الودائع بالعملات الأجنبية تحقق ارتفاعا تاريخيا

ارتفع حجم الودائع بالعملات الأجنبية خلال الفترة من نوفمبر 2016 إلى يناير 2023 من 652.614 مليار جنيه إلى 1.438 تريليون جنيه مسجلة نسبة نمو بلغت 0.49 جاء ذلك مدفوعًا بانخفاض قيمة الجنيه مقابل ا

Ad

ارتفع حجم الودائع بالعملات الأجنبية خلال الفترة من نوفمبر 2016 إلى يناير 2023 من 652.614 مليار جنيه إلى 1.438 تريليون جنيه مسجلة نسبة نمو بلغت 120.49%. جاء ذلك مدفوعًا بانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار؛ إذ هبط من 8.85 جنيه يوم 2 نوفمبر 2016، عشية التعويم الأول إلى 30.11 جنيه يوم 31 يناير الماضى.

وشهدت الودائع بالعملات الأجنبية منذ نوفمبر 2016 وحتى نوفمبر 2021 حالة تذبذب شديد، فعلى الرغم من حدوث أربع مرات لتحرير سعر الصرف (ترك الجنيه لقوى العرض والطلب)، إلا أن ذلك لم يكن هو الأثر الحاسم وراء ارتفاع حجم الودائع من 652.614 مليار جنيه خلال نوفمبر 2016 إلى 1.438 تريليون بنهاية يناير الماضى.

فبعد تحرير سعر الصرف فى 2 نوفمبر 2016 ارتفعت الودائع (وهى مقوّمة بالجنيه المصري) من 652.614 مليار جنيه إلى 671.874 مليار جنيه خلال نوفمبر من السنة التالية، على الرغم من انخفاض الجنيه مقابل الدولار من 8.85 جنيه إلى 13.52 جنيه، مسجلًا نسبة انخفاض قدرها 34.54%.

وبدأت رحلة هبوطها من نوفمبر 2019 حيث سجلت 661.048 مليار جنيه، مقابل 735.128 مليار فى نوفمبر 2019، ثم انخفضت فى السنة التالية إلى 642.345 مليار.

لتشهد بعدها خلال عام 2021، ارتفاعًا قليلًا حيث بلغت 654.940 مليار جنيه بنسبة نمو 1.96% لتسجل بعدها دورة ارتفاعات متوالية منذ نوفمبر 2022 لتصل إلى 1.16 تريليون جنيه، مسجلة نسبة نمو بلغت 77.30%.

وارتفع حجم الودائع بالعملات الأجنبية بمقدار 5.063 مليار جنيه، وهى زيادة بنسبة الضعف تقريبًا، إذ قفزت من 654.940 مليار خلال نوفمبر 2021 إلى 1.161 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر 2022، على الرغم من أن العملة المحلية سجلت معدل انخفاض بنحو 16.02% إذ هبط الجنيه مقابل الدولار من 15.66إلى 18.17 جنيه.

واستمرت معدلات نمو الودائع بالعملات الأجنبية بوتيرة أسرع إذ قفزت خلال نوفمبر 2022 من 1.16 تريليون جنيه إلى 1.438 تريليون بنهاية يناير الماضى، بحسب بيانات البنك المركزى المصرى.

تبدل أسعار الصرف

وأرجع محمد عبد العال الخبير المصرفى هذه الزيادة إلى تبدل أسعار الصرف وهبوط الجنيه أمام الدولار، وهو الذى أدى فى نهاية المطاف إلى زيادة هذه الودائع المقوّمة بالجنيه.

وتتكون الودائع بالعملات الأجنبية من الودائع تحت الطلب، والودائع لأجل والشهادات، وجاءت هذه الزيادة الأخيرة مدفوعة بنمو ودائع القطاع العائلي؛

إذ ارتفعت من 877.03 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2022 إلى 107.495 تريليون خلال يناير الماضى،تلتها ودائع القطاع الخاص التى ارتفعت من 199.618 مليار جنيه بنهاية ديسمبر الماضى إلى 251.370 مليار خلال يناير 2023.

وذهب عبد العال إلى أن الودائع بالعملات الأجنبية تزداد نظرًا لارتفاع حجم تمويل الشركات؛ موضحًا أن زيادة نشاط هذه الشركات يعنى ارتفاع هوامش الائتمان، وهى تلك التى تصنف لدى البنوك على أنها ودائع.

ولفت الخبير المصرفى إلى أن تمويل الاعتمادات المستندية من قبل البنوك ينعكس على زيادة الودائع بالعملات الأجنبية؛ إذ تضع الشركات- الراغبة فى فتح الاعتماد المستندى- قدرًا معينًا من النقد الأجنبى لدى البنك كوديعة.

والاعتماد المستندى هو خطاب من البنك يتم إصداره بناءً على طلب المتقدم، ويقضى بأن يدفع البنك مبلغًا معينًا لصالح طرف ثالث (وهو المستفيد) مقابل بعض المستندات التى تتطابق مع الشروط المتفق عليها بين البنك والعملاء فيما يخص هذا الاعتماد.

وأوضح عبد العال أن الزيادة الأخيرة فى الودائع بالعملات الأجنبية إنما جاءت مدفوعة بنمو ودائع القطاع العائلى وكذلك تحويلات المصريين بالخارج.

وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج 6.4 مليار دولار، خلال الربع الأول من العام المالى 2022/ 2023، فى حين قفزت ودائع القطاع العائلى مسجلة نسبة نمو بلغت 25.92%، خلال الفترة من ديسمبر 2022 إلى يناير الماضى.

