدلاتها الطبيعية، سيعود الاستثمار فى الأصول متوسطة وطويلة الأجل مرة أخرى، ومن أهمها نشاط التوريق.

وأوضح الخبير المصرفى أن سندات التوريق تكون مدعومة بأصول مالية، وهذا ما يحدد قيمتها، ويتم تجميع هذه الأصول وإعادة بيعها كأوراق مالية قابلة للتداول.

وتابع إن تمويل نشاط التوريق يعمل على توفير حلول تمويلية للشركات، خاصة التى وصلت للحدود القصوى للاقتراض من البنوك، بالإضافة إلى أن سندات التوريق التى تعتبر خيارا مرنا يتيح للبنوك تمويل الشركات مع مراعاة كفاية رأس المال، ويرجع ذلك نظرا لأن الوزن النسبى لسندات التوريق على الأصول المرجحة بأوزان المخاطر أقل من القروض.

ويرى وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى أن سندات التوريق تنقسم إلى جزأين، الجزء الأول وهو الجزء الائتماني، وهو تقييم الجدارة الائتمانية لعملية التوريق، وتتأكد البنوك من درجة المخاطر الخاصة بها، و يختلف التقييم من بنك لآخر.

وتابع إن الجزء الثانى يتمثل فى مخاطر السوق والفائدة، فإذا مر القطاع بفترات تشديد نقدي، مثل الوقت الحالي، وكان قد تم طرح سندات متوسطة وطويلة الأجل بسعر فائدة ثابتة، هنا تزداد المخاطر، مؤكداً أن تقييم تلك المخاطر يختلف من بنك لآخر، بناء على تقييمه للفرص البديلة المتاحة أمامه.

وأضاف أنه كلما زادت مدة طرح السند، صَعُبَ التنبؤ بمستقبل العائد الحقيقى الخاص به، مشيراً إلى اختلاف قدرة كل بنك على التنبؤ بالسياسة النقدية المتبعة فى المستقبل.

وقال إن البنوك الحكومية مثل الأهلى ومصر يكون لديها نظرة اقتصادية قومية تختلف عن نظرة البنوك الخاصة، وهو مايدفعها إلى الدخول فى الاستثمار فى السندات الحكومية بشكل أكبر.

سهر الدماطي: الفائدة لم تمثل عائقا

هانى حافظ: البنك المركزى يطبق “بازل” للتحوط ضد المخاطر

وليد ناجي: تتوقف على توقعات الفائدة فى المستقبل