شهدت صناعة بنوك الاستثمار مجموعة متغيرات خلال الفترة الماضية تمثلت فى إتمام صفقات استحواذ عليها سواء من جانب البنوك التجارية محليًا أو كيانات خارجية.
وتعيش الصناعة حالة من الترقب لأوضاع السوق المحلية خلال الوقت الحالى، فى ظل الرواج المتوقع لبعض أنشطتها مثل الترويج وتغطية الاكتتابات تزامنًا مع وجود برنامج طروحات حكومى منتظر يضم نحو 32 شركة متنوعة الأنشطة.
ومن هذا المنطلق حاولت «المال» رصد آراء الخبراء حول مستقبل صناعة بنوك الاستثمار محليًا بما تشمله من مجالات مختلفة، وفى ظل ملكية بعضها لجهات حكومية هل ستكون لديها قدرة على تنفيذ برنامج الطروحات المرتقب، وما هى الأنشطة التى ستقود قاطرة النمو لها.
وقال الخبراء إن صناعة بنوك الاستثمار دائمًا ما تمر بمتغيرات كثيرة، وفقًا للظروف المحيطة بها، والتى دائمًا ما تؤثر على أنشطتها المختلفة، موضحين أن كبرى تلك الكيانات لفتت أنظار المستثمرين على الصعيدين المحلى والداخلى خلال الفترة الماضية، وهو ما أدى إلى وجود عمليات استحواذ على «سى آى كابيتال» من جانب بنك مصر و «بلتون» من جانب «شيميرا» الإماراتية.
ورهن الخبراء مستقبل الصناعة بوضع السوق المصرية والطروحات تحديدًا، متكهنين أن تتوالى عمليات الاستحواذ على اللاعبين ببنوك الاستثمار، أو حدوث عمليات اندماج فيما بين الكيانات وبعض بغرض خلق قاعدة أكبر وأشمل، مرجحين أن يكون النشاط المالى غير المصرفى هو القائد الرئيسى لعمليات النمو بها.
تجدرالإشارة إلى أن عمليات استحواذ البنوك التجارية فى مصر على بنوك الاستثمار بدأت فى 2019 عقب استحواذ البنك الأهلى على شركة «فاروس» قبل تغيير اسمها إلى «الأهلى فاروس» حاليًا، كما أتم بنك مصر حينها صفقة أيضًا على حصة من بنك الاستثمار «سى آي كابيتال»، ثم خلال مارس 2021 تم رفعها لتصل إلى نحو %90 من رأس المال.
ومؤخرًا نفذت شركة «شيميرا الإماراتية» صفقة استحواذ على نحو %56 من أسهم شركة «بلتون المالية القابضة» بقيمة بلغت حينها نحو 384.8 مليون جنيه، ثم خلال فبراير الماضى من العام الجارى اشترت حوالى 30.5 مليون سهم من بنك الاستثمار «هيرميس» بنسبة %2.62 .
وخلال فبراير من العام الماضى، كانت شركة المجموعة المالية هيرميس القابضة،أعلنت عن تلقيها عرض شراء مبدئى غير ملزم من بنك أبوظبى الأول لاستحواذ نقدى محتمل على حصة أغلبية بنسبة لا تقل عن %51 من أسهم رأس مالها بسعر شراء تقديرى بلغ حينها 19 جنيها للسهم، وكان السعر النهائى مشروطا بإجراء عملية الفحص النافى للجهالة والحصول على الموافقات الرقابية المطلوبة، ولكن تم عقب ذلك انسحاب الأول.
بداية، قال كريم هلال الرئيس التنفيذى لمجموعة «كونكورد إنترناشيونال» للاستثمارات، إنه خلال السنوات الماضية تمت ملاحظة توجه البنوك التجارية محليًا للاستحواذ على الكيانات العاملة فى مجال بنوك الاستثمار ، وهو نموذج كان موجودا فى فترة الثمانينات على الصعيد العالمى ولكن لم يثبت نجاحا كبيرا.
وأضاف أن هذا النموذج به مميزات وعيوب، فسلبياته تتعلق بوجود نوع من تعارض المصالح، فيما على صعيد آخر، أوضح أنه على الرغم من ذلك فإن بنوك الاستثمار المملوكة لأخرى تجارية تكون مدعومة ماديًا بشكل كبيرخاصة فى ظل الظروف الحالية مما يدفعها إلى مواصلة التوسع والنمو وتحقيق نجاحات بجميع الأنشطة.
وأشار إلى أن عمليات الاستحواذ الأخيرة التى شهدتها السوق المحلية، أثبتت نجاحا كبيرا، وتناغما واضحا ما بين الإدارات وبعضها.
تجدر الإشارة إلى أن شركة «بلتون المالية القابضة» على سبيل المثال حصلت على قرض مساند من جانب المساهم الرئيسى «شيميرا الإماراتية» بقيمة 1.34 مليار جنيه عقب إتمام عملية الاستحواذ، وحددت استخدماته فى توفير السيولة اللازمة لدعم أنشطة الكيان القابض والتوابع، إلى جانب تحسين وتطوير النظم التكنولوجيا الخاصة بالشركة القابضة وشركاتها التابعة، وتعزيز الهيكل التمويلى للمجموعة ككل.