معدل الفائدة على الدولار

وأوضح طارق متولى، الخبير المصرفى، أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه كان أحد الأسباب الأساسية التى أسهمت فى ارتفاع الودائع بالعملات الأجنبية بوتيرة مرتفعة.

وقطع الجنيه منذ 2 نوفبر 2016- حين تم تعويم الجنيه وتركه لقوى العرض والطلب- رحلة شاقة فقد فيها الكثير من قيمته؛ فهوى من 8.85 جنيه (للدولار) إلى 13.52 جنيه فى اليوم التالى للتعويم، ليفقد 34.54% من قيمته أمام الدولار.

ثم جاء التعويم الثانى فى 22 مارس لينخفض الجنيه أمام الدولار من 15.66 جنيه إلى 18.17 جنيه ليفقد بذلك حوالى %16.02 من قميته، وظل مراوحًا مكانه خلال هذا الشهر، ليتخطى الدولار مقابل الجنيه حدود 18 جنيهًا بقليل.

وفى 27 أكتوبر الماضى، قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماع استثنائى رفع معدلات الفائدة بواقع 200 نقطة أساس، ليخضع بعدها الجنيه لعملية تحول دراماتيكى وينخفض أمام الدولار بواقع 1.15 جنيه دفعة واحدة، مسجلًا نسبة انخفاض قدرها %5.03.

وبدأ رحلة إنخفاض أخرى منذ ديسمبر، حين قرر البنك المركزى رفع الفائدة بواقع 300 نقطة أساس ليسجل 31 جنيهًا أمام الدولار.

شهد سعر الصرف فى مصر خلال الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ مطلع عام 2022 وحتى الأسابيع القليلة الماضية سلسلة من التحولات والارتفاعات الدراماتيكية التى جاءت على خلفية الأحداث الاقتصادية المتعاقبة التى أربكت الاقتصادات العالمية، وترتب عليها تعطل فى سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار ناهيك على الأزمات المتتالية فى قطاعات الاقتصاد المختلفة.

أدى ذلك كله ليس إلى إحداث تبدل دراماتيكى على صعيد سعر الدولار وتذبذب أسعار الصرف فى مصر فحسب، وإنما أيضًا إلى اتباع البنوك المركزية فى العالم مزيد من استخدام سياسة التشديد النقدى.

لكن طارق متولى الخبير المصرفى، ذهب أيضًا إلى ارتفاع الفائدة على الدولار كانت عاملًا أساسيًّا فى ارتفاع معدلات نمو الودائع بالعملات الأجنبية.

ورفع بنك القاهرة، فى وقت سابق، أسعار الفائدة على شهادات الادخار الدولارية «البريمو» بآجال 3 و5 و7 سنوات بحد أقصى 5.30% بدلًا من %2.25.

كما قرر البنك الأهلى المصرى رفع العائد على الشهادة الذهبية الجديدة لمدة 3 سنوات لتصل إلى 5.30% سنويًّا، و5.25% نصف سنوي، و5.20% ربع سنوي، و5.15% شهريًّا وبحد أدنى 500 دولار ومضاعفتها.

وحذا حذوهما المصرف المتحد وطرح نهاية العام الماضى، شهادة ادخار دولارية بفائدة %5 سنويًا، مدتها ثلاث سنوات، أما بنك قناة السويس فطرح شهادة ادخار دولارية للأفراد والشركات بعائد يصل إلى %5.30 لمدة 3 سنوات.

وأشار متولي إلى أن البعض يلجأ إلى حفظ المدخرات بالدولار، ومن ثم فإن ارتفاع العائد على الشهادات والودائع الدولارية قد يكون سببًا آخر وراء نمو الودائع بالعملات الأجنبية بوتيرة متسارعة.

وأوضح أن اللجوء إلى رفع الفائدة على الدولار كان بمثابة خيار الضرورة نظرًا لوجود الفائدة السالبة على الجنيه، ومن ثم كان لا بد من إيجاد بديل آخر للادخاريتم من خلاله تواجد المدخرات الدولارية بخزائن الجهاز المصرفى.

نقص المعروض النقدى من العملة الأجنبية

وذكرت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية أن أزمة نقص المعروض النقدى من العملة الأجنبية بدأت منذ يونيو 2022، حيث بدأ شح الدولار ونقص الجنيه فى الظهور.

وأضافت أن عام 2016 كان شاهدًا أيضًا على أزمة نقص شديد من الدولار إذ لم يكن لدى البنوك من دولار سوى ذاك المخصص للسلع الاستيرادية.

واتفقت مع «عبد العال» و«متولي» فى أن تقلب أسعار الصرف وانخفاض الجنيه أمام الدولار أحد الأسباب الأساسية المفسرة لارتفاع حجم الودائع بالعملات الأجنبية.

وأشارت إلى أن البنك المركزى يقوّم هذه الودائع بالجنيه المصرية لأن ميزانيته بالعملة المحلية فى الأصل، موضحة أنه عند النظر إلى هذه الودائع مقوّمة بالدولار فقد لا نجد مثل هذه الارتفاعات، ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.

كيف تطورت الودائع بالعملات الأجنبية منذ 2016 وحتى 2022

السنةالودائع بالعملات الأجنبية القيمة بالمليار جنيهمعدل التغير%
نوفمبر 20166526141.37
نوفمبر 20176718742.95
نوفمبر 20187351289.41
نوفمبر 2019661048-10.07
نوفمبر 2020642345-2.82
نوفمبر 20216549401.96
نوفمبر 2022116125877.307

المصدر: البنك المركزى

إعداد: "المال"