رجح خبراء فى شركات إدارة أصول انتعاش صناعة الصناديق الاستثمارية خلال الفترة المقبلة بعدما شهدت رواجًا فى الوقت الحالى من قبل المؤسسات المختلفة، وتحديدًا فئة «النقدية» التى شهدت إطلاق وتدشين عدد من الصناديق الجديدة مؤخرًا.
وأضافوا أن التوجه الأخير نحو تأسيس صناديق استثمار نقدية يأتى لكونها أقل مخاطرة مقارنة مع نظيرتها الأخرى، بالإضافة إلى الإعفاءات الضريببة التى تجذب الأفراد إليها.
وتطرقوا إلى لجوء شركات التكنولوجيا المالية إلى صناعة صناديق الاستثمار، لإستغلال السيولة المتاحة لديها، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى عدد كبير من العملاء عبر استخدام السبل التكنولوجية والانتشار الكبير لتلك الكيانات.
وفى يناير 2022 أطلقت شركة «فورى»لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية صندوق استثمار يومى للأفراد بالتعاون مع «مصر كابيتال»؛ إذ يعد الأول من نوعه فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث اعتماده على التكنولوجيا المالية، ويمنحعائدا تراكميا يوميا بالجنيه المصرى للمستثمرين به وبحد أدنى 500 جنيه للشراء.
كانت شركة «أمان» للتمويل متناهى الصغر أعلنت فى يونيو الماضى عن إطلاق صندوقها الاستثمارى الأول «أمان يوم بيوم» ذو عائد تراكمى يومى بحجم مبدئى يقدر بنحو 25 مليون جنيه، تحت إدارة قطاع الأصول بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية.
وفى أكتوبر الماضى، أعلنت شركة «مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية» عن فتح باب الاكتتاب فى صندوقها الاستثمارى «كاش مباشر» ذو العائد اليومى التراكمى بمستهدف يصل إلى مليار جنيه خلال 2023 بالإضافة إلى جذب استثمارات خليجية لمصر.
فيما فتحت شركة «إن آى كابيتال» باب الاكتتاب فى صندوق «سهمى» فى أكتوبر الماضى برأسمال مبدئى 5 ملايين جنيه للاستثمار فى الأسهم المصرية، وتم فتح باب تلقى طلبات الشراء والاسترداد بشكل يومى فى وثائق الصندوق عن طريق شركة «عربية أون لاين» للأفراد والمؤسسات، بالإضافة إلى شركة «إن آى كابيتال» للمؤسسات الكبرى فى ديسمبر من العام ذاته.
وأطلقت شركة « أزيموت مصر» فى فبراير الماضى صندوق «استحقاق-AZ» بالدولار؛ إذ يهدف لتحقيق عوائد دورية على الأموال المستثمرة فى أدوات الدين بالعملات المختلفة حسب عملة كل إصدار، مستهدفًا تحقيق توزيعات دورية على حملة الوثائق حيث يتبنى الصندوق إستراتيجية استحقاق محددة لكل إصدار بهدف توفير دخل دورى حتى نهاية مدة الإصدار.
ووقعت «أزيموت مصر» بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعى -مطلع مارس الماضي- عقد تأسيس صندوق «ناصر –AZ» النقدى الإسلامى، وهو أول صندوق استثمار للبنك برأسمال مستهدف 25 مليون جنيه ويصل سعر الوثيقة إلى نحو 10 جنيهات، إذ يستثمر فى أدوات الدين وأذون الخزانة، والودائع، ويصل حجم استثماراته حتى %92 من رأسماله، والاكتتاب فيه متاح بدون حد أقصى، والعائد منه معفى تماما من الضرائب.
وفى منتصف مارس الماضى، أعلنت شركة «فاليو» للتمويل الاستهلاكى عن إطلاق صندوق استثمارى «فاليو-AZ» النقدى اليومى بالتعاون مع شركة «أزيموت مصر» إذ يتيح حدًا ائتمانيًا للعملاء المستثمرين بالصندوق فى «فاليو» تصل إلى %90 من حجم استثماراتها فى الصندوق.
وقال أحمد مرشد،رئيس الاستشارات المالية بشركة «أزيموت مصر» لادارة الأصول إن الانتعاشة والتطور الذى تشهده مصر فى الفترة الحالية فى صناعة صناديق الاستثمار طبيعية، بل كان من المفترض حدوثها منذ وقت طويل.