كما وافقت الجمعية العامة غير العادية مؤخرًا، على زيادة رأس المال المصدر لـ«بلتون» أيضًامن 926.95 مليون جنيه إلى 10.92 مليار بزيادة قدرها 10 مليارات من خلال إصدار 5 مليار سهم.
ورهن «هلال» نجاح بنوك الاستثمار المملوكة لكيانات حكومية، بأن يكون لديها استقلالية تامة فى اتخاذ القرارات وغيرها بما يجلعه يخدم عملاءه دون أى اعتبارات خارجية.
ورأى أن مستقبل الصناعة متزن، ولكنه استبعد أن تشهد السوق استحواذات جديدة من البنوك التجارية على بنوك استثمار، وقد تتم عمليات اندماج فيما بين الكيانات وبعضها.
وأوضح أن تلك الكيانات على الرغم من ملكيتها لجهات حكومية فهى قادرة بشكل كبيرعلى ترويج برنامج الطروحات الحكومية المنتظر وخاصة أن إداراتها منفصلة ومستقلة بذاتها.
ولفت إلى أن قاعدة بنوك الاستثمار عادة ما تضم أنشطة السمسرة وتغطية وترويج الاكتتابات، وقسم البحوث، والنشاط المالى غير المصرفى والاستثمار المباشر والاستشارات وغيرها، ونجاحه يُقاس بمدى تطور نمو تلك الأنشطة.
ونوه إلى أن بعض بنوك الاستثمار العاملة فى السوق المحلية أثبتت نجاحا كبيرا خلال الفترة الماضية، وتحديدًا فى عمليات الترويج وتغطية كبرى الطروحات على الصعيدين المحلى والخارجى، كما أن غالبيتها لها تواجد في العديد من الدول خارج مصر.
بينما على جانب آخر، أوضح أنه فيما يتعلق بالطروحات الكبيرة عادة ما يكون هناك تعاون ما بين البنوك المحلية و أخرى عالمية، وهو أمر طبيعى ومعتاد، وهو نموذج أفضل للحصول على تغطية جيدة وتحقيق الشفافية التى يرغبها المستثمر.
فى سياق متصل، قالت مينوش عبد المجيد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى بشركة «ميزان» إن مستقبل صناعة بنوك الاستثمار خلال الفترة المقبلة مرهون بوضع وحجم السوق المحلية سواء فيما يتعلق بالطروحات أو عمليات الاندماج والاستحواذ وغيرها.
وأضافت أن زيادة حجم أعمال السوق بشكل عام محليًا سيصب فى مصلحة الكيانات العاملة فى مجالات بنوك الاستثمار خاصة أنها تضم أنشطة عديدة غالبيتها مرتبطة بالوضع الاقتصادى، موضحة أن أى نمو ونجاح للأخيرة سيجعلها محط أنظار للاستحواذ من جانب كيانات خارجية تحديدًا.
وفى إطار عمليات التطور المتوقعة لصناعة بنوك الاستثمار محليًا توقعت«عبد المجيد» أن تشهد السوق عمليات اندماج بين صغرى الكيانات العاملة بغرض خلق نموذج أكبر قادر على المنافسة وإثبات نجاحات.
وأضافت أن تغير ملكية الكيانات العاملة فى مجالات بنوك الاستثمار فى إطار عمليات الاستحواذ التى تمت على بعضها خلال الفترة الأخيرة، لا تحد مطلقًا من قدرتها على جذب استثمارات أجنبية بشكل عام للسوق المحلية، وخاصة أنها تعمل بنموذج الحوكمة ولديها إدارات مستقلة قائمة بذاتها.
وأشارت إلى أن بنوك الاستثمار المحلية مؤهلة لإدارة كبرى الطروحات التى ستشهدها السوق المحلية خلال الفترات المقبلة، وخاصة أنها كانت قد أجرت العديد من العمليات والاكتتابات الناجحة فى فترات ماضية.
وتابعت إنه فيما يتعلق بالتعاون مع كيان عالمى لتولى عمليات الترويج فهو أمر يختلف حسب الكيان محل القيد ومجال عمله وطبيعة الطرح أيضًا وحجمه والمستثمرالمستهدف جذبه.
ولفتت إلى أن العديد من بنوك الاستثمار المحلية أداروا طروحات ناجحة وكبيرة فى منطقة الشرق الأوسط ككل مؤخرا ولديهم قاعدة عملاء فى مختلف الدول وفروع منتشرة خارجيًا بشكل كبير أيضا.
وقالت إنه من بين الأنشطة التى تعمل بها بنوك الاستثمار فإن المجال المالى غير المصرفى سيلعب دورًا كبيرا فى عمليات النمو خلال الفترة المقبلة، فى ظل توالى زيادة حجم السوق المصرية والكيانات العاملة بها والحاجة الدائمة لمزيد من التمويلات والتعامل بالأدوات المالية المختلفة.
وتابعت «عبد المجيد» أن جميع الأدوات التمويلية المختلفة التى تم طرحها فى السوق المحلية مؤخرًا لاقت اهتماما بالغا من جانب المستثمرين وأصحاب الأعمال.
ونوهت إلى أن الاستشارات المتعلقة بعمليات الدمج والاستحواذ ستساعد أيضًا على النمو وسيكون لها احتياج كبير الفترة المقبلة.
وأوضحت أنه على الرغم من أزمة الدولار بالوقت الحالى فإنه من المتوقع أن تشهد عمليات الاستحواذ والاندماج رواجا كبيرا، فى ظل احتمالية تعرض السوق لحالة من التصحيح.
وأكدت أن حالات التصحيح عادة ما تدفع البعض وخاصة الشركات الناشئة للاندماج كمحاولة لمواجهة الضغوط الاقتصادية أو لتنفيذ عمليات استحواذ من جانب كيانات كبيرة على أخريات صغار من الممكن أن يكونوا واجهوا نوعا من التعثر، موضحةً أن هذا أمر يحدث دائمًا على الصعيد العالمي.
على صعيد القطاعات المتوقع أن تشهد رواجاخلال الفترة المقبلة، قالت إنها تتمثل فيالخدمات المالية والأغذية و الطاقة المتجددة و الخاصة بإدارة المخلفات والأخرى اللوجستية، إلى جانب التأمين والرعاية الصحية.
فى سياق متصل، قال إيهاب رشادنائب رئيس مجلس إدارة شركة«مباشر كابيتال هولدنج» للاستثمارات المالية، إن بنوك الاستثمار فى السوق المحلية تضم 3 نماذج حاليًا الأول متمثل فى ملكيتها لكيانات خارجية والثانى لبنوك تجارية والثالث مستقل قائم بذاته.
وأضاف أن صناعة بنوك الاستثمار فى الوقت الحالى واعدة وخاصة فى ظل زيادة حجم أعمالها فى الأنشطة المالية غير المصرفية، والأخرى التكنولوجية وغيرها.
وتوقع أن تشهد الأنشطة المتعلقة بسوق المال ومن بينها الاندماج والاستحواذ نوعًا من الهدوء خلال الفترة المقبلة فى ظل تذبذب سعر العملة بشكل عام وهو ما أثر على التقييمات بشكل كبير.
وقال إن تحرك برنامج الطروحات سيلفت أنظار الكيانات الخارجية ومن بينها الخليج نحو بنوك الاستثمار العاملة فى السوق المحلية.
وتعليقًا على برنامج الطروحات الحكومى المنتظر قال إنه على الرغم من إعلان الحكومة للقائمة مؤخرًا فإنه حتى الوقت الحالى لم تتم أى خطواتتنفيذية للتقييم أو تولى بنوك الاستثمار وغيرها.
ورأى أن أوضاع السوق عادة ما تكون سامحة ومستعدة لاستقبال كيانات جديدة، وقوة الشركة وجاذبيتها لها دور كبير فى النجاح من عدمه وتحديد مدى الإقبال عليها أيضًا.
وتعليقًا على برنامج الطروحات الحكومية المنتظرأكد محمد فتح الله العضو المنتدب بشركة «بلوم مصر لتداول الأوراق المالية» أن الحكومة المصرية لم تحدد حتى الوقت الحالى أى من تلك الكيانات سيتم طرحها لمستثمر خارجى وأى منها سيتم بيع حصة مباشرة.
وأضافأن البورصة دائمًا على جاهزية لاستقبال كيانات جديدة يتم طرحها للمرة الأولى، ولكن الحصص الإضافية فإن التقييمات لها ستكون ظالمة فى الوقت الحالى نظرًا لأوضاع السوق، كما أنها ستكون غير قادرة على جذب الاستثمارات المرجوة خاصة أنها أسهم متداولة بالفعل ويمكن شراؤها فى أى وقت.
ولفت إلى أن تحركات سعر العملة المتذبذبة أثرت بالفعل على تقييمات الشركات خلال الفترة الماضية، كما أن الخفض المتوقع دائمًا ما يدفع الكيانات الخارجية للتريث والانتظار.
وفى فبراير الماضى، كشف مجلس الوزراء عن عزم الحكومة المصرية طرح 32 شركة فى البورصة أو بيع حصص منها لمستثمرين رئيسيين، وذلك على مدار عام يبدأ من الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من العام 2024.
وشملت القائمة المعلنة حينها بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربى الأفريقى الدولى، وشركة مصر للتأمين، إلى جانب شريحة من الكيانات الأخرى.
كريم هلال: المستقبل متزن ونرجح ظهور عمليات اندماج بين الكيانات الصغيرة لخلق قاعدة أكبر
مينوش عبد المجيد : الوضع مرهون بحجم السوق .. وملكية البعض للجهات الحكومية لا يؤثر على قدرتها للترويج
إيهاب رشاد: الرؤية واعدة وهدوء مُرجح فيما يتعلق بمجالات سوق المال
محمد فتح الله: البورصة مستعدة لاستقبال شركات جديدة تُطرح للمرة الأولى
