بنوك محلية تصعد بمخصصاتها لمواجهة التعثر ومخاطر الائتمان

اتجه عدد من البنوك العاملة فى السوق المصرية (كبيرة ومتوسطة الحجم) إلى رفع مخصصاتها، مدفوعة بحالات عدم اليقين التى تخيم على المشهد الاقتصادى العالمى والمحلى على حد سواء، ناهيك عن ارتفاع نسب ال

Ad

اتجه عدد من البنوك العاملة فى السوق المصرية (كبيرة ومتوسطة الحجم) إلى رفع مخصصاتها، مدفوعة بحالات عدم اليقين التى تخيم على المشهد الاقتصادى العالمى والمحلى على حد سواء، ناهيك عن ارتفاع نسب التعثر ومخاطر الائتمان، وأخيرًا للتحوط من ارتفاع محافظ الديون غير المنتظمة وانخفاض الجدارة الائتمانية للعملاء.

و”المخصص” هو كل مبلغ يستقطع من الإيرادات من أجل مقابلة إهلاك (النقص فى قيمة الأصل) أو تجديد الأصول الثابتة أو مقابلة نقص فى قيمة أى أصل من الأصول، أو بهدف مقابلة التزام أو خسائر يمكن التعرف عليها ولا يمكن تحديد قيمتها بدقة.

وغلب على أداء البنوك الكبرى مثل: الأهلى المصري، ومصر، والتجارى الدولي، رفع مخصصاتها بوتائر تتراوح من 10.56 و6.43 و6.61 مليار على التوالى خلال عام 2022 مقارنة مع عام 2021.

إذ رفع البنك الأهلى المصرى مخصص خسائر الائتمان، حسب قوائمه المالية، من 39.670 مليار جنيه خلال 2021 إلى 50.236 مليار، أما بنك مصر فرفعها من 15.83 مليار خلال 2021 إلى 22.26 مليار فى 2022 وكذلك فعل البنك التجارى الدولي، مضيفًا 6.61 مليار إلى مخصصاته التى سجلت 17.91 مليار فى 2021 لتصل إلى 24.53 مليار فى العام الماضي.

ولم تقتصر المسألة على البنوك الكبرى، وإنما التجأت بنوك متوسطة الحجم على غرار البنك المصرى الخليجى إلى رفع مخصصاته من 2.06 إلى 2.59 مليار جنيه، ويبدو أن هيكل المحفظة الاستثمارية للبنك وكذلك درجات تعرضه لمخاطر الائتمان كانت وراء هذه الزيادة الطفيفة فى المخصصات.

وعمد البنك المصرى لتنمية الصادرات، وفقًا لأحدث قوائمه المالية، إلى رفع مخصصاته من 1.3 مليار جنيه خلال 2021 إلى 1.7 مليار جنيه خلال 2022.

من جانبه، يرى ماجد فهمي، رئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، أن رفع البنوك مخصصاتها، لا سيما مخصص خسائر الائتمان، خلال الفترة الأخيرة أمر منطقى تمامًا، إذ يأتى هذا التوجه مدفوعًا بالظروف الاقتصادية الراهنة، بداية من أزمة جائحة فيروس كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وما خلّفته من آثار سلبية على التجارة والاقتصاد.

وأضاف أن الجدارة الائتمانية للعملاء (سواءً كانوا أفرادًا أو مؤسسات) تضررت بهذه الظروف، وهو ما دفع البنوك إلى رفع مخصصاتها؛ كنوع من التحوط ضد مخاطر الائتمان المحتملة.

وأشار إلى أن البنوك ملزمة، بعيدًا عن كل المعطيات سالفة الذكر، برفع مخصصاتها؛ نظرًا لكونها ملتزمة بتطبيق معيار “”IFRS 9، وهو أحد مقررات بازل.

ومعيار “IFRS 9” هو أحد أهم معايير المحاسبة الدولية وإعداد التقارير المالية، تلك المعايير الصادرة عن مجلس المعايير الدولية (IASB) ويتضمن المعيار متطلبات الاعتراف والقياس والانخفاض فى القيمة والاستبعاد ومحاسبة التحوط العامة.

مخاطر رفع الفائدة

ويبدو أن هذه التحركات الأخيرة المتعلقة برفع البنوك لمخصصاتها إنما جاءت متناغمة مع حالات انعدام اليقين التى تخيم على مشهد الاقتصادات العالمية والمحلية على حد سواء، ناهيك عن رفع معدلات الفائدة بوتائر متوالية، على صعيد البنوك المركزية فى العالم، وهو ما نجم عنه أزمة مصرفية (أوروبية وأمريكية)، وارتفاع معدلات تعثر العملاء؛ نظرًا لارتفاع التكلفة التمويلية.

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية تعثر ثلاثة بنوك أمريكية (سيلكون فالي، سيجنتشر، سيلفرجيت) متوسطة الحجم، ليتلوها تعثر بنك كريدى سويس، وتهاوى أسهمه، وتحرك البنك المركزى السويسرى لمد طوق النجاة له عبر وديعة مساندة بقيمة 54 مليار دولار.

وتعرّض سهم دويتشه بنك، أحد أكبر البنوك فى ألمانيا، لعمليات بيع مكثفة يوم 24 مارس الماضى ليفقد بذلك أكثر من %10 من قيمته، ويصل سهمه إلى أدنى مستوى له فى خمسة أشهر.