وأضاف أنه رغم مبادرة الشمول المالى التى تم إطلاقها منذ سنوات عدة، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق المرجو منها، ومازالت الثقافة المالية لدينا محدودة جدًا.
وتابع «مرشد» إن الفترة الحالية تتسم بارتفاع مستوى الوعى الاستثمارى لدى الأفراد، ومع الحالة الاقتصادية المتذبذبة التى نعانى منها مع الأحداث العالمية الأخيرة، وزيادة معدلات التضخم، أصبح من الضرورى البحث عن أوعية استثمارية مختلفة عن الأدوات التقليدية المعتادة، لذا بدأ الأفراد فى اللجوء لصناديق الاستثمار.
وتوقع أن الفترة المقبلة ستشهد انتعاشة كبيرة فى صناعة صناديق الاستثمار، وسيتم إنشاء أضعاف الأرقام الموجودة منها حاليًا، ضاربًا المثل بـ «أزيموت مصر» والتى أصبحت تطلق أكثر من صندوق فى العام ذاته بدلاً من واحد فقط.
وأضافأن صناديق الاستثمار النقدية تطورت فى الآونة الأخيرة، وأصبحت تتمتع بمميزات جديدة لتقديم حلول مالية متكاملة.
وأشار إلى أن شركات التمويل الرقمى اتجهت هذه الأيام إلى صناديق الاستثمار النقدية بشكل كبير، بما يدعم اتجاهها لتقديم حلول مالية متكاملة بالتزامن مع التعداد السكانى الكبير.
ورجح «مرشد» أن الفترة المقبلة ستشهد تطورا كبيرا فى صناعة صناديق الاستثمار، إذ أن هناك اتجاها لإطلاق صناديق متخصصة فى الاستثمار فى المعادن النفيسة، مضيفًا أننا سنلجأ قريبًا جدًا لصناديق الاستثمار العقارية حسب رؤيته، وذلك فى حالة تعديل التشريع الضريبى الخاص بها.
فى السياق ذاته، قال أحمد عقرب، المدير العام لشركة أسطول لتداول الأوراق المالية والوساطة فى السندات، إن الفترة المقبلة ستشهد انتعاشًا فى قطاع صناديق الاستثمار حتى تتواكب مع تطورات السوق فى هذه الآونة، والذى يعد من أكثر الأسواق الواعدة فى المنطقة، بالتزامن مع برنامج الطروحات الحكومية الجديدة، مؤكدًا أنه من الضرورى أن تتواجد صناديق استثمار قوية وفعالة.
وأوضح أن الصناديق النقدية تسيطر على قطاع كبير من السيولة المتاحة فى السوق، كما أنها تتماشى مع الاتجاه الذى تتبعه الدولة منذ فترة نحو الأفراد.
وأرجع اتجاه شركات التكنولوجيا المالية لإنشاء صناديق استثمار إلى الاستفادة منها فى تنظيم السيولة المتاحة لديها، كما أنها تتجه بشكل أكبر للصناديق النقدية نظرًا لأن عائدها أكبر من أى وديعة متواجدة فى السوق.
وأشار إلى أن الاتجاه السائد لإنشاء الصناديق النقدية بصورة كبيرة لكونها أكثر أمنًا وأقل مخاطرة من غيرها، مضيفًا أن ذلك السلوك راجع أيضًا لقلة الوعى الاستثمارى لدى الأفراد والذى يُسبب حالة من التخوف من الأنواع الأخرى.
وقال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة «بلوم مصر» للاستثمارات المالية، إن الصناديق النقدية تمر برواج خلال الفترة الحالية بسبب الإعفاءات الضريبية عليها مما يسهل عمليات استثمار الأفراد والمؤسسات بها؛ إذ تتجه الأخيرة إليها بأحجام كبيرة.
وأشار إلى أن عزوف الشركات عن إنشاء صناديق استثمارية من نوع آخر غير النقدى يعود بالأساس إلى عدم إقرار التعديلات على قانون الضريبة بشكل رسمى بعد، وبالتالى فإن الرواج عليها سيكون ضعيفًا.
وتابع إن الصناديق النقدية هى الملاذ الأسهل والأسرع المطلوب فى السوق خلال الفترة الحالية وتصل الاستثمارات بها إلى 100 مليار جنيه تقريبًا؛ مشيرًا إلى أن السوق تستوعب إطلاق المزيد من الصناديق النقدية والتى كان آخرها صندوق «فاليو-AZ».
وكانت شركتا «ڤاليو للتمويل الاستهلاكى» و«أزيموت مصر» لإدارة الأصول أعلنتا عن إطلاق صندوق «فاليو-AZ» النقدى اليومى فى وقت سابق من الشهر الجارى، على أن يتاح الحد الائتمانى للعملاء بنسبة تصل إلى %90 من حجم استثماراتهم.
وأوضح «حسن» أن دخول التكنولوجيا فى صناعة الصناديق يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات لها وتسهيل عمليات الاكتتاب بها خاصة بعد تعديل قانون سوق رأس المال عام 2018.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت فى فبراير 2018 عن تعديل قانون سوق رأس المال؛ إذ تضمّنالسماح بتلقى الاكتتاب فى وثائق صناديق الاستثمار عن طريق الشركات العاملة فى مجال الأوراق المالية بالإضافة للبنوك، بهدف التيسير على المتعاملين وحملة الوثائق.
وتابع «حسن» أن العديد من الشركات منها المختصة بالسمسرة بالإضافة إلى البنوك اتجهت لاستخدام التطبيقات التكنولوجية لإتمام عمليات الاكتتاب، إذ تغير التكنولوجيا من ملامح صناديق الاستثمار وتؤكد على سهولة استخدامها.
وأضاف أن الصناديق النقدية التى يتم إطلاقها من قبل البنوك يكون للاستثمارات بها حد أقصى فى حين أن تلك المؤسسة من الشركات ليس لها سقف محدد وبالتالى يمكنها استيعاب المزيد.
وتابع إن الفكرة الجديدة للصناديق هى التى تحدد مدى جاذبية الأموال لها؛ مثل «فاليو-AZ» والذى يستهدف الشريحة التى لا تفكر بالاستثمار؛ إذ يسمح لهم بالاستفادة من العوائد عن طريق شركة «أزيموت مصر» بالإضافة للتقسيط بضمان الاستثمارات فى الصندوق من خلال «فاليو».
فيما قال على سعيد، مدير عام الاستثمار فى بنك «ناصر الاجتماعى» إن اللجوء إلى صناديق الاستثمار خلال الفترة الحالية هى أكثر الوسائل أمانًا فى ظل ارتفاع معدلات التضخم.
وأشار إلى أن الصناديق تعتبر إحدى الوسائل لضم الاقتصاد غير الرسمى الذى يدار به نحو 4 مليارات جنيه عن طريق الشمول المالى لإدخالهم تحت مظلة البنك المركزى.
وأوضح أن هناك توجها عاما لانتشار أنواع الصناديق المختلفة لجذب الاستثمارات غير المرئية فى الاقتصاد؛ إذ تتنافس الشركات لإطلاقها وفقًا لأهداف معينة.
وتابع إن بنك ناصر أطلق صندوقا استثماريا بعائد يومى تراكمى يتوافق مع الشريعة الإسلامية بالتعاون مع شركة «أزيموت مصر» المتخصصة فى إدارة الأصول بنهاية فبراير الماضى.
وأضاف أن عائد صندوق «ناصر-AZ» يماثل تقريبا عائد أذون الخزانة فى البنك المركزي؛ إذ يترواح من 14 - %15 بهدف جذب صغار المستثمرين وتحقيق الهدف المرجو منه فى ظل إعفائه من الضرائب.
وأشار إلى أن «ناصر-AZ» ضمن الصناديق منخفضة المخاطر؛ ويعتمد فى استثماراته على أدوات الدخل الثابت سواء سندات حكومية أو أذون خزانة.
وأوضح أن البنك لديه صندوق «عطاء» الخيرى لذوى الإعاقة والفئات الأولى بالرعاية وتأتى المساهمات به فى شكل زكاة؛ إذ يُستثمر الدخل فيما يتم صرف العائد منه مما يشكل تنمية مستدامة.
وأضاف أن البنك ساهم فى إطلاق صندوق «ولادنا» لدعم الأطفال فى المدارس، والذى تعاقدت على إدارته شركة مباشر «كابيتال هولدنج» للاستثمارات المالية يوم الإثنين الماضى فيما تتلقى «مباشر لتداول الأوراق المالية والسندات» الاكتتاب وشراء واسترداد وثائق الاستثمار.
أحمد مرشد: فى حالة تعديل التشريع الضريبى لـ«العقارية» سنلجأ لها قريباً
على سعيد: وسيلة آمنة فى ظل ارتفاع معدل التضخم
محمد حسن: «النقدية» تمر بمرحلة رواج نظرًا للإعفاءات الضريبية