وليست هذه نهاية المطاف على ما يبدو؛ إذ قال الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مؤتمر صحفى إنه على الرغم من كل ما تقوم به إدارته لعلاج الأزمة المصرفية إلا أن الأمر «لم ينته بعد»، على حد تعبيره.

وعلى الرغم من ذلك فلا زالت المصارف المركزية الأمريكية والأوروبية تؤكد عزمها على المضى قُدمًا فى سياسة التشديد النقدي، ومن جانبه، رفع الفيدرالى الأمريكي، فى اجتماعه الأخير، أسعار الفائدة بواقع %25 (25 نقطة أساس) لتصل إلى نطاق يتراوح من 4.75 إلى %5 وهو أعلى مستوى للفائدة الأمريكية منذ عام 2007.

وعلى صعيد محلي، افتتح «المركزي» عام 2023 بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى %16.25، %17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %16.75 وذلك خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم 2 فبراير الماضي.

جاء ذلك بعدما خاض، خلال العام الماضي، دورة تشديد نقدى كبرى، رفع فيها أسعار الفائدة بواقع %8 منها %1 فى 21 مارس الماضى فى اجتماع استثنائى للجنة السياسة النقدية، ثم أقر زيادة أخرى %2 فى مايو الماضي، لمواجهة الصدمات السعرية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وقررت لجنة السياسة النقدية، خلال اجتماع استثنائى آخر 27 أكتوبر الماضي، رفع سعر الفائدة على عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %13.25 و%14.25 و%13.75 على نفس الترتيب، وتم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس إلى %13.75.

واختتم «المركزي» عام 2022 برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.25 و%17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.75.

هيكل المحافظ الاستثمارية

وذكر ماجد فهمي؛ رئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، أن كل بنك لديه محفظة ائتمانية لا بد أن يعمد إلى رفع مخصصاته، مؤكدًا أن الوقت الراهن يقتضى الذهاب فى هذا الاتجاه والتحوط أكثر.

وإذا كانت بعض البنوك (كبيرة ومتوسطة الحجم) لجأت إلى رفع مخصصاتها، فقد قررت بعض البنوك الأخرى خفض مخصصاتها؛ إذ خفضها بنك قناة السويس، على سبيل المثال، من 671.068 مليار جنيه فى 2021 إلى 640.065 مليار فى 2022.

وكذلك فعل بنك فيصل الإسلامي، الذى خفض مخصصاته من 844.643 مليار جنيه فى 2021 إلى 627.708 مليار خلال العام الماضي، وعلى النهج ذاته سار بنكا “saib” والكويت الوطنى مصر.

محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، يفسّر هذا الأمر بالعودة إلى هيكل المحفظة الاستثمارية لدى كل بنك؛ فعبر قياس النسبة التى تمثلها الاستثمارات (فى غير أدوات الدين الحكومية من سندات وأذون الخزانة) من إجمالى محفظة البنك الاستثمارية يمكن فهم طريقة احتساب كل بنك لمخصصاته.

وأوضح أن البنوك التى تتركز محافظها الاستثمارية على توفير التسهيلات الائتمانية وترتيب القروض المشتركة، وحتى قطاع التجزئة هى ذاتها البنوك التى تجد نفسها مضطرة إلى رفع مخصصاتها، كنوع من التحوط ضد مخاطر الائتمان وتعثر العملاء.

وسجلت محفظة القروض المشتركة فى البنك الأهلى المصرى 229.146 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022 مقابل نحو 212.976 مليار بنهاية ديسمبر 2021.

وارتفع إجمالى محفظة القروض والتسهيلات للعملاء بالبنك الأهلى لتسجل 1.393 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضى مقابل 1.172 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2021.

وارتفعت محفظة قروض وتسهيلات العملاء فى البنك التجارى الدولى إلى نحو 193.59 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2022 مقابل 145.57 مليار خلال الفترة ذاتها من العام السابق.

الجدارة الائتمانية وتكلفة الاقتراض

وأشار محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، إلى أن رفع معدلات الفائدة أثر على الجدارة الائتمانية، خاصة فيما يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة، التى تأثرت سلبًا بتكلفة الاقتراض المرتفعة.

وارتفعت نسب التعثر (نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالى القروض) فى القطاع المصرفى نحو %3.4 نهاية ديسمبر الماضي، بعدما ظلت عند حدود الـ %3.2 من يونيو إلى سبتمبر 2022.

وأوضح «عبد المنعم» أن معدلات تغطية الفوائد تنخفض عند ارتفاع الفائدة، وكذلك تكون هناك احتمالية لارتفاع نسب التعثر، وبالتالى تضطر البنوك إلى رفع مخصصاتها كخطوة استباقية لمواجهة المخاطر الائتمانية المحتملة.

مخصص خسائر الائتمان

البنك20222021
الكويت الوطني12385717921
قناة السويس640065671068
المصري الخليجي2.5914592.062027
التجاري الدولي24.53671217.917363
الأهلي المصري5023639670
مصر22.26752715835053
المصري لتنمية الصادرات1.7056751.328672
saib6689510075195742
فيصل الإسلامي627.708844.643
أبوظبي الإسلامي2.6969281.749473
أبوظبي التجاري1.536170497969211017
الإمارات دبي الوطني2.9844252.406859

إعداد ـ المال

المصدر: القوائم المالية للبنوك